العدد 3287 - الثلثاء 06 سبتمبر 2011م الموافق 07 شوال 1432هـ

إرجاع المفصولين مطلب وطني إنساني

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

لايزال الاستمرار في توقيف الموظفين لمدة 10 أيام وتمديد فترة التوقيف لآخرين للمرة الثانية في وزارات الدولة ومؤسساتها قائماً حتى هذه اللحظة، خلافاً للإرادة الملكية التي تجلت في خطاب عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.

المضي في مثل هذه الإجراءات؛ بعث بمؤشرات سلبية لشريحة واسعة من الموقوفين والمفصولين عن العمل ممن استبشروا خيراً بعد إجازة عيد الفطر المبارك، وتوقعوا استجابة فورية لتوجيهات عاهل البلاد التي أراد من خلالها إرساء دعائم الاستقرار والسير على خطى التسامح والتعايش بين مختلف شرائح ومكونات المجتمع البحريني بمختلف تلاوينه وانتماءاته.

نتفهم أن عملية إعادة المفصولين إلى أعمالهم قد تستغرق بعضاً من الوقت - على رغم أن التوجيهات الملكية تسمو على أية صعوبات وعراقيل، ومن الواجب تذليل كل الصعاب امتثالاً لها - لكن مسألة إرجاع جميع الموقوفين ليست بهذا التعقيد المربك الذي يدفع إلى التأجيل إلى أجل غير معلوم، بل والاستمرار في إيقاف المزيد من الموظفين.

سقف الآمال ارتفع والارتياح طال الأنفس، غير أن القلق ما فتئ يساور هذه الشريحة من المفصولين التي تعاني صعوبات جمة لا يمكن شرحها إلا لمن يملك الاستعداد الكافي للتعرف على حالها عن قرب، وخصوصاً مع وجود هالة كبيرة مغلفة بعلامات استفهام تترقب إجابات شافية من الحكومة التي تعهدت في جلستها يوم الأحد الماضي، بترجمة توجيهات ملك البلاد إلى أفعال تبدد السواد من المشهد البحريني الملبد بالغيوم.

بعض الشركات أمام زحف المفصولين الذين استجابوا لنداء الملك وذهبوا إلى أعمالهم في اليوم التالي، لم تجد سوى التذرع بعدم تسلم أي مراسلات رسمية تدعوها إلى إرجاع المفصولين والموقوفين، فطلبت منهم العودة إلى منازلهم والبقاء رهناً للانتظار والترقب حتى إفادتهم بأي إشعار آخر، فيما وزير العمل جميل حميدان دعاها صراحةً بعد الخطاب الملكي إلى التحرك لإرجاع المفصولين على وجه السرعة، والمساعدة في إنهاء الموضوع وتجاوزه وفقاً للنظام والقانون، فأيّ سبب يمكنه أن يشفع للشركات هذا التخاذل وهناك توجيه رسمي من شخصية تعتبر جزءًا من المنظومة العامة للدولة ويتبوأ موقع المسئولية على رأس وزارة العمل.

إن كانت المسألة قضية أوراق وحبر؛ فنتمنى من الوزير الفاضل أن يوجه خطابات رسمية يتصدرها الشعار الرسمي للدولة، ويذيلها بتوقيعه وختم الوزارة ويبعث بها لكل الجهات الخاصة التي لاتزال متمسكة بعقوبات الفصل على رغم عدم صحتها وفقاً للمعايير المعتمدة، فمصير الآلاف بات على المحك، والتسويف يفقدنا طاقات يمكن ضخها في دوائر الانتاج ومعامل التصنيع، بدلاً من تفريغها من محتواها وتركها رهناً لشبح البطالة.

ليس من المعقول ترك مدير مدرسةٍ عمل لمدة 25 و30 عاماً يبيع الأسماك في السوق المركزي، وهو من ربّى أجيالاً وزودهم بمناهل العلم والمعرفة حتى كبروا وأنهوا دراستهم الجامعية وأصبحوا يشغلون مناصب مهمة رفيعة.

كيف لوقار المدير التربوي السابق أن يصمد وهم يرونه يزاول مهنة لا تليق بمكانته في قلوبهم؟ كيف للاحترام العميق الذي يكُّنونه له والخشية حتى من صوته حين كان ينهرهم صغاراً لغفلتهم عن الدراسة أن يرسخ في قلوبهم وهم يقفون أمام مشهد لم يخطر ببالهم قط ولم يلح في خيالهم يوماً ما؟

هنا نقف عند عينة واحدة، وفي ملفات المسرحين قصص أسوأ وأشد وطأة لا يمكن أن تمضي من دون أن نستذكرها.

عودة المدير إلى مدرسته حق مشروع تكفله كل الشرائع السماوية، والقوانين، وهنا لا نحقِّر عمله المؤقت ولا من يمتهنون بيع الأسماك بقدر ما نحترم هذا الشعور الرفيع بالمسئولية تجاه أسرته، الذي دفعه إلى البحث عن أية وظيفة تحفظ له كرامته وتلبي احتياجات أهله، حتى وإن لم تكن ذات صلة بتخصصه وطبيعة مهنته.

نحترم ونوقّر جهد كل بحريني يأبى أن يبقى مكتوف اليدين ولا يقدّم جهداً ينفع بلده، حتى وإن تعرض للإقصاء من حقه في العمل والاسترزاق منه، فحبه للبحرين له طعم آخر ونكهة عجيبة تدفعه إلى الإنتاج في أي موقع وفي أي زمان ومكان.

عاهل البلاد أطلق عهداً جديداً يكون فيه البحريني هو معول البناء وزاد التنمية بخطاب جلالته الصريح الذي استشعر به مرارة أن يفقد المواطن عمله، فوجه المؤسسات المعنية إلى اتخاذ إجراءات العودة في أسرع وقت، ولا مناص من تحقيق هذه الإرادة السامية لإنقاذ البحرين من العاصفة الصاخبة التي لاتزال تتفاعل مهددةً وحدة المجتمع البحريني وسكينته.

الأوامر صدرت مباشرة من رأس الهرم، وهي ليست مشروعات بقوانين وافق عليها مجلس النواب وتنتظر الاعتماد الرسمي حتى يسري مفعولها، بل هي توجيهات واضحة ومباشرة صادرة من قائد البلاد الذي يرى ما لا يراه الآخرون ولا مجال للتملص منها

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3287 - الثلثاء 06 سبتمبر 2011م الموافق 07 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 7:54 ص

      معلمة مفصولة وزوجة معلم موقوف

      اشكرك لانك تحس فينا لان في ناس ما تحس ضميرها واحساسها مات حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من تسبب بفصلنا

    • زائر 11 | 4:42 ص

      شكراً لكم، شكراً لكم

      ألف شكر لهذا القلم النظيف المخلص الذي يتسم بالمصداقية والوطنية الحقيقية. دمت موفقاً يا أستاذ أحمد

    • زائر 10 | 4:08 ص

      الى زائر 9

      لنكن صريحين أكثر , عودة المفصولين هو ليس بمطلب وطني ولا طائفي بل مطلب شخصي. يعني هو مطلب المفصولين لوحدهم ونحن ليس لنل دخل في الموضوع. وبلا تكافل اجتماعي بلا بطيخ.. مايظرني حريق في بيت جاري.. يا سلام على عقليات البحرنيين. فقط يهمنا العامل الأجنبي والجاليات نسوي لهم مجالس محلية تهتم بشؤونهم وشئونا ونسوي لهم تويتر يسبون منه المعارضة

    • زائر 9 | 2:56 ص

      لنكون صريحين

      إرجاع المفصولين ليس مطلب وطني يجتمع حوله الجميع بل هو اقرب الى المطلب الطائفي ... هذه هي الحقيقة كي نحل اي مشكلة يجب ان نضع يدنا على المشكلة بشكل صحيح و ان نسمى الاشياء باسمائها

    • زائر 8 | 2:50 ص

      ظلم

      اختي مفصولة من الجامعة بدون سبب ‏..‏ باقي كورس وتتخرج ‏..‏ بس الظلم ومايسوي

    • زائر 7 | 2:31 ص

      مع كامل احترامي

      النظم والهياكل الأدارية لا تعترف بتصريحات صحفية وخطابات تلفزيونية. هناك قنوات وآليات واضحة للتنفيذ بعكس الكلام الذي يقال فقط للأستهلاك الأعلامي. لو كانت الدولة جادة في اعادة المفصولين لعرفت كيف تعطي الأوامر. المفصولين ورقة ظغط صنعتها الدولة وستتخلى عنها اذا احترقت أو اتت بنتائجها.

    • زائر 5 | 12:38 ص

      مطلب كل شعب البحرين

      حكومة وشعب ولكن لماذا عدم التنفيد لا يعلم الا اللة سبحانة وتعالى

    • زائر 3 | 11:34 م

      عودة الطلبة المفصولين المظلومين.

      نحن أولياء أمور الطلبة نتسائل إلى متى هذا الصمت وأبنائنا معاقبين لوطنيتهم ومطالبتهم بالاصلاحات . إن هؤلاء الطلبة هم من النخبة الذين هم متفوقون وجادون في تحصيلهم . إلى متى يا مسئولين هل تعتقدون أنكم حطمتموهم بهذه الاجراءات ؟ لا ثم لا إنكم تزيدونهم إصراراً على المطالبة بحقوقهم من التحصيل والتميز والإصلاح.

اقرأ ايضاً