العدد 3316 - الأربعاء 05 أكتوبر 2011م الموافق 07 ذي القعدة 1432هـ

الصراع بين صالح والقبائل المتمردة يطغى على الاحتجاجات الشعبية في اليمن

بعد شهور من الاحتجاجات وإراقة الدماء والدبلوماسية أصبح اليمن منغمساً في صراع بين الرئيس علي عبد الله صالح وخصومه بشكل ربما يؤدي إلى دخول البلاد الفقيرة في حرب أهلية وانهيار اقتصادي. وطغت المعركة التي يخوضها صالح في مواجهة كل من اللواء علي محسن الذي انشق عن القوات الحكومية وقادة القبائل الذين كانوا يوماً حلفاء أقوياء على الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ يناير/ كانون الثاني ضد حكم صالح القائم منذ 33 عاماً للمطالبة بالديمقراطية.

وسرعان ما تمكنت احتجاجات في كل من تونس ومصر من خلع رئيسي البلدين هذا العام لكنها أخذت شكل صراع مطول ودامي للإطاحة بالزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي. كما تجلى مدى عنف الانتفاضات الشعبية في كل من سورية واليمن ولم تتضح بعد نتيجتها.

وأدى الصراع السياسي إلى إرخاء سيطرة الدولة على أغلب أجزاء اليمن مما تسبب في إطلاق يد المتمردين الحوثيين في الشمال والحركات الانفصالية في الجنوب والمتشددين من تنظيم «القاعدة» بينما يعاني سكان البلاد من نقص في الغذاء والماء والوقود والوظائف.

مل اليمنيون من المعارك المتلاحقة بين القوات الموالية لصالح وقوات المعارضة والتي أوقفت بشكل مؤقت المساعي الدبلوماسية لدفع الرئيس اليمني المخضرم إلى التنازل عن السلطة. وقال دبلوماسي غربي رفيع «نظل نتصور أننا نقترب من اتفاق ثم ينفلت من بين أيدينا مرة أخرى... هناك أطراف قوية جداً لها دخل ولا تريد الاتفاق بسبب مصالحها المالية... ولإنقاذ أرواحها».

وحتى داخل الحزب الحاكم نفد صبر المسئولين فيه. وقال قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام كان يشجع صالح يوماً على التمسك بالسلطة «إذا كنا نريد الاستمرار كحزب في المستقبل فمن مصلحتنا التوقيع على حل سياسي في أسرع وقت ممكن».

كما يضغط رجال أعمال لهم نفوذ على رجال السياسة للتوقيع على اتفاق قائلين إن المسئولية عن الكابوس الاقتصادي الذي يعيش فيه اليمن ستنصب أساساً على الحزب الحاكم ما لم يوقع الاتفاق. ومثل هذه الحجج تبدو بلا جدوى بالنسبة للرئيس المنخرط في صراع ثلاثي مع حلفائه السابقين وهم عائلة الأحمر التي تقود تحالفاً قبلياً واللواء محسن. وانشق على صالح أفراد عائلة الأحمر واللواء محسن كل على حدة في وقت سابق من العام الجاري ولكن ليست بينهم قواسم مشتركة تذكر مع المحتجين الشبان الذين ينظمون احتجاجات شبه يومية مناهضة للرئيس منذ أكثر من ثمانية أشهر. ويلمح كل من صالح ومحسن وعائلة الأحمر إلى أنه سيتنحى إذا فعل الطرف الآخر ذلك لكن المواجهة ما زالت قائمة مما حول العاصمة صنعاء إلى مناطق مقسمة تسيطر عليها قوات حكومية أو قوات تابعة للمعارضة.

وقال أحد المفاوضين «على مستوى ما.. يريدون صراعاً عسكرياً لأنهم يعتقدون أن بإمكانهم أن يكونوا الطرف المنتصر. ثم يعيدون التفكير ويكونون غير متأكدين.. فينتهي بنا الحال إلى هذه المواجهة».

وتخشى قوى أجنبية من أن تزيد الاضطرابات في اليمن من جرأة تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب المتمركز في البلاد رغم مقتل أنور العولقي وهو كبير مسئولي الدعاية باللغة الانجليزية في ضربة شنتها طائرة أميركية بلا طيار الأسبوع الماضي. وتسبب العنف في نزوح مئات الآلاف من اليمنيين مما أدى لتفاقم أزمة من الممكن أن تؤثر على المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج التي تحاول إخراج صالح من السلطة بخطة انتقالية. وتتشارك كافة الأطراف في مسئولية إعاقة التوصل إلى اتفاق لكن محللين يقولون إن صالح وأفراد عائلته هم العقبة الرئيسية. وعاد صالح من السعودية إلى صنعاء في الشهر الماضي بعد أن أمضى هناك ثلاثة أشهر للعلاج والتعافي من محاولة اغتيال أصيب فيها بحروق بالغة. وفسر كثيرون عودته المفاجئة باعتبارها مؤشراً على أنه هو وأقاربه الذين يسيطرون على أغلب الجيش سيخوضون حرباً للتمسك بالسلطة.

وقال مفاوض غربي «الأمر كله يتلخص في رجل لا يريد حقاً التنازل عن السلطة». وأضاف «يشعر أفراد عائلته بالقلق بشأن مستقبلهم وأرواحهم. لا يعرفون يمنا لا يسيطرون عليه... هذا النوع من اليمن مخيف جدا بالنسبة لهم. لذلك فإنهم يعارضون أي اتفاق».

وعلى السطح فإن الجدل قائم بشأن آلية نقل السلطة. وترفض المعارضة الانضمام إلى حكومة انتقالية ما لم يفوض صالح سلطاته رسمياً أو على الأقل عمليا إلى نائبه.

ويقول بعض المحللين إن القوى الغربية تشجع صالح فعلياً على التمسك بالسلطة حتى على الرغم من أن واشنطن جددت دعوته إلى التنحي بعد ساعات فقط من مقتل العولقي. وقال جيرد نونمان وهو متخصص في شئون الخليج بجامعة جورجتاون ومقره قطر إن التعاون الغربي في مجال مكافحة الإرهاب مع قوات يديرها ابن صالح وابن أخيه لابد أن يتوقف.

وقال «إنه أمر طيب للغاية بالنسبة للولايات المتحدة أن تصدر بياناً من حين لآخر تقول فيه إنها تأمل أن يوقع صالح على الاتفاق ويستقيل. لكن العائلة تنظر إلى كل هذا القدر من التعاون مع ابنه وابن أخيه... ويقولون لأنفسهم.. اصمدوا.. لماذا لا نصمد حتى النهاية؟ لن يخرجنا أحد حقاً».

ويرفض دبلوماسيون غربيون زيارة صالح منذ عودته لليمن وركزوا فقط على نائبه عبد ربه منصور هادي. وقال دبلوماسي إنهم يسعون إلى تفنيد اعتراضات صالح على اتفاق نقل السلطة، مضيفاً «سنرى ما إذا كانت ستنفد حججه أولا أم أن خياراتنا نحن ستنفد أولا»

العدد 3316 - الأربعاء 05 أكتوبر 2011م الموافق 07 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً