العدد 3334 - الأحد 23 أكتوبر 2011م الموافق 25 ذي القعدة 1432هـ

الصورة الأخيرة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في عصر المعلومة والصورة والفضاء المفتوح، تكون الغلبة والخلود للصورة الأخيرة.

في الماضي كنا نقرأ كيف قضت شجرة الدر في الحمّام ضرباً بالقباقيب. وكنا نقرأ عن نهاية آخر الخلفاء العباسيين رفساً في أحد ردهات قصره. وكنا نقرأ عن نهايات آخرين، كلها قصص مكتوبة، لا توثّقها غير الكلمات التي تحتمل الصدق والكذب والمبالغة والتحريف. أما اليوم فكل شيء موثّقٌ بالصوت والصورة.

التقنية الحديثة لم تترك تدوين التأريخ للصدف، فالهواتف المزوّدة بعيون صغيرة أخذت تؤرشف كل صغيرة وكبيرة. ولكم أن تتخيلوا رواية المجلس الوطني الانتقالي عن مقتل معمّر القذافي لو غابت مثل هذه الكاميرات.

من سوء حظ هؤلاء الحكام، في هذا المقطع من الزمان، أن تكون الصورة الأخيرة هي التي ستبقى في ذاكرة الشعوب وسجلات التاريخ. الصورة الأخيرة تجبّ ما قبلها وتنسف كل ما تم ترسيخه من صور وبهرجات.

صدّام حسين الذي اهتم كثيراً بالإعلام، واشترى الكثير من الأقلام، كان حريصاً أن يرسخ صورة الحاكم القوي، الذي يتباهى بإطلاق الرصاص في الحشود... كل تلك الصور والأبّهة نسفتها صورته الأخيرة لحظة إخراجه من مخبئه تحت الأرض.

حسني مبارك، الذي صنع منه الإعلام بطلاً قومياً كبيراً، أزاح سلفه أنور السادات وحلّ مكانه في صدارة حرب أكتوبر عنوةً وتزييفاً. الإعلام خلق منه بطلاً دون معركة، بعدما صنع من السادات بطلاً للحرب وللسلام. لم يبقَ من السادات غير صورته يوم المنصة، ولن يبقى من مبارك غير صورته ممدداً على سرير كالمومياء في قاعة محكمة الجنايات. الصورة الأخيرة تجبّ ملايين الصور قبلها، وتنسفها نسفاً.

معمّر القذافي الذي كان يستهويه لفت نظر وسائل الإعلام، بتصرفاته الغريبة وتصريحاته وأزيائه العجيبة، شاء له القدر أن تكون صورته الأخيرة أمثولة من أماثيل الدهر. قاد ليبيا على طريقة الثعالب أمداً طويلا، وانتهى خلال دقائق معدودات من المطاردة إلى هاربٍ مذعور. هل كان يحلم بمثل هذه الميتة؟ هل كان يتمنى أن تلتقط صورته الأخيرة أمام مصرفٍ صحي؟ وكم كان سيدفع لو بقي حياً، ليتخلص من صورته الأخيرة أسيراً يقتاده شبانٌ ثائرون في سنّ أحفاده... يقرّعونه ويشبعونه صفعاً ولطماً؟

حاكم اليمن، الذي كان يعتبر نفسه داهية يجيد الرقص على الثعابين، أوشكت صورته الأخيرة أن تنسف ما قبلها، بعدما خرج من تحت ركام الحرائق، مشوّه الوجه والأطراف، ليخضع لعملية ترميم وتجميل استغرقت خمسة أشهر، ليعود إلى مواصلة الرقص على جثث الأفاعي... وهي صورة لن تدوم. سينتظر الجميع الفصل الأخير، لتأخذ صورته الحقيقية طريقها إلى أرشيف التاريخ.

ربما أسعدهم حظاً، الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الذي نجا بجلده ليلاً وهرب بطائرته قبل أن يطلع النهار. صورته الأخيرة هي الأقل ضرراً وتعثراً وعاراً، فقد شاهده العالم ينتفض ارتباكاً، ويعتذر لشعبه لأنه لم يفهمه إلاّ بعد خمسة وعشرين عاماً.

إنها الصورة الأخيرة الأقل سوءاً هذا العام، للرئيس الأحسن حظاً... بدل البهدلة والجرجرة أمام المحاكم لمحاسبته على السرقات، أو التعرّض للحرق حياً... أو تلقي الصفعات.

هل خطر على قلب مخترع الهاتف النقال مارتن كوبر، سيكون له استخدامات أخرى... كالتقاط الصور الأخيرة في حياة الطغاة؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3334 - الأحد 23 أكتوبر 2011م الموافق 25 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 44 | 12:13 م

      صحيح من سوء حظ هؤلاء الحكام أن تكون الصورة الأخيرة هي التي ستبقى في ذاكرة الشعوب وسجلات التاريخ ... ام محمود

      دائماً ما يكون الانتقام الالهي على يد البشر فالله سبحانه وتعالى يسخر من عباده الأقوياء لتلقين الطغاة و المفسدين والعابثين جميع الأشكال من العذاب والاهانه والذل والألم لتعذيبهم و ليكونوا عبرة لمن سار على دربهم في الظلم والطغيان
      ما حدث للقذافي كان صادم بشدة ومفاجيء و تقشعر منه الأنفس خاصة بعد عرضه للناس للمشاهدة والتصوير
      لم نكن نتوقع أن يُعامل بلين بعد أفعاله المجرمة والمشينة بحق الشعب أو يتم القبض عليه بهدوء ووضعه في السجن
      وأيضا لم نتوقع هذه النهاية المخزية له ولابنه
      تذكرت قصي وعدي أبناء صدام

    • زائر 43 | 12:03 م

      ... .......... ام محمود

      النهايات و الصور الأخيرة للطغاة والظالمين دائما تكون قاتمة و مؤلمة و لا ننسى القصص القرآنية وهي تخبرنا بقصة فرعون مصر عندما ابتلعته مياه البحر و لفظته جسدا ليكون عبرة على مر الأزمنة والعصور وما زال موجودا في المتحف
      كذلك هامان الذي طغى و استصغر الناس و ظن ان كنوز الأرض ستحميه و تعطيه الأمان والسلطان الى الأبد وأصابه الغرور والخيلاء فدعا النبي موسى ع ربه فابتلعته الأرض هو و قصره و أمواله
      ما حدث في هذه السنة العجيبة لا تصدقه العين أحيانا ثورات هوجاء أطاحت بالعروش
      وملوك سُحبوا و أهينوا و قُتلوا

    • زائر 42 | 9:28 ص

      الدعاء الذي لاينسى

      ياسيد في كل صلاة وفي كل قنوت وعند كل ذكر وفي وقت الاذان وعند السحر وحين الفجر نردد "اللهم اجعل خاتمتنا خيرا... اللهم نسألك حسن الخاتمة" ياالله يارحمن يارحيم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ولا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا".....

    • زائر 40 | 7:31 ص

      الاقلام البعثية

      صدّام حسين الذي اهتم كثيراً بالإعلام، واشترى الكثير من الأقلام، كان حريصاً أن يرسخ صورة الحاكم القوي، الذي يتباهى بإطلاق الرصاص في الحشود... كل تلك الصور والأبّهة نسفتها صورته الأخيرة لحظة إخراجه من مخبئه تحت الأرض.

      ومازالت الاقلام البعثيه تنحر وتشتم وتنكل بالشرفاء

    • زائر 38 | 5:46 ص

      سيف القذارة القذر آفي ورقة أمريكية

      والله يا أبوالهواشم أبدعت وأوجزت ولعل العبرة تلو العبرة تفيد ، الألوف في ليبيا قتلوا على أيدي من يدعون أنهم حماة حقوق الإنسان وعلى يد السفاح الكبير شيطان ليبيا ناهيك عن إكتشاف المقابر الجماعية التي تم إكتشافها كل هذا ليس بجريمة ، ألجريمة هي مقتل هذا السفاح لأنها أصبحت ورقتهم وجاء سيف القذارة ليكون الورقة المكملة لورقة أبيه بيد أمريكا أو الإتحاد الأوربي . قاتل الله أمريكا وجعل آخرتهم كآخرة السوفيت تفكك معسكرهم وآل إلى الزوال. أزال الله ملكهم ومناهم بهزائم لا عدد لها .

    • زائر 31 | 3:23 ص

      شاب عمره 22 سنه

      سند الصادق العريبى هو الشاب الذى قبض على قذافى . و هو يقوا إن مسكة به ضربته فى وجهه و هو يرد على انا اعتبر والدك لا تضربنى . يقول جاوبته و انا مرتبك كيف تكون والدنا و تقتل فينا 42 سنه بدون رحمه . و باقى القصه اقراوه فى ايام القادمه .

    • زائر 30 | 3:20 ص

      نحن ندعي لسوريا كل جمعة ونردد وراء الخطيب

      بينما خطباء أخرون لا يذكرونها ولا يهتمون بشنأنها والرسول يقول( من لا يهمه شأن المسلمين فليس منهم)

    • زائر 29 | 3:18 ص

      تسلم اخي على الابداع

      عجبني تعليق 3بواسطة زائر 5

    • زائر 26 | 3:08 ص

      أحسنت يا سيد

      أصبت عين الصواب يا سيد ولكن ليتك أتممت وذكرت بشار سوريا!!!!!!!

    • زائر 25 | 2:59 ص

      شكرا أخي الكاتب علي سرد الواقع

      ولكن ألا يحق إنا نتساءل كيف عاد على لولم تكون له أعوان وأنصار محبين,أما مايجري لزين العابدين وحسني مبارك فهو يجري على الملايين من البشر إما مهجر ومشرد أو مريض أو تحت ظلمات السجون وما جرى على صدام فانه نال حكم بمحكمة عادلة علنية وما جرى مؤخرا على ألقذافي فانه أحسن حال فهي موتت الشرفاء المدافعين عما يرونه واجب ويهذ نقول الله هما لأشماتة فنحنو لأنعرف متا وكيف وبأي حالة سنموت وهل نحظى بحفرة أم في بحر أو أشلأء تفترسها الحيوانات وعليه يجب العمل والتأهب لنهايتنا وبعدنا عن ظلم الآخرين سيحميننا.

    • زائر 23 | 2:56 ص

      ولا تنتظروا المصير الذي ينتظر لكم من شعوبكم

      للان هناك من يكابر ومن لم يتعض من هذه النمادج الحية . اعطوا شعوبكم الحقوق الواجب لهم الحرية الحقة الانصاف العدالة للجميع . ولا تنتظروا المصير الذي ينتظر لكم من شعوبكم

    • زائر 22 | 2:51 ص

      الصورة الاخيره والخطيرة سيف الاسلام القذافي

      الامم المتحدة لماذا مهتمة بموضوع مقتله القذافي وتطالب بلجنة تحقيق ولماذا لا تطالب بلجنة تحقيق في مقتل آلاف الليبيين بسبب القذافي الامر اصبح واضحا جدا أي أن الامم المتحدة مسيرة وخاضعة تحت الامريكان لأنهم يريدون ان يحتفظوا بالقذافي كما احتفظوا الان بسيف الاسلام لانهم وبكل صدق يحبون عدم الاستقرار (القلاقل) ويحبون ان يخطفوا الثورات والربيع العربي أذن من الذي يجعل سيف الاسلام يهدد ويتوعد بوجود ظهر قوي ومساند له الا وهو الامريكان فهم علموا بمقتل ابيه وجعلوا يهرب باحدى طائراتهم وهذا هو الشيطان امريكا

    • زائر 20 | 1:56 ص

      صورة بشار

      بيت بيت دار دار جاء دورك يابشار

    • زائر 18 | 1:43 ص

      جنون العظمة

      هؤلاء الذين كانو في يوم من الايام عظماء لم يتوقعو زوال هذه العظمة لقد غاب عن بالهم انه لا يمكن ان يسخرو من الشعب فجنون العظمة مسيطر على عقولهم فلا يستيطيعون ان يرو شعبهم والنهاية انتصار الشعب على هذه العظمة ........امينه شملوه

    • زائر 15 | 1:25 ص

      وماذا عن سوريا الأسد

      لم يدرج معهم الا تعتقد ان الدور جاي عليه؟!!

    • زائر 14 | 1:23 ص

      فعلا: هذا اجمل فلم يشاهده المواطن العربي

      ولاول مرة في حياته
      يضحك المواطن العربي من اعماق قلبه
      والفلم يزداد إثارة وتشويق
      ان شاء الله تكون نهايته سعيدة للشعب العربي

    • زائر 12 | 1:08 ص

      يعز من يشاء ويذل من يشاء

      ويعز من يشاء ويذل من يشاء, سبحانك يا الله, الانسان دايما يسال الله بخير الخاتمه, فهذة هي نهاية الظلمة (اعداء الله والانسانية), والحياة عبرة لمن يعتبر, انها العدالة الالاهية لكي ياخد كل ظالم فاسد متجبر جزاءه في الدنيا والاخرة.

    • زائر 11 | 12:58 ص

      فلم حقيقى

      دائماً كنت استهزأ من افلام هنديه و هى تنتهى بضرب الحراميه و رؤساء مافيه و الطغاة من قبل بطل الفلم .
      و لكن بعد أن شاهدنا قبض على حرامى ليبيا فصدقنا بأن الأفلام هنديه لا تخلوا من الصدق .

    • زائر 8 | 12:39 ص

      الصورة ألاخيره

      كم هو رائع هذا الإبداع للصورة ألاخيره . إنها ألخاتمه ضمن ألقدر ألمحتوم

    • زائر 7 | 12:34 ص

      حك ويش يا سيد تنبههوم

      الحين كلهم بيرتجفون وبجمعون الكاميرات التلفونية من الاسواق واي واحد يدخل عليهم بفتشونه وممنوع دخول تلفون بكاميرا علشان ما تكون ليه الصورة الاخيرة اما انا بخش تلفوني للحظة الحسم بشوف منوه بسجل كول وتصير النتيجة واحد صفر ننتظر المبارة الجاية منوه مع من بيلعب

    • زائر 6 | 12:24 ص

      صباحك خير يالوسط

      كل اوراقك ..تاريخ

      دمتِ لنا صوت ..وذاكرة للاجيال



      شكرا لكل كوادر الوسط ومحبيها ...

    • زائر 5 | 12:12 ص

      المسلسل الفكاهي مازال طويلاً وحلقاته لم تنتهي

      نحن الشعوب العربية موعودون بحلقات أجمل مما شاهدناه ... وأن نجوم هذا المسلسل بعضهم يلملم أوراقه ويستعد للمغادرة النهائية وبعضهم أكثر غباء مازل يعتقد أنه مختلف وظروفه ( غير ) وربما لا يدري أن من سبقوه اقوى منه وأكثر نفوذ ولكن عندما شاء القدر تهاوت سلطاتهم وقوتهم الزائفة .... العبرة العبرة يا أولي الألباب

    • زائر 4 | 12:00 ص

      كلام بليغ يدركه من لديه القليل من الحكمة

      من تخاطب يا سيد؟ سفاح اليمن جاء لكي يضيف الى رصيده دماءا جديدة فيده تحتاج في ترميمها الى بعض دماء اليمنيين لكي يسلخ جلودها ويستخدمها في ترميم تلك اليد الملوثة بالدماء وربما يحتاج الى زراعة بعض الاعضاء فجهّز على بعض الضعفاء من شعبه لكي يختار منهم . ولكنني لا اظن أن أعضاء هؤلاء الاحرار ستتقبل الانضمام الى جسد هذا السفاح وباليقين سيرفضون جسده
      ولن يمتزج دمهم بدمه فدماؤهم مصيرها الجنة واما دمه فمكانه اسفل السافلين في جهنم مع زميله الذي سبقه قذافي ليبيا

    • زائر 3 | 11:15 م

      يخادعون الله والناس

      لقد كان هؤلاء وأدواتهم يخادعون الله والناس فخدعهم الله , يخادعون الله بلباس التقوى الكاذبة ويخادعون الناس بالنفاق لسياسي وتزيين صورة الظلم والإستبداد ولكنهم جميعا وقوعوا في شر أعمالهم ..

اقرأ ايضاً