العدد 3348 - الأحد 06 نوفمبر 2011م الموافق 10 ذي الحجة 1432هـ

الصرافة وتقديم ماء زمزم مهنتان يتوارثهما المكيون من جيل إلى جيل

الصرافة وتوفير ماء زمزم للحجاج مهنتان تتوارثهما عائلات مكية من جيل إلى آخر مع فارق أساسي بينهما حيث تحقق الأولى أرباحاً كبيرة نتيجة تغيير العملات مع توافد نحو مليوني شخص من الخارج، فيما تقدم الثانية مجاناً.

ويقول شيخ الصرافين في مكة، عادل الملطاني لوكالة «فرانس برس» «أحرص على توريث مهنتي لأبنائي من بعدي ولن أفرط فيها أبداً» مشيراً إلى أنه رغم الطابع الوراثي لمهنة الصرافة، فإن العاملين بها يحرصون على اللحاق بركب التطور التقني والمؤسساتي الذي تفرضه الظروف الاقتصادية اليوم.

ويوضح «قبل أكثر من ستين عاماً كانت العملات المعدنية المتداولة هي الفرنك الفرنسي، أو الريال العثماني إلى جانب الذهب والفضة فقط» مضيفاً «لم يكن هناك أكثر من ثلاثة أو أربعة صرافين حينذاك أشهرهم الكعكي والملطاني والعمودي وبازيد، وهي مهنة تتوارث من الآباء إلى الأبناء».

وتتمركز غالبية مكاتب الصرافة حول الحرم المكي.

ويشير إلى أن «العملات الرئيسية في الحج كانت الهندية والباكستانية والإندونيسية لكن الحجاج يصلون هذه الأيام حاملين الدولار أو اليورو، فيما يحمل معظم حجاج الدول العربية عملات بلدانهم التي يتم تحويلها إلى الريال السعودي».

ويتابع الملطاني «هناك العديد من محلات الصرافة التي انتشرت في الفترة الأخيرة بشكل واسع الأمر الذي دفع بمؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي) إلى أن تفرض قيوداً وأنظمة جديدة لتنظيم المهنة».

ويتوقع «انخفاض مجموع ما سيصرفه الحجاج خلال الموسم الجاري عشرين في المئة مقارنة مع الموسم السابق لتصل المبالغ إلى نحو خمسة مليارات ريال (مليار و 333 مليون دولار)» بسبب «تأثير الاضطرابات السياسية التي تعيشها بعض الدول العربية وانعكاس ذلك على انخفاض أعداد القادمين منهم لأداء المناسك».

ولفت إلى أن «حجم الصرف اليومي في مكة والمدينة وجدة يتراوح بين 35 إلى 45 مليون ريال (9,33 إلى 12 مليون دولار)».

يشار إلى أن مؤسسة النقد السعودي تطلب من البنوك التجارية ومكاتب الصرافة خصوصاً تلك التي لديها فروع في المنافذ الحدودية ومنطقة مكة والمدينة توخي الحيطة والحذر من محاولة البعض تصريف عملات مزيفة.

ويعاقب كل من يتم ضبطه بتزييف أو تقليد النقود أو جلبها أو ترويجها بالسجن والغرامة المالية التي تصل إلى 500 ألف ريال.

من جهته، يقول صاحب محلات الغزة للصرافة، مصلح الجميعي إن «هذه المهنة كانت في الماضي بدائية كما أن عدد الحجاج كان قليلاً. لذا فإن عمليات الصرافة كانت محدودة».

ويضيف لـ «فرانس برس»: «اختلفت الأمور اليوم. فالوسائل التقنية أصبحت السائدة فهناك آليات لكشف العملات المزورة».

ويشير الجميعي إلى أن «أعداد الحجاج اليوم كبيرة وعمليات الصرافة ضخمة يومياً (...) هناك حوالى 22 مكتباً للصرافة يقوم أصغرها حجماً بصرف مليون ريال (266 ألف دولار) في حين تسجل عمليات الصرافة في بعض المكاتب الكبيرة 20 مليون ريال (5,33 ملايين دولار) يومياً».

ويتابع أن «العديد من الدول الإفريقية والهند وباكستان يحملون شيكات سياحية كانت تستخدم قبل 20 عاماً».

ويختم قائلاً «نتسلم عملات تداولها محدوداً مثل العملة الفيتنامية، وعملات بعض الدول الإفريقية (...) وبما أنها ليست مدرجة في بورصة العملات فإننا نتابعها من خلال الشركات الكبيرة».

من جهة أخرى، تتوارث عدد من العائلات المكية تقديم ماء زمزم للحجاج مجاناً ويطلق عليها تسمية «الزمازمة».

ويقول رئيس مكتب الزمازمة سابقاً، عبدالله الدويري لـ «فرانس برس»: «هناك أكثر من 120 عائلة مكية من الزمازمة توارثت خدمة الحجاج واليوم تفرعت هذه الأصول وبات عددها يتجاوز ألفاً من أولادهم وأحفادهم». ويضيف دويري (57 عاماً) المتقاعد أن «مهنة الزمازمة لم تعد اليوم كما في السابق نظراً لتنظيمها. فقبل نحو 35 عاماً كانت كل عائلة تقدم سقيا زمزم لجنسية معينة، فيما يقتصر دور النساء على زيارة الحجاج المرضى في المستشفيات وتقديم الماء لهم».

ويوضح أن «مياه زمزم كانت تستخرج من البئر وتجمع في خلاوي (غرف صغيرة) وتوضع في الزير (وعاء من الفخار لحفظ الماء بارداً) ثم تؤخذ الماء إلى الحرم على الحصى الذي يمثل مكان الطواف في الوقت الحالي، وكان كل زمزمي له حصوة محددة يأتي إليها الحجاج ليقدم لهم الماء».

ويروي حادثة حصلت قبل 14 عاماً لبعض «الحجاج الفرنسيين من أصل جزائري شربوا مياهاً اعتقدوا أنها زمزم، وبعد عودتهم إلى فرنسا أصيبوا بتلوث، حينها تم التحقيق معنا في الأمر واتضح أنهم اشتروا هذه المياه من الطرقات ولم تكن زمزم وهذا أمر يجب أن يتنبه له القادمون من الخارج».

وكان مسئول في رئاسة شئون الحرمين أعلن في مايو/ أيار الماضي أن مياه زمزم صالحة للاستهلاك البشري، رداً على تقرير إعلامي بريطاني يؤكد أنها تحوي نسبة مرتفعة من مادة الزرنيخ. وقد افتتح الملك عبدالله بن عبد العزيز في الرابع من سبتمبر/ أيلول 2010 مشروع سقي زمزم من أجل ضمان تنقية المياه بأحدث «الطرق العالمية إلى جانب تعبئتها وتوزيعها آلياً».

وبلغت كلفة المشروع 186 مليون دولار.

والطاقة اليومية لمصنع التعبئة تبلغ حوالى 200 ألف عبوة.

وبئر زمزم من الأماكن التي يجلها المسلمون ويبلغ عمقها 31 متراً تغذيها عيون كثيرة.

وتقع زمزم ضمن الحرم المكي بين الصفا والمروة.

ويؤمن المسلمون أن مياه زمزم تدفقت تحت أقدام هاجر زوجة إبراهيم الخليل عندما استبد الظمأ بها وبابنها إسماعيل، بعد أن تخلى عنهما الزوج في وادي مكة بـ «أمر من الله»

العدد 3348 - الأحد 06 نوفمبر 2011م الموافق 10 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً