العدد 3376 - الأحد 04 ديسمبر 2011م الموافق 09 محرم 1433هـ

المسلمون الذين يستطيعون القيادة في المجتمعات متعددة الثقافات

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تتعرض التعددية الثقافية لهجمة متزايدة خلال السنوات القليلة الماضية في أوروبا، بينما تناضل المجتمعات لعقلنة كيف يمكن جمع المجتمعات ذات الخلفيات المتنوعة معاً. أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن التعددية الثقافية «فاشلة»، وكرر مشاعرها كل من القادة البريطانيين والإيطاليين والفرنسيين. وقد جاءت تعليقاتهم في أعقاب تنامي مشاعر أقصى اليمين ضد السكان المسلمين الذي تتزايد أعدادهم في هذه الدول.

أصدرت مؤسسة ثيوس، وهي بيت فكر في مجال العلوم الدينية العامة مركزه المملكة المتحدة، تقريراً في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عنوانه «التعددية الثقافية: ظهور جديد للمسيحية»، حيث يدعو التقرير القادة السياسيين إلى دعم التعددية الثقافية، مؤكداً أنها السبيل الوحيد للتعامل مع المجتمعات المعاصرة المتنوعة. ويشير التقرير، مستخدماً تعبير طارق مودود، أحد المراجع الرئيسية بشأن الأقليات العرقية في بريطانيا، إلى التعددية على أنها «التكيف السياسي للأقليات التي تشكلت عن طريق الهجرة إلى الدول الغربية». ويناقش تقرير ثيوس من منظور مسيحي ضرورة «عدم إضاعة الرؤية بأن مساهمة التعددية الثقافية التي لا يمكن الاستغناء عنها في تحقيق المجتمع العادل». إن مجرد حقيقة أنهم يتعاملون مع قضية التعددية الثقافية هو أمر مهم بالنسبة للحوار، لأنها تبرز أن عاملين آخرين في المجتمع المدني، وليس المسلمون وحدهم، هم الذين يرونها مساهمة إيجابية وضرورية جداً للمجتمع.

ويذكر التقرير كذلك أن العدالة المتعددة الثقافات هي مفهوم يقدم للحكومات أسلوباً للتعامل مع التحديات المتعلقة بإنشاء «علاقات عامة عادلة تتمتع بالاحترام بين الأقليات». ويشكل إنشاء العدالات كذلك أولوية لجميع الديانات، وكذلك للمجتمع الحديث. إذا كانت المجتمعات متعددة الثقافات تمسك بمفتاح تحقيق مجتمع أكثر عدلاً، فإن الخيار الحكيم الوحيد هو استغلال نشاطها.

ما يثير الاهتمام أن التقرير يقول إن الديمقراطية العادلة المتعددة الثقافات تبرز في أفضل صورها عندما تتم رعاية الروابط الأخلاقية ضمن المجتمع المدني الأكثر اتساعاً بدلاً من الحكومة وحدها. ويعني ذلك أن المجتمع المدني بحاجة إلى القيام بالعمل المهم المتعلق بحماية الأقليات فيه وإرساء قواعد مكانها على مستوى قيادي لتحقيق نوع العدالة التي يشير التقرير إليها.

ومن المبادرات التي تستنبط إلهامها من المسلمين، بهدف مخاطبة تحديات المجتمعات المتعددة الثقافات هذه بالذات، قمة موزاييك العالمية التي بدأت يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني في قطر.

يقع المجتمع العالمي في وسط «التضخم الشبابي» الذي يبرز بشكل خاص في الكثير من الدول ذات الأقليات المسلمة. واقع الأمر هو أن 780 مليون مسلم تحت سن الخامسة والعشرين يشكلون 11 في المئة من مجمل عدد سكان العالم. وكما شهدنا في الربيع العربي، فإن الأهمية المستقبلية لهؤلاء الشباب لا يمكن إنكارها.

يرتبط المسلمون بشكل متأصل عبر مفهوم «الأمة» الإسلامية المتعددة الثقافات. سيحتاج قادة المستقبل إلى أن يتعاملوا مع تنوع أفراد هذه الأمة الذين يبلغ عددهم 1.6 مليار نسمة، وكذلك مع تنوع المجتمع العالمي بأكمله. إضافة إلى ذلك، فإنه توجد في معظم الدول المسلمة أقليات كبيرة من السكان، أو أنهم هم أقليات كبيرة تتخذ مواقع قيادية بشكل متزايد.

القمة المفتوحة لوفود من جميع الخلفيات وليس المسلمين فقط، تجمع معاً 80 فرداً، تبلغ أعمارهم 25 إلى 35 سنة من 17 دولة متنوعة مثل أفغانستان والجزائر وإندونيسيا والعراق. وهذه هي القمة الثالثة من نوعها التي تنظمها موزاييك، وهي مبادرة خيرية مركزها المملكة المتحدة برعاية أمير ويلز. مهمة موزاييك هي إيجاد فرص للشباب من جميع الخلفيات، الذي يكبرون في مجتمعات محلية أقل حظاً.

يشارك أفراد الوفود إلى هذه القمة في برنامج منظم يستمر عشرة أيام يضم ورشات عمل ترتكز على المهارات وعمل في مشاريع تهدف إلى تعريفهم بنظريات القيادة، وفي الوقت نفسه إمدادهم بمهارات القيادة العملية.

ستعمل موزاييك بعد المؤتمر على دعم وفودها لسنة إضافية والطلب منهم الإبلاغ كل ثلاثة شهور بشأن كيفية تطبيق وجهات نظرهم ومهاراتهم الجديدة. قام أعضاء الوفود من قمة السنة الماضية بتطوير مشاريع مثل برنامج تطوعي في مكان العمل ونشاطات جمع الأموال للأسر المحلية المحتاجة، وقاموا حتى بإيجاد وحدة ريادة اجتماعية للطلبة الذين يسعون إلى الحصول على شهادات متقدمة في مجال الأعمال.

يستطيع أعضاء الوفود، نتيجة لهذه القمة، أن يتعرفوا على دول وثقافات جديدة، ومقابلة قادة محتملين من مجال واسع من الخلفيات. وينطوي جزء من التدريب على ضمان تعرف أعضاء الوفود على خليط من وجهات النظر والبيئات الجديدة، وهو أحد أسباب اختيار قطر موقعاً للقمة. وفي ضوء أحداث هذه السنة المحيطة بالربيع العربي، يستمر الشرق الأوسط بتوفير الإلهام للقادة الشباب.

وكما تبين فإن بناء مجتمع من التعددية الثقافية لم يعد ظاهرة متناقضة بل إن بإمكان القادة المدربين على قيادة مجتمعات متعددة الثقافات إيجاد مجتمعات أكثر قوة وتماسكاً وعدالة

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3376 - الأحد 04 ديسمبر 2011م الموافق 09 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً