العدد 3390 - الأحد 18 ديسمبر 2011م الموافق 23 محرم 1433هـ

رئيس الوزراء: الدولة تعاملت مع الأزمة في البحرين بأعلى درجات ضبط النفس

دعا إلى عدم الانصراف إلى المصالح الضيقة على حساب الوطن

سمو رئيس الوزراء: العلاقات البحرينية السعودية مزدهرة على الدوام بفضل رعاية عاهلي البلدين                                           (صورة من الأرشيف
سمو رئيس الوزراء: العلاقات البحرينية السعودية مزدهرة على الدوام بفضل رعاية عاهلي البلدين (صورة من الأرشيف

قال رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، إن الدولة تعاملت مع الأزمة التي حدثت في مملكة البحرين مؤخراً بأعلى الدرجات من ضبط النفس.

وأشار سموه في حديث إلى صحيفة «الرياض» السعودية تنشره في عددها الصادر اليوم الإثنين (19 ديسمبر/ كانون الأول 2011) إلى أن «عودة الأمن في الشارع البحريني تصدرت الأولويات، فلا استقرار بدون أمن، ولا تنمية اقتصادية بدون أمن واستقرار»، لافتاً سموه إلى أن «من أثاروا هذه الأزمة كانوا يدركون أن زعزعة الأمن والاستقرار، هو السبيل للانقضاض على الدولة واختطافها، ولذلك حدث ما شهدناه».

وأكد أن القمة الخليجية الثانية والثلاثين التي ستعقد اليوم في الرياض تكتسب أهمية خاصة، نظراً إلى توقيت انعقادها في ظل التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية وما تتطلبه من تدابير لازمة وفعالة للتفاعل مع هذه المتغيرات ودرء أية مخاطر عن دول المنطقة.

وأعرب عن ثقته بقدرة المملكة العربية السعودية الشقيقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على إنجاح القمة بما يلبي تطلعات وآمال شعوب المنطقة، في ظل ما وفرته المملكة من إمكانات ودعم كفيلين بنجاحها، وذلك ليس بمستغرب على المملكة العربية السعودية الشقيقة التي تحتضن العمل الخليجي والعربي على الدوام.

وقال سموه: «إن مجلس التعاون لدول الخليج العربية نجح في إرساء نموذج فعال قادر على بلورة سياسات ومواقف تاريخية على صعيد التفاعلات الإقليمية والدولية، ووضع إطارًا متميزًا للتعاون البنّاء من أجل النهوض بمشاريع الشراكة والتكامل، انطلاقاً من الثوابت والصلات الأخوية التي تربط بين دوله، وما يجمعها من هدف واحد ومصير مشترك».

وشدد سموه على أن أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بات مهدداً بشكل خطير وسافر، وأن الأقنعة سقطت عن المخططات والجهات التي تضمر الشر ولا تريد خيراً لدولنا وشعوبنا، وهو ما كشفت عنه الأحداث المؤسفة التي شهدتها مملكة البحرين، وأكدته التحركات المريبة التي تشهدها بعض دول المجلس الأخرى، وما تم الكشف عنه من شبكات وخلايا تعمل لحساب الخارج.

ورأى أن الأمر يتطلب من دول مجلس التعاون تحركات مستمرة من أجل تعزيز أواصر التقارب والتنسيق المشترك في المجالات الأمنية والعسكرية، وتبني استراتيجيات أمنية متكاملة حديثة تتناسب مع حدة هذه التهديدات، وأن التنسيق بين دول المجلس هو صمام الأمان الرئيسي لدول وشعوب المنطقة.

وأضاف سموه «نحن نثق بأن القمة التي تستضيفها الرياض اليوم، ستعزز قوة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وستدعم صموده وتصديه لكل ما يهدد الدول الأعضاء، ويعرقل مسيرتها التنموية من أجل خير ورفاه وازدهار شعوبها».

وأكد على أن هناك عزماً قويّاً وأكيداً من قمة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون على مواجهة ما يحاك للمنطقة من مؤامرات، وأن هذه المواجهة ستكون من خلال قرارات فعالة، سيتم تنفيذها على أرض الواقع، إدراكاً من القادة لخطورة هذه التحديات، والمنعطف التاريخي الذي تمر به المنطقة، مشيراً سموه إلى أن الوحدة الخليجية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري، تحتل الأولوية وتتصدر اهتمام القادة، الذين يشعرون بنبض شعوبهم ويلمسون تطلعهم إلى تحقيق هذه الوحدة الخليجية لمواجهة المخاطر.

وردّاً على سؤال بشأن الاستحقاقات الاقتصادية التي يجب على القمة الخليجية أن تمضي نحوها، شدّد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، على أهمية اتخاذ خطوات سريعة وفاعلة، باتجاه تحقيق التكامل الاقتصادي وخصوصاً في ظل الأزمات المالية والاقتصادية التي يشهدها العالم بين الحين والآخر، والتي كان آخرها أزمة العملة الأوروبية (اليورو)، بما لها من انعكاسات وتداعيات سلبية على مختلف دول العالم.

وقال: «إن الظروف الحالية تفرض علينا العمل وبذل الجهد من أجل إزالة أي معوقات تحول دون تحقيق التكامل الاقتصادي، وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية الشاملة، التي لا مفرَّ منها للتعامل مع الكيانات والتكتلات الاقتصادية الضخمة في العالم».

وأعرب سموه عن ثقته بأن قادة دول المجلس، سيخرجون في قمتهم الحالية، بقرارات تلبي تطلعات وطموحات شعوب هذه الدول، وتحدد خارطة طريق لتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود.

وأكد على أن ما تحقق من إنجازات يدفعنا إلى بذل جهد أكبر لإضافة المزيد من هذه الإنجازات، والقضاء على العقبات والعراقيل التي قد تعترض تفعيل وتطبيق قرارات المجلس على الصعيدين التجاري والاقتصادي خصوصاً، موضحاً أن طموحات وتطلعات شعوب دول المجلس كبيرة وممتدة، وأن دول المجلس، يواصلون العمل وبذل الجهود، من أجل ترجمة تلك الطموحات والتطلعات إلى خطط عمل وقرارات تحقق التكامل بين دولنا الشقيقة.

وفيما يتعلق بالعلاقات البحرينية السعودية المتجذرة، أشاد بالدور الرائد للمملكة العربية السعودية الشقيقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، في مساندة مملكة البحرين، والتأكيد على أن أمن البلدين الشقيقين، كل لا يتجزأ، مما كان له الأثر الكبير في لجم التدخلات وإحباط التحركات التي استهدفت مملكة البحرين.

وأكد سموه «أن الكلمات لا يمكن أن تفي خادم الحرمين الشريفين والأشقاء في المملكة العربية السعودية، حقهم من الشكر والثناء وعرفان شعب البحرين، لوقفتهم البطولية والمشرفة»، سائلاً الله العلي القدير أن يحفظ المملكة العربية السعودية وينصرها على من عاداها».

وقال: «إن مواقف القيادة السعودية والشعب السعودي الشقيق لم تكن يوماً بالأمر الغريب على أهل البحرين، الذين يدركون أن المملكة العربية السعودية هي عمقهم الاستراتيجي، وأنها كانت وستظل وتبقى السند القوي، والحصن المنيع الذي لا يخترق، دفاعاً عن الحق ودحراً للباطل، وأن المملكة العربية السعودية لا تخشى في الحق لومة لائم، ولا يثنيها عن أداء دورها التاريخي أية موانع أو ضغوط من أي طرف كان».

وأكد سموه أن ما يربط مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة هي علاقة خاصة ترتكز على مخزون متراكم من الأخوة والمحبة وضع أسسها الآباء والأجداد، وتحظى بالرعاية والاهتمام الذي يجعلها دائماً مزدهرة بفضل رعاية عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وأخيه عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.

وأعرب سموه عن أمنياته للمملكة العربية السعودية الشقيقة بالمزيد من التقدم والرقي في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين، مشيداً بما تحقق للشعب السعودي الشقيق من منجزات ومكتسبات، بفضل السياسة الحكيمة للقيادة السعودية.

ونوه بالمبادرات الخيرة والجهود المخلصة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين في خدمة القضايا العربية والإسلامية والتوفيق بين الأمة والسعي الدائم للمِّ الشمل العربي وتوحيد صف الأمة.

وتوجه سموه بالدعاء إلى الله العلي القدير أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وأن يديم على الشعب السعودي نعمة الرخاء والازدهار.

كما أعرب صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بمملكة البحرين عن تقديره لمواقف قادة وحكومات وشعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي هبَّت لمساندة مملكة البحرين، منوهاً سموه في هذا المجال بالدور الذي قامت به قوات درع الجزيرة الخليجية المشتركة في حماية المنشآت الحيوية في مملكة البحرين خلال الأحداث المؤسفة.

وقال سموه: «إن ما قامت به قوات درع الجزيرة المشتركة، عكس الرؤية الثاقبة والنظرة الحكيمة وبعيدة المدى لقادة دول مجلس التعاون، عندما قرروا تأسيس هذا المجلس المبارك في مطلع الثمانينات، إذ أثبتت الأيام مدى الحكمة في إيجاد كيان يتصدى للأطماع والمخططات التي لا تنتهي».

وقال سموه: «إن الأحداث الأخيرة التي شهدتها البحرين مثلت اختبارًا لقدرة منظومة مجلس التعاون على حماية الأمن والاستقرار لجميع دول المجلس، وأكدت أننا صفًّا واحدًا، وأن تلاحمنا هو الحصن المنيع في مواجهة أية أخطار، وعلينا أن نستخلص من مثل هذه الأزمات العِبر والدروس التي تقوي من قدراتنا الأمنية حتى نواصل مسيرة العمل والإنجاز».

وجدد سموه شكر وامتنان مملكة البحرين وتقديرها لمبادرة دول مجلس التعاون بدعم برامج التنمية في مملكة البحرين بمبلغ 10 مليارات دولار، بما يعكس وحدة الصف بين دول المجلس وتعاضدهم في كل ما يعود بالنفع على شعوبهم في الحاضر والمستقبل.

وأشار إلى أن «مثيري الفتن والمحرضين على التخريب والإرهاب والمخططين لزعزعة الأمن والاستقرار في دولنا ومنطقتنا، كشفوا عن مخططاتهم ومكنوناتهم علانية ولم يعودوا كما كانوا في السابق يتوارون خلف الجدران، أو الشعارات أو لا يعلنون على الملأ ما يضمرونه في السر».

وأضاف «لقد شهدنا جميعاً تحركات هؤلاء جميعاً واندفاعاتهم المتهورة لدعم التخريب والإرهاب في دول المنطقة، ومساندة المحرضين بكل الطرق والوسائل، لكن الله شاء، أن يرد كيدهم في نحورهم وأن يحفظ دول المنطقة مما يراد ويخطط لها من مكائد».

وأكد رئيس الوزراء بمملكة البحرين صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، أن الدولة تعاملت مع الأزمة التي حدثت مؤخرا بأعلى الدرجات من ضبط النفس.

وقال سموه: «إن عودة الأمن في الشارع البحريني تصدرت الأولويات، فلا استقرار بدون أمن، ولا تنمية اقتصادية بدون أمن واستقرار»، مشيراً إلى أن «من أثاروا هذه الأزمة كانوا يدركون أن زعزعة الأمن والاستقرار، هو السبيل للانقضاض على الدولة واختطافها، ولذلك حدث ما شهدناه».

وأشار إلى أن مملكة البحرين استطاعت بفضل الله تعالى وحنكة قيادتها وتكاتف أبنائها مواجهة الأزمة التي مرت بها، والخروج منها أكثر قوة وعزماً على مواصلة مسيرة الانجازات.

وقال سموه: «إن عملية التطوير والتحديث التي أرسى عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله قواعدها شكلت الحصن المنيع خلال الأزمة التي مرت بالبحرين، وتمكنت البحرين بما لديها من مؤسسات تشريعية وقانونية ومنظمات مجتمع مدني وقوة وإرادة شعب البحرين من الحفاظ على ما تحقق من مكتسبات وطنيّاً، ولا يزال العمل مستمرّاً لتلبية مطالب شعبنا وتطلعاته».

وأشار إلى أن الدروس المستفادة من هذه الأزمة كثيرة ومتعددة، إذ كانت المبادرات الوطنية من الكثير من التيارات سواء في البرلمان أو المجتمع المدني أو على الصعيد الشعبي، أفضل تجسيد لمدى حب الوطن والتفاني في الذود عن أمنه واستقراره.

وشدد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، على أن خيار الديمقراطية، والتطوير، وتعزيز المشاركة الشعبية، هو خيار استراتيجي لا تراجع عنه في ظل أي ظرف من الظروف.

وقال: «إن مجتمع البحرين هو مجتمع التسامح والمحبة والألفة بلا تفرقة أو تمييز، فكلنا شعب واحد، تعايشت وتجانست جميع مكوناته على اختلاف أعراقها ومذاهبها منذ مئات السنين».

وشدد على أنه «لن يكتب النجاح بإذن الله، لأية محاولات مغرضة لبث الفرقة أو لإثارة الفتن بين أبناء هذا الشعب، الذي يملك وعياً متميزاً، ويدرك جيداً ما يحاك له في الخفاء»، مشيراً إلى أن شعب البحرين أثبت عبر التاريخ أن انتماءه لوطنه دون سواه، وأنه لن يسمح بشق صفوفه، سواء جاءت هذه المحاولات من أطراف خارجية باتت دوافعها وتحركاتها لا تخفى على أحد، أو جاءت من جهات أخرى داخلية مدفوعة أو مدعومة بأجندات تأتي من الخارج.

وأكد أن تعامل البحرين بقيادة جلالة الملك مع الأحداث، اتسم بالحكمة وبأعلى قدر من الشفافية، إذ دعا جلالته إلى حوار للتوافق الوطني، شاركت فيه مختلف مكونات المجتمع البحريني، وخرج بمرئيات متوافق عليها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، وكذلك ما صدر عن تقرير لجنة تقصي الحقائق.

وقال سموه: «إن هذه المرئيات وما صدر من توصيات عن اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، أخذت طريقها الآن إلى التنفيذ بمتابعة حكومية مستمرة».

وشدد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بمملكة البحرين، على أن «قبول مملكة البحرين لهذا التقرير ومبادرتها بتنفيذ توصياته، أكد للجميع أنه ليس لدينا ما نخفيه، وأننا نعتمد على مصارحة الشعب، ولا نخفي عنه أو عن العالم شيئاً».

وعن ما ينبغي على سياسيي مملكة البحرين سواء في البرلمان أو المؤسسات الأخرى القيام به لإخراج البلاد من أي أزمات أو مؤامرات تحيق بها، دعا سموه جميع الأطراف إلى الارتقاء إلى مستوى المسئولية والتحديات التي تواجه مملكة البحرين، وعدم الانصراف إلى المصالح الضيقة والفئوية على حساب المصلحة العليا للوطن.

وأشار إلى أن جلالة ملك البحرين، مدّ يد العون إلى الجميع، مشدداً سموه على أن وحدة الصف بين أبناء الشعب، والتعايش بين مختلف المكونات، ضرورة حتمية من أجل مستقبل وطننا العزيز وأجياله المقبلة.

وأشاد في ختام حديثه، بمواقف شعب البحرين الوفي، وتصديه لكل ما يهدد أمنه واستقراره، مؤكداً أن وقفة هذا الشعب الأصيلة والمخلصة، ستظل محفورة في أنصع صفحات التاريخ، وستشكل امتداداً لمواقف أخرى كثيرة يحفل بها تاريخ البحرين.

وقال سموه: «إن معادن الرجال تظهر عند الشدائد، وهذا هو عهدنا دائماً بشعب البحرين، الذي لم يعرف عبر تاريخه أية ممارسات تمييزية أو عنصرية، ونحن نثق أن الممارسات الغريبة عن مجتمعنا والتي قد نشهدها حاليّاً، ستزول وتذوب بإذن الله في خضم الرفض التام لها من قبل شعب البحرين الذي عاش على الألفة والمحبة

العدد 3390 - الأحد 18 ديسمبر 2011م الموافق 23 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً