العدد 3456 - الأربعاء 22 فبراير 2012م الموافق 30 ربيع الاول 1433هـ

الحلول الديمقراطية أقل كلفة

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

أجزم أن البحرين ظلت تجرب الحلول الأمنية في مختلف المحطات التي شهد الشارع فيها حراكاً شعبياً منذ الاستقلال وضرب الحركات اليسارية، مروراً بالتسعينيات والقبضة الأمنية التي أحاطت بالحركة الوطنية، ثم الخيار الأمني الذي شهده سبتمبر/ أيلول 2010، وانتهاءً بالأحداث التي لاتزال تتفاعل منذ 14 فبراير/ شباط 2011.

البحرينيون جيلاً إثر جيل تربّوا، بسبب تراكم الممارسات الأمنية تجاههم، على عقد الخوف والرهبة من التغيير، فكانت كلمات الحرية والكرامة والعزة والديمقراطية والمشاركة في القرار والثروة تستنشقها عقولهم كالهواء الذي لابد منه لكنه لا يُرى ولا يصوّر.

وأظن أن البحرين لم تجرّب إلا مرة واحدة أن تتعاطى مع الحلول الديمقراطية، حين كان يراد لميثاق العمل الوطني الذي مرت ذكراه قبل أيام، أن يطوي صفحات من المعالجات الأمنية، التي خلفت آلاف المعتقلين السياسيين والمبعدين والمهجرين قسراً أو اختياراً، على مدى العقود السابقة، وأدت إلى زيادة البون بين السلطة ومكونات واسعة من الشعب البحريني.

لكن خلال 11 عاماً من بداية مرحلة يفترض بها أن تكون ناسخة لما قبلها، ظل البحرينيون يرون ذات الحلول الأمنية تطفو أمام كل أزمة تمر بها البلاد، حتى وصلنا إلى الأزمة الحالية التي طال فيها الحل الأمني الجميع، من شارك في الحراك السياسي ومن لم يشارك، من تظاهر ومن لم يتظاهر، ومن كان يغوص في السياسة ومن كان لا يعرف حتى حروفها. وبدا واضحاً أن العقاب الجماعي المفرط كان هدفه تخيير الناس بين طموحهم الفطري للديمقراطية وبين غريزتهم تجاه الأمن والأمان.

للمرة الأولى منذ عقود، ورغم استمرار الحل الأمني، شهدنا سيادة هذه الطريقة من المعالجات بالحال الذي عاشته البحرين طوال سنة كاملة، فلم يبقَ مواطن إلا وأصيب من شرر هذه المعالجات التي أثبتت أنها تضر المؤيد والمناوئ معاً، فلم يبقَ طبيب ولا مريض ولا معلم ولا طالب ولا تاجرٌ ولا سائق أجرة أو حافلة أو صياد أو عاطل أو تاجر، أو موظف حكومي أو في قطاع خاص إلا وله حكاية مرّة يرويها عن وطن ظل الأمل فيه يرجف حتى اكتفى.

فلننظر اليوم إلى كلفة المعالجات الأمنية، فكم تكلفنا طلقات المطاط ومسيلات الدموع التي تغرق المناطق، التي لا ندري كم هي موازنتها خلال شهرٍ واحد فقط، فضلاً عن عام كامل مضى. ولا ندري كم شهراً أو عاماً يمكن أن تستمر، وكم صرفنا على شركات العلاقات العامة التي يراد منها تلميع هذه الممارسات. وفي المقابل فلنقارن كم يصرف على الإسكان الذي بلغت قوائم الانتظار فيه 53 ألف طلب، وكم تبلغ نفقات التعليم والصحة وكيف هي حالها.

صحيح أن الديمقراطية لا يمكن أن تقدّم على الأمن، لكن إذا كانت الديمقراطية هي مفتاح الأمن فلابد من سيادتها والبدء بها. كفانا حلولاً أمنية، وكفانا تنمراً وتغوّلاً لجماعات الكراهية، فلنجرب أن نبدأ حلاً ديمقراطياً حقيقياً، ونكمل به مشوار هذا الوطن للنهاية.

الديمقراطية لا تعني فقط المشاركة في القرار السياسي فقط، لكنها تعني المشاركة في الثروة والأمن، وفي جزيرة صغيرة كالبحرين، نحتاج فقط إلى أن نثق أن خيرات هذه البلاد وأمنها تكفي كل البحرينيين، لنؤمن بعدها أن كلفة الديمقراطية قطعاً ستكون أقل من كلف الحلول الأمنية ومآسيها

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 3456 - الأربعاء 22 فبراير 2012م الموافق 30 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:23 ص

      نعم يامدحوب

      تكلفه الحل الديمقراطي اقل بكثير لانها وببساطه يابانيه الصنع اما باقي الخيارات فانها اما اوربيه او امريكيه وحسابها با الدولار ولهذا تكلف اضعاف الاضعاف وبعدين كل رواتب الاجانب المستشاريين تدفع بعضها يورو وبعضها دولار فطبيعي التكلفه غير الدمقراطيه اغلى..........ديهي حر

    • زائر 1 | 1:20 ص

      أقل كلفة بالنسبة للدولة ولكنها بالنسبة للبعض اكثر كلفة

      لكل وضع انسان يتمصلح منه وهذا المتمصلح يضيره الانتقال الى الوضع الديمقراطي لانه يخسر وحتى لو ربحت الدولة فهذا ليس مهم
      المهم ان يربح هو وليس الدولة والشعب

اقرأ ايضاً