العدد 3466 - السبت 03 مارس 2012م الموافق 10 ربيع الثاني 1433هـ

مواقع القطيعة الاجتماعية تحت المجهر

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

خلص المتحدثون في الجلسة الثالثة «الإعلام الاجتماعي... الانتشار والرقيب» في ملتقى الإعلاميين الشباب العرب الذي احتضنته مملكة البحرين خلال الأيام القليلة الماضية، إلى أنه على رغم تعدد الإيجابيات إلا أن السلبيات طاغية على الكثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي التي خلقت شقاً طائفياً في البحرين، ولابد من سن قوانين لمنع الإساءة إلى الآخرين أو التطاول على الناس بأي شكل من الأشكال.

والحقيقة أن الجانب القانوني في هذه المسألة غائب كلياً، فلا يوجد تشريع في البحرين يضع ضوابط وأطر يمكن من خلالها إلزام مستخدمي المواقع الاجتماعية بعدم التعدي على أعراض الناس والنيل من كرامتهم وسمعتهم، بالقذف والتشهير والتخوين والتكفير، وما إلى ذلك من مصطلحات تعبر عن إفلاس شديد في المعجم الأخلاقي لهؤلاء الذين يرون الشهرة أقرب وأسهل من خلال هذا المدخل الخارج عن نطاق سيطرة الجهات الرسمية.

ولا يلزم الفرد ببيان هويته عند تسجيله في هذه المواقع، فبإمكانه إنشاء حساب إلكتروني مجهول واستخدام اسم مستعار وصورة ليست لها أية دلالات تعبر عن شخصيته، ومن ثم ينفس عمّا في داخله من مشاعر يستبيح بها حرمة من يشاء، فلا يترك شتيمة ولا إهانة إلا ويطلقها، وبعد مضي ساعات من نشر عباراته يحشد له من ورائه متتبعين يشاطرونه ولو جزءاً من أفكاره وتوجهاته، ومن ثم يبدأون في تناقل كلامه بينهم وتعميمه في المنتديات والمواقع الأخرى لكسب المزيد من المؤيدين.

وهذا التحشيد يشكل دافعاً للعقول المتطرفة ومن يبحثون عن مجد على أطلال الطائفية، ما يجعلهم يكسرون كل القواعد ويقفزون على كل محظور، تحقيقاً لنشوة الانتصار المزعوم الذي ما هو سوى وهم وخيال زائف، يهدد وحدة المجتمع البحريني وعلاقات أفراده وترابطهم.

والشخصيات التي تساند هذه الجماعات المتشددة، ليس لديهم أي حرج في الإفصاح عن ذلك، وخصوصاً أنهم يدّعون الوطنية والإخلاص والوفاء والولاء لتراب البحرين، بينما ما يمارسونه من أفعال وأقوال تهدم كل المواقف الجميلة التي جسدها أبناء هذا البلد بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم.

مهما بُذلت من جهود وتحركات للمصالحة ورأب الصدع الطائفي ونشر قيم التسامح والاعتدال والتعاطي بإيجابية مع ما يجري من تطورات في الساحة المحلية، فلن تجد لها أثراً يدعم أهدافها ويقوي من عزم القائمين عليها، مادام هناك من يؤمن بأن جماعة أو طائفة بمقدورها وحدها أن تسيّر البلد وتصل به إلى بر الأمان. واهمٌ من يعتقد أنه إذا أصّل مثل هذه الفكرة سينتصر وسيبقى وحده في الصفوف الأمامية، ومن أقصاهم وأخرجهم من المعادلة، هم في ذيل الركب أو ما دون ذلك، فمهما حاول أو سعى أو راوغ، ستبقى شيعة البحرين وسنتها صفاً واحداً، وعائلة واحدة لا يمكن أن يفرق شملهم حقد أو ضغينة أو تلاعب بالألفاظ والعبارات لتزييف وعيهم وحرف مسار تفكيرهم.

قد تكون العلاقات اهتزت، واللقاءات قلت، والاجتماعات تلاشت، ولكن الواقع يؤكد أن جميع المواطنين على قلب واحد، فخصالهم الطيبة وأخلاقهم العالية، أسمى وأرفع وأرقى من النزول إلى وحل الأزمات، والاستسلام إلى المهاترات والنقاشات التي لا تحقق أي تقدم يذكر.

ولعل في اجتماع كلمتهم وتراص صفوفهم خلف عوائل الشابات الست اللاتي قضين في حادث مروع على شارع (27) المتفرع من شارع الشيخ عيسى بن سلمان والمؤدي إلى قرية سار، أبلغ الدلالات وأصدق التعابير عن نقاء معدن هذا الشعب العظيم وصفاء سريرته، وقدرته على التكيف مع الظروف وتطويعها لخدمة قضاياه العادلة.

الكثير من مواقع الجمعيات والمنتديات أغلقت، وطلب ممن يديرونها تصحيح أوضاعهم وإزالة المخالفات التي وقعوا فيها حتى يتم إعادة فتحها من جديد، على رغم أن ما ذكر فيها لا يقارن مع ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي على مدى 24 ساعة، من تهجُّم علني واضح لا لجام يمنعه أو قيد.

نؤيد حرية الفرد في التعبير عن رأيه ومواقفه إزاء كل ما يجري من حوله، فبالكلمة المخلصة الصادقة والرأي السديد يعلو شأن الوطن ويصحح كل اعوجاج، غير أن ذلك يجب أن يقف عند التعدي على أعراض الآخرين وشرفهم وكرامتهم، وإدخال الناس في أتون صراعات تضعفهم وتصرفهم عن مطالبهم الحقيقية المشتركة

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3466 - السبت 03 مارس 2012م الموافق 10 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 11:35 ص

      زميل عملي بارك الله في قلمك النير

      ان من تربى على شتم الناس في أحضان وكنف الطائفيه وشرب من التفريق بين الطوائف فلا اعتقد هناك قانون يردعه فإن كاتب فقراته قد تقاسم معه جرعات الكأس ودس سمومه على العلن وبدون رادع

    • زائر 4 | 9:43 ص

      كل جرح يهون الا جرح الوطن

      لا تضايق يا الصفار

      هولاء مجرد اوراق شجر بتتساقط وتزول
      وبيرتفع بعدها صوت الحق وبيبرى الجرح مهما طال الزمن

      وانا مثلك مضايق على بعض ابناء طائفتي في بعض المواقع مغسول مخهم ولكن سرعان ما بيندمون بالنهايه

      ولد البسيتين

    • زائر 3 | 4:07 ص

      لن تتغير هذه الظاهرة في النفوس المريضة

      لن تتغير هذه الظاهرة فهم لهم من يساندهم ويجيير القوانين في صالحهم ويلزم الدولة بل السلطة من يساندهم في تأجيج ذلك ان لم تأخذ هي بيدهم لتأطير وتعميق ذلك وبدون عناء ستجد كل اللامزين والغامزين من تحت ستار خفي تعرف شنشنتهم بوضوح بدون ريب .

    • زائر 2 | 1:16 ص

      بلد القانون

      وهل تجد بلدنا يدار بالقانون حتى نتفاخر به فالقانون يدار على اهواء البعض ويطبق على من يراد ان يطبق عليه وليس على من هو فوق القوانين جميعها وحتى من قوانين قد وضعها هو نفسه فقوانيننا تسمى قوانين فقاره لاتطبق الا على الفقاره فقط لاغير

    • زائر 1 | 1:02 ص

      يولد الصفار هذي هي البحرين واهل البحرين

      كل اللي ذكرته يوليدي مو غريب على اهل البحرين وهذا شيم الاجاويد اللي ماتغيرها مفاتن الحياه ومغرياتها الكبير والصغير والغني والفقير والعالم والغير متعلم يتسابقون لمواساة بعضهم البعض وقت المصائب وهذا طبع اهل هل الارض من خلقوا عليها وتراه شاذ عن هذه القاعده فهم الاغراب وحديثي العهد بهالدريره واهلها الله لا يغير عليكم
      وعسى الشر عنكم ابعيد والله لايفرقكم وعسى يوم المر مايمر عليكم سنه وشيعه...ديهي حر

اقرأ ايضاً