العدد 3483 - الثلثاء 20 مارس 2012م الموافق 27 ربيع الثاني 1433هـ

الصالح: السعي لإشراك مختلف شرائح المجتمع للقيام بدور أساسي في ترسيخ خطى الوطن

ألقى رئيس مجلس الشورى رئيس اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق علي صالح الصالح كلمة أمام جلالة الملك قال فيها: «لابد من السعي لإشراك مختلف شرائح المجتمع للقيام بدور أساسي في ترسيخ خطى هذا الوطن نحو مستقبل زاهر آمن».

وفيما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

نقف أمامكم اليوم وفي المكان ذاته الذي تسلم فيه جلالتكم تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، تلك اللجنة التي قمتم بقيادتكم وحكمتكم بإنشائها وفتحتم الأبواب بكل صدق وشفافية أمام خبراء دوليين مشهود لهم بالكفاءة وطيب السمعة في خطوة غير مسبوقة انعكست إيجاباً على هذه المملكة الغالية ولاقت تقدير واستحسان دول العالم.

وفي ضوء توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي لحقائق، كان لابد من السعي لإشراك مختلف شرائح المجتمع للقيام بدور أساسي في ترسيخ خطى هذا الوطن نحو مستقبل زاهر آمن، فجاء اختياركم لنا يا صاحب الجلالة أنا وإخواني أعضاء اللجنة لحمل شرف هذه المسئولية الوطنية، والسعي إلى الحقيقة والعمل على متابعة تنفيذ تلك التوصيات، وأدرك كل فرد منا أن اللجنة الوطنية تتيح لنا تقديم مساهمة مهمة في تطوير وتنمية وطننا الغالي خلال فترة حرجة من تاريخه، وعملنا جميعاً جاهدين لكي نكون على قدر المسئوليات الجسام التي كُلِّفنا بها، فكانت اللجنة وبحق لجنة وطنية مستقلة وحيادية تعمل لصالح الجميع بمهنية عالية بهدف متابعة تنفيذ التوصيات.

لقد عكفت اللجنة منذ تأسيسها على دراسة توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وشاركت مع كبار الخبراء والحكومة لوضع الإجراءات والآليات المناسبة لضمان التنفيذ الكامل لتلك التوصيات. وقد دأبت اللجنة في جميع أعمالها على التأكد من أن تنفيذ التوصيات يتوافق مع أفضل المعايير والممارسات الدولية.

وفي ضوء التوصيات محل البحث؛ قمنا بوضع الأسس اللازمة للمضي قدماً، آخذين بعين الاعتبار التباين الكبير بين متطلبات تنفيذ التوصيات على النحو الذي سيأتي تفصيله من خلال التقرير، ففي حين أن بعض التوصيات يتطلب إجراءات محددة وواضحة يمكن تنفيذها مباشرة من خلال إجراءات تشريعية أو إدارية أو من خلال السلطة القضائية؛ نجد أن البعض الآخر يتطلب تغييرات هيكلية على المؤسسات المعنية أو بناء قدرات عن طريق التدريب أو التأهيل، وهناك من التوصيات ما يتطلب تغيير ثقافات ووضع برامج واستراتيجيات تتطلب زمناً لرؤية آثارها على أرض الواقع.

ومن أجل التنفيذ الأمثل للمهمة التي كُلِّفنا بها، شكلت اللجنة فرقاً لدراسة التوصيات كل ضمن نطاق اختصاصه. وتولت الفرق مسئولية الشئون التشريعية، شئون حقوق الإنسان، والمصالحة الوطنية. وقد عقدت اللجنة على مدى المئة يوم الأخيرة منذ تكليفها ثمانية عشر اجتماعاً، بينما عقدت المجموعات الفرعية ثلاثة وعشرين اجتماعاً، بالإضافة إلى ثلاثة اجتماعات جانبية حول أعمال خبراء اللجنة مع نظرائهم المنتدبين من الحكومة. كما استقبلت اللجنة البروفيسور محمود شريف بسيوني وعدداً من الخبراء وعقدت معهم اجتماعين منفصلين. وتبرز هذه الأرقام مدى الالتزام الفعلي والجهود الحثيثة التي بذلها أعضاء اللجنة الوطنية للوفاء بواجباتهم على أعلى درجات الكفاءة والسرعة لضمان حسن تنفيذ التوصيات بما يلبي هدف تحقيق تقدم بحلول نهاية شهر فبراير/ شباط.

وقد لاقت اللجنة في جميع مراحل عملها التعاون والشفافية من الحكومة التي عملت على تقديم الدعم والمساندة لإنجاح مهمتها الوطنية واستجابت للتوصيات والمقترحات التي وضعتها اللجنة.

لقد أنجزت اللجنة أعمالها ويبين تقريرنا التقدم الذي تحقق، كما يبين للمواطنين جميع التشريعات التي تم إقرارها أو اقتراحها، والإجراءات والآليات والاستراتيجيات والتقارير التي تم النظر فيها، ويمكن للجميع الاطلاع على الأعمال التي تم القيام بها من خلال التقرير.

مما لا شك فيه أن حجم النشاط كان كبيراً وغير مسبوق في تاريخ المملكة. ويجدر بنا جميعاً أن نفخر بالتقدم الذي تم إحرازه خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة بما يمهد الطريق أمام تعزيز عملية الإصلاح في مملكة البحرين.

لقد لامست عملية تنفيذ التوصيات جميع المجالات الحياتية في البحرين حيث تم العمل على إعادة المفصولين من الموظفين في القطاعين العام والخاص ومعالجة حالة الطلبة المفصولين وإعادتهم إلى مقاعدهم الدراسية.

وحول موضوع دور العبادة؛ فقد تم تخصيص 12 موقعاً لبنائها ويجرى التشييد الفعلي في عدة مواقع، ويجرى العمل على باقي المواقع التي وردت في التقرير بالتنسيق مع الجهات المعنية.

أما في المجال الأمني؛ فقد كان حجم التوصيات المنفذة شاملاً ومتكاملاً، حيث تم تحويل جهاز الأمن الوطني إلى هيئة استخباراتية فقط. كما تم وضع برامج تدريب جماعي لأفراد الشرطة والقوى الأمنية الأخرى ويجرى الآن تنفيذها. وبالطبع سوف يستغرق تدريب جميع أعضاء قوى الأمن بعض الوقت، وفي غضون ذلك، تسنى تحقيق تحسينات أخرى في الإجراءات الأمنية بفضل مشورة وتوجيهات خبراء الشرطة الدوليين وإصدار مدونة سلوك الشرطة. ومن العوامل المهمة الأخرى أيضاً وضع آليات جديدة لتحسين الإشراف والشفافية في القطاع الأمني، كان أبرزها إنشاء مكتب أمين عام التظلمات بوزارة الداخلية يتيح للجمهور إمكانية المشاركة في شئون الرقابة على سلامة عمل الشرطة. وقد تم تطوير هذه الآليات بالتنسيق الوثيق مع بعض أهم الخبراء القانونيين والأمنيين في العالم لضمان استيفائها لأعلى المعايير الدولية.

كما تثني اللجنة على قرار النائب العام بإسقاط جميع التهم المتعلقة بحرية التعبير. وقد عملت اللجنة الوطنية على التحقق من برامج تدريب القضاة وأعضاء النيابة العامة. كما تثني اللجنة أيضاً على القرار بنقل جميع التحقيقات في ادعاءات التعذيب لتدخل ضمن نطاق اختصاص النيابة العامة، وذلك بإنشاء وحدة تحقيق خاصة تختص بالمساءلة. وتقدر اللجنة كذلك إجراءات مراجعة الأحكام التي أصدرتها محاكم السلامة الوطنية سواء بواسطة المحاكم المدنية أو بواسطة اللجنة التي أنشأها المجلس الأعلى للقضاء.

وهناك خطوات تم اتخاذها في مجال التربية والتعليم بما يضمن التشجيع على زيادة التسامح والقبول بالرأي الآخر. وسوف يتم تطبيق هذه الجوانب في المناهج المدرسية على مدى الأشهر القادمة بالتعاون مع منظمة اليونسكو.

كما أن الإعلام المنفتح والحر يشكل جزءاً من الرؤية التي تضمنها تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. وفي هذا الصدد، قمنا بدراسة الخطة المتعلقة بهيئة شئون الإعلام بناءً على مشورة خبراء الإعلام الفرنسيين والتي من شأنها المساعدة على تحقيق هذه الأهداف.

كذلك ركزت اللجنة أيضاً على مبادرة التسوية المدنية التي تمت صياغتها في ضوء مقترح اللجنة والتي يتم بموجبها صرف التعويض للمتضررين كتسوية سريعة وبشكل رضائي دونما إخلال بحق من لا يقبل باللجوء إلى القضاء المدني وبما لا يؤثر على المسئولية الجنائية.

ترى اللجنة أن التقدم الذي تحقق حتى الآن جاء بفضل الجهود التي بُذِلت خلال هذه الفترة، غير أن عملية تنفيذ التوصيات والمسار نحو الإصلاح إنما هما مسيرة متواصلة وسوف يستغرق ظهور التغييرات الناتجة عن هذه الإجراءات بعض الوقت في بعض الأحيان كي تتجلى حقيقة ملموسة، ونحن نوجه الدعوة إلى جميع فئات المجتمع للتضافر والعمل معاً لضمان نجاح الإصلاحات بروح الانفتاح والوئام.

يا صاحب الجلالة،،،

إن قدرنا أن نعيش في وطن موحد، كوننا أصحاب إرث عظيم في العيش المشترك على هذه الأرض الطيبة، وإن ما مررنا به من أحداث يجب ألا يلقي ظلالاً ثقيلة على هذه الصورة الجميلة التي أصبحنا نباهي بها العالم عبر العصور، وأن تتجه إرادتنا الوطنية بالتقاط هذه الفرصة وأن نتجنب القراءات الخاطئة.

وختاماً، تتقدم اللجنة بخالص الشكر لعاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على الثقة التي أولانا إياها، كما نشكر حكومة مملكة البحرين وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة على مساعدتها للجنة في إنجاز المهمة المناطة بها، والشكر موصول إلى ولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة على متابعته المستمرة ودعمه الدائم لأعمال اللجنة.

كما لا يفوتنا أن نشكر نائب رئيس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة والفريق الحكومي على كل ما قاموا به لتسهيل عمل اللجنة.

تأمل اللجنة أن تكون قد أوفت بمسئولياتها بكل أمانة وصدق، وأن تكون قد أسهمت بدور بناء في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق لما فيه الخير لوطننا، ونضرع إلى الله أن يحمي البحرين وأهلها من كل مكروه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

العدد 3483 - الثلثاء 20 مارس 2012م الموافق 27 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً