العدد 1460 - الإثنين 04 سبتمبر 2006م الموافق 10 شعبان 1427هـ

العابثون بالديمقراطية

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

هذه اللغة التي تخدع، القاتل والضحية فيها يتقاسمان المفردات ذاتها، الدلالات ذاتها، تبقى فوارق التوظيف في اللغة بين القاتل والضحية خاضعة لما لا تستطيع تفكيكه بدقة، أي مجنون هذا الذي يسعى إلى أن يحاسب «مفردة»، أن يبني نقده من منطلق الشك في «خمسة» حروف، صنعتها اللغة نفسها، من منا يسعى مجازفة إلى أن يحاسب «النية»!.

باسم الحرية نقتل، ونعفو باسمها أيضا، بالديمقراطية نذهب إلى صناديق الاقتراع فننتخب من نشاء، وبالديمقراطية أيضاً نشرع قانون مكافحة الإرهاب وقانون التجمعات، أي ضياع تحمله هذه اللغة/ الديمقراطية/ الحرية التي تخدع.

نموذج واحد تقدمه وزارات الدولة في البحرين لتأسيس الجمعيات السياسية والحقوقية، ترى الأهداف نفسها، الطموحات نفسها، التقسيمات نفسها، الجمعيات العمومية نفسها، الموازنة نفسها. المختلف، بعضها هو صنيعة الإنسان البحريني بإرادته، وهمومه، وطموحاته، وايديولوجياته. والبعض الآخر هو صنيعة أيد تختبئ من وراء ستار.

أما الغريب والمتوقع في الوقت نفسه، هو أنك لو فتشت في أسماء موقعي تأسيس وإشهار هذه الجمعيات التي صنعتها الأيدي الخفية لوجدت الأسماء نفسها مرة، مرتين، لا تكرر البحث فالنتيجة واحدة. تخالها حالاً مرضية، توصيفها: شره سياسي في تأسيس الجمعيات السياسية والحقوقية. لكنك ان أمعنت النظر، وخصوصاً في بيانات هذه الجمعيات وظروف نشأتها - عندها فقط - تفهم تفاصيل الحكاية اللغز، تفهم - بيقين الإسلاميين المنافي للشك - أن في بين ظهرانينا في البحرين عالماً واسعاً من الـ «غونغو»!

ولأن محاسبة النيات خط أحمر باسم الديمقراطية والحرية أيضاً، كان من اللازم أن نترك للقارئ الكريم فسحة التصنيف والفصل والتفريق بين من يمثله من واقع مجتمعه على اختلاف طبقاته ومكوناته الاجتماعية، وبين من يتطفل على المجتمع في تمثيله وحقوقه.

اليوم، لحقوق الإنسان في البحرين صوتان يبدآن بالمقدمات نفسها، أيضاً، للجمعيات السياسية في البحرين صوتان، صوت يتخالف مع الدولة تارة، يحالفها ويصالحها تارة أخرى، وصوت آخر «ببغائي»، وليد الحاجة، صوت يستهلك السياسة، يقتلها، يخنقها، يمحقها، يشوهها، يقمعها، يخربها، ويتلاعب بها في غفلة.

الـ «غونغو» في البحرين، تجربة «روسية» مستنسخة، تعبث بالحقيقة، وتفرغ اللغة السياسية والحقوقية من محتوياتها، فلم تعد «اللغة»، السياسية منها والحقوقية ذات معنى، في هذا «الأفق» من العمل السياسي نحن متقدمون جداً. أفرغنا اللغة من دلالاتها التي فهمها الإنسان منذ بدء الخليقة، وبقيت هلهلة المعنى الجديد فضفاضة تحتمل منا أن نفعل أي شيء باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.

وإلى أن يتخلص المجتمع السياسي البحريني من زوائده السياسية والحقوقية عليه أن يبقى عاجزاً عن معرفة من يتكلم باسم الحرية، ومن يخنقها. من يراقب حقوق الإنسان، ومن يقمعها. من يعمل لمصلحة تنامي الحريات، ومن يسعى إلى قبرَنَتِها.

الخراب الجميل العابثون بالديمقراطية

&عادل مرزوق

هذه اللغة التي تخدع، القاتل والضحية فيها يتقاسمان المفردات ذاتها، الدلالات ذاتها، تبقى فوارق التوظيف في اللغة بين القاتل والضحية خاضعة لما لا تستطيع تفكيكه بدقة، أي مجنون هذا الذي يسعى إلى أن يحاسب «مفردة»، أن يبني نقده من منطلق الشك في «خمسة» حروف، صنعتها اللغة نفسها، من منا يسعى مجازفة إلى أن يحاسب «النية»!.

باسم الحرية نقتل، ونعفو باسمها أيضا، بالديمقراطية نذهب إلى صناديق الاقتراع فننتخب من نشاء، وبالديمقراطية أيضاً نشرع قانون مكافحة الإرهاب وقانون التجمعات، أي ضياع تحمله هذه اللغة/ الديمقراطية/ الحرية التي تخدع.

نموذج واحد تقدمه وزارات الدولة في البحرين لتأسيس الجمعيات السياسية والحقوقية، ترى الأهداف نفسها، الطموحات نفسها، التقسيمات نفسها، الجمعيات العمومية نفسها، الموازنة نفسها. المختلف، بعضها هو صنيعة الإنسان البحريني بإرادته، وهمومه، وطموحاته، وايديولوجياته. والبعض الآخر هو صنيعة أيد تختبئ من وراء ستار.

أما الغريب والمتوقع في الوقت نفسه، هو أنك لو فتشت في أسماء موقعي تأسيس وإشهار هذه الجمعيات التي صنعتها الأيدي الخفية لوجدت الأسماء نفسها مرة، مرتين، لا تكرر البحث فالنتيجة واحدة. تخالها حالاً مرضية، توصيفها: شره سياسي في تأسيس الجمعيات السياسية والحقوقية. لكنك ان أمعنت النظر، وخصوصاً في بيانات هذه الجمعيات وظروف نشأتها - عندها فقط - تفهم تفاصيل الحكاية اللغز، تفهم - بيقين الإسلاميين المنافي للشك - أن في بين ظهرانينا في البحرين عالماً واسعاً من الـ «غونغو»!

ولأن محاسبة النيات خط أحمر باسم الديمقراطية والحرية أيضاً، كان من اللازم أن نترك للقارئ الكريم فسحة التصنيف والفصل والتفريق بين من يمثله من واقع مجتمعه على اختلاف طبقاته ومكوناته الاجتماعية، وبين من يتطفل على المجتمع في تمثيله وحقوقه.

اليوم، لحقوق الإنسان في البحرين صوتان يبدآن بالمقدمات نفسها، أيضاً، للجمعيات السياسية في البحرين صوتان، صوت يتخالف مع الدولة تارة، يحالفها ويصالحها تارة أخرى، وصوت آخر «ببغائي»، وليد الحاجة، صوت يستهلك السياسة، يقتلها، يخنقها، يمحقها، يشوهها، يقمعها، يخربها، ويتلاعب بها في غفلة.

الـ «غونغو» في البحرين، تجربة «روسية» مستنسخة، تعبث بالحقيقة، وتفرغ اللغة السياسية والحقوقية من محتوياتها، فلم تعد «اللغة»، السياسية منها والحقوقية ذات معنى، في هذا «الأفق» من العمل السياسي نحن متقدمون جداً. أفرغنا اللغة من دلالاتها التي فهمها الإنسان منذ بدء الخليقة، وبقيت هلهلة المعنى الجديد فضفاضة تحتمل منا أن نفعل أي شيء باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.

وإلى أن يتخلص المجتمع السياسي البحريني من زوائده السياسية والحقوقية عليه أن يبقى عاجزاً عن معرفة من يتكلم باسم الحرية، ومن يخنقها. من يراقب حقوق الإنسان، ومن يقمعها. من يعمل لمصلحة تنامي الحريات، ومن يسعى إلى قبرَنَتِها

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1460 - الإثنين 04 سبتمبر 2006م الموافق 10 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً