العدد 3514 - الجمعة 20 أبريل 2012م الموافق 28 جمادى الأولى 1433هـ

مسلمو فرنسا مستاؤون من بعض خطب الحملة الانتخابية

قبل الانتخابات الرئاسية يعرب «موكي» الفرنسي المسلم من أصل جزائري المقيم في باريس طول السنة والجمهوري الذي يعمل كوالده نادلاً مجدداً عن استيائه لأنه يشعر مرة أخرى أنه يشار إليه بالبنان.

ويقول محند الملقب «موكي» (28 سنة) صاحب حانة «شي موكي» (عند موكي) تقع منذ عشرات السنين في شارع فينويل بحي شعبي في الدائرة العشرين بباريس «هل نحن مسلمون أم علمانيون؟ جزائريون أم فرنسيون؟ بصراحة إنها أسئلة لا نطرحها على أنفسنا وسئمت من الرد عليها مجدداً».

ويؤكد الشاب الذي لم يحلق ذقنه منذ ثلاثة أيام بنظرته العابسة أنه قبل كل شيء متمسك «بالخدمات العامة والعلمانية واحترام الآخر وقيم الجمهورية» وإنه ينتمي بالتأكيد إلى «الجالية الإسلامية» التي تقدر بنحو أربعة ملايين نسمة في فرنسا، لكن ذلك لا يكفي لتحديد «هويته».

وفي 21 مارس/ آذار أدرك أنه سيتعين عليه مجدداً ولوقت طويل أن يعتذر وأن ينزوي، عندما صدمت فرنسا الصباح من اغتيال عسكريين وأطفال يهود في جنوب غرب البلاد وأعلنوا عن اسم قاتلهم.

وقال موكي «عندما سمعت «محمد مراح، فرنسي من أصل جزائري» قلت في نفسي: ها نحن عدنا مرة أخرى إلى المصيبة نفسها (...) إنهم أصلاً ينظرون إلينا باستياء».

أما والده عامر عاودية (77 سنة) فيقول إنه عانى الأمرين لكنه يرى أن الحملة الانتخابية «ثقيلة».

وأضاف ملخصاً «يتحدثون عن المهاجرين والأمن واللحوم الحلال (...) إنهم يخلطون كل شيء، حتى أننا نشعر بتصاعد التوتر وبالنهاية لا يتغير شيء حتى الانتخابات المقبلة».

وروى كبير العائلة أنه عندما ذهب آخر مرة يشتري لحماً حلالاً في الحي «كان هناك زبائن فرنسيون (غير مسلمين) أكثر من المسلمين» مضيفاً «إنهم يبالغون في الحديث عن ذلك وهذا يشكل دعاية لمارين لوبن (أقصى اليمين) ويحجب المشاكل الحقيقية».

أما المشاكل الحقيقية فهي «البطالة» و»التهميش» و»العزلة» إن «الحياة أصبحت أقسى بالنسبة لأولادنا».

وقد رحل عامر عاودية من قريته الريفية وحل في باريس سنة 1951 ليلتحق بوالده الذي كان عاملاً واكتشف حينها على وثائق هويته أنه «فرنسي مسلم» وهي فئة «خاصة» تعود عليها بالنهاية وفي سن السادسة عشر «تعلمت القراءة والكتابة في دروس المساء» و»اندمجت بسهولة».

وفي خضم حرب تحرير الجزائر عمل في «تجميع وسياقة الدبابات» في أحد مصانع المنطقة الباريسية الذي يصدر إلى ألمانيا ثم اشتغل في عدة وظائف قبل أن يشتري حانته سنة 1964 في شارع فينيول.

وأوضح أنه «كانت حانة صغيرة وبقالة في آن واحد» لكنها تحولت إلى حانة مع نهاية الثمانينيات عندما دمر مصنع الشيكولاتا وبنوا محله سوبرماركت، لأن المنافسة كانت شديدة.

واستذكر ذلك الزمن الذي كانوا فيه يأتون حتى حانته «يبحثون عن عمال، كان العمل متوافراً، وكنا نترك وظيفة لنجد أخرى في اليوم التالي».

وكبر أبناؤه وأصبح أحدهم سائق سيارة أجرة والآخر مهندساً ملعوماتياً وابنته ربة بيت والآخر نادل بينما ينهي أصغرهم، حكيم (21 سنة) فترة تدريب في بورصة باريس بعد التخرج من شعبة «المالية الدولية»، ولم يطلب منهم الأب سوى شيئاً واحداً وهو أن «يتعلموا القبائلية، لغتهم الأم».

وعندما طلب منه ابنه موكي الذي «لم يكن تلميذاً نجيباً في المدرسة» أن يعمل معه في الحانة كلفه بتسييرها بدون أن ينسحب، ومازال عامر يساعده أيام السبت والأحد ويأتي لتناول الكوكا مع بعض الزبائن الذين اصبحوا «اصدقاء» مع مر السنين.

وينزعج موكي أكثر من أبيه من التصرفات العنصرية العادية، لاسيما أن حانته التي قرر «أن يغلقها يومياً في الساعة 22,30» هي «الوحيدة في الحي» التي أقيمت ضدها عريضة قصد إغلاقها، ويغضب لأنهم «رفضوا» أن يقدموا له الطعام في أحد مطاعم جنوب شرق البلاد.

وقال الشاب «عندما نرى كل ذلك ننزعج، إنه بمثابة نبذ قسم من الشعب»، مؤكداً أن اليسار قد خيبه واليمين الحاكم يقدم عنه صورة لا يحبذها فأصبح يميل إلى اليسار الراديكالي ويقول إنه خيار خيبة أكثر منه بقناعة.

أما عامر فإنه فقط يريد من الرئيس المرشح لولاية ثانية نيكولا ساركوزي الذي تحدث في أحد مهرجاناه عن جمهورية «يتدفق عليها المهاجرون عشوائياً» أن «يهدأ».

العدد 3514 - الجمعة 20 أبريل 2012م الموافق 28 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً