العدد 3533 - الأربعاء 09 مايو 2012م الموافق 18 جمادى الآخرة 1433هـ

ضعف المرافق ومنافسة الآسيويين تُفاقم ركود «السوق المركزي»

البحرينيون يهجرون مهنة بيع الخضراوات لصالح الأجانب

من الاعلى يساراً: أحمد جاسم عبدالرضا -أحمد المدحوب-إبراهيم جعفر-رضا البستاني
من الاعلى يساراً: أحمد جاسم عبدالرضا -أحمد المدحوب-إبراهيم جعفر-رضا البستاني

يعرض الحاج أحمد جاسم عبدالرضا من ساعات الصباح الأولى بضعة أكياس من التمر في السوق المركزي بالمنامة، الذي بدا حاراً جداً أمس الأربعاء (9 مايو/ أيار 2012)، في صيف يدخل على البحرين بصورة أبكر كما يبدو.

الحاج أحمد الذي يعمل في بيع التمور منذ نحو 16 عاماً يشير إلى (بسطة) مجاورة، وهي مساحة صغيرة تؤجّرها السلطة البلدية للبائعين، وقد هجرها مالكها لصالح آسيويين.

الصورة تبدو قاتمة كما يراها الحاج أحمد «منذ الصباح وأنا هنا، الله وكيلك لم أبع ولا بدينار واحد».

ويرى الحاج أحمد أن العمالة الأجنبية والتي بعضها غير مرخّص لها بالعمل في بيع الخضراوات والمنتجات الزراعية، تشكل مشكلة للتجّار المحليين الذين يواجهون ظروفاً قاسية لم يعانوا منها مقارنة مع السنوات الماضية.

والسوق المركزي، هو أكبر سوق للمواد الغذائية وخصوصاً الخضراوات والفواكه واللحوم والأسماك في البحرين، وتديره وزارة البلديات، وعلى رغم الوعود المتكرّرة بتطوير السوق وتكييفه إلا أن هذه الوعود لم ترَ طريقها إلى التنفيذ.

ولا تلاحظ الجيل الجديد باعة للخضراوات فأغلب البحرينيين هم من الجيل القديم أو كبار السن؛ ما يؤشر على اندثار هذه المهنة بالنسبة إلى البحرينيين الذين تتقلص فرص العمل التقليدية بالنسبة إليهم، والمتاحة عادة للعمالة الأجنبية.

عروض للتأجير

ويقول الحاج أحمد «الحَرُّ قد تكون مشكلة لكنه بالنسبة لي ليس المشكلة الأكبر. أنا مستعد للعمل في الحر أو أي ظروف أخرى؛ لكن أريد أن أبيع شيئاً ومع وجود منافسة غير عادلة من الصعب بيع شيء».

ويقول أحمد، إنه مدين إلى وزارة البلديات بنحو 1400 دينار «أغلب الباعة البحرينيين مدينون مثلي ... الإيجار يبلغ 27 ديناراً وفي نهاية الشهر لا أجد مالاً لأدفع إيجار (الفرشة)».

وعلى رغم أنه تلقى عروضاً لإيجار (الفرشة) بمبالغ تصل إلى 120 ديناراً شهرياً من أحد الآسيويين الوافدين؛ لكن الحاج أحمد يقول: «لا أستطيع فعل ذلك. لا أريد أن أظلم أبناء بلدي».

ويعتقد الحاج أحمد أن العمالة الآسيوية تساعد بعضها في قطاع الأعمال بمنح حسومات من محلات الجملة إلى بائعي التجزئة منهم، في حين لا يتلقى البحريني معاملة بالمثل «إذا ذهبت أنا لاشتري شيئاً - مثلاً - يعطني الآسيوي سعر 10 دنانير، في حين يعطي زميله الآسيوي الآخر بـ 6 دنانير».

ضعف السوق

ويتفق مع ذلك بائع الخضراوات إبراهيم جعفر، والذي يعمل منذ صغره في بيع الخضراوات «هناك متاجرة في (الفُرَش) في الوقت الذي نجد أن هناك ضعفاً يصل إلى النصف تقريباً في المبيعات بسبب الأوضاع».

وتكمن المشكلة، كما يراها إبراهيم، في أن العمالة الآسيوية المنشترة في سوق المنامة وفي شوارع البحرين عموماً لاتجد مشكلة في «تحطيم» الأسعار وقبول أرباح متدنية جداً.

ويقول إبراهيم الذي انقطع عن العمل قبل فترة لتلقى العلاج في الخارج: «الآسيويون يبيعون كيس التمر مثلاً الذي يبلغ سعره 4.5 دينار بفائدة تبلغ 200 فلس فقط، هو يستطيع ذلك لأن تكاليف حياته قليلة لكن نحن لا نستطيع ذلك ... تكاليف حياة البحريني مرتفعة ولا يمكن بمبلغ زهيد عمل شيء في البحرين ولكن قد يكون مناسباً في الهند أو بنغلاديش ربما».

وتابع «المشكلة ليست هنا فقط (السوق المركزي) هناك الكثير منهم في الشوارع يعملون على (عربانة) وبالتأكيد سيقبلون بأي هامش ربح».

هجْر البحرينيين لسوق الخضراوات

ويبدو أن مهنة بيع الخضراوات يهجرها الكثيرون لصالح العمالة الآسيوية كما يرى إبراهيم جعفر «أستطيع أن أقول لك، إن نصف (الفرش) تقريباً في السوق المركزي تُدار من عمالة آسيوية ومؤجرة».

ولا تقتصر المنافسة فقط على بيع الخضراوات، كما يرى جعفر «لقد قضوا على (الحمّالين) البحرينين أيضاً في السابق تجد الكثير من البحرينيين ينقلون أغراض المشترين لكن لا تراهم الآن إلا قليلاً».

ومع زيادة التكاليف تبدو المنافسة صعبة جداً «في السابق كنت أذهب إلى السعودية كل يوم لجلب المنتجات الزراعية الآن كل يومين أذهب مرة فالعمل شحيح، في السابق كنت أنفق على كل مرة أذهب بها للسعودية لجلب منتجات نحو 22 ديناراً الآن المبلغ يصل إلى 53 ديناراً».

ويرى جعفر الذي يستخدم باصاً في تنقلاته للسعودية لجلب البضائع، أن هناك متطلبات جمركية تستنزف الوقت والجهد من صغار الباعة «شهادة المنشأ مثلاً مطلوبة على التمر السعودي، كنا في السابق يتم معاملتنا كمسافرين الآن يتم التعامل معنا عن طريق ممرات الشحن».

أما الحاج أحمد المدحوب والذي يعمل كبائع خضراوات منذ 36 عاماً تقريباً، يجد أن الاهتمام الرسمي بالسوق المركزي ضعيف جداً «إنهم ينفقون الملايين ولكن لا نرى اهتماماً بنا».

ولا يعتبر المدحوب أن النظافة والتكييف يعتبران شأنين كبيرين إذا ما تمت مقارنتهما بمنافسة العمالة الأجنبية، والتي يعتبر أن عدداً منهم لا يعمل بصورة قانونية «نستطيع التعامل مع الحر والنظافة لكن نريد أن يتم تخلصينا من مشكلة العمالة السائبة».

ويعتقد المدحوب أن الكثير من العمالة تعمل بدون الترخيص أو دفع تكاليف الترخيص لبيع الخضراوات في السوق المركزي.

ويضيف «إنهم (العمالة الأجنبية) يبيعون بسعر أقل منا طبعاً نحن لا نستطيع مجاراتهم فالتكاليف علينا أكبر».

ضعف البنية التحتية أساس المشكلة

من جانب التجار في السوق المركزي فإن النظرة تبدو مختلفة قليلاً، فتاجر الأغذية سيد نوري يعتبر أن البنية التحتية لسوق المنامة المركزي هي جوهر المشكلة «أنت كمشتر لماذا تأتي إلى السوق المركزي إذا لم تجد مواقف سيارات مناسبة وبيئة مريحة للتسوق؟».

وأضاف «في السوق المركزي بالمنامة تجد الخضراوات الطازجة والجديدة إلى جانب أنواع جديدة في كل يوم هناك أنواع جديدة تنزل السوق، وهذا يعطي السوق أفضلية على أي مكان آخر في البحرين».

لكن نوري يجد أن السوق خسرت مكانتها مع إهمال المَرافق «لو جاء متسوق ومعه أحد أبنائه مثلاً، فإنه لن يجد مرافق صحية وحمامات مناسبة».

وتابع « الناس طبعاً تريد التوفير من الشراء في السوق المركزي ولكن مع درجة حرارة تصل إلى 42 فإن عدم وجود مرافق ومواقف سيارات فإن ذلك سيجعل اهتمام الناس أقل».

وعلى رغم وعود المسئولين بتطوير السوق يرى نوري أن حال السوق المركزي بالمنامة كمثل «الثوب القديم الذي لا ينفع معه الترقيع».

وتابع «الكثير من الوزراء والمسئولين يزورون السوق لكن لا شيء يحدث على أرض الواقع».

الأسعار مقبولة لكن القوة الشرائية قليلة

من جانبه، يرى تاجر الأغذية رضا البستاني، أن الخضراوات والفواكه متوافرة بصورة مناسبة في السوق كما أن الأسعار مقبولة؛ولكنه يرى أن القدرة الشرائية تظل ضعيفة.

ويقر البستاني بأن هناك انخفاضاً في مبيعات الخضراوات والفواكه في السوق المحلية، مقدّراً نسبة الانخفاض بنحو 35 المئة.

ويرى البستاني أن البنية التحتية هي المشكلة الرئيسة

والبستاني، الذي يجلب أغلب المنتجات عبر جسر الملك فهد، يرى أن هناك تحسناً في تخلص الجمركي «قبل عامين تم جلب جهاز أشعة ويتم فيه مسح الشحنات بصورة سريعة وهذا سهّل العمل ووفّر في الوقت وتصل الشحنات والخضراوات بصورة سليمة ونشكرهم على الجهد المبذول لذلك».

ويرى البستاني أن فترة الموسم لتجّار الخضراوات والفواكه والممتدة من مايو/ أيار وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني تمثل جانباً مهماً في زيادة جهد التخليص الجمركي.


تناقش الحلول وترفع توصيات لمجلس الإدارة

لجنة الأغذية بغرفة التجارة تقف على مشكلات تجَّار السوق المركزي

 

قام رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين، عصام فخرو، ولجنة الأغذية والزراعة بالغرفة برئاسة إبراهيم الدعيسي، بزيارة إلى سوق المنامة المركزي للاطلاع على أحوال السوق والوقوف على مشكلاته تمهيداً لمناقشة مشكلات التجّار هناك داخل الغرفة وعرض الحلول على المعنيين.

وقال رئيس مجلس إدارة الغرفة، إن الاقتصاد ومبيعات التجزئة في البحرين عموماً بدأت تستعيد عافيتها في البلاد، لكنه أشار إلى أن هناك نسبة تأثر قد تصل إلى 25 في المئة.

وأوضح فخرو، أن الغرفة تضطلع على مشكلات التجار في السوق المركزية وأن هناك تصورات موجودة بالنسبة إلى السوق من قبل المسئولين، لافتاً إلى أن لجنة الأغذية بالغرفة ستبحث المشكلات مع التجّار وتصوغ المرئيات المناسبة بالنسبة إلى السوق.

من جانبه رأى رئيس لجنة الأغذية بالغرفة، إبراهيم الدعيسي أن هناك «عدم اهتمام رسمي جاد بالنسبة إلى السوق المركزي بالمنامة بما يتلاءم والموقع الاقتصادي للسوق».

ولخص الدعيسي أبرز مشكلات السوق المركزي في افتقار السوق إلى البنية التحتية والمنافسة التي تسببها العمالة السائبة لكثير من التجّار البحرينيين.

وقال الدعيسي: «هناك احتياجات صحية وفنية للسوق المركزية وافتقار للمرافق الخدمية الأساسية والضرورية مثل التكييف وغيرها من الأمور والتي تتسبب في آثار من بينها انتشار الحشرات والقوارض، وعدم توافر هذه الاحتياجات يسبّب خسارةً للتجّار وإرهاقاً نفسياً».

وتابع، أن المشكلات التي استمع إليها وفد الغرفة في زيارة السوق المركزي كثيرة، ومن بينها أمور تتعلق بعدم وجود مناطق تخزين رئيسية مبردة متاحة للتجار لتخزين بضائعهم».

وأوضح الدعيسي أن السوق المركزي عانت من مشكلات هيكلية وتخطيطية؛ ما يوجب بحث خيارات مناسبة منها إعادة بناء السوق وتخطيطه بصورة ملائمة وقد يتطلب الأمر استملاك أراض أو نقل السوق إلى مكان آخر يظهر السوق بصورة حديثة.

وأوضح الدعيسي أن الغرفة قامت قبل سنوات بعمل تقرير عن مشكلات السوق القديمة لكن الغرفة تعمل على استقصاء المشكلات الجديدة «هناك مشكلات جديدة، التأجير من الباطن، القيمة الشرائية المتدنية».

وعن آلية عمل لجنة الأغذية والزراعة في الغرفة للتعامل مع مشكلة السوق المركزي قال الدعيسي: «خلال الأسبوعين قد ندعو إلى اجتماع شامل مفتوح يتم فيه الاستماع إلى جميع التجّار والعمل على دراسة جميع الأمور المتعلقة والخروج بالمعوقات القديمة والحديثة التي يواجهها التجّار».

وأوضح الدعيسي أنه بعد اللقاء المفتوح مع التجّار سيتم صوغ المشكلات والاقتراحات بطريقة علمية ومهنية ليتم رفعها إلى مجلس إدارة غرفة صناعة وتجارة البحرين ومن ثم مخاطبة الجهات الرسمية؛ إذ قد تكون هناك زيارات إلى الوزراء المعنيين لعرض ملف السوق المركزي عليهم.

وذكر أن لجنة قطاع الاغذية والزراعة تهتم بالأمور المتعلقة بالأسواق التجارية والمركزية؛ إذ ترتكز أعمال اللجنة على كل المتطلبات الأساسية لتطوير القطاع والتواصل مع هذه الأسواق بطرق مباشرة؛ الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تطوير وتنمية هذا القطاع المهم وينعكس ايجاباً على القطاع التجاري والاقتصاد الوطني في المملكة.

العدد 3533 - الأربعاء 09 مايو 2012م الموافق 18 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً