العدد 3551 - الأحد 27 مايو 2012م الموافق 06 رجب 1433هـ

تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية أتاح حزمة تحفيز بـ 300 مليون دولار

في تقرير «سي بي ريتشارد أليس» تناول السوق البحرينية...

أوضح تقرير «سي بي ريتشارد أليس»، أنه في مسعى من حكومة مملكة البحرين إلى التغلب على تأثير تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة على البحرين الناجمة عن الاضطرابات التي شهدتها البلاد، أعلنت حزمة تحفيز اقتصادي تتألف من إنفاق بقيمة 300 مليون دولار على مشاريع البنية التحتية كما أعلنت برنامجاً بقيمة 550 مليون دولار لتوفير مساكن لنحو 50,000 أسرة مدرجة في قوائم الانتظار الحكومية للحصول على مساكن. ومن المتوقع أن تتركّز المساكن التي تطوّرها الحكومة في مناطق مهمّة من المملكة تشمل المدينة الشمالية وشرق مدينة الحد وشرق سترة غير أنه لم يُعلن توزيع وحدات في صورة شقق ومساكن وتظل المسألة مقلقة بالنسبة إلى البحرينيين من ذوي الدخول المنخفضة.

إلى ذلك، بيَّن التقرير ارتفاع معدّل إشغال الغرف الفندقية في مملكة البحرين في شهر مارس/ آذار 2012، بنسبة 45 في المئة في المتوسط محققًاً القطاع تحسناً ملحوظاً مقارنة بالشهر ذاته من العام 2011؛ ولكن متراجعًا عن مستوياته الطبيعية. وعلى رغم ذلك، أعلن مشروع خليج البحرين الواقع قبالة الساحل الشمالي للعاصمة (المنامة) تطوير مشروعٍ رئيسٍ ثانٍ لأحد فنادق الخمسة نجوم يحمل علامة جيه دبليو ماريوت ويتألف من 50 طابقًاً تشتمل على 394 غرفة فندقية ليلحق بفندق فور سيزونز بطاقة 263 غرفة الذي بدأ العمل فيه بالفعل.

وقد انعكست المشكلات التي واجهتها البحرين في الأجل القصير على التعليقات التي أطلقتها مؤسسة ستاندرد أند بورز التي جاء فيها أنه على رغم أن غالبية القطاعات لم تتأثر تأثرًا جوهريًا بالاضطرابات، يظل قطاعا المحروقات والبنية التحتية محركاً النمو الرئيسين على الأجل القصير.

وقد أعيد تأكيد تصنيفي مصرف البحرين المركزي BBB/A-3، وعلى رغم ما ذكرته ستاندرد أند بورز من أن الضرر الذي لحق بالاقتصاد الحقيقي كان محدودًا، إلا أنه أبرزت قطاع السياحة الصغير نسبيًا بوصفه الصناعة الأكثر تضررًا أثناء العام الماضي (2011).

أما التأثير الذي لحق بصناعة السفن السياحية تحديدًا في العام 2011 ومطلع العام 2012 فقد كان قويًا؛ إذ كانت عدة سفن قد قررت عدم الرسو في البحرين على خلفية المخاوف الأمنية المستمرة وما تبعه من ارتفاع أقساط التأمين المطلوبة.

وتتميز قطاعات السوق الرئيسة المبينة على مخطط دورة الإيجار بتباطؤ معدّل الانخفاض؛ وهو ما يشير إلى أن قطاع العقارات البحريني يقع عند «قاع السوق» أو بالقرب منه.

ويعرب أصحاب العقارات بازدياد عن أنهم يفضلون ترك العقارات خالية على قبول إيجارات بأسعار متدنية على رغم أن هذا السلوك غير شائع في السوق واعتماده بدرجة كبيرة على ما إذا كانت العقارات مملوكة أو غير محمّلة بأعباء قروض من عدمه.

سوق العقارات التجارية

يظل الطلب الجديد على المساحات التجارية المحلية من الفئة (أ) ضعيفًا بصورة غير طبيعية أمام الطلب المتزايد. جزء كبير من الوحدات الجديدة المطروحة يكون في صورة أبراج تجارية جديدة في المنطقة الدبلوماسية وضاحية السيف التي بدأ التشييد فيها بالتزامن مع دخول السوق البحرينية فترة تراجع فيها الطلب مدفوعًا بظروف السوق العالمية وحالة الاضطرابات الاجتماعية التي تشهدها المملكة.

ومن المرجّح أن تواجه المساحات التجارية الجديدة في المنطقة الدبلوماسية خصوصاً مشكلات في ضوء أن المنطقة غير مأهولة تمامًا بالمستأجرين الذين يتعذر عليهم الوصول إلى المنطقة أو التجول أو الانتظار فيها. إن إخفاق الجهاز المسئول عن التخطيط في تنظيم طريقة عمل المنطقة الدبلوماسية أو ترشيد هذه الطريقة كان العامل الأساسي في تخلف هذه المنطقة عن أن تكون الحي التجاري المركزي بالمملكة.

وربما تنتهي ضاحية السيف إلى السير على هذا المنوال؛ إذ إن كثافة البناء حتى الآن تختلف بعض الشيء عن الخطط الموضوعة لهذه المنطقة في الأصل. بيد أن تراجع السوق قد وفر الحماية لهذا الحي على الأجل القصير إلى المتوسط وقد تراجعت أعمال التطوير في ضاحية السيف إلى مستوى منخفض للغاية. أما عن الأبنية التجارية الحالية، فإنها تشهد مستوى إشغال متوسطاً، كما أن قطع الأراضي الفضاء توفر أماكن لانتظار السيارات تلبي احتياجات القسم الأكبر من العاملين فيها وزائريها.

أما المساحات التجارية من الفئة (ب) التي كانت من قبل تتألف من عقارات أقدم أو عقارات في أماكن أقل في المستوى أو من شقق في أو بالقرب من أماكن تجارية متميزة فقد تباين وضعها تبعًا لمجموعة من العوامل.

انتقلت العقارات القديمة التي تخضع لأعمال صيانة ضعيفة إلى إيجارات العقارات من الفئة (ج)، بينما ظلت الأبنية التجارية الموجودة في أماكن أقل تميزًا تتمتع بقبول عام مع استمرار وفائها باحتياجات الأسواق المحلية الموجودة بها، أما الشقق المستخدمة كمكاتب تجارية فيجري إعادتها إلى الأغراض السكنية عموماً فلطالما كانت بدائل سيئة من حيث كفاءة المساحة والحصة المخصصة للانتظار. إن ذلك الكم من المساحات التجارية المتاحة من الفئة (أ) التي تم إعادة تهيئتها كليًا أو جزئيًا يعني أن مستخدمي الشقق السابقين أصبحوا قادرين الآن على الانتقال إلى العيش في أماكن أكثر كفاءة وعمليةبالمقابل نفسه الذي كانوا يسددونه من قبل تقريبًا.

أما عن الحركة المرورية، فقد أصبحت أسهل عموماً في الأحياء التجارية على رغم أن حالات عرقلة المرور التي يحدثها بعض المتظاهرين تعني تكدس السيارات في طوابير طويلة على الطرق السريعة الرئيسة أثناء فترات الذروة. يسهل وقوع مثل هذا الارتباك المروري بسبب التركز الشديد للمكاتب في أماكن معينة. لو أن الجهاز المسئول عن التخطيط تحديدًا قد تعامل مع هذه المشكلة من خلال التشجيع على توزيع المراكز التجارية على نطاق أوسع في مختلف أنحاء المملكة، لربما كانت الاختناقات المرورية أقل وطأة وكانت حدتها قد بدأت تخف.

قطاع التجزئة

أصبح قطاع المراكز التجارية للبيع بالتجزئة في البحرين غير متجانس بعض الشيء في ظل وجود تباين شاسع في الأداء بين المراكز التي تبدي أداءً جيدًا وتلك التي لا تبدي هذا الأداء.

فمن جهة، يتمتع مركز البحرين سيتي سنتر ومجمع السيف بنسبة إشغال مرتفعة وأسعار تأجير قوية، ويليهما مباشرة مودا مول. ويعد من الصعوبة بمكان دائمًا الوقوف على أداء مودا مول؛ إذ إنه يعتمد على مزيج من العدد القليل من الزائرين/ قيمة مشتريات مرتفعة؛ وهو ما يعني أنه دائمًا ما سيبدو خاويًا من المتسوقين بعض الشيء وستبدو الأصناف المشتراة قليلة. وقد أعلن مودا مول مؤخرًا برنامجاً للتجديد بكلفة 13 مليون دولار.

ويأتي في مؤخرة مؤشر الأداء مجمع سترة، الذي لا يمكن وصف أدائه إلا بأنه «كارثي». فالفشل في تحديد أماكن المستأجرين الرئيسين بحيث يحتلون مواقع مؤثرة على باقي المركز وصعوبة الوصول إليه؛ فضلاً عن قرب المركز من أماكن الاضطرابات الاجتماعية وعدم وفاء المتاجر الموجودة به باحتياجات القرى القريبة منه ومعظمها من ذوي الدخول المنخفضة كل هذه عوامل تسببت في التراجع المؤسف لهذا المركز.

القطاع السكني

على رغم التكهنات الكثيرة التي طالعتنا بها الصحف بشأن احتياجات القطاعات ذات الدخول المنخفضة، فإن ثمة تحركات واهية اتخذها القطاع الخاص للتعامل مع هذه المشكلة. إن وجود مشكلات ارتفاع أسعار الأراضي وعدم وجود بنية تحتية في المناطق النائية وارتفاع تكاليف البناء يعني أنه مايزال من الصعب الوفاء بالحساسية السعرية للسوق.

يعد الإسكان الاجتماعي من الوحدات التي يسكنها مالكوها من الفئات منخفضة الدخل مشكلة رئيسة يجب على الحكومة أن تتعامل معها، في الوقت الذي يظل فيه نموذج الشقق السكنية المتاحة للإيجار لمستويات الدخل المتوسطة هو نموذج الإسكان الأكثر نجاحًا للقطاع الخاص في الوقت الحالي.

وبدأت تنتشر في مختلف أحياء البحرين بعض الأبنية التي تتألف من شقق سكنية صغيرة نسبيًا وبارتفاع طابق أرضي زائد من أربعة طوابق إلى ستة وهو ما يتم أحيانًا بصورة عشوائية. ويتمثل مستأجروها في مزيجٍ من مؤسسات تسعى إلى إيجاد سكن للعاملين لديها، أو أزواج بحرينيين من الطبقات المنخفضة إلى المتوسطة الدخل الذين عادةً ما يشرعون في تأسيس منزلهم الأول.

الشقق ذات تشطيبات أساسية، وبإيجاراتٍ شهرية تبدأ من 150 إلى 180 ديناراً بحرينياً للشقة بغرفتي نوم تبعًا للموقع. هذه الحلول ليست إلا حلولاً مؤقتة لمواجهة الحاجة الملحة إلى المساكن لدى هذا القطاع من المجتمع البحريني، ولكنها تمثل - على أي حال- حلاً.

لقد بدأت معالم الواقع الذي نحياه في الوضوح والذي أصبح فيه - على مستوى العالم - امتلاك مسكن هدفًا بعيد المنال يصعب يومًا بعد يوم على الفئة العمرية الواقعة في العشرينيات. ومن الضروري أن نتذكر أنه حتى في الاقتصادات الغربية الغنية نسبيًا مثل المملكة المتحدة، يكون متوسط عمر مشتري العقار للمرة الأولى 37 عامًا. توفر الحكومة البحرينية قروضًا مدعومة للأسر البحرينية التي يصل دخلها إلى 1,200 دينار بحريني شهريًا، ولكن هناك ثقافة قوية خاصة بالديون الشخصية في البحرين حتى أن الكثير من السكان الذين يندرجون ضمن تلك الفئة لا يمكنهم الحصول على تلك القروض نتيجة ارتفاع مستويات الديون التي حصلوا عليها بالفعل.

لقد أُطلقت في البحرين في الأشهر الثلاثة الماضية العديد من مشروعات الإسكان لمتوسطي الدخل (التي أُعلنت بطريق الخطأ على أنها «إسكان ميسور») وقيل إن المبيعات (الحجوزات) على أشدَّها حتى الآن. وعلى رغم ذلك، يُظهر التحليل أن بعضًا من تلك المشروعات يُجرى بيعها - في واقع الأمر- بخسارة أو على أفضل تقدير بسعر الكلفة من أجل تحفيز السوق والترويج للمشروعات الرئيسة التي تمثل هذه المشاريع مراحل مبكرة لها.

وفي سياق الأحوال الحالية للسوق والرغبة في دفع عجلة المشروعات الكبرى، يُعد هذا المنهج منطقياً تمامًا إلا أنه غير مستدام.

سوق المجمعات السكنية

استمر تأثُّر قطاع المجمعات السكنية بالركود الاقتصادي الذي دفع وافدين كثيرين من ذوي الدخول المرتفعة إلى مغادرة المملكة، وخصوصاً الذين كانوا يعملون من قبل في القطاع المصرفي الذي خضع لعملية كبرى من ترشيد العمالة على مدار السنوات الأربع الماضية على رغم أنه يجب الإشارة إلى أن هذا الوضع كان ظاهرة عالمية لا تقتصر فقط على البحرين.

تراجعت أسعار التأجير في المناطق الأكثر تأثرًا بالاضطرابات المحلية إلى مستوياتها في العام 2005، 2006، بينما واصلت الأسعار في المناطق الناشئة مثل الهملة ارتفاعاتها التي خفف من حدتها كم الوحدات الجديدة المطروحة في المنطقة.

وتباينت مستويات الإشغال أيضًا تباينًا شاسعًا؛ إذ تراجعت في بعض مجمّعات سار والبديع لتصل إلى 30 في المئة بينما قاربت مستويات الإشغال في مجمعات الهملة 80 في المئة أو 90 في المئة. وإيجازًا، يمكن القول بأن سوق المجمعات السكنية يجتاز فترة من التغيرات مع ظهور ديناميات الموقع على السطح وتحوُّل الطلب من منطقة إلى أخرى.

العدد 3551 - الأحد 27 مايو 2012م الموافق 06 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً