العدد 1402 - السبت 08 يوليو 2006م الموافق 11 جمادى الآخرة 1427هـ

البحرين تودع أحد رموزها النضالية

ودعت البحرين أمس أحد أبرز مؤسسي جبهة التحرير الوطني المناضل البحريني أحمد الذوادي بعدأن وافته المنية فجر أمس (السبت). (التفاصيل ليوان)


وداعاً «سيف بن علي»

البحرينيون شيعوا الذوادي أبرز مؤسسي جبهة التحرير

الوسط - ريم خليفة

بعد صراع طويل مع المرض العضال منذ مطلع التسعينات وافت المنية احد ابرز مؤسسي جبهة التحرير الوطني البحرانية المناضل احمد الذوادي في الرابعة والنصف من صباح أمس (السبت) بعد عمر ناهز السادسة والستين عاما أفنى فيها أكثر من خمسين عاما في النضال من أجل الاستقلال الوطني للبحرين وتحقيق الديمقراطية والتقدم الاجتماعي ليدفع ثمن نضاله المرير سنين طويلة من الاعتقالات المتكررة، إضافة إلى فترات المنافي الطويلة. لقد فقدت البحرين احد مؤسسي اول حزب سياسي تأسس في البلاد وعلى مستوى دول الخليج في الخامس عشر من فبراير/ شباط في العام 1954 وبرز إلى الوجود بشكل سري في ظل الظروف القمعية القاسية ابان حقبة الاستعمار البريطاني.

هذا الحزب الذي رفع راية الكفاح التحرري ضد الوجود الاستعماري من أجل بناء دولة ديمقراطية تسير في طريق السلم والتقدم الاجتماعي.

لقد كان الفقيد الذوادي من خيرة المناضلين في صفوف الحزب بجانب رفاقه ممن رحلوا وممن لايزالون على قيد الحياة وتاريخ البلاد يشهد لهم بنزاهتهم ونكرانهم لذاتهم وتفانيهم في خدمة وطنهم وشعبهم.

الذوادي اثرى الحركة الوطنية بمواقفه وله مؤلفات كثيرة تطرق خلالها بالتحليل العلمي الدقيق إلى قضايا شعبه وأمته.

ولا ينسى أبناء جيله في البحرين وفي العالم العربي وفي الاوساط الثورية في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، اسمه الحركي المعروف بـ «سيف بن علي» اضافة الى تأسيسه جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي - الامتداد التاريخي لحزب جبهة التحرير الوطني البحرانية - والتي أصبح فيها أول رئيس للمنبر في دورته الانتخابية الأولى الى جانب تأسيسه جمعية العمل الوطني الديمقراطي اذ لعب دورا مهماً من أجل ترسيخ أواصر الوحدة الوطنية بين جميع القوى السياسية على اختلاف آرائها ومعتقداتها وذلك بعد المشروع الإصلاحي الذي أرسى أسسه جلالة الملك المفدى الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة في العام 2001 وهو العام الذي عاد الذوادي بدوره رفاقه في جبهتي التحرير الوطني والشعبية والقوى الإسلامية من منافيهم في الخارج.

رحل الذوادي لكن بقي تاريخ الحركة الوطنية البحرينية بمحطاته المهمة التي رسمت وصنعت ملامحها رموز قيادية افنت حياتها في السجون والمنافي تتعرض لأبشع الممارسات التعسفية، لكنها في النهاية لم تتخل عن حلمها في بناء «وطن حر وشعب سعيد».


«المنبر الديمقراطي» ينعى الذوادي

نعى المنبر الديمقراطي التقدمي المناضل والشخصية الوطنية البارزة أحمد إبراهيم الذوادي الذي وافاه القدر المحتوم فجر السبت الموافق 8 يوليو/ تموز الجاري عن عمر ناهز 66 عاماً. وستقبل التعازي للرجال في جامع أبوبكر الصديق في الحورة وللنساء في منزل الفقيد الكائن في مدينة زايد طريق 2001 مجمع 720 مدخل رقم 10 منزل رقم 65 أيام السبت والأحد والاثنين. تغمد الله الفقيد برحمته وأسكنه فسيح جناته

في يوم وفاة أحمد الذوادي كان لرفاقه حديث عن تاريخه النضالي الذي قارب الخمسين عاماً، متنقلا من البحرين إلى عدد من الدول العربية التي قبلته بعضها لاجئاً ورفضته اخريات.

هذه الدول التي مثلت كل واحدة منها نوعا من انواع المنفى القسري الذي كان لابد له من ان يتعايش معه مادامه قد قرر السير في طريق النضال من أجل تحقيق الديمقراطية والحرية في بلده.

«الوسط» اتصلت بعدد ممن رافق درب الذوادي او تعرف عليه عن قرب وكانت لهم هذه الذكريات.

دويغر: الذوادي خسارة كبيرة للحركة الوطنية

في البداية كان لابد من الاتصال برفيق دربه في النضال وأحد أبرز مؤسسي جبهة التحرير الوطني البحرانية المناضل علي دويغر معلقا: «سنوات طويلة من الكفاح... الذوادي خسارة كبيرة للحركة الوطنية وخصوصاً ممن عملوا معه على تأسيس الجبهة... ووقع الخبر حز في نفسي كثيرا». وعن ذكرياته مع الذوادي في تأسيس الجبهة قال دويغر: «كانت فترة (الشبابية) وكانت الاتجاهات المثقفة تأخذ صفة التفهم الضروري لنضالات الشعوب من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي». وتابع «كان نشاطنا ذا اتجاه عمالي تقدمي باعتبارنا مثقفين نظرنا إلى العمل العمالي بصورة مركزية لأنه يمثل صورة غالبية الشغيلة بمفهومها العلمي، وهؤلاء يسعون إلى وضع أفضل وإلى تقرير المصير».

واضاف دويغر «تحركت هذه المجموعة التي كنت واحدا منها على مستوى أوسع وورثت هذه المجموعة لاحقا مواقف ومواقع هيئة الاتحاد بعد تصفيتها في 1956 وساهمت في تأسيس أول تنظيم عمالي جماهيري وهو (جبهة التحرير الوطني البحرانية) التي تأسست كفيلق من ضمن الفيالق الموجودة في 1954. كنا جماعة لها مواقف من ضمنهم أنا شخصيا وإبراهيم جمعة ديتو وأحمد الذوادي وعلي مدان وجعفر الصياد وغيرهم الى جانب ان حزب تودة الإيراني كان يناصرنا ولم يؤسس الجبهة كما يدعي البعض. والمناصرة كانت في قضايا التحرر والاستقلال لأن هناك علاقة تاريخية كبيرة بين الحركة الوطنية في البحرين ومثيلتها في إيران».

وأوضح دويغر أن «الجبهة لم تطرح نفسها تنظيما واضح المعالم مصحوبا بميثاق عمل إلا في العام 1959 بعد انعقاد المؤتمر الأول في المنامة في مكان سري. حضر ذلك المؤتمر علي مدان، محمد كشتي، رضا العلوان، جعفر الصياد، أحمد الذوادي، وأنا شخصيا».

وأضاف «وتقرر في ذلك الاجتماع طرح ميثاق أعددت مسودته مسبقا وطرحته على الأعضاء والأنصار، ونشر الميثاق في نشرة (الجماهير) لسان حال (جبهة التحرير الوطني البحرانية). بعد ذلك بدأنا نتوسع في العمل التنظيمي السري لأن العمل العلني تم ضربه وتصفيته في العام 1956 مع ضرب (هيئة الاتحاد الوطني)».

وتابع «البعض يسأل لماذا أطلقنا كلمة (البحرانية) وليس البحرينية على الجبهة؟ لم نكن نود الاختلاف في موضوع التسمية لأن المنعطف كان يوجب تجنب الشكليات ولم نود أن نكون طرفا في شكليات لا تهمنا، ثم إن كلمة (بحريني) ظهرت بشكل واضح وواسع بعد كتابة بعض القوانين المدنية، وهذه صدرت بعد تأسيس الجبهة وتسميتها».

مدن: كان صلباً ومتميزاً بتفاؤله بالنضال

في حين قال رئيس جمعية المنبر التقدمي (سابقا) حسن مدن معلقا: «التقيت الذوادي في مراحل عمرية مختلفة فالاولى كانت في السبعينات عندما كنت شابا وبعد ذلك في الثمانينات والتقيته اخيرا في مطلع الالفية الجديدة... لقد كان هذا الرجل على درجة من الصلابة وقوة الارادة والمقدرة على التحليل العلمي للاوضاع سواء في البحرين أم العالم العربي».

وأضاف مدن «لقد تميز بتفاؤله بالنضال من أجل الديمقراطية فضلا عن تسلحه بالرؤية التاريخية السديدة التي ترى أن الامور تسير في افقها الايجابي على ان يحقق ما ناضل ويناضل في سبيله وهذه الرؤية مكنت التيار الذي يمثله الذوادي على مدار عقود من ان يصبح تيارا مؤثرا في الحياة السياسية في البحرين إذ ترك بصمته المهمة على المجتمع البحريني».

ويواصل كلامه «من الطبيعي ما تحقق في البحرين من تحولات ايجابية اثار بهجة الراحل وسعادته من دون ان يعني انه كان نهاية المطاف فمواقفه كانت معروفة منذ بدء الاصلاح فقد كان داعية الى النضال ضد المعوقات خصوصاً فيما يتعلق بالفساد والتشريعات المعادية للديمقراطية التي تناقض فكرة الاصلاح لكنها جاءت من ضمن موروثات حقبة أمن الدولة التي لاتتلاءم مع هذا المشروع».

النعيمي: التفاؤل المستمر كان من أهم مميزاته

بينما علق رئيس الهيئة المركزية في جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) عبدالرحمن النعيمي قائلا: «التفاؤل المستمر كان من اهم ميزات الذوادي على رغم مرضه... فإنني لم اجده يوما عكس ذلك هذه النفسية المتفائلة التي انعكست حتى في نضاله في ظل الظروف التي عايشها سواء في العمل النضالي أم حتى مع علاقاته مع المختلفين معه في الرأي».

وأضاف «الشيء الملفت انه في وقت تشييع جنازته حضرت جميع القوى السياسية وهو دليل على ان مثل الذوادي اثرى مسار الحركة الوطنية... صحيح كنا في الخارج لنا طموح ينصب في تأسيس يسار ديمقراطي أو حركة ديمقراطية... وإن حاولنا ترجمتها من وجهة نظر مختلف التيارات (...) وكان الذوادي فيه متحمسا جدا في الاجتماع التأسيسي وحتى في المؤتمر الاول لجمعية العمل الوطني الديمقراطي الا أن هذا لا يمنع من أننا في آخر المطاف نحمل ذات الطموحات والاهداف حتى وان كان دستور 2002 (فرق الي ما يتفرق)».

واضاف النعيمي «إننا اليوم نتمتع بهامش من الحريات عبر السماح بالعمل بشكل علني للجمعيات الى اغلاق السجون والمنافي على رغم انه موضوع مثل السلطة التشريعية والعدالة الاجتماعية لم يتحقق لكننا نرجو تحقيق ذلك مستقبلا».

الجشي: مرضه لم يثنه عن مواصلة نضاله

في حين قال الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي رسول الجشي: «تعرفت على الذوادي عن كثب في دمشق بفترة التسعينات ووجدت فيه الشخص المتفاني في خدمة قضيته التي كرس كل حياته من أجلها على رغم مرضه الذي لم يثنه عن مواصلة نضاله».

واضاف «وجدت فيه الشخص النظيف المثالي الذي يستحق التكريم من قبل الوطن بعد رحيله وإن كان بطبيعة الحال لم يتحقق شيء لكن عدم التحقيق لا يعني ان الإنسان عليه ان يوقف نضاله وهذا ما لم يفعله الذوادي».

ربيعة: كان أميناً متحرراً من كل المنافع الشخصية

من جانبه، قال الناشط السياسي علي ربيعة: «انه لم تجمعه بالذوادي علاقة الا عندما التقاه في تأسيس الحزب الوطني التقدمي الموحد الذي نتجت عنه اليوم جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)... عرفته بعد عودته من منفاه وقد كانت فترة قصيرة لكنني لمست في لقاءات معه خصاله النضالية الحميدة التي تتمثل في مواصلة العمل الوطني مع اختلاف الرؤى اذ كان هو مع دخول التجربة البرلمانية بينما كنت أنا ضد». واضاف «الامانة والنزاهة في الطرح وانه كان رجلا متحرراً من كل المنافع الشخصية وهي من الامور التي قلما تتكرر على الساحة السياسية التي نجد فيها البعض يتبدلون كما تتبدل مواقفهم مثل هبوب الرياح الآتية... لقد كان الذوادي من المناضلين الصامدين طوال حياته من أجل قضايا الوطن»

العدد 1402 - السبت 08 يوليو 2006م الموافق 11 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً