العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ

قسائم المدارس الفيدرالية فكرة سيئة

منبر الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع منبر الحرية

يريد الرئيس بوش مساعدة الأولاد في المدارس العامة الفاشلة، هذا قرار حسن. ويريد فعل ذلك من خلال إعطائهم قسائم فيدرالية للالتحاق بالمدارس الخاصة، وهذا شيء سيئ. بوش على حق في تفضيله للخيار أمام الآباء والمنافسة بين المدارس، ان للحرية التعليمية تاريخ طويل ولامع يعود إلى أثينا القديمة - الأثينيون أعطونا الديمقراطية (على رغم شكلها غير المتطور) ومعظم الثقافة الغربية. ليس هذا بالشيء الهيّن عندما نعتبر ارث إسبارطة القديمة، رائدة النظام التربوي الذي تديره الدولة، اسما لفرق كرة القدم في المدارس الثانوية.

ولكن إذا ما تناولت بالدراسة الخمس والعشرين قرنا اللاحقة من التاريخ التربوي، فستصل إلى نتيجة لا مفر منها: ان تمويل الحكومة للمدارس الخاصة يجلب معه سيطرة حكومية - وكلما ارتفع مستوى التدخل الحكومي، كلما أصبحت المشكلة أكثر جدية.

هولندا مثال جيد، ففي العام 1917، كان الهولنديون في عراك سياسي محتدم بشأن محتوى مدارسهم الحكومية، فلم تستطع المجاميع السياسية والدينية المختلفة الاتفاق على المنهج الرسمي (ألا يبدو هذا مألوفا؟).

وبدلاً عن سفك الدماء، توصلوا الى فكرة ألطف وأكثر اعتدالا: هي ان يمولوا أية مدرسة عليها طلب شعبي واضح، فيحصل الكاثوليك على مدارس كاثوليكية، ويحصل الكالفينيون على مدارس كالفينية، وهلم جرا. عملت الفكرة كالسحر، وبعيدا عن تقسيم وبلقنة الجمهور، كما يخشى نقاد أسلوب اختيار المدارس الحديث، قامت حرية وتنوع التربية والتعليم بتفتيت الصراع الذي تسبب فيه النظام التعليمي الحكومي.

حتى الآن كل شيء على ما يرام، ولكن مع التمويل الحكومي، جاءت السيطرة الحكومية. اليوم، الحكومة هي التي تحدد مستلزمات تراخيص المعلم، وهي التي تحدد مستويات الرواتب، وتبت في طرد المعلمين، وتحدد جوهر المنهج الدراسي، وتحدد مدى الإنفاق، وتجعل من غير الشرعي اخذ مبالغ إضافية فوق مبلغ القسيمة، وتمنع تحقيق الأرباح في المدارس الخاصة، بعبارة أخرى، فإن مدارس هولندا الخاصة «المستقلة» قد فقدت استقلالها.

في الحقيقة، مثلما هرب المتطهرون - البيوريتانيون - من كنيسة انجلترا المؤسسة، اعرف الكثير من المعلمين الهولنديين الذين جاءوا إلى أميركا للهرب من غطاء التدخل الحكومي في مدارس بلدهم الخاصة. هنالك عدة طرق لتخفيف هذا الانتهاك التنظيمي. ان العمل على مستوى الولاية وليس على مستوى الأمة، على سبيل المثال، يمكن ان يلجم «مختبر» الفيدرالية. فالولايات التي أوغلت في تحجيم استقلالية المدارس الخاصة يحتمل ان تنفر وتطرد الآباء والمشروعات، ما ينتج رد فعل اقتصادي من شأنه ان لا يشجع الإفراط في التدابير التنظيمية. ان انعدام هذا العامل المخفف على المستوى القومي هو سبب رئيسي لمعارضة مقترح الرئيس الفيدرالي للقسائم.

من الحلول المثلى للمشكلة التنظيمية هي تجنب استخدام أموال الحكومة على الإطلاق. هنالك قوتان محركتان تقفان خلف الرغبة في تنظيم المدارس التي تمولها الحكومة: معارضة الدفع للتعليم الذي ينتهك اعتقاداتنا، والرغبة في المساءلة.

ان الحوافز الضريبية التعليمية على مستوى الولاية تتصدى لكلا الاهتمامين بشكل أكثر فاعلية من القسائم أو الاحتكار الحكومي الموجود.

إن أميركا في حرب ثقافية دائمة بشأن المناهج الدراسية في المدارس العامة، كالتفكير بـ «التصميم الذكي»، والصلاة المدرسية، والتعليم الجنسي، وانتقاء الكتب المنهجية، الخ. لقد أزال البرنامج التعليمي الهولندي الخاص الكثير من هذا الصراع، ولكن ليس كله. وفي الوقت الحاضر، هناك عدم ارتياح في بعض أنحاء السكان الليبراليين عموما بشأن بعض المدارس الإسلامية الخاصة - ولا سيما في ذروة جريمة قتل مخرج الأفلام ثيو فان غوك الدينية الحافز. ولكن إذا ما تم تحجيم الوصول إلى المدارس الإسلامية الخاصة، فان المسلمين الهولنديين المطيعين للقانون سيعانون كثيرا. انه موقف خسارة - لخسارة، متأصل في تمويل الحكومة للتعليم. ان الحوافز الضريبية تتجنب لعبة المجموع الصفري هذه، ان برنامج حافز ضريبي متكامل في التعليم يتكون من جزءين: حافز للآباء ليستخدموه في نفقاتهم، وحافز للأفراد والمشروعات التجارية التي تتبرع لمنظمات تمويل المنح الدراسية.

الجزء الأول يساعد العائلات ذات الدخل المتوسط على دفع النفقات الدراسية لأبنائهم، أما الجزء الثاني فيضمن ان تحصل العائلات ذات الدخل القليل أيضا على الموارد التي تحتاجها للمساهمة في سوق التربية.

في ظل هذا النظام، لن يكون الفرد مجبرا على تمويل أي شيء قد يعترض عليه. تتضمن الحوافز الشخصية الناس الذين ينفقون أموالهم على أنفسهم، وتسمح حوافز التبرعات لدافعي الضرائب باختيار منظمة تمويل المنح الدراسية التي يرفدونها بتبرعاتهم. ولا تستخدم أية أموال حكومية. ان المساءلة لدافع الضرائب تحت ظل الحوافز الضريبية اكبر بكثير من التعليم الحكومي أو قسائم التعليم الخاص. ان كنت لا تحب الطريقة التي تنتهجها احدى منظمات تمويل المنح الدراسية في تخصيص أموالك، فبإمكانك إعادة توجيه تبرعاتك نحو مكان آخر.

لذلك، بينما كان الرئيس محقا في تفضيل الاختيار الأوسع للآباء والاستقلالية الأكبر للتربويين، هناك طرق لتحقيق تلك الأهداف أفضل من التوسع الخطير للتدخل الفيدرالي في مدارسنا. لنترك السلطة التعليمية للولايات وللناس الذين يكفل لهم الدستور والتعديل العاشر هذا الحق.

آندرو جيه. كولسون

مدير مركز الحرية التعليمية في معهد كيتو بواشنطن العاصمة،

مؤلف كتاب تعليم السوق

إقرأ أيضا لـ "منبر الحرية"

العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً