العدد 3565 - الأحد 10 يونيو 2012م الموافق 20 رجب 1433هـ

إسبانيا تقبل بخطة إنقاذ أوروبية لمصارفها بـ 100 مليار يورو وشكوك بكفايتها

بعد أن ظلت تقاوم حتى اللحظة الأخيرة، قبلت إسبانيا رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، في النهاية السبت خطة إنقاذ بقيمة مئة مليار يورو كحد أقصى مخصصة لمصارفها، ما سيمنحها القدرة على تنفس الصعداء لكن اقتصادها يظل تحت المراقبة الوثيقة. وأشاد رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي أمس (الأحد) بالإصلاحات التي أجرتها حكومته ومكنت من تفادي «تدخل خارجي» لإنقاذ اقتصاد البلاد ما أدى إلى اقتصار طلب الدعم الأوروبي على قطاعها المصرفي.

وقال في مؤتمر صحافي «لو لم نفعل ما فعلناه في الأشهر الخمسة الأخيرة لكان ما حصل بالأمس تدخلاً بالنسبة لإسبانيا»، وحيّا «انتصار مصداقية اليورو» في قرار وزراء مالية منطقة اليورو الـ 17 الذين قرروا السبت منح بلاده قرضاً يصل إلى مئة مليار يورو حداً أقصى لمساعدة بنوكها.

وعنونت الصحف الأحد بالخط العريض على صفحاتها الأولى «إنقاذ»، وهي العبارة التي كان لها وقع الضربة المؤلمة في بلد يخنقه التقشف والبطالة.

والهدف من خطة الإنقاذ هذه هو تنظيف البنوك الإسبانية التي اختنقت بسبب تعرضها لأزمة القطاع العقاري حيث بلغ حجم قروضها التي تثير مشاكل وخصوصاً القروض التي قد لا تسترجع، 184 مليار يورو بنهاية 2011.

ويمكن أن تبلغ قيمة القرض المطلوب مئة مليار يورو سيتم ضخها في الصندوق الإسباني العام لمساعدة القطاع المصرفي الذي يتولى بدوره تقديم هذه الأموال إلى «البنوك التي تطلب» مساعدات، بحسب الوزير.

وشدد وزير المالية لويس غيندوس أمس الأول (السبت) على أن «الشروط ستفرض على البنوك وليس على المجتمع الإسباني».

وقد نجحت الحكومة في تفادي أكثر ما كانت تخشاه وهو خطة مساعدة شاملة لاقتصادها كانت ستستدعي في المقابل خطة تقشف جديدة في الوقت الذي تتحمل فيه البلاد أصلاً تضحيات كبيرة.

وعنونت صحيفة الموندو (يمين وسط) «إنقاذ بدون إهانة».

لكن الأمور ليست بهذه البساطة. فإذا كانت إسبانيا ضمنت دعم أوروبا وتفادت حتى الآن خطة إنقاذ أوسع، فإنها أضحت تحت العين الساهرة لبروكسل ولم يعد من المسموح لها أن تخطئ ولو لمرة واحدة.

وأعرب وزراء مالية منطقة اليورو الـ 17 (يوروغروب) السبت لدى إعلانهم التوصل إلى اتفاق مع اسبانيا أثناء اجتماع عبر الهاتف، عن «الثقة» في أن إسبانيا «ستكون بمستوى كلمتها بشأن تعهداتها في مجال خفض العجز والإصلاحات الهيكلية بهدف تشجيع توازناتها المالية في القطاعات الشاملة».

وأضاف البيان «ستتم متابعة التقدم الذي أحرز في هذه المجالات بانتظام وبعناية إضافة إلى المساعدة المالية» المقدمة.

وسيكون الأمر دقيقاً جداً في الوقت الذي تحاول فيه إسبانيا التي عادت إلى الانكماش، خفض عجزها العام من 8,9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2011 إلى 5,3 في المئة للسيطرة على الخلل في الموازنة في مناطقها الـ 17 ذات الحكم الذاتي وخفض نسبة البطالة التي تطال 24,44 في المئة من قوة العمل الفعلية، وهو رقم قياسي بالنسبة للدول الصناعية.

والسؤال هو هل أن هذا الدعم الممنوح للبنوك سيكفي لإزاحة شبح إنقاذ شامل يخشاه الجميع لأنه سيكلف مئات مليارات اليورو؟

وقال الخبير الاقتصادي شارل ديبل «نحن إزاء مفهوم جديد وهو الإنقاذ «المخفف» دون شروط مالية بالنسبة إلى الديون ويقتصر فقط على البنوك التي تطلبه».

وأضاف متسائلاً «إنه آخر الإجراءات المبتكرة ضمن لائحة طويلة من الإجراءات لمكافحة الأزمة، لكن هل سيكون كافياً؟».

ولاحظت صحيفة «الموندو» أمس (الأحد) أنه «حتى وإن بدا الأمر نجاحاً لكون الإنقاذ لا يشتمل على شروط إضافية، فإنه جزئياً سطحي وتجميلي»، مذكرة بأن (يوروغروب) أكدت على احترام أهداف مقاومة العجز والاستمرار في الإصلاحات الهيكلية وبينها زيادة ضريبة القيمة المضافة الأمر الذي ترفضه مدريد وسوق العمل ومعاشات التقاعد.

وأضافت الصحيفة «في النهاية من الواضح أنها خطوة إضافية في سياق الفقدان المستمر للسيادة» في الوقت الذي توجد فيه إسبانيا أصلاً تحت المراقبة الوثيقة للاتحاد الأوروبي منذ عامين.

وبعد إصلاحات عديدة للقطاع المصرفي، حجر الزاوية في الاقتصاد الإسباني منذ انهيار القطاع العقاري في 2008، فإن الوضع تدهور فجأة مع الإعلان في بداية مايو/ أيار عن إنقاذ بانكيا، ثالث أكبر بنوك البلاد لجهة الأرصدة، بقيمة 23,5 مليار يورو.

ومنذ ذلك التاريخ وتحت ضغط الأسواق وأوروبا، أضحت فرضية الإنقاذ أكثر وضوحاً رغم نفي راخوي في 28 مايو حين أكد «لن يكون هناك أي إنقاذ خارجي» للقطاع المصرفي.

وعلقت صحيفة «الموندو» بالقول «إذا كان الخبر سيئاً في حد ذاته، فإن سياسة الاتصال السيئة للحكومة أسهمت في جعله أكثر سوءاً».

العدد 3565 - الأحد 10 يونيو 2012م الموافق 20 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً