العدد 3571 - السبت 16 يونيو 2012م الموافق 26 رجب 1433هـ

الأزمة الجديدة تهدّد عُملة مصر ووضعها المالي

تسبَّب قرار حل البرلمان المصري الذي انتخب بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في العام الماضي في انزعاج المستثمرين الذين يخشون أن تنزلق مصر بسرعة الآن صوب أزمة في ميزان المدفوعات وانهيار عملتها.

وعلى مدى 16 شهراً منذ انهيار حكم مبارك الذي استمر 30 عاماً ثبت النمو في مصر صاحبة أكبر اقتصاد في شمال إفريقيا على مستوى متدن وتقلصت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي إلى النصف؛ ما أضعف قيمة الجنيه المصري وأربك الدائنين الخارجيين الذين يستحق على مصر سداد 6 مليارات دولار لهم على مدى 12 شهراً مقبلة وفق بيانات بنك أوف أميركا ميريل لينش.

وكان أصحاب الاستثمارات المحتملة يتطلعون إلى انتخابات الرئاسة التي تجري يومي السبت والأحد (16 و 17 يونيو/ حزيران 2012)، هذا الأسبوع للخروج من المأزق السياسي وتمهيد الطريق أمام المساعدات والتمويل. إلا أنهم فوجئوا بقرار المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان والإبقاء على آخر رئيس وزراء في عهد مبارك أحمد شفيق في سباق الرئاسة.

وقد تسبّبت التوترات السياسية في تأخير المساعدات من صندوق النقد الدولي وإبعاد المستثمرين الأجانب وضعف حركة السياحة. وفي الوقت نفسه تضخم العجز في ميزان المدفوعات المصري إلى 11 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2011-2012؛ أي أكثر من مثلي مستوياته في العام الماضي.

وقال خبير اقتصاد الشرق الأوسط لدى بنك أوف أميركا ميريل لينش جان ميشيل صليبة: «من الصعب توقع أن يتشكل توافق سياسي وفي غيابه من الصعب توقع كيف يمكن الحصول على دعم لسد الاحتياجات المالية الخارجية».

وأضاف «في الوقت الحالي لا يوجد برلمان ولا دستور ولا رئيس». وأدت أنباء قرارات المحكمة الدستورية العليا إلى ارتفاع تكاليف التأمين على ديون مصر إلى أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات؛ أي أن المستثمرين يضطرون لدفع مبالغ أكبر للتأمين على استثماراتهم في ديون مصر؛ ما اضطرتهم إليه الانتفاضة التي أطاحت بمبارك. وقررت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني يوم الجمعة (15 يونيو الجاي) خفض تصنيفها للديون السيادية على مصر درجة أخرى وأبرزت احتمالات اتخاذ قرارات أخرى مماثلة خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهراً مقبلة.

وقال رئيس قسم تحليلات الديون السيادية في فيتش للشرق الأوسط وإفريقيا ريتشارد فوكس: «أياً كانت النتيجة النهائية للأحداث (في مصر) فإن العملية السياسية وعملية وضع السياسات تعقدت؛ ما يرجئ التطبيق المحتمل لإصلاحات الاقتصاد الكلي الشاملة والإصلاحات الهيكلية الضرورية لدفع الانتعاش وتخفيف الضغوط التمويلية». لكن أغلب الأجانب خرجوا بالفعل من السوق المصرية.

ويقدر صليبة أن ما يملكه غير المقيمين من أذون الخزانة المحلية انخفض إلى 300 مليون دولار من أكثر من عشرة مليارات في ديسمبر/ كانون الأول العام 2010 كما أنه يقدر انكشاف الأجانب عموماً في سوق الأسهم بمبلغ ثلاثة مليارات دولار. ومن الغريب أن الأسهم المصرية كان أداؤها متألقاً هذا العام إلا أن من المعتقد أن جانباً كبيراً من المكاسب التي تحققت وبلغت 20 في المئة يرجع إلى المستثمرين المحليين. ويقول مدير المحافظ لدى تي راو برايس أوليفر بيل، إنه لم يمتلك أي أسهم مصرية منذ مطلع العام 2011.

ويقول: «كان الناس يأملون أن تسفر الانتخابات الرئاسية بغض النظر عمن يفوز فيها عن زعيم يستطيع صندوق النقد الدولي أن يتحدث معه. والآن فإن كل ما حدث يؤخر بدء عودة الاستثمار الأجنبي الحقيقي للبلاد». ولا يرى بيل وغيره من المستثمرين حافزاً يذكر للاستثمار في مصر.

وإذا ما نحينا السياسة فإن المستثمرين يشعرون بالانزعاج لتباطؤ الاقتصاد على النقيض من النمو السنوي الذي بلغ في المتوسط ستة في المئة في سنوات ما قبل أزمة انهيار بنك ليمان براذرز. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الاجمالي هذا العام بنسبة اثنين في المئة فحسب. وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى العشر عما كان عليه قبل عام بحسب ما أظهرت بيانات حديثة. وبالنسبة إلى المستثمرين في الأسهم والسندات فإن قدراً كبيراً من الخوف يرتبط بالعملة. فأسواق المعاملات الآجلة تتوقع تخفيضاً بنسبة 30 في المئة في قيمة الجنيه المصري خلال السنة المقبلة مع بلوغ الاحتياطيات أدنى مستوى ممكن لها. وباستبعاد الذهب تزيد الاحتياطيات الآن قليلاً على 12 مليار دولار؛ أي ما يغطي الواردات لفترة ثلاثة أشهر فحسب.

وعلى رغم أن دولاً خليجية عرضت بعض المساعدات بما فيها قيام المملكة العربية السعودية بإيداع مليار دولار لدى البنك المركزي فإن المستثمرين يقولون إن أثر هذا الدعم قد يكون مؤقتاًً.

وأضاف بيل «سيحدث شكل من أشكال خفض قيمة العملة فالدفاع عن العملة يزداد صعوبة. وإذا انخفضت سوق الأسهم وتراجعت قيمة العملة فسيكون الأثر شديداً». وقد لا تكون اللحظة الحاسمة في الأزمة بعيدة؛ إذ إنه سيتعين على مصر في شهر يوليو/ تموز أن تسدد سندات دولارية يستحق أجلها بقيمة مليار دولار وأن تسدد ديوناً لدول نادي باريس للحكومات الدائنة بقيمة 700 مليون دولار.

العدد 3571 - السبت 16 يونيو 2012م الموافق 26 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً