العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ

ألمانيا تدخل الشرق الأوسط من البحر

في الوقت المناسب جاء رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة إلى برلين لإجراء مشاورات سياسية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم. ففي الأيام المقبلة تبدأ ألمانيا أول مهمة عسكرية في الشرق الأوسط. وهي المهمة التي ينظر الجانب العربي لها بشك من جهة نسبة للعلاقة المتميزة التي لا تعتبر سرا بين برلين وتل أبيب.

فألمانيا تأتي بعد الولايات المتحدة كثاني أكبر ممول لـ «إسرائيل». عدا عن ذلك ساهمت ألمانيا خلال العقود الماضية بتسليح «إسرائيل» وآخر صفقة تزويد «إسرائيل» بغواصتين من طراز «الدلفين» وهو ما يعتبره الخبراء الاستراتيجيون سيحدث تغييراً كبيراً في الموازين الاستراتيجية في المنطقة لصالح «إسرائيل». وعلى ألمانيا أن تعرب للسنيورة عملا لا قولا إن ألمانيا حريصة على أمن لبنان وشعبه ففي النهاية جاء الرد الإسرائيلي على قيام حزب الله بأسر جنديين إسرائيليين مفاجئاً للجميع في لبنان وخارجه بسبب العنف الأعمى الذي استخدمته «إسرائيل» وسعت إلى تبريره. وينظر حزب الله بصورة خاصة نظرة شك للدور العسكري الألماني إذ إن ما أعلن في برلين يشير إلى أن انتشار البحرية الألمانية يستهدف وقف إمدادات السلاح عن المقاومة اللبنانية في الجنوب.

فقد وافق البرلمان الألماني على قرار حكومة ميركل إرسال جندي لمهمة لبنان بعدما أوضحت ميركل ما وصفته بالأبعاد التاريخية لهذه المهمة وشددت على المسئولية الألمانية تجاه ما تردده برلين بحق «إسرائيل» في البقاء وقالت إن الهدف هو الوصول إلى حل متكامل يمكن الاعتماد عليه من أجل منطقة الشرق الأوسط. وجاء في كلمتها أيضاً أنه يجب استكمال العناصر العسكرية بمبادرات سياسية (زيارة السنيورة لبرلين تأتي في إطارها) وأكدت أن نافذة للفرص السياسية فتحت إلى حد ما والحكومة الألمانية عازمة على اغتنام الفرصة لأن لألمانيا مصلحة خاصة جداً في الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط. ورحبت ميركل التي سارعت لزيارة «إسرائيل» بعد تعيينها في منصبها في نهاية العام الماضي ولم تزر بلداً عربياً حتى اليوم، ورفضت الحديث مع حكومة «حماس» واشترطت عليها الاعتراف بـ «إسرائيل» والتخلي عن العنف والاعتراف بالاتفاقات الموقعة سابقاً بين السلطة الفلسطينية السابقة و«إسرائيل»، بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في فلسطين معتبرة ذلك أملا كبيراً من أجل التوصل إلى حل يقوم على أساس وجود دولتين، فلسطين و«إسرائيل». أضافت أن اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) تستطيع في هذا الصدد أن تحقق مهمة يصاحبها مسئولية أوروبية واضحة.

من جهة أخرى، علمت هذه الصحيفة أن أصغر أدميرال ألماني اسمه أندرياس كراوزي سيقوم بمهمة تنفيذ قرار الحكومة الألمانية بالمشاركة في مهمة (يونيفيل) في لبنان وتنفيذ القرار الأممي رقم . ترسانة القوة البحرية الألمانية التي توجهت الخميس الماضي إلى لبنان مؤلفة من فرقاطتين وأربعة قوارب سريعة. البحرية الألمانية مزودة بصواريخ بعيدة المدى وبصواريخ مضادة للصواريخ وبمدافع وصواريخ توربيدو التي تطلق من السفن. بقرار من الأمم المتحدة تقضي مهمة البحرية الألمانية:

- قيادة العمليات البحرية وإعداد القدرات الضرورية للدولة القائدة.

- استطلاع ومراقبة الجانب البحري داخل النطاق البحري للمهمة المحددة من قبل الأمم المتحدة.

- تحويل مسار السفن في حال الشك.

- إجراء عمليات الغلق البحري داخل النطاق البحري المحدد.

- دعم المساعدات الإنسانية.

- القيام بعمليات النقل الجوي إلى وداخل المناطق المهمة.

- حماية النفس والمساعدة في حالات الطوارئ.

- المساعدة في مجال التجهيزات الفنية وتقديم الاستشارات العسكرية في تدريب القوات المسلحة اللبنانية.

يبلغ الأدميرال كراوزي سنة من العمر وهو يأمل بأن يجري حل أزمة لبنان بواسطة الجهود السياسية وليس من خلال الخيار العسكري. تم الإشارة إلى أن الأدميرال الألماني يقوم بمهمة وصفت بأنها تاريخية قبل أن تبدأ. لكنه شخصيا يقول: إنه الهدوء قبل هبوب العاصفة. وعلى رغم أنه يحاول الإيحاء بأنه يشرف على مهمة كما لو كان في مناورة إلا أن هناك عدة أسباب للشعور بتوتر الأعصاب.

ذلك أن المهمة تخول باستخدام العنف ضد أي اعتداء وضد سفينة مشتبه بنقلها أسلحة لحزب الله ولا تقضي مهمة البحرية الألمانية في التعرض ووقف السفن المشتبه بها فحسب. ويأمل الأدميرال كراوزي عدم استخدام مدافع من عيار مللميتر. هذا الأدميرال من أبرز القادة العسكريين في القوات المسلحة الألمانية وصنع شهرته من خلال مهمات لحلف شمال الأطلسي ومن خلال دوره كقيادي عسكري بارز في وزارة الدفاع الألمانية وقال إنه كان ينقصه الإشراف على مهمة في الخارج. وكشف عن طموحه بمواصلة تسلق سلم الصعود إلى إذ يوجد كبار القادة العسكريين.

لكن أولا تأتي مهمة بيروت ففي الأيام القادمة تصل السفن الحربية الألمانية التي غادرت ميناء فلهلمزهافن في شمال البلاد لتقوم برحلتها إلى لبنان التي تستغرق كاملة عشرة أيام.

قالت المستشارة أنجيلا ميركل عن مهمة البحرية الألمانية: ألمانيا ليست محايدة. معنى هذا أن مهمة ألمانيا ترمي إلى حماية «إسرائيل». هذه كلمات قوية. لذلك تبدو المهمة العسكرية الألمانية مكملة لما قامت به «إسرائيل» وعلى عاتق الأدميرال كراوزي إقناع اللبنانيين بقبول الرأي الألماني وقال الأدميرال: دعانا اللبنانيون للمجيء إلى لبنان وعلينا أن نتحدث مع بعضنا بعضاً.

غير أن الأدميرال الألماني لا يريد استخدام القوة العسكرية على الفور فنجاح مهمته يعتمد إلى حد كبير على مدى تعاونه مع السلطات اللبنانية. إذ ليس من صلاحياته مصادرة ما يحصل عليه من سلاح في السفن المشتبه بها ولا حتى برميها من على ظهر السفينة التي تتعرض لها السفن الحربية الألمانية لذلك فهذه مهمة محصورة. في حال الاشتباه بسفينة عليه إجبارها إلى التوجه إلى أقرب ميناء بحري لبناني وهناك يسلمها للسلطات اللبنانية المخولة بمتابعة كل شيء يلي هذه العملية. هناك شك بأن تكون السلطات اللبنانية قادرة فعلا على القيام بإجراء ناجع واعتراض قرار حظر السلاح عن حزب الله. هذه ثغرة ضعيفة في القرار الدولي. ويتعين على الأدميرال كراوزي أن يمارس دوره العسكري غير المؤثر في مياه الشرق الأوسط نتيجة الضعف في القرار السياسي. لكن هذا الأدميرال الألماني يريد على الأقل المثابرة للحصول على اسم لامع فالعرب مازالوا يذكرون اسم الماريشال الألماني رومل الذي أشرف على معركة العلمين وهو يأمل بأن تكسبه مهمة لبنان شهرة تساعده في ترقية عالية

العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً