العدد 3586 - الأحد 01 يوليو 2012م الموافق 11 شعبان 1433هـ

الجزائر... «ديمقراطية مقيدة» بعد 50 عاماً على الاستقلال

يحتفل الجزائريون بالذكرى الخمسين لاستقلالهم عن فرنسا في أجواء من المرارة ناجمة من ديموقراطية مقيدة وتنمية اقتصادية تكبحها تبعية شديدة للمحروقات.

صحيح أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بادر هذه السنة إلى إصلاحات إثر سلسلة اضطرابات دامية وقعت قبل سنة ونصف السنة وإضراب في عدد من المؤسسات في سياق الربيع العربي الذي أطاح بنظامي تونس وليبيا الجارتين.

وقال بوتفليقة قبل انتخابات العاشر من مايو/ أيار إنه «لا يمكن للجزائر أن تكتفي اليوم بالبقاء في المؤخرة إزاء التقدم الكبير الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي ولا أن تترك قطار التحولات السريعة التي يشهدها العالم يمر في مجالات الممارسة الديموقراطية والحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان».

لكن بعد خمسين سنة من رحيل الفرنسيين بعد 132 سنة من الاحتلال، يبدو الوضع قاتماً خصوصاً بالنسبة لمن لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة والذين يمثلون سبعين في المئة من سكان الجزائر السبعة وثلاثين مليوناً.

وقال سعيد (32 سنة) لوكالة «فرانس برس» إن «الشباب في هذا البلد ينظر إلى الجزائر كصحراء لا ينبت فيها شيء».

وأضاف أن «الشباب الذي يشكل الأغلبية يدفع ثمن سوء إدارة المسئولين الذين تداولوا على حكم البلد منذ 1962، أن هذا الشباب اليوم لا يحلم إلا بعبور المتوسط».

وقد تجاوزت نسبة البطالة 20 في المئة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، حسب صندوق النقد الدولي، وبلغت نسبة التضخم السنوية في أبريل 6,4 في المئة (رسمي)، ما زاد في صعوبة الوضع المالي لمعظم الجزائريين.

واعتبر الأستاذ الجامعي والخبير في الإدارة الاستراتيجية عبد الرحمن مبتول أنه «بعد خمسين سنة من الاستقلال السياسي، الوضع مرير: هرم النخب السياسية المنبثقة عن حرب التحرير الوطنية وتقادم النظام السياسي ورهانات الحكم الداخلية وازمة اقتصادية واجتماعية وثقافية، وأخيراً اشتداد الضغوط الخارجية».

ومنذ استقلالها في الخامس من يوليو/ تموز 1962، شهدت الجزائر في 1965 انقلاباً على الرئيس الأول أحمد بن بلة الذي أطاح به وزير دفاعه حينها هواري بومدين ثم استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد الذي أتاحت سياسته الليبرالية في 1991 فوز الإسلاميين في الانتخابات التشريعية التي ألغيت في نهاية المطاف.

وخلفه محمد بوضياف الذي اغتيل قبل عشرين سنة تحديداً، تعهد بمكافحة غموض الحكم الخاضغ لنفوذ العسكر، وكذلك الإسلاميين الذين رفعوا راية تمرد الجزائريين على نظامهم السياسي.

وفي النتيجة شهدت البلاد حرباً أهلية دامت أكثر من عشر سنوات بين قوات الأمن وإسلاميين متطرفين أسفرت عن سقوط 200 ألف قتيل وأرهقت الشعب الذي راح ضحية الصراع من أجل السلطة.

وفي مقال نشرته صحيفة «ليبرتيه»، كتب رئيس الوزراء السابق أحمد بن بيتور «بعد خمسة عقود من الاستقلال مازلنا نبحث عن شرعية ترتكز على برنامج واستراتيجية منظمتين وإنشاء هيئة تحدد سير الدولة وطريقة إدارتها وقيادة واحدة ومنسجمة».

وبعد أن اعتمدت الاشتراكية بمختلف أنواعها في 1962، ثم الاقتصاد الليبرالي في 1988 قبل أن تغرق في الحرب الأهلية، عادت الجزائر الى الاقتصاد الموجه وسط ثابتة تتمثل في دولة ريعية.

ومع احتياطي يقدر بنحو 205 مليارات دولار في نهاية 2012 حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، يتمتع هذا البلد بثروة مصدرها الوحيد المحروقات.

ويشدد الخبراء مثل متبول على أن الجزائر تستمد أرباحها «من 98 في المئة من صادرات المحروقات في حالة الخام أو شبه الخام، بينما تستورد ما بين 70 إلى 75 في المئة من حاجات العائلات والمؤسسات».

وفي حين تتحسن الزراعة تدريجياً وتبذل جهود مكثفة من أجل إعادة تحريك القطاع الصناعي الذي انخفض إلى 5 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي العام الماضي، مازال الطريق طويلاً أمام البلاد التي أصبحت مهددة بحالة عدم الاستقرار لدى جيرانها، وخصوصاً مالي.

أما علاقاتها مع القوة الاستعمارية سابقاً، فرنسا، فهي في «صعود وهبوط» منذ الاستقلال، حسب البلدين. وقد تحسنت العلاقات الاقتصادية في عهد الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي لكن يرتقب الكثير على الصعيد السياسي منذ انتخاب فرنسوا هولاند في مايو الماضي.

العدد 3586 - الأحد 01 يوليو 2012م الموافق 11 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً