العدد 3615 - الإثنين 30 يوليو 2012م الموافق 11 رمضان 1433هـ

أولمبياد لندن 2012: خواطر عربيّة على هامش الافتتاح

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

«أبهرت العاصمة البريطانية (لندن) العالم بالعروض الرائعة التي قدمتها في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي انطلقت عندما دقت ساعة «بيغ بن» الثامنة مساء بتوقيت غرينيتش يوم الجمعة 27 يوليو/ تموز معلنة بدء حفل افتتاح الدورة التي ستستمر حتى 12 أغسطس/ آب المقبل...» هكذا دشّنت معظم الصحف العربية تغطيتها لهذا الحدث التاريخي المهمّ، وأضافت إحدى الصحف الأخرى: «جاءت الفقرة الخلابة عبر مشاهد مصورة كفيلم قصير عندما التقى الممثل العالمي دانيال كرايج، الذي يلعب أدوار جيمس بوند حديثا، مع الملكة إليزابيث في قصر باكنغهام واصطحبها بطائرة مروحية إلى أعلى الملعب لحضور الحفل...» وتوالت مقالات الوصف والتحليل مصحوبة بعبارات الرضا والامتنان لهذا الحفل الافتتاحيّ الفتّان.

ولكن المتابع لفقرات الساعات الأربع بهدوء وتركيز يلحظ تجاهلا غريبا للعرب في الومضة التاريخية التي تمّ بثها في حفل افتتاح الألعاب الأولمبية لندن 2012 وكأن اللجنة المنظمة لا تعترف بأبطال العرب من المحيط إلى الخليج، حيث أتت هذه الومضة على أبطال أميركا وآسيا وأوروبا وإفريقيا (ما تحت الصحراء) إلا العرب. ولئن كانت الألعاب الأولمبية في الأصل فرصة للتقريب بين الشعوب فإن فئة من المشرفين على برنامج الافتتاح قد تجاهلوا أبطالنا، على قلّتهم، وقد يعود ذلك لأسباب عنصرية أو لغيرها المهم أنّهم تجاهلوا وربما جهلوا أن لدينا علامات مضيئة في تاريخ الأولمبياد فنوال المتوكل عداءة مغربية تحصلت في أولمبياد لوس انجليس 1984 على ميدالية ذهبية في سباق 400 متر حواجز لتصبح أول امرأة عربية وإفريقية تتحصل على ميدالية ذهبية، وسعيد عويطة بطل أولمبي مغربي فاز بذهبية 5000 متر في ذات المنافسات. وتعتبر الميدالية الذهبية الأولمبية التي تحصل عليها التونسي أسامة الملّولي في بكين سابع ميدالية في سجل تونس الأولمبي وثاني ذهبية أولمبية في تاريخ تونس، وتأتي بعد 40 سنة من ذهبية البطل الأولمبي التونسي محمد القمودي في سباق 5000 متر في الألعاب الأولمبية بمكسيكو سنة 1968 والملولي هو أول عربي (ذكورا وإناثا) وأول إفريقي (ذكورا) في التاريخ يتحصل على ميدالية ذهبية أولمبية في رياضة السباحة، ويشار أيضا إلى أن الملاكمة منحت الجزائر ميدالية ذهبية بواسطة حسين سلطاني خلال نسخة أطلنطا الأميركية العام 1996 وما هذه إلا أمثلة على سبيل الذكر لا الحصر – وإن كان حصر عدد الميداليات وخاصة الذهبية سهلا جدا- غير أن التجاهل أو الجهل - أيا كان – يحزّ في نفس المتابع العربي الذي انتظر كغيره حفل الافتتاح.

هذا المتابع الذي شاهد الخطأ المحرج الذي ارتكبه منظمو دورة لندن الاولمبية في اليوم الأول لفعاليات الدورة عندما عرضوا علم كوريا الجنوبية مكان علم كوريا الشمالية على لوحة التعريف باللاعبات قبل انطلاق مباراة كرة القدم النسائية بين كوريا الشمالية وكولومبيا في مدينة غلاسغو الاسكتلندية.

وتأخر انطلاق المباراة ساعة كاملة، حيث انسحب الفريق الكوري الشمالي من الملعب غاضبا ولم يعد إلا بعد تصحيح الخطأ. وقال ديفيد بوند محرر الشئون الرياضية في بي بي سي إن ما وقع في ملعب (هامبدن بارك) في غلاسغو يعتبر خطأ محرجا حقا، وقال سين وي غون، مدرب الفريق الكوري الشمالي عقب المباراة: «لم يكن فريقنا ليشارك في المباراة ما لم تحل المشكلة بشكل صحيح». وجاء في تصريح أصدرته اللجنة المنظمة للاولمبياد: «سنعتذر للفريق الكوري الشمالي وللجنة الاولمبية في كوريا الشمالية عن هذا الخطأ».

فأين الموقف الكوري الشمالي من الموقف العربي؟ - وإن كان الخطأ فادحا فاضحا في المثال الكوري- قد يجد المحلل الساخر لتجاهل أبطالنا في الومضة التاريخية أسبابا لعل أبرزها تواضع نتائجنا الأولمبية وهو أمر مفروغ منه، وقد يقول هذا المحلل الساخر جادّا: «عوض أن تهتم بهفوات لجنة التنظيم في افتتاح أولمبياد لندن 2012 – والتي شهد العالم كله بروعتها - كان عليك أن تهتم بهفواتنا في إعداد أبطال أولمبيين من الطراز الأول ليفرضوا بعدد ميدالياتهم الذهبية أنفسهم على الذاكرة الرياضية الأولمبية فلا يتجرّأ أحد على نسيانهم...»

وهنا لابدّ من وقفة ولو سريعة لإبراز أسباب تواضع نتائجنا الأولمبية، فما هي أهمّ هذه الأسباب؟

لعلّ غياب سياسة واضحة في المجال الأولمبي من قبل معظم الدول العربية وانعدام الاستراتيجية العلمية في تكوين الأبطال هي من أوضح أسباب ضعفنا الأولمبي، إذ تكاد تغيب البنية التحتية الملائمة وإن وجدت فغالبا ما تقتصر على العواصم دون المدن الأخرى. كما أن الاهتمام المطلق برياضة كرة القدم وتهميش شتى أنواع الرياضات الأخرى وخاصة الفردية يمثل عائقا أمام صناعة أبطال أولمبيين، فضلا عن ذلك فإن المشاكل الاقتصادية للعديد من الدول العربية والهزات السياسية التي تمرّ بها تجعل الموازنة المخصصة للرياضة ضعيفة جدا لذلك فإن الحصيلة الأولمبية الهزيلة ما هي في نظر عديد المحللين إلا انعكاس لأوضاع الدول العربية المتردية في المجال الاقتصادي أو في التدبير الرياضي، وما تحقق من ميداليات للعرب في الأولمبياد على مرّ تاريخه الطويل «ما هو إلا فلتات فردية» على حدّ عبارة الناقد والمحلل الرياضي المصري رضوان الزياتي ذلك أن هؤلاء الأبطال تألقوا بفضل إمكانياتهم الذاتية وتضحيات أسرهم معهم.

صحيح أن الحضور والمشاركة يكتسيان أهمية قصوى في المفهوم الأولمبي، غير أن زمن المشاركة من أجل المشاركة والعبرة بالمشاركة وما لفَّ لفَّها من شعارات جميلة لم تعد تقنع ولا ترضي المتابع العربي الذي يحنّ إلى رؤية علم بلده يرفرف ونشيده يعزف في أكبر منافسات رياضية.

ولمّا تأكّد، بما لا يدع مجالا للشكّ، أن النجاح الأولمبي رياضيا يتوقف على مدى النجاح الاقتصادي والاستقرار السياسي في البلاد عموما، فإن انتظارات المشاهد العربي ستكبر وتكبر بفعل التغيير السياسي الحاصل في دول الربيع العربي والإصلاحات السياسية عموما في بقية الدول العربية.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3615 - الإثنين 30 يوليو 2012م الموافق 11 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 6:22 ص

      لهم أبطالهم ولنا أبطالنا

      لهم أبطال في الرياضات الفردية ولنا أبطال في السياسات الفردية
      لهم - كما لنا - أبطال في الألعاب الجماعية ... لكن هيهات هيهات

    • زائر 6 | 4:54 ص

      أسباب تواضع نتائجنا الأولمبية

      شكرا فعلا هي ذي أهم الأسباب وإذا عرف السبب بطل العجب

      فهل يقرأ المسئولون صحفنا ليستفيدوا

    • زائر 5 | 4:50 ص

      متى ننظم ألعابا أولمبية؟

      حين ننظم ألعابا أولمبية في أي دولة عربية آنذاك فقط سنفوز بالميداليات ولكي ننظم ذلك لا بد أن نرتقي ولكي نرتقي لابد أن نعمل

    • زائر 4 | 12:41 م

      شكرا ذكرتنا بأمجادنا التليدة

      نوال المتوكل عداءة مغربية، وسعيد عويطة بطل أولمبي مغربي فاز بذهبية 5000 متر . أسامة الملّولي في بكين سابع ميدالية في سجل تونس الأولمبي وثاني ذهبية أولمبية في تاريخ تونس، وتأتي بعد 40 سنة من ذهبية البطل الأولمبي التونسي محمد القمودي في سباق 5000 متر في الألعاب الأولمبية بمكسيكو سنة 1968 الملاكمة منحت الجزائر ميدالية ذهبية بواسطة حسين سلطاني

    • زائر 3 | 12:38 م

      ذلك ما نتمناه

      فإن انتظارات المشاهد العربي ستكبر وتكبر بفعل التغيير السياسي الحاصل في دول الربيع العربي والإصلاحات السياسية عموما في بقية الدول العربية.

    • زائر 2 | 12:36 م

      ألعاب أولمبية أم عنصرية؟؟

      يلحظ تجاهلا غريبا للعرب في الومضة التاريخية التي تمّ بثها في حفل افتتاح الألعاب الأولمبية لندن 2012 وكأن اللجنة المنظمة لا تعترف بأبطال العرب من المحيط إلى الخليج، حيث أتت هذه الومضة على أبطال أميركا وآسيا وأوروبا وإفريقيا (ما تحت الصحراء) إلا العرب.

    • زائر 1 | 12:34 م

      خواطر عربيّة

      من المؤسف حقا ضعفنا الأولمبي

      فمتى تكون لنا ثورة أولمبية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اقرأ ايضاً