العدد 3619 - الجمعة 03 أغسطس 2012م الموافق 15 رمضان 1433هـ

اللهجات في البحرين: تصريف الفعل الماضي

تناولنا في الفصل السابق إحدى الظواهر المرتبطة بالحركات أو أصوات اللين وهي الاتباع الحركي, وقد كان واضحاً تأثير حروف الحلق في تغير حركات التراكيب المختلفة وبالخصوص في لهجة العرب, أما في اللهجة البحرينية؛ فقد كان تأثيرها محدوداً. وقد ناقشنا في الفصل السابق تأثير حروف الحلق على حركات الأسماء فقط, إلا أن تأثيرها لا يقتصر على الأسماء فقط؛ بل جميع التراكيب اللغوية التي توجد بها؛ حيث تأثر حروف الحلق في حركات الأفعال وبالخصوص في لهجة العرب, وبذلك تتميز لهجة العرب بوجود صيغ أفعال مختلفة عن اللهجة البحرينية.

في هذا الفصل والفصول التي تليه سنتناول تصريف الأفعال في اللهجات في البحرين، وسنركز تحديداً على الصيغ المختلفة بين اللهجة البحرينية ولهجة العرب، ونوضح دور حروف الحلق وغيرها من الأمور التي تؤثر في حركات الأفعال وتؤدي إلى التباين في صيغ الأفعال في لهجة العرب واللهجة البحرينية.

أولاً- الفعل الماضي

هناك العديد من أنواع الأفعال وتصريفها وصيغها المختلفة، سواء في الفصحى أو اللهجات العربية المعاصرة المختلفة والتي تم نقاشها بالتفصيل في العديد من المراجع, وما يهمنا هنا بالتحديد الصيغ المتباينة في اللهجة البحرينية ولهجة العرب؛ فغرض هذه الدراسة بصورة أساسية رسم خارطة لغوية للظواهر المتباينة في اللهجات في البحرين, الأساسية منها والفرعية.

الفعل الثلاثي المجرد

توجد في لهجة العرب صيغتان للفعل الماضي الثلاثي المجرد هما: فَعَل وفِعَل أما في اللهجة البحرينية فهناك صيغة واحدة له وهي صيغة فَعَل. ويصيغ جونستون في كتابه «دراسات في لهجات شرقي الجزيرة العربية» قاعدة لصياغة الفعل الماضي المجرد في اللهجات القبلية بصورة عامة في شرق الجزيرة العربية, حيث يستنتج أن الفعل الماضي المجرد يكون على وزن فَعَل «عندما يكون الحرف الأول أو الثاني حلقياًّ (أي الحروف:هـ ــ ع ــ ح ـ غ ـ خ), أو عندما يكون الحرف الأوسط الأساسي لاماً أو نوناً أو راء» (جونستون 1983, ص 66). مثال ذلك (حَبَس, دَخَل, ضَرَب, مَنَع), والأفعال التي لا تنطبق عليها القاعدة السابقة؛ فإنها تكون على وزن فِعَل مثل (كِتَب, نِشَد, ذِكَر, دِفَع), وهناك عدد من الأفعال التي تشذ عن هذه القاعدة مثل (حِسَب, شِرَد, طِلَع), وكذلك الأفعال التي بها حرف الجيم والذي يقلب إلى ياء في لهجة العرب وعليه يقال (يِلَس بدلاً من جَلَس).

الفعل الثلاثي المزيد

هناك العديد من الصيغ للثلاثي المزيد في اللهجات في البحرين، وقد أحصى جونستون إحدى عشرة صيغة في اللهجات القبلية في شرقي الجزيرة العربية، منها تسع أساسية وصيغتان فرعيتان (جونستون 1983, ص 127 - 128). وتتشابه اللهجة البحرينية مع لهجة العرب في غالبية الصيغ، لكنها تختلف في أربع صيغ، هي (كما في الفصحى): تَفَعَّل وتَفَاعل وانْفَعَل وافْتَعَل حيث تنطق في لهجة العرب: تِفَعَّل وتَفَاعل وانْفِعَل وافْتِعَل, وأمثلة ذلك: (تِسَبَّح وتَقَابل وانكِسَر واشْتِغَل), بينما تنطق في اللهجة البحرينية اتْفَعَّل واتْفَاعل وانْفَعَل وافْتَعَل, وأمثلة ذلك: (اتْسَبَّح واتْقَابل وانكَسَر واشْتَغَل).

الفعل الرباعي

ذكر جونستون صيغتين فقط للأفعال الرباعية والرباعية المزيدة في لهجات شرقي الجزيرة العربية (فعلل وتفعلل) (جونستون 1983, ص 130), وذكر مبخوت أربع صيغ للأفعال الرباعية المزيدة في لهجة العرب (مبخوت 1993, ص 117). وتختلف اللهجة البحرينية عن لهجة العرب في تصريف الأفعال الرباعية المزيدة (تَفعلَل وتَفَعْوَل وتَفَيعَل) حيث تنطقها بتسكين حرف التاء وإضافة ألف أي اتْفعلَل واتْفَعول واتْفيعَل من مثل (اتْقَشمر واتْصَرول واتْبيخَل) بينما في لهجة العرب تنطق بكسر التاء (أي تِقَشمر وتِصَرول وتِبيخَل).

الأفعال المعتلة

الفعل المعتل هو كل فعل كان أحد حروفه الأصلية حرفاً من حروف العلة (الألف والواو والياء), وينقسم الفعل المعتل إلى أربعة أنواع:

1 - المثال: وهو ما كانت فاؤه (الحرف الأول) حرف علة (مثل:وصل, وعد, يبس).

2 - الأجوف: وهو ما كانت عينه (الحرف الثاني) حرف علة (مثل: قال, صام).

3 - الناقص: وهو ما كانت لامه (الحرف الأخير) حرف علة, مثل: (رمى, سعى)

4 - اللفيف: وهو ما كان فيه حرفا علة, فإن تجاور الحرفان عرف الفعل باسم اللفيف المقرون (مثل: شوى, عوى), وإن لم يكونا متجاورين عرف باسم اللفيف المفروق (مثل: وقى, وشى).

وقد تناول جونستون تصريف هذه الأفعال في اللهجات القبلية في شرقي الجزيرة العربية (جونستون 1983, ص 131 - 138) وفي البحرين (جونستون 1983, ص 214 - 217). والملاحظ أن الفروق ما بين اللهجة البحرينية ولهجة العرب لا تظهر واضحة إلا عندما تقترن هذه الأفعال بالضمائر المتصلة أما في صورتها غير المتصلة فالفرق الواضح بين اللهجة البحرينية ولهجة العرب، ففي الفعل الثلاثي المجرد للناقص والمثال والمزيد؛ فالفعل الناقص في لهجة العرب له صيغتان في الماضي والصيغة الغالبة هي (فِعَ) أي بحذف الألف وكسر الفاء (مثل: مِشَ, لِفَ, نِوَ), والصيغة الأخرى هي (فَعَ) بالفتح مثل تَلَ (مبخوت 1993, ص 124), أما في اللهجة البحرينية فلهو صيغة واحدة هي (فَع) بالفتح فقط.

وفي ما يخص صيغ الفعل المثال, ففي لهجة العرب تكسر فاء الفعل المثال من مثل: وِصَل ووِرَث (مجرد), واتِّصَل (مزيد) وأما في اللهجة البحرينية فتفتح (أي وَصَل, وَرَث, واتَّصَل). وأصل الفعل اتَّصَل «أوتصل بزنة أفتعل، وقعت الواو لوزن أفتعل غير مبدلة من همزة فقلبت تاءً فنقول (اتتصل), اجتمع لدينا حرفان من جنس واحد، وكان الأول ساكناً والثاني متحركاً فأدغما وأصبحا حرفاً واحداً مشدداً فنقول: (اتصل) بزنة (افتعل) على رأي الجمهور و(أتعل) على رأي الرضي الاستراباذي» (القصاب 2001, الواحة العدد 23).

العدد 3619 - الجمعة 03 أغسطس 2012م الموافق 15 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً