العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ

ذكريات الحرب الأهلية في لبنان تعود مع اتساع الصراع السوري

صعدت عمليات الخطف المتبادلة بين نشطاء المعارضة السورية ومسلحين في لبنان التوترات وعززت المخاوف من امتداد الصراع في سورية إلى جارتها الصغيرة التي تروعها ذكرى الحرب الأهلية.

وعلى الرغم من جهود الحكومة اللبنانية لإبعاد البلاد عن الاضطرابات في سورية التي كان لها نفوذ قوي على الساحة السياسية والأمنية اللبنانية منذ عقود شهد لبنان اشتباكات مسلحة في أكبر مدينتين لبنانيتين ومنذ أيام أعلنت الحكومة عن خطة سورية لزعزعة استقرار البلاد.

كان منظر الرجال المسلحين الملثمين في العاصمة بيروت يوم الأربعاء وهم يعلنون عن خطف 20 سورياً وخطف رجل أعمال تركي في وضح النهار قرب المطار علامة فارقة أخرى على أن الصراع في سورية يمتد إلى لبنان. وأعلنت عائلة المقداد التي خطفت أكثر من 20 شخصاً وقف أعمال الخطف التي تقوم بها قائلة إن لديها ما يكفي من الرهائن للضغط من أجل الإفراج عن قريب لهم يحتجزه معارضون في دمشق.

وتقول عائلة المقداد إنها تسعى للضغط على الجيش السوري الحر من أجل الإفراج عن حسن المقداد عن طريق استهداف سوريين تقول إنهم جزء من قوات المعارضة المسلحة ومواطنين من تركيا وهي إحدى الدول الداعمة للانتفاضة السورية في المنطقة. وعلى الرغم من أن تلك الحوادث لا تنذر بانزلاق لبنان الوشيك إلى الصراع إلا أنها تبرز ضعف مؤسسات الدولة وتشير إلى مستقبل غير مستقر للدولة التي يعيش فيها أربعة ملايين.

وقال أيهم كمال من مجموعة أوراسيا الاستشارية «هذا سيكون له تأثير سلبي على سلطة الدولة وعلى الجيش وعلى مناخ الأعمال في لبنان. إمكانية نشوب حرب أهلية مازالت متدنية الآن لكن الوصول إلى هذه المرحلة تطور مثير للقلق جداً». وكان خطف الأجانب من السمات الرئيسية للحرب الأهلية في لبنان كما أعاد الظهور الجريء العلني لرجال مسلحين ملثمين هذا الأسبوع دون أي تحرك من جانب قوات الأمن إلى الأذهان الفوضى التي عمت لبنان خلال الحرب الأهلية التي استمرت من العام 1975 إلى العام 1990. وقال رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي الذي تعرضت سياسته لإبعاد لبنان عما يدور في سورية لضغوط شديدة إن هذا يعيد اللبنانيين إلى أيام الحرب المؤلمة وهي صفحة يحاول المواطنون اللبنانيون طيها. ويرأس ميقاتي وهو سني حكومة يشغل فيها حزب الله، وحلفاؤه من والمسيحيين وجميعهم مؤيدون للرئيس السوري بشار الأسد نصف الحقائب الوزارية. وحزب الله هو الفصيل اللبناني الوحيد المسلح الذي لم ينزع سلاحه بعد الحرب الأهلية وهو أكبر قوة قتالية في لبنان.

ودعا خصومه دون جدوى إلى وضع ترسانته العسكرية تحت سيطرة الدولة. وتجددت تلك التوترات الطائفية مع الانتفاضة السورية التي يقودها السنة ضد حليف حزب الله الرئيس السوري الذي ينتمي إلى الاقلية العلوية.

وتدعم إيران كلاً من حزب الله والأسد. ويقف غالبية معارضي حزب الله ومن بينهم زملاء ميقاتي بقوة خلف الانتفاضة السورية. ويتم تهريب السلاح إلى مقاتلي المعارضة منذ بدء الانتفاضة السورية في مارس/ آذار من العام الماضي من مناطق الحدود في شمال لبنان ومن وادي البقاع.

وأدت التوترات بسبب سورية إلى اشتباكات سقط خلالها قتلى في مدينة طرابلس الشمالية التي تسكنها غالبية من السنة منذ ثلاثة أشهر وهي مدينة تسكنها أيضا أقلية علوية لبنانية من أشد مؤيدي الأسد.

وفجر خطف 11 لبنانياً في شمال سورية في مايو/ أيار احتجاجات في شوارع بيروت. ومنذ خمسة أيام وجهت السلطات اللبنانية الاتهام لمسئول أمني سوري رفيع ووزير لبناني سابق بتشكيل «عصابة مسلحة» كانت تخطط لتفجير قنابل لإشعال معارك طائفية في لبنان. وجرأت المتاعب التي يواجهها الأسد بعض معارضيه في لبنان إلى الضغط من أجل تحقيق مكاسب سياسية ضد حزب الله الذي سيضعف في حالة سقوط الرئيس السوري. لكن المحللين يرون أن كل الأطراف في صراع لبناني محتمل تعرف أنها ستخسر الكثير من وقوع مواجهة شاملة وهو ما مكن هذه الأطراف من التراجع عن حافة الهاوية خلال مواجهات سياسية عدة في السنوات القليلة الماضية.

وكان من أبرز هذه الأزمات اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري العام 2005 وعواقبها. وحامت الشبهات في عملية اغتيال الملياردير اللبناني - وكان له علاقات وثيقة مع السعودية وهو ملف لم يغلق رسمياً بعد - بشأن حزب الله وسورية.

ويمكن لإسرائيل التي خاضت حرباً مع حزب الله العام 2006 أن تجد نفسها متورطة في هذا الصراع. وفي مواجهة هذه الاحتمالات يسعى فيما يبدو الزعماء السياسيون المنقسمون في لبنان إلى تفادي تصعيد التوترات. وقال رامي خوري المعلق السياسي المقيم في بيروت إن كل الشواهد خلال السبعة او الثمانية أعوام تشير إلى أن كل الأطراف في لبنان ستبذل قصارى جهدها لمنع انزلاق البلاد إلى حرب أهلية شاملة.

لكن عمليات الخطف التي جرت هذا الأسبوع التي نفذتها جماعة هي خارج سيطرة الدولة بل خارج سيطرة الزعماء السياسيين الذين ينتمون إلى نفس الطائفة هي تحذير من أن أعمال العنف في الشوارع قد تكتسب زخماً من تلقاء نفسها. وقال خوري إن الدولة اللبنانية ليست دولة قوية مركزية فهناك أناس خارج سيطرة الدولة سواء كان حزب الله أو جماعات صغيرة مثل تلك المليشيات التي تنتمي إلى أسر بعينها وتعمل في المجتمع. وأضاف أن الخوف هو أن تتصاعد مثل هذه الحوادث وتخرج عن نطاق السيطرة وحينها يحدث صراع مسلح في الشوارع.

العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً