العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ

وبالوالدين إحساناً..

هما رونق الحياة وعبق أريجها. هما روعة الحياة وبهجة وريدها. أظنكم عرفتم عمن أتحدث. فلست أجد في حياتي من بروعتهما. أجل، هما الوالدان.

لطالما تلقوا أقسى المعاملات، وأعلى الأصوات، ووجّهوا بأحد النظرات، عانوا وقضوا عمرهم تفكيراً بنا، فأين حقوقهما؟ وأين البر بهما؟ ألم يقرن الله حقهما بحقه؟ فلم كل ذلك التقصير اتجاههما؟ ولم ذلك الظلم والجحود الذي لا يستحقونه؟ فهنا سنرى إلى أي حد وصلت المعاملة معهما، إلى أن نزعت عروقاً كانت مجرى الدم بالنسبة لهما، وعنواناً لسعادة حياتهما.

جميعنا نعلم أنهما سبب الوجود، فالوالد بالإنفاق، والوالدة بالولادة والإشفاق، فما لي أرى في مجتمعنا الإستهتار بهما، إهمالهما، والشدة في معاملتهما. الكثير يجهل هذا الكنز الثمين المتواجد أمام أعينهم، ولكن الرؤية قد حُجبت عنهم بقسوتهم، بمعاملتهم الدنيئة، وبحب الدنيا الذي أعمى قلوبهم.

فهما الجنة إن أطعناهما وهما النار إن عصيناهما، وهما الشمعة التي تحترق من أجل أبنائها. فهما وإن أمراك بالشرك وجب عليك برهما وتقديم جلّ احترامك وعظيم إحسانك لهما. إننا لنعجبُ من قصص كثيرة ترتاد علينا، تتبين فيها تلك المعاملة القاسية والتصرفات التي تصيبنا بالذهول والحسرة، على أبناء المجتمع لما هم فيه من تدنٍ وتراجع في معاملتهم لوالديهم، تكاد عقولنا لا تصدق، وتكاد قلوبنا تنفطر من هول مانسمع، لكنها وللأسف قصصٌ واقعية.. فلقد ذكر لي يوماً أحد بائعي المجوهرات موقفاً تتبين فيه صورة غريبة عن العقوق بالوالدين فيقول: دخل علي رجل ومعه زوجته، ومعهم عجوز تحمل ابنهما الصغير، أخذ الزوج يضاحك زوجته ويعرض عليها أفخر أنواع المجوهرات يشتري ما تشتهي، فلما راق لها نوعاً من المجوهرات، دفع الزوج المبلغ، فقال له البائع: بقي خمسون ديناراً، وكانت الأم الرحيمة التي تحمل طفلهما قد رأت خاتماً فأعجبها لكي تلبسه في هذا العيد، فقال: ولماذا الخمسون ديناراً؟ قال: لهذه المرأة؛ قد أخذت خاتماً، فصرخ بأعلى صوته وقال: العجوز لا تحتاج إلى الذهب، فألقت الأم الخاتم وانطلقت إلى السيارة تبكي من عقوق ولدها، فعاتبته الزوجة قائلة: لماذا أغضبت أمك، فمن يحمل ولدنا بعد اليوم؟ ذهب الابن إلى أمه، وعرض عليها الخاتم فقالت: والله ما ألبس الذهب حتى أموت. مسكينةٌ هي الأم، أهذه مكافأتها التي تستحقها؟ من هؤلاء، أهم من البشر؟ نعم، والمصيبة الأكبر أنهم من المسلمين، لكنهم لم يعرفوا الإسلام ولا وصاياه. ما الذي حلّ لمجتمعنا، يغط في نوم عميق، نومٌ عواقبه وخيمة.

نعم لقد نسي الأبناء مراقبة الله لهم، وذلك التعبُ والعناء الذي قضياه الوالدان،في سبيل توفير سُبل الراحة من أجلهم، ونسوا تلك المشقة والجهد التي يبذلها الأب في سبيل توفير لقمة العيش لهم، وذلك الحنان الطاهر والرحمة والدلال المنبعث من الأم، وكل ذلك لأجل من؟ لأجل أبنائهم..

أعزائي، لست أتحدث وكأن الموضوع بسيط، أو ليقرأ ويُترك، إنه أكبر من ذلك بكثير، فالبر بالوالدين من أهم مداخل الآخرة، أما في الدنيا فهو يطيل العمر ويوسع الرزق. إلى متى ستبقون في التأجيل المستمر لبركم لوالديكم؟ فلتتوقفوا عن تلك المعاملة الجاحدة لوالديكم، ولتفتتحوا صفحات جديدة معهم، علّها تكون منبثقاً للنور والإشراق، وطريقاً يوصلكم إلى الجنة التي لطالما حلمتم بها.

زينب حسين أحمد علي صالح

العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً