العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ

مساحة حرة - بأمر الدستور... أم بنصيحة الدكتور!

محمد عبدالهادي البقالي
محمد عبدالهادي البقالي

«مصر على كفّ عفريت»... «استقالةُ رئيس عربي»... هِيَ أشهرُ أعمالِ حكيمِ الثورة الساخرة كما سمَّاهُ البعض، وأميرُ الكلمة الراقصة مِثلما أطلق عليه البعض الآخر. قِف على هذه الألقاب لثوان معدودة، وقُم باستطلاع للرأي على الفيسبوك لِتُخَيِّر المصريّين بين الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني، والثاني عشر من فبراير/ شباط... حينها فقط، ستعلم من هو جلال عامر.

«هذه بلاد يأكل السمك الكبير فيها السمك الصغير دون أرز لكن بالقانون؛ ففي مصر لا توجد (محاسبة) إلا في كلية التجارة»... بهذه الكلمات البسيطة المضحكة في ظاهرها والمليئة حسرة في باطنها، لخّص فيلسوف الكوميديا السوداء تفاصيل حلقات أطول (مسلسل قمعيّ عربيّ بطلهُ حسني مبارك) يروي الواقع المرّ الذي عاشته بلاده منذ عقود من الزمن، حتى أن آثاره ما زالت مستمرة بعد الثورة ليقول المصريّون بعفوية «رَيِّسنا محمد مرسي مبارك».

عموده اليومي «تخاريف» الذي يطل به علينا عبر صحيفة «المصري اليوم» لطالما رسم البسمة على شفاهنا... ولكنها لم تكن علامة الضحك، بل كانت في واقعها (بسمة الألم)؛ فَمِمّ يضحك المصريّون! ولأيّ الأمور يبتهجون! إنها مآسي الوطن وحقائقه الكارثيّة تبرُز جَليّة بين سطور «تخاريف» وبدون أيّة (عمليات تجميل).

ما بعد الثورة لم يكن كما قبلها بالنسبة للأديب الراحل، فقد كان صاحب العبارة الأشهر بشأن المرحلة الانتقالية لدى الثوار عندما خاطب (مُدّعي الفهامية) مُستهزِئاً: «بعد الثورة رفع المجلس العسكري سقف الحرية عشان لو فيه حد طويل يعرف يوقف». أما بخصوص مجلس الشعب المُنحَلّ، فقد علّق على (حرب المال والدعاية) التي شهدتها انتخاباته قائِلاً: «هناك فيلم بعنوان (الفقراء لا يدخلون الجنة)، ويجري الآن تصوير الجزء الثاني منه بعنوان (الفقراء لا يدخلون المجلس)».

توقع جلال عامر – الساخر فوق هموم الوطن – أن يكون رئيس مصر القادم ما بعد الثورة عمرو موسى رغم تأكيده بأنّه لن يكون موضع رضاه حال فوزه، في الوقت الّذي أعلن فيه صراحة عن تأييده الكامل للدكتور محمد البرادعي، غير أن « المشكلة أن المكان ليس مكانه «كما ظن جلال، وبالفعل صدقت ظنونه وانسحب المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية من الماراثون الرئاسي قبل أن يعقب جلال على ذلك بالقول «تنحي عبدالناصر واعتزال الخطيب وانسحاب البرادعي.. لحظات تحتاج إلى تأمُّل»... وقال في موضع آخر «إذا لم تستجيبوا لمطالب البرادعي السياسية، فعلى الأقل استجيبوا لمطالب زويل العلمية، أم أنه موقف من (نوبل) على طريقة لعن الله حاملها».

إذاً... هكذا كانت الحكاية، حكايةُ بطل حرب أكتوبر الذي جَسّدَ هُموم المواطِن العربيّ قبل المصريّ في لوحة دراماتيكية ساخرة هدفها الأول هو لفت الإشارة إلى الأوضاع المُقرِفة على كافة المستويات.

بصمةُ الختام... سؤالٌ ما زال الكل يبحث فيه ليجد الجواب «أَسيَمشي مُرسي بأمر الدستور؟! أم سيتّبِعُ نصائحَ طنطاوي الدكتور؟!».

محمد عبدالهادي البقالي

العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً