تبرز المجالس الرمضانية كإحدى أهم مميزات شهر رمضان المبارك؛ لما تحمله من أهمية مؤثرة إيجاباً على المجتمع وأفراده، فهي التي تجمع أبناء الوطن الواحد مخلفةً وراءَها ما يمكن أن يحمله المجتمع من خلافات ومشاحنات على جميع الأصعدة، وعليه فإنّ أهميتها تزداد حينما يتعرض المجتمع لتلك الخلافات؛ لأنّه يكون أحوج إليها من أيِّ وقتٍ آخر.

وفي البحرين تُعتبر المجالس الرمضانية السمة الأبرز للشهر الفضيل، فهي التي امتدت من مئات السنين وعاصرها أجدادنا، ولا زالت على نمطها القديم الذي يجمع بين جميع الأفراد بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم ومذاهبهم، في أسمى صورة تعبّر عن الأخوّة والتسامح والمحبة التي يتصف بها أبناء هذا الوطن العزيز، ومع أنّ البحرين شهدت في العام الماضي أحداثاً مؤسفة خلّفت وراءها نتائج سلبية كثيرة، عادت تلك المجالس وأثبتت أنّ الوحدة الوطنية خطٌ أحمر لا يمكن لأيِّ حدثٍ أن يتجاوزه، فلا مجال للفرقة بين الطائفتين الكريمتين، وأنه كُتِبَ على هذا الوطن ألا يسير إلا بهما باعتبارهما ركيزتيه وجناحيه؛ لتصبح تلك حقيقةً صمّاء تقف في وجه كلِّ من يحاول أن ينخرَ في جسم المجتمع الواحد، ويفرّقَ بين أفراده من الطائفتين، ولعل تلك الحقيقة تأتي انطلاقاً من قوله تعالى "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"(الحجرات:10).

وتتسم المجالس الرمضانية بميزة التواصل بين الناس وزيارة بعضهم البعض، بغض النظر عن توجهاتهم ومذاهبهم، إذ إنّ آفاق التواصل تفتح بموجبها أبواب التآخي والمحبة، وتُغلق أبواب الخلافات والمشاحنات، وذلك هو الهدف الذي يصبو إليه كلُّ محبٍ لهذا الوطن، ولذا نرى جُلَّ القضايا التي تُطرح في تلك المجالس هي ذات اهتمام مجتمعي مشترك، وأنّ الجميع يسعى لحلّها.

إنّ من الضرورةِ بمكان أن نستغلَ هذه الفرصة الثمينة؛ لنجعلَ من شهر رمضان المبارك جسراً نعبره لنصلَ إلى هدفنا المنشود، الذي يُعيد وطننا العزيز إلى مساره الصحيح، ويعمَّ الخير والأمان والاستقرار ربوع هذا الوطن، وبذلك يكون شهر رمضان طريقاً إلى إعادة اللحمة وإذابة جليد الخلاف.

السيد جابر عدنان الموسوي