العدد 3682 - الجمعة 05 أكتوبر 2012م الموافق 19 ذي القعدة 1433هـ

لماذا كل هذه التوصيات والضجة حولها؟

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عطفاً على المقال السابق، ليس عيباً أن نتدارس ما صدر من توصيات عبر رحلتي جنيف هذا العام وما صدر سابقاً وسيصدر لاحقاً، ولكن العيب ألا نعلم ما يدور حولنا أو نتجاهله بحجة أن شبيهاً لهذه التوصيات صدرت لغيرنا كما صدرت لنا! فمثل هذه التوصيات أضحت وثائق عالمية لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال أمام محكمة التاريخ. فما هي هذه التوصيات الجنيفية التي قدمتها 67 دولة لمملكة البحرين لتثير، وستبقى كذلك، كل هذا اللغط من حولها؟ ولماذا أساساً كل هذه التوصيات ومتى يمكن تنفيذها وكيف؟ هذا السؤال بالطبع برسم من يعنيهم أمر التنفيذ فقط وليس غيرهم؟

وما يلاحظ على التوصيات في مجموعها؛ هو لماذا توصي تلك الدول البحرين بأمور مثل: إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان بامتثال كامل لمبادئ باريس؛ توفير فرص التعليم الملائمة للمعوقين؛ واعتماد سياسة وطنية بشأنهم؛ توفير الحماية لجميع أفراد الأسرة، وإصدار تشريع يمنح الجنسية لأبناء البحرينية من زوج أجنبي، مع ضمان حقوق المرأة والطفل في البحرين. التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية (سيداو). مواصلة الجهود لضمان أن يتم تفتيش ومراقبة ظروف السكن للعمال الأجانب بشكل مستمر، واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة القضايا المتعلقة بالعمال الأجانب والاهتمام بقضايا العاملات في المنازل، والنظر في الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية منظمة العمل الدولية (189) بشأن العمل اللائق للعمال المحليين، والسير تدريجيّاً نحو مأسسة آليات الحماية للعمال المهاجرين. المنع والقضاء على الاستغلال الجنسي وزيادة الجهود في مجال مكافحة والقضاء على الاتجار بالبشر. توفير حرية الوصول إلى الإنترنت. فهل كتبت مواضيع هذه التوصيات من فراغ أم لوجود أسباب حقيقية لها يجب علاجها ضمن منظومة الدولة الحديثة التي نتحدث عنها منذ عهود طويلة.

إذن يتضح أن ليس كل التوصيات سياسية كما يعتقد البعض وآنية، بل هي متصلة بالأوضاع بشكل عام ضمن علاج شامل ومستقبلى للبلاد إذا تمت الاستجابة لها بشكل علمي وعملي مدروس، بعيداً عن قواميس الحذف والإضافة أو الإهمال الكلي حتى لا يتراكم الصدأ على جسد كياننا السياسي الحديث.

أما جُلُّ التوصيات التي يمكن وصفها بالسياسية، إن كان مفهوم السياسة هو تدبير شئون الناس وتوفير ما يطمئنهم أمنيّاً ومعيشيّاً وليس تحديهم؛ فقد جاءت معظمها من الدول الغربية وإن كان بعضها جاء من دول شرقية وعربية صديقة وخليجية شقيقة، ولا غرابة في ذلك؛ فالكل ينشد الإصلاح عندنا كما يبدو!

فكل دولة من الدول الآتية (استونيا، المجر، كوستاريكا، فرنسا، سويسرا، فنلندا، بلجيكا، بريطانيا، إيرلندا، موريتانيا، جزر المالديف، إيران، بولندا، النمسا، إيطاليا، ألمانيا، كندا، كوريا، لاتفيا، شيلي) كانت لها لمسة على إحدى هذه التوصيات أو اجتمعت على توصية معينة منها مثلاً: الانضمام إلى البروتوكولين الأول والثاني في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وخصوصاً قانون التجمعات، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والتصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتخاذ التدابير اللازمة لضمان التنفيذ الكامل لهذا النظام الأساسي في تشريعها الوطني. تعديل قانون العقوبات لإزالة جميع العقوبات الجنائية في قضايا التشهير المزعومة، ومواءمة قانوني الصحافة والعقوبات للمادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يضمن حرية التعبير. التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بهدف إلغاء عقوبة الإعدام نهائيّاً. مواءمة جميع التشريعات المحلية مع القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان. ضمان أن يتم إنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بموجب مبادئ باريس. إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين. تكثيف التعاون مع أصحاب ولايات الإجراءات الخاصة بالاستجابة لطلب زيارة المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب.

أما دول أخرى مثل (الأرجنتين، فرنسا، المغرب، إسبانيا) فقد طالبت البحرين بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. بينما طالبت 14 دولة بالتنفيذ الكامل لتوصيات لجنة تقصي الحقائق (بسيوني)، وهى الدنمارك، كوريا، بلجيكا، النرويج، الأردن، السويد، تركيا، سلطنة عُمان، قطر، اليابان، تايلند، الكويت، المملكة العربية السعودية ومصر.

أما بقية التوصيات مجتمعة للدول الـ67 فيمكن تلخيصها في الآتي: تخفيف أحكام الإعدام على بعض المعتقلين إلى السجن، الإفراج الفوري ومن دون قيد أو شرط عن جميع المعتقلين، الذين شاركوا في الاحتجاجات السلمية، حيث إن الاتهامات الموجهة إليهم تفتقر إلى المصداقية؛ وإطلاق سراح جميع المعتقلين في قضايا التعبير عن الرأي وإلغاء جميع التشريعات التي تجرم ممارسة هذا الحق في القانون الجنائي البحريني. إجراء تحقيق معمق بصورة عاجلة في مزاعم التعذيب التي وقعت في الماضي والحاضر، وكذلك في جميع مزاعم الاستخدام المفرط وغير المشروع للقوة وتقديم المسئولين عنها إلى العدالة. إزالة القيود والعقبات أمام عمل الأشخاص والمؤسسات العاملة في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير المساءلة عن انتهاكات هذه الحقوق، وضمان المساواة في التمتع بحقوق الإنسان من قبل الشعب. إنشاء هيئة دائمة مستقلة لإجراء تحقيقات في جميع مزاعم التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وحالات الوفاة في الحجز، وعمليات القتل غير القانونية، وذلك تماشياً مع المعايير الدولية. ورفع جميع القيود المفروضة على تنقلات الصحافيين الأجانب والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان. ضمان إحالة جميع حالات المدنيين المدانين أمام محاكم السلامة الوطنية إلى المحاكم المدنية، وإخضاع جميع القرارات الصادرة عن محاكم السلامة الوطنية للمراجعة في المحاكم العادية، وسن القوانين التي تمنع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية في المستقبل. حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، والسماح لهم القيام بعملهم من دون تخويف أو إعاقة أو مضايقة، ودعوة مؤسسات المجتمع المدني، بما فيها جماعات المعارضة البرلمانية (الوفاق)، للمشاركة في حوار وطني حقيقي ومفتوح، تشارك فيه جميع الأطراف المعنية، وذلك بهدف التعامل بشكل فعال مع التطلعات المشروعة واهتمامات جميع السكان بطريقة ديمقراطية.

اتخاذ إجراءات فورية لاستعادة السلام واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، إشراك منظمات المجتمع المدني في النقاش العام بشأن حقوق الإنسان. التقدم في عملية الإصلاح وفقاً للتطلعات المشروعة للشعب. بناء المؤسسات والقدرات لقوات الشرطة البحرينية بالطريقة التي ينعكس فيها إيجاباً الاحترام الفعلي لحقوق الإنسان وضمان مساءلة هذه القوات، والالتزام بإبراز مذكرة التوقيف في عمليات الاعتقال، وعدم وضع أي شخص بمعزل عن العالم الخارجي، وخضوع أماكن الاحتجاز لمراقبة فعالة من قبل هيئة مستقلة. إلغاء أو تعديل قانون الصحافة للعام 2002 بإزالة جميع القيود على حرية الصحافة. التأكد من أن قوات الأمن تستجيب بشكل متناسب، وبأقصى درجات ضبط النفس للاحتجاجات، وبذل كل الجهود لتخفيف الرقابة ومنح الجماعات المعارضة المساحة المناسبة لها عبر وسائل الإعلام.

إعادة جميع الموظفين والطلاب المفصولين في أعقاب أحداث فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011، لأسباب تتعلق بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وتعديل قانوني التجمعات العام والجمعيات، ليتواءما مع أحكام المادتين (21) و (22) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. خلق بيئة قانونية تسمح بازدهار نشاط المجتمع المدني. الوقف الفوري للعنف وإنهاء الإفلات من العقاب. التحقيق في جميع مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان وبشكل مستقل وفوري وشامل.

ونختم بتوصيتين استرالية وأميركية لا تختلف عما يطالب به الشارع كثيراً، وهي التحقيق السريع في انتهاكات حقوق الإنسان ضد المتظاهرين المسالمين، بما فيها حالة المعتقل عبدالهادي الخواجة، والحفاظ على التزامها بتحقيق إصلاح سياسي ملموس على أساس احترام الحقوق والتطلعات المشروعة لجميع مواطنيها. إسقاط التهم عن جميع الأشخاص الذين شاركوا في الاحتجاجات السلمية غير العنيفة، وإنشاء جهاز شرطة أكثر تنوعاً وانعكاساً للمجتمع البحريني. انتهى... ولكن هل؟

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3682 - الجمعة 05 أكتوبر 2012م الموافق 19 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:25 ص

      الله ينصر الخق باذن الله تعالى

      ان الحراك الشعبي سلمي و سيظل سلمي ان شاء الله و من يشوّه صورة السلميين بالفبركات فهذه الطرق لا تنفع

    • زائر 1 | 2:08 ص

      أي سلمية الله يهديك

      رأينا سلمية المتظاهرين أمس يا حجي .

اقرأ ايضاً