العدد 3689 - الجمعة 12 أكتوبر 2012م الموافق 26 ذي القعدة 1433هـ

مساحة حرة- خوفٌ من الديمقراطية أم خوف عليها؟!

تباينت واختلفت الآراء والتوجهات حول ما حدث من ثورات شعبية في الوطن العربي، وتحديداً مذ يناير/ كانون الثاني 2011 إثر انطلاق الثورة المصرية في الخامس والعشرين منه، وعلى رغم تغير غالبية الأنظمة السياسية في الوطن العربي، والتحول إلى النظام الديمقراطي الذي يضع الشعوب مصدراً للسلطات ويضمن لهم حق المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية كافة وفي مجال التنمية البشرية والمجتمعية، وعلى رغم حداثة هذه الأنظمة باعتبارها أنظمة «تحت التجربة»، فإنه ما زالت هنالك أصوات تستنكر التغيير والتحول من الأنظمة السياسية الوراثية إلى الديمقراطية الشعبية.

«خوف من الديمقراطية»، قد تكون هذه العبارة أبسط تعبير أفسر به تفكير معارضي التغيير من العامة، مستثنياً المستفيدين من بقاء الأنظمة الحالية، كوني لا أبرر لهم تشبثهم المستميت سوى بحالة المنفعة المتبادلة بينهم وبين النظام. وعودة إلى العامة، فالخوف الذي يتملكهم عند سماع كلمة «الديمقراطية»؛ قد يكون نظراً إلى تجارب دول أخرى عايشت التغيير لكنه حولها إلى دمار وحروب أهلية وصراعات طائفية وتدهور في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ناهيك عن سياسة هذه الدول الخارجية في محاولة لبسط نفوذ أو تكوين نفوذ لدول أخرى على أراضيها متجاهلة أبسط حقوق مواطنيها.

وعلى النقيض تماماً؛ أرى مؤيدي الديمقراطية أو «الخائفين على الديمقراطية» مجاهدين في سبيل فكرة أن الديمقراطية ليست «تابو» يخاف منه البعض تجنباً لغضب الآلهة، فمؤيدو الديمقراطية يرون في الغرب مثالاً حيّاً للتجربة الديمقراطية الحقة التي تكفل للمواطنين جميع حقوقهم وتفرض عليهم واجباتهم دون استثناء أو تمييز، وأن من حق الشعوب الاطلاع على جميع تفاصيل السياسات الداخلية والخارجية، فهم يرون أنفسهم في قارب واحد لو خرقه واحد منهم لغرق الجميع.

خلاصة الحديث؛ إن انقسام الناس بين مؤيد ومعارض للعملية الديمقراطية هو نابع من الخوف سواء من أو على الديمقراطية المنشودة، وقد تكون الرؤى عند الفريقين مقنعة إلا أنه لا يمكن الوقوف عند حد إما الأسود أو الأبيض، فاللون الرمادي في بعض الأحيان يكون مريحاً بحسب حالة الناظرين إليه، كذلك المواقف.

كما يُشار إلى أن سيد قطب كتب مقالاً قبل إندلاع ثورة يوليو/ تموز 1954م بثلاثة أسابيع، قال فيه إن «بعض النفوس الضعيفة يُخيّل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة، لا تطاق، فتختارُ الذلّ والمهانة هرباً من هذه التكاليف الثقال، فتعيش عيشة تافهة.

مصطفى المرباطي

العدد 3689 - الجمعة 12 أكتوبر 2012م الموافق 26 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً