العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ

سوبر فيلكس... وسوبر عرب!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

حديث المواقع الإلكترونية منذ الأمس لم يخلُ من «سوبر فيلكس»، ذلك الرجل الذي دخل التاريخ بقفزته من خارج الغلاف الجوّي، وقد تابع الكثير من الشباب العربي هذه القفزة، ولكن كما تعوّدنا، كانت متابعة أغلبهم بسبب الفضول أو التسلية، ولم نجد العديد يتابع بجد بعيداً عن الضحك والهزل.

وجدنا العديد من الصور وخصوصاً لأهل الخليج «سوبر عرب»، يتضاحك فيه الشباب على القفزة أو على الشباب العربي نفسه، فتارةً توضع صورة رجل يقفز من السيارة، وتارةً صورة بدوي يقفز من فوق الجبل، وتارة صورة رجل خليجي موصول بخيوط ولكأنّ القفزة خيالية!

أغلب الشباب الخليجي بالذات محبط، لم نجد منه العمل الشاق، ولا الدراسات الاستراتيجية، ولم يشجّعه المجتمع على العلم ولا على البحوث، بل الاهتمام بقشورٍ صغيرةٍ وثانوية، لا تهم في الألفية الثانية.

تعوّد أغلبهم على الاعتماد على العمالة الأجنبية، وعلى الرفاهية والراحة، مما أدى إلى كسلهم واستهتارهم بالعلوم، وخصوصاً هذه العلوم الاستكشافية، الأمر الذي أرجع علمنا قروناً إلى الوراء!

ليس الشباب الخليجي وحده من أرجعنا إلى التخلّف، بل هناك من يقرأ كتاباً أو كتابين في العلم الشرعي، ويسمّي نفسه شيخاً، وبالتالي يُفتي بأنّ مشاهدة سوبر فيلكس الشيطان مضيعةٌ للوقت، وتعطيلٌ للاجتهاد، متناسياً بأنّ أوّل شيء تعلّمناه من القرآن الكريم هو حب العلم والاستكشاف الذي بدأه الربّ بالدعوة إلى القراءة.

وللأسف هناك آذان صاغية لهؤلاء، تعتبر العلم والاكتشاف والبحث نوعاً من التنطّع في الدين، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على مدى تعصّبهم وعدم قبولهم للتنوير والتفكير الإبداعي، الذي يرفع من درجة البشر، تماماً كالعصور الوسطى المظلمة إبان سيطرة الكنيسة على عقول الناس.

نحتاج ونحن في عصر العلم والتطوّر إلى التصدي لمثل هذه الأفكار، فعندما مات عبّاس بن فرناس تساءل العرب، أموته يعتبر انتحاراً وعليه سيدخل النار، أم أنه حادث فيدخل الجنّة؟ أما الآخرون فتبنّوا فكرته وتساءلوا: أفعلاً يستطيع البشر الطيران؟ وحقّقوا على غرار أفكاره نجاحاً باهراً في الطيران، نشهده من خلال قفزة فيلكس!

ولا يسعنا هنا إلاّ أن نستحضر قصيدة الشاعر أحمد مطر، ذكّرتنا بها إحدى الأخوات الفضليات، يبدأ مطلعها:

يا دافِنِينَ رُؤُوسَكُم مثْل النعَامِ تنعَّموا

وتَنقَّلوا بين المبادئِ كاللقَالِقْ

ودعُوا البُطُولةَ لِي أَنا

حَيْثُ البطولةُ بَاطِلٌ والحقُّ زاهِقْ!

هذا أَنا أُجرِي مع الموتِ السِباقَ

وإنَّني أَدرِي بِأَنَّ الموتَ سابِقْ

لكِنَّما سيظلُ رأْسي عالياً أَبدَاً

وحسْبِي أَنَّني في الخَفْضِ شاهقْ!

فليتفكّر شبابنا في هذه الأبيات جيّداً، وليبتعدوا عمّن يلوّث فكرهم النيّر، فأوطاننا محتاجة لهم لا محالة، لأنهم يمثّلون الغد والمستقبل المشرق، ولا نستطيع العلو أكثر من دون علو شبابنا في العلم البنّاء، الذي يرفع من قدر الأمّة، ولا يجلب لها السواد.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 5:50 ص

      إليها

      هل أن طالعت القفزة بشغف أني أنا العالم. وانأ البرفسور يا أخي وجودك ووجود من علق تعليق على الفاضي ولم يعقب على أساءتك

    • زائر 19 | 5:46 ص

      رد على الأخت

      لا تتكلمين على أهل الخليج نحن ما نقصر مع العرب كلهم لين متى وانتو ذابحينا
      ونحن إلي مصبرنا عليكم والنصيحه للأسف تحكمين على الخليج وتهجمين عليه على شأن إقليه

    • زائر 17 | 4:01 م

      وماذا عن الطائرة ايووووب

      وااااه يا ليتكم كتبتم عن الطائرة بدون طيار (( أيووووب )) مثل ما تكتبون عن الشخص الذي قفز بسلام .

    • زائر 16 | 6:55 ص

      البحارنة

      البحارنة ماتعودو على الرفاهية والاعتماد على الجالية الهندية ،بل دخلوا فى كل مجال وابدعوا ،وبرغم من كل الاجحاف من قبل كل القنوات ،هم البحارنة لو اعطوهم الوقت والحرية فطريق النجاح طريقهم

    • زائر 18 زائر 16 | 4:14 م

      أعطوكم فوق حقكم

      زائر 16 و الله أعطوكم فوق حقكم في عهد وزير التربية في ذلك الوقت و مسئولة البعثات سيئة الذكر تزوير في درجات وتطنيش للطائفة الاخري و الحكومة نايمة وهذا سبب ما نحنُ فية

    • زائر 15 | 5:58 ص

      السوبر في المختبر

      اختي العزيزة
      المشكلة الاساسية هي في طرق التغذية العلمية ،حيث وضع العلم في موضع الفكر لا العمل ، لذلك تري بعض المجتمعات استهلاكية وتمثل حمل ثقيل على الدولة . للاسف مانتعلمه من علم رسم في خانة الوقتية اي يتخرج الطالب دون خبرة عملية وتصبح الدراسة سنوات تضييع للوقت،مع الاسف الواقع ان بداية المعرفة في دولنا تبداء عند البداء بالبحث عن لقمة العيش اسألي كل الناس متى تعلمت سيقول عندما استخدمت يدي.

    • زائر 13 | 4:46 ص

      أتعلم من التجربة احسن من ....

      على الأقل اطالع فليكس وهو ينط واتعلم من التجربة احسن من اطلع واحرق تواير وزبالة واكتب على طوف بيوت الناس .

    • زائر 12 | 4:43 ص

      شكرا لكي يابنت الحد الوطنيه

      والله اصبتي بكلامكي في هذا المقال الشيق بان كل من قراة كتاب في الدين قام اليوم يفتي هذا حلال وهذا حرام والكثر من ذلك يكفر الذينه يختلف معهم سوى في المذهب او في الراي ولكن المشكله الكبر هي في من يجلس أمامه في الجامع او في ندوه ويستمع الى السموم الذي يطلقها ويصدقونه لخراب البلاد.

    • زائر 10 | 3:28 ص

      ابو زلفى

      اخت مريم لماذا لم يسلط الاعلام على طائرة ايوب او ليس هذا انجاز من انجازات شباب مقاوم من جنوب لبنان او ليس هم من عرب ايضا. تسال فقط

    • زائر 9 | 2:43 ص

      اكثر النكات طرفة ،، شاهدو الحدث جيدا مناهج العام المقبل ستحتوي اسئلة !

      اصبحنا نرى التاريخ يصنع ويكتب نتعلم فقط لنفهم ما نشاهده قدر المستطاع ! من ضمن التعليقات التي رافقت الحدث .. انتبهو على الارقام مناهج العلوم القادمة ستحوي عليها ! مع العلم ان مناهجنا تتاخر كثيرا ولا تواكب التطورات السريعة ولابد من تغيير اسلوب صياغتها لابد ان يكون هناك لجنة علمية من كافة التخصصات العلمية للمنهج الواحد للتصحيح و صياغة المواضيع المتجددة في مختلف العلوم اما فكرة نقل الكتب و ترجمتها او كتابتها عبر 4 افراد او اقل قد يأتو من نفس المصادر لا يفيد اجيالنا القادمة

    • زائر 8 | 1:59 ص

      توظيف الطاقات

      عندما يوجد الشباب في بيئة محبطة تشجع على الفساد بشكل غير مباشر وإطلاق فتاوى تنم عن تخلف وضيق في الأفق ،فماذا نتوقع من الشباب
      انظري الى الكفاءات العربية المهاجرة الى دول الغرب سرعان ما يتم توظيفها لتبدع في مختلف المجالات فالعيب في أنظمتنا وليس في شبابنا

    • زائر 7 | 1:30 ص

      صدقت والله

      انا عن نفسي شخصياً تابعتها بشغف لمعرفة هل سينجح في قفزته ام لا وبدأت بالصراخ وكأنني مع الفريق المشرف على العمل وفرحة لنجاحه ونزوله سالماً على سطح الارض

    • زائر 6 | 1:10 ص

      مكانك سر العالم العربي والإسلامي لماذا !

      لو تركنا العاطفة شيء قليل ونظرنا نظرة مراقب لوجدنا من يحسبون بالعلماء ورجال الدين والساسة علينا هم السبب الحقيقي وراء تخلف الشعوب .
      حملة الشهادات العليا في جميع المجالات يوظفون في غير محلهم ولاتوجد المختبرات العلمية لهم .ومازلنا بين شيعة وسنة وكثوليك وغيرهم من الديانات والمذاهب .
      والساسة قد فتحوا الملاهي على مصارعها لإلهاء الشعوب عن حاجاتها العلمية ولذلك ترانا في قمة التخلف العلمي والفكري .
      الحفلات الغنائية تغص بالحضور والمنتديات العلمية الكراسي أكثر من الحضور. عجبي على أقرء بسم ربك

    • زائر 5 | 1:06 ص

      دول الاسلام والعرب خصبت اليورانيوم

      عل رأيت حديث عن ذلك اختي غير ان الغرب فرضوا علي العرب والمسلمين عقوبات دولية واتهام بتصنيع الاسلحة. لماذا اليابان تستطيع، والهند و روسيا وإسرائيل .. عندما قام المسلمين باختراعات كطائرات و طلقة ذكية واستغلال للشمس ماذا حدث، اما اتهام وأما وقف للتمويل . لكن واحد اجنبي بينط من القمر على العين والرأس الكل واقف خاشع له؟! عجيب امر ابن آدم.
      عندنا أكفاء قابعون او غائبون لان دولنا تصفق لكل من اختال بالرقص و لم تعر العلماء هما

    • زائر 3 | 1:01 ص

      لماذا الطاقات غير متفجرة

      هذا الخمول في التهافت على العلم سببه قنوات التوافه وبرامج سوبر ستار وغيرها. نعم قفز فليكس ، ولكن ماذا انجز؟ هناك من العلم ما يبهر و هناك ما ينفع الناس. لو وظفت هذه الاموال لعلوم تغلب الامراض وعلوم تنفع الناس لكن افضل. لذا لا استغرب الاستهتار ولكن ارى ان عليهم ان يسعوا للعلم والاكتشاف والاختراع. أساليب التدريس الحديثة وانشغال أولياء الامور بتامين العيش للأبناء واغداقهم بالألعاب التي لا تنمي عقولهم كل ذلك جعل الشباب غير ساع للعلم. ولكن هناك منهم من يسعى ولكن الاعلام لا يعلن عنه.

    • زائر 2 | 12:56 ص

      عزيزتي رأفة بالشباب

      حب الفضول والعلم موجود والا لما وجدت العرب المغتربين، أبحاث و دراسات تحتاج الى تمويل والشباب هنا في البحرين بالذات يحكون الصخر للقمة العيش، الا ترين من يغسل السيارات؟ هناك من يعمل برامج الهواتف الذكية وغيرها. وهناك من اقام شركات صغيرة. ولكن ضعف التمويل مشكله، أوافقك في ان البعض مستهتر، و لكن هذا نتيجة التربية والتعليم والإعلام ، هي مسؤولية مشتركة للجميع فالشباب لم يولدوا شبابا وانما خاضوا مراحل نمو تخللها الخلل من الجميع

    • زائر 1 | 12:48 ص

      فعلا

      فعلا .. حتى وان وجد من يرتجي العلم ، فالبيئة التي حوله لن يشجعه، والمجتمع الذي يعيش فيه لن يدفعه للعمل ، والدولة لن تستغل هذه الموهبة ، مجتمعنا وللأسف يبحث عن المادة ، وهذا ما جعلنا من ضمن الشعوب المتدنية فكريا ، لا ننكر ان لدينا علماء ولكن نحن علماء على أنفسنا وعلماء في الطائفية وصناعة الفتن .
      شكرا

اقرأ ايضاً