العدد 3710 - الجمعة 02 نوفمبر 2012م الموافق 17 ذي الحجة 1433هـ

سمات المرحلة الجديدة للربيع العربي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مع قرب اكتمال العام الثاني من انطلاق احتجاجات وانتفاضات وثورات الربيع العربي، فإننا ندخل في مرحلة ينقلب فيها المشهد السياسي رأساً على عقب. فقد ترى في بلد ما أن بعض الاتجاهات تقف ضد إصلاح الأوضاع، وتشارك في القمع وفي ارتكاب الانتهاكات، ولكنك في بلد آخر ترى هذه الاتجاهات تقف على الجانب الآخر من المعادلة السياسية، وتراها ضحية لانتهاكات مماثلة.

في بلد ترى أن وقوف جماعات وفئات مع الوضع القائم بحجة حماية مصالحها في حال حدثت تغييرات تؤثر في ميزان القوى السياسية، وفي بلد آخر ترى العكس بالضبط؛ إذ يتم تبادل الأدوار، وكأنه المرآة التي تقلب الصورة.

ليس بعيداً من انقلاب المواقف بين الجماعات والاتجاهات، ترى أن هناك انقلاباً في خطاب سياسي تأسس على أساس انحيازه للشعوب، ولكنه في خضم الأحداث الجسيمة لما تمر به المنطقة فإن الانحياز للشعوب يتبدل إلى انحياز للأنظمة.

ولقد عنون الكاتب سعد محيو مقاله الأخير «كيف تحوَّلت الديمقراطية من كفر إلى حلال»، مشيراً إلى كتاب لباحث أميركي حمل عنوان «كيف أصبحت الديمقراطية حلالاً في الشرق الأوسط العربي؟»، والذي فنّد من خلاله الادعاء بأن الإقطاع العسكري هو الذي منع تطور الحكومات الدستورية في البلاد العربية؛ لأن مثل هذا القول يحرم المجتمعات العربية والإسلامية من سمة التطوّر والتغيّر، و«سجنها في معتقل تاريخ أبدي يعيد إنتاج نفسه إلى ما لا نهاية». وأشار الكاتب إلى أن هذه المجتمعات تغيرت مؤخراً بعد أن تحررت فكرة الديمقراطية من «التُهم التي ألصقها بها الثوريون العرب والقوميون واليساريون والإسلاميون على حد سواء، بكونها خدعة أو أداة لإدامة الهيمنة الغربية، أو سلعة غير ضرورية؛ لأنها تبطئ مسيرة نهضة الأمة وتوحدها وتحررها»... حتى أن جماعة الإخوان المسلمين - التي وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام موجة شبابية واسعة النطاق - أعطت الأولوية للحرية السياسية بدلاً من الايديولوجية الصارمة.

هذه هي ملامح المرحلة الجديدة للربيع العربي، وهي ترسم خريطة سياسية غير تقليدية، والمحللون قد يتعبون إذا ركزوا فقط على التفاصيل المتداخلة والمنقلبة رأساً على عقب؛ فبالرغم من تقلب المواقف الذي يثير القلق لأنه يتخذ من الانقسامات الطائفية والقبلية والعرقية منطلقاً لتحديد وجهات النظر، إلا أننا بحاجة إلى المرور بهذه المرحلة، وأن ننظر إليها بصورة استراتيجية؛ فعلى المدى الطويل، نحن بحاجة إلى حياة سياسية جديدة تتأسس على احترام قيمة الإنسان، وتستمد شرعيتها من رضا المجتمع، ولكن لدينا حالياً أرضاً وعرة نبت فيها الشوك والزرع غير المفيد، ولذا فنحن بحاجة إلى «حرث» الأرض السياسية الحالية؛ لكي ينبت فيها زرع جديد يختلف جوهرياً عمّا عهدته المنطقة لفترة طويلة جداً.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3710 - الجمعة 02 نوفمبر 2012م الموافق 17 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 9:16 ص

      تعليق على زائر 9

      ليس ذنبنا إذا كان الآخرون يريدون البقاء ...

    • زائر 17 | 8:41 ص

      رب ارجعوني,,,,

      ليس بغريب أن تتراجع أهداف الثورات في ظل تدخل جهات خارجية حكومية وتنظيمية, ولنا في العراق الجريح أسوة, حيث أيادي الأميركان والمتأمركين والصهاينة التي وقفت دون قيام كيان للدولة, وخاصة أنهم أرادوها عراقا عرقيا ضعيفا يتماشى مع متطلبات العدو الصهيوني, وهكذا تحولت الأيادي الخبيثة من إتلاف الحكومات إلى إضعاف الشعوب, لينفثوا فيهم روح الطائفية والطبقية والانتهازية, ليجعلوها أوصالا مقطعة يسهل هضمها وبلعها, فيتسنىلهم إكمال مشروعهم وإقامة إمبراطوريتهم العالمية بعد محاصرة دول الممانعة .

    • زائر 10 | 6:26 ص

      التناقضات باقيه

      مادام المحرك الأساسي للمواقف للأفراد والمؤسسات هي الصالح وليس المبادئ سيبقي الوضع الردئ يهيمنوا علينا

    • زائر 9 | 5:45 ص

      البحرين ليست منهم

      بغض النظر عن ما جرى في بعض البلدان العربية ، هناك جرى تحرك شعبي تحت مسميات عدة ، اما في البحرين فكان تحرك طائفي بامتياز

    • زائر 7 | 4:15 ص

      علي نور

      ترى في بلد ما أن بعض الاتجاهات تقف ضد إصلاح الأوضاع، وتشارك في القمع وفي ارتكاب الانتهاكات، ولكنك في بلد آخر ترى هذه الاتجاهات تقف على الجانب الآخر من المعادلة السياسية، وتراها ضحية لانتهاكات مماثلة. في بلد ترى أن وقوف جماعات وفئات مع الوضع القائم بحجة حماية مصالحها في حال حدثت تغييرات تؤثر في ميزان القوى السياسية، وفي بلد آخر ترى العكس بالضبغ إذ يتم تبادل الأدوار، وكأنه المرآة التي تقلب الصورة.
      كلامك يا دكتور فيه الكثير من الابهام يضيع القاري العادي في متاهاته
      اما مقال واضح او سكوت صالح

    • زائر 18 زائر 7 | 8:52 ص

      المعنى و اضح جداً

      هذه الفقره واضحه و هي تشير إلى إزدواجية المعايير في مساندة دول الخليج لثوار سوريا ضد النظام و قمعهم لثوار البحرين ووقوفهم مع النظام و كذلك وقوف المعارضة الكويتية ضد ثوار البحرين و مطالبهم بحكومة ديمقراطية في حين أنهم أنفسهم يطالبون حكومتهم بنفس المطالب ! يعني حرام على غيرهم حلال عليهم

    • زائر 6 | 4:02 ص

      سعادة الدكتور منصور الشيخ عبدالامير الجمري

      مقالاتك رائعه ذات فائده تذل على ثقافه عاليه دراسه راقيه .تحضر.تستحق من كل قاريء الى مقالاتك الاحترام والتقدر.ليس غريب عليك دكتور منصور.لانك كاتب عالمي وليس عربي فقط.حصدت الكثير من الجوائز العالميه.انت وصحيفة الوسط.جميع الكتاب في جريدة الوسط اجزم قاطعا بانهم متعلمون واكاديميون ومثقفون وكل مقالاتهم جريئه وذات فائده وتمس الواقع المرير الذي نعيشه.لاكن اتعجب من بعض كتاب الجرائد الاخرى.تعودنا منهم الشتم التخوين الكلام البذيء لماذا؟؟هل هو للشهره؟ام حقد؟ام المال؟؟ ام لانهم لايملكون شهاده ثانويه؟سؤال فقط

    • زائر 4 | 1:25 ص

      هل هناك قيم لمواقف؟

      لم تعد هناك ثوابت قيمية للمواقف بل صارت المصلحة والذاتية والانانية الفردية الحصان الذي يجر العربة الى المجهول واذا ما تمعنا الى هيجان الحصان في طريقة للاحضان ان الحصان يجرف كل من حوله ولا ينتبه الى ما يفعله غير الاستمتاع بضجيج العربة وهي تجري.
      لقد تهتك القيم التي صنعت المواقف القويمة وغابت العاقلية والحكمة وصارت المواقف العرجاء بوصلة القول والفعل ولم يبقى لنا غير ان ننتظر رحمة من السماء تنبت خيرا لامتنا.

    • زائر 3 | 1:24 ص

      بانتظار ثورة الدول التي لم تثور

      في وطني العربي قد يختلف مفهوم الثورة فهي مثل النار التي تحت الرماد فقد يثور الشعب على الانظمة الحالية تحت عناوين ودرائع مختلفة رأينا الحراك في الأردن ومصر و نراه في ليبيا وتونس وغيرها وهو مشابه تماما لما يحدث في وطني البحرين فالدم العربي كل لا يتجزأ ومطالب الثوار لا تنتهي بالتقادم ولا باستبدال الانظمة القمعية العميلة بانظمة مشابهة.
      الجميع يراقب ويترقب ولعل القادم اللذي سيقضي على بقية الانظمة أكبر من الثورة الحالية. غريب جدا ان تكون الشمس تشرق من المغرب!

    • زائر 2 | 1:13 ص

      أضحكني

      خطاب رئيس مصر "ثوار ثوار حنكمل المشوار" في حين ان من ثاروا هم مجموعة من الشباب لم يصلوا لما يطلبون وتربع الاخوان على مقعد الحكم كغنيمة ما يكونوا ليحلمون بها! ان ما يحصل في الوطن العربي من ثورة لم تجد بعد ضالتها ففي حين تم محاصرة السفارة للكيان الصهيوني ابن الثورة أرسل مرسي رسالة تودد أدخلته بيت الطاعة الصهيوأمريكي. بل ويقول لن نصدر الثورة حيث انه "منتج للثورة!" مثلا.

    • زائر 1 | 12:51 ص

      وعدت والعود أحمد.. الحمد لله علسلامة

      أهلا وسهلا بك وبعمودك المتميز وكل عام وأنت بصحة وعافية دكتور.. ونتمنى أن تنصلح الأمور بسواعد المخلصين أمثالك وأن تتحقق مطالب الشعب العادلة بالإصلاح الحقيقي الشامل.

اقرأ ايضاً