العدد 3710 - الجمعة 02 نوفمبر 2012م الموافق 17 ذي الحجة 1433هـ

ذاكرة (3)

عبدالجليل السعد comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يقع بيتنا على مفترق شارعين أو داعوسين، داخلي وخارجي، الباب الخارجي صغير وحديث نسبيّاً (قبل أكثر من 50 عاماً) وبه ساتر خشبي، يقع قبله بابا مجلسين قبل الساتر، أحدهما كبير والآخر صغير (ويستخدمه الوالد لضيوف كل ليلة من أهالي المنطقة من الوجوه المعتادة والمعروفة وبقية الضيوف الجدد، والمجلس الآخر للضيوف الخاصين وإفطار رمضان اليومي). أما الباب الخلفي فكان كبيراً جدّاً ومصبوغاً بلون بني فاتح ويقفل بالمحجام وهو شبه مهجور كونه يستخدم لتدخيل الأغراض الكبيرة، وعرفت أنه من خشب ثمين قبل عدة سنوات حيث سرق لمّاَ كان البيت متداعياً ومهجوراً. وبعد الباب الكبير دهليز وساتر أسمنتي وتقع على يساره حجرة جدتي وعلى يمينه حجرة بمسبح تستخدم لكي الثياب والضيوف، واحتلتها أختي الصغيرة لبعض الوقت لما وصلت المرحلة الثانوية، قبل زواجها بسنوات قليلة.

حدثت حكاية مثيرة في دهليز الباب الخلفي من زمن بعيد، حيث عثرنا على ثعبانين كبيرين متعانقين أو لنقل متشابكين، وكان الحدث مروعاً ومخيفاً ولم ينقذنا منه غير زوج إحدى أخواتي حيث استدعيناه فأحضر جاز (كيروسين) ورماه على الثعبانين المختبئين في فتحة حائط الدهليز ثم اشعل قطعة قماش ورماها عليهما حيث احترقا وماتا، وطبعاً هذا الحدث ابعدني عن الدهليز الخلفي لسنوات.

الإفطار كان متعة الوالدة، حيث كان البنات والجيران يجلسون حواليها، ويأكلون معها من مقربين ومدعوين لهذه المأدبة المهمة والوحيدة التي يكون الجيران مدعوين لها بحكم العرف والعادة، والتي عادة ما تكون مكونة مما تطبخه الوالدة والبنات وما يحضره الجيران، وهي قريبة من شاي الضحى لكنها وجبة كاملة وليست شاياً فقط.

وجبة الإفطار الصيفية لا أتذكر شيئاً منها ولا كيف وأين ومتى نأكلها كعائلة أومع من، وكل ما أعرفه عنها النخي والخبز والبيض الطازج الذي كانت تحضره لي خصيصاً امرأة من الجيران لمحبة خاصة كابن لها (لم تكن متزوجة، وكانت تعيش مع اثنين من إخوانها البحارة الذين عاشوا وماتوا من دون زواج وفي حالة من العدم والفقر وابنة أختها). لكن في الشتاء (قبل دخولي المدرسة) كانت الوجبة ترفاً كبيراً بالنسبة لي أتناولها مع الوالد والوالدة في حجرتهما الخاصة والمزودة بحمام للسباحة (مسبح) في الطابق الأول من البيت القديم، وشباك يطل على البحر وشباك آخر على الشارع (أو مقابل المدرسة الابتدائية) وذلك في بيتنا الثاني، بعد أن تم تأجير بيتنا كمدرسة ابتدائية للبنات وبنينا بيتاً يطل على البحر مباشرة (كان بحر وتحول بالردم إلى أرض بحرية).

إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل السعد"

العدد 3710 - الجمعة 02 نوفمبر 2012م الموافق 17 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً