العدد 3769 - الإثنين 31 ديسمبر 2012م الموافق 17 صفر 1434هـ

التطور الإنساني وقانون الغاب

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في حين يمتلئ خطابهم ووسائلهم الإعلامية بالهجوم على القوى الوطنية المعارضة وشتمها ووصفها بالخيانة والعمالة للخارج بشكل يومي، فإننا لن ننجر إلى هذا المستنقع الآسن على رغم ما ظهر وما بطن من تحارب وتقاتل الأشقاء في جمعيات السمع والطاعة على تقاسم الفتاة وتسقيط بعضهم البعض، لمجرد الفوز بأكبر قطعة من الغنيمة المستباحة.

هنا تتقاتل الضواري فيما بينها لتنال القطعة الأكبر من الطريدة وهنا تتحكم شريعة الغاب في أن ينال الأسد أولاً أهم ما في الطريدة من أحشاء داخلية، ولحم طري ليترك للذئاب والثعالب من بعده الأطراف والأجزاء القاسية من لحم الفريسة، لتأتي النسور بعدها لتنقر ما بين العظام من لحم متبقٍ لم تستسغه الذئاب ولتأتي بعد ذلك جميع الحشرات والطفيليات على ما تبقى من الفريسة.

هكذا هو الوطن الآن، وهكذا يتم تقاسمه، لكن ما يبدو للعيان أن الفريسة أصغر مما كانت تظنها الضواري، أو أن الضواري البشرية أكثر طمعاً وأنانية من وحوش الغابات.

إنها النفس البشرية الأمارة بالسوء، إنها الكراهية وحب الانتقام من لا شيء، إنها تصفية لحساب ظل متقداً لأكثر من 1400 سنة من الاختلاف من دون سبب، إنها العبودية في أبشع صورها.

ما الذي يجعل من الإخوان أعداء، وما الذي يجعل من الاختلاف مبرراً لإلغاء الآخر، ومن أعطى كل هذا الحق لمكون من الشعب وسلبه من المكون الآخر، من الذي جعل من أحدهم ضحية وأغرى الشخص الآخر أن يكون جلاداً من دون رحمة.

منذ الأزل لم يكن للحق إلا طريق واحد، وأكد ذلك إمام المتقين وأعدل الخلق بعد رسول الله (ص) حين قال: «اعرف الحق تعرف أهله»، ولكن البعض أبى إلا أن يتبع الباطل، وأن يجعل من الغالب بالقوة فيصلاً بين ما هو كائن وما يفترض أن يكون.

لا يمكن لأحد أن يدعي أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، وفي مقابل ذلك لا يمكن لأحد أن يدعي أن الآخر في ضلال مبين، فتعالوا إلى كلمة سواء، إن كنتم صادقين.

لا ينفر من الحوار إلا من كانت حجته أضعف من أن يبوح بها لأتباعه قبل خصومه ولا يبرر العنف إلا من لايزال يعيش في العصور المظلمة التي ترى أن القوة والاضطهاد أشد تأثيراً من العقل.

ومع كل ذلك يجب أن يفهم من يريد أن يوقف عجلة التاريخ، أن أحداً لم يستطع حتى الآن أن يوقف التطور الطبيعي للمجتمع الإنساني مهما امتلك من قوة وأن الإنسانية لا يمكن أن ترجع لقانون الغاب.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 3769 - الإثنين 31 ديسمبر 2012م الموافق 17 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 4:38 ص

      تسلم يا ولد ميرزا علي هذه العبارة

      جمعيات السمع والطاعة

    • زائر 9 | 4:18 ص

      الله, الجبار الأكبر

      قوة الحق فوق كل قوة في الارض, و التوافق سبيل النجاة.

    • زائر 8 | 3:53 ص

      لاعودة عن طريق النضال

      انه طريق اللا عوده حتى يحق الحق ويرجع لاهله

    • زائر 7 | 2:23 ص

      كيف يسكت من سرق حقه في وطنه

      البعض يتجاهل ما خرجت من اجله الناس ويريدهم ان يرجعوا بخفي حنين اذا ما الذي اخرجهم من بيوتهم متوطنين على بذل ارواحهم. اليس هو الحق المغصوب في وطنهم
      اليست هي الكرامة المديوسة اليست هي العدالة المفقودة
      هل رجعت الكرامة وهل عادة العدالة ام زاد الانتهاك وزاد الظلم وزادت التفرقة العنصرية؟
      اخوان لنا كنا نظنهم لنا كذلك ولكن اتضح انهم يشاركون في سرقتنا بل وفي تعذيبنا واهانة كرامتنا

    • زائر 6 | 2:11 ص

      سلمت يداك

      مقال رائع وجميل من الأخ جميل عسى الله أن يجعل عامنا جميلا كجمال كلماتك الرائع وبوركت وكل عام وانتم بخير.

    • زائر 5 | 1:28 ص

      لن يقف قطار المطالبة الا بتحقيق العدالة والكرامة كفانا صفعات على خدودنا

      اي شعب صاحب كرامة لن يقبل ان يهان بصفعات متتالية على وجه كرامته يهينه بها اناس بعيدون عن هذا الوطن واخلاقياته. لن نقف ولن يقف الحراك ووطنا وقرانا تستباح صباحا ومساءا وانصاف الليالي فقط لان هناك من يرفع صوته مطالبا بحقه. ان الله اعطانا الإذن بالمطالبة بحقوقنا وامرنا بذلك فقال (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم) واي ظلامة اشد من ظلامة مواطن تسلب كل حقوقه وتعطى لاجنبي مستورد يأخذ خيرات الوطن ويبعد عنها اهلها لا لن يكون هذا

    • زائر 4 | 1:13 ص

      لله درك ياشعب البحرين الأبي

      دوام الحال من المحال والحق لابد وأن يظهر ونحن توكلنا على الله وثقتنا به كبيرة وحاشاه أن يظلم أحد من عبيده، سنصبر حتى يعجز الصبر عن صبرنا ونحن قوم القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة واعتدنا الظلم والقهر على مدى 1400 سنة. الحمد لله الذي جعلنا مظلومين ولم يجعلنا ظالمين فوقوف الظالم يوم القيامة طويل وحسابه عسير كما نسأل المولى أن يجعل السنة الجديدة سنة خير وبركة على أهل البحرين المظلومين .

    • زائر 3 | 1:10 ص

      لهذا السبب لن يتوقف النضال ولن يتوقف الحراك لانقاد الوطن من هذه الضواري

      لن نترك الوطن فريسة لهم الوطن وطننا جميعا ونحن احق به من غيرنا ومحاولة تغليبهم علينا في كل موقع وابعادنا من كل المواقع التي يمكننا ان نحرس الوطن ونبعده عن التجاذبات.
      لا يمكن للوطن ان يسيّر بهذا الطريقة ولا يمكن للوطن ان يبقى فريسة للبعض يمتص دمه وبعدها يتركه جثة هامدة.
      نحن ابناء الوطن ابا عن جد ومسؤليتنا حماية وطننا مهما حاولوا تشوية الصورة بما يملكون من اموال الوطن وثرواته يبذرونها ويقتسمونها ونحن جالسون ننظر اليهم
      هكذا. من يقول انا بحريني وهذا وطني عليه ان يتحرك لايقاف هذا التلاعب

    • زائر 2 | 1:06 ص

      بداية موفقة

      مقالك رائع اخي الكريم وافتتاحية موفقة لبداية سنة جديدة نتمنى ان تنقشع هذه هذه الغشاوة عن اعين البعض

    • زائر 1 | 12:43 ص

      مدح للكاتب

      توصيف جميل من الجميل سلمت يداك ويعطيك الله االقوه والعافيه وتستمر فى العطاء ولا تحيد عن الحق

اقرأ ايضاً