هذا هو صباح عام جديد ليس كمثل سابقيه بالطبع، لأنه يحمل رقماً غالباً ما يكون موضع تشاؤم في «الميثولوجيا» الغربية، وهو الرقم 13، إلا أننا لا نود أن نعيش في زمن الأساطير مع أن ما يحدث في واقعنا البحريني اليومي منذ عامين قد فاق كل الأساطير حكاية وتصديقاً.

يكثر مع مطلع كل عام جديد المتنبئون والفلكيون بوصفهم لما سيحدث في العالم من حولهم بناءً على مقاربات فلكية وتنبوءات مرتبط بعضها بالأساطير القديمة. وبما أننا في بلادنا نعيش وضعاً مؤلماً منذ سنتين تقريباً هو إرهاصات لعقود سابقة؛ فكم نحن بحاجة لا لتنبوءاتٍ ربما تتحقق أو لا تتحقق نرجوها من بني البشر الخطائين؛ بل نحن في حاجة ماسة لدعواتكم لرب العباد في أوقات وليالٍ خصصت لاستجابة الدعاء دون غيرها أمام أبواب السماء المفتوحة على مصراعيها، كما هي مشرعة في كل ثانية ودقيقة وساعة طوال اليوم.

لذا... لنتوجه بالدعاء للباري عز وجل بهذه الكلمات التي ستصبح واقعاً حقيقياً على الأرض يوم تشرق فيه شمس برقم سيكون مخلداً في التاريخ لا محالة.

ندعو رب العباد، أن يزيح هذه الغمّة عن هذه الأمة، بأن تكون أحداث نهاية الزمان بفرج الأزمة في البلاد بشكل يرضاه لعباده الصالحين.

ندعو رب العباد، أن يهدي المتزلفين والمطبلين والمنافقين والمتسلقين على رقاب الناس لوقفة ضمير حي تعيدهم للخط الرشيد.

وندعوه تعالى ألا نُرى مصفوعين أمام الكاميرات بعد أن غصت بهم عنابر المعتقلات.

ندعوه أن نشم روائح البخور البحريني الأصيل بدلاً من روائح الغازات السامة ومسيلات الدموع.

ندعوه أن نصحو بسماع خبر معرس وليس شهيداً في قافلة العزة والكرامة للوطن.

ندعوه أن تكون البحرين عنواناً لا شريك له في حقوق الإنسان بلا وزارة.

ندعوه أن تطمئن الأم على وليدها إذا تنقل بين القرى والمدن بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً وعودته سالماً.

ندعوه بانتهاء عصر الدكتاتوريات المسيطرة على أقدار البشر في العالم وبلا رجعة.

ندعوه أن تكون الفترة ما بين فبراير وأبريل المقبلين ليست كسابقتها، وأن تبقي البحرين الأصيلة بلد القيم والمبادئ والأخلاق والعزة والكرامة لأهلها، والمضيافة لمحبيها وليس مبغضيها.

ندعوه ألا يكون هناك في شوارعنا لا صافع ولا مصفوع بالتي هي تُقطعُ.

ندعوه بحرارة قلوبنا، ألا تزداد أعداد الأرامل واليتامى والمفقودين والمدهوسين والمضرّجين بالدم والمفصولين من أعمالهم والمعتقلين والخائفين على أرزاقهم أن تُقطع.

ندعوه أن ينزل التقوى في قلوب كل المسئولين والنواب المنتخبين والمعينين في بلدهم الأصيل لأنها كانت وستبقي هي نغمة الشعر البديع في أيام الزمن الجميل وكل من عليها فانٍ.

ندعوه بأمطارٍ لها رائحة ماء الورد لتغسل القلوب التي علاها قطران الحقد الطائفي الآسن، وتنعش القلوب التي علاها الأمل في شمس يوم جديد وهي ناظرة لتباشيره تلوح عند الأفق.

ندعوه باسم المتقاعدين وكبار السن أن تحترم شيبتهم وصدق عطائهم ووفائهم للبلد والناس وذلك بحفظ عزتهم وكرامتهم لا إذلالهم من قبل أهاليهم ومسئوليهم ومن لا يقدرون جهودهم ببعض الدراهم الفانية.

ندعوه أن يهدي الجميع لعدم إهانة وتحقير المعوقين من قبل الناس أو قوات الأمن، فيكفيهم ما كتب الزمان عليهم.

ندعوه باسم الأطباء وراء القضبان، والمعلمين المغضوب عليهم والمهمشين قسراً، والطلبة المفصولين ظلماً، والعمال المهضومين حقاً، والعاطلين المهملين جزماً، أن يفرج عنهم بحلول العام الجديد.

ندعوه أن تفعّل إجراءات الرقابة المالية ولو لمرةٍ واحدةٍ بأن نرى مسئولاً عن أخطائه وفساده قد نال جزاءه الذي يستحقه بقانون العدل وليس العفو.

ندعوه باسم أبناء المرأة المواطنة المتزوجة من غير مواطن أن تمنح لهم الجنسية بدل الغير.

ندعوه أن يرحمنا بشفاء جميع آذان من لا يريدون أن يسمعوا جيداً نداءات الحوار الحقيقي كي لا يترجمها لحوار غير الحوار، ويحيل الأمر لذوي الآذان الصماء من جديد.

وندعوه، وندعوه، وسنبقي ندعوه بلا تواكل أو توقف، بل بصوت عبد حر راجياً أن يستجيب دعاءه، لأن المولى عز وجل هو الوحيد السميع المجيب الذي لا يرد دعاء مظلوم أو مؤمن صالح أو أم ثكلى يحترق قلبها على وليدها في ليالٍ يُستحب فيها الدعاء.