وفي اقتصاد منفتح تجارياً جداً مثل الاقتصاد السنغافوري؛ إذ تعادل الصادرات نسبة 200 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تستخدم سلطة سنغافورة النقدية العملة المحلية بدلاً عن التحكّم بأسعار الفائدة كأداة للسياسة النقدية بهدف استقرار الأسعار، عن طريق السيطرة على التضخم عبر رفع سعر صرف العملة.

ولم تتخذ سنغافورة أي إجراءات لتحسين النمو حتى الآن؛ إذ اختارت أن تتحكّم في الأسعار؛ ما كان له الأثر السلبي على النمو؛ وخصوصاً في القطاع الصناعي. وجاء ضعف القطاع الصناعي لعدّة أسباب أولها، تباطؤ الطلب العالمي، وثانيها، الحدود المفروضة على قدرة البنك المركزي على الإقراض للقطاع الخاص، وثالثها، القيود على الهجرة. وأثّر هذا الإجراء الأخير على الاستثمار وعلى خطط التوسع.

وتستورد سنغافورة أغلب عمالتها من ذوي المهارات المتدنية من الخارج، لأنها أقل كلفة من العمالة المحلية. إلا أن التدفق الكبير للعمّال الأجانب أدّى إلى توترات اجتماعية واقتصادية بين السنغافوريين، الذين بدءوا بلوم المهاجرين إلى سنغافورة على قلة الوظائف المتوافرة للمواطنين، وعلى الازدحام، وارتفاع أسعار العقار. ونتيجة لذلك، بدأت الحكومة في وقت سابق من هذا العام فرض قيود على العمالة الأجنبية، عبر فرض ضريبة على الشركات التي توظف الوافدين، وعبر تصعيب الحصول على تأشيرات السفر للعمالة. وأدّى هذا إلى ارتفاع كلفة العمالة، وبالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج. وينبغي على الحكومة أن تأخذ الحذر؛ إذ من الممكن أن تعيق قوانين الهجرة الصارمة من الخطط الاستثمارية، وتزيد من استياء الشركات، التي قد تجد الانتقال إلى مكان آخر خياراً أفضل. وحتى الآن، يظل الاهتمام الأول لسنغافورة هو السيطرة على التضخم، لكن إذا ما استمر ضعف النمو، أو شهد النمو تباطؤاً في الربع الأول من العام 2013، قد تقرر سلطة سنغافورة النقدية تيسير سياستها النقدية عن طريق حدّ مكاسب العملة والسماح لسعر صرف العملة بالانخفاض، حتى تزيد من تنافسية صادراتها. وقد تضطر الحكومة إلى تسهيل القيود على العمالة الأجنبية، إذا أرادت أن تتجنب انكماشاً في العام 2013.

دانا الفقير

محللة في «الكويتية الصينية الاستثمارية»