العدد 3778 - الأربعاء 09 يناير 2013م الموافق 26 صفر 1434هـ

بيع البقالة بالتجزئة... قطاع على حافة تحوّلات كبرى

في دراسة لـ «بوز أند كومباني»...

كشفت دراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية بوز أند كومباني بالتعاوُن مع معهد التسويق الغذائي بشان بيع البقالة بالتجزئة في الولايات المتحدة عن نتائج ملحوظة في هذا القطاع؛ ولاسيما بالنسبة إلى قطاع التجزئة عموماً؛ إذ أشارت التحليلات التي هدفت إلى النظر للوضع الحالي لتجارة الأغذية بالتجزئة في السوق الأميركية إلى أنه يتوقع أن تعزز الاتجاهات القادمة واقع قطاع التجزئة التنافسي والديناميكي. كما تسلط البيانات الجديدة الضوء على أربع قوى مُهمة لإعادة تشكيل تنافُسية القطاع خلال السنوات القليلة المُقبلة وهي التحول الدائم إلى البحث عن الكلفة المنخفضة بين الزبائن، وصعود التسوق المُرتكز على التكنولوجيا، وازدياد التطور الإلكتروني، والابتكار في الشكل والسلعة. وقد تعود نتائج هذه الدراسة بالفائدة على التجار في الشرق الأوسط الذين يجب أن يتنبهوا لهذه القوى، فالتخلّف عن الاستجابة بفعالية لها قد يؤدي بهم إلى خسارة الحصص السوقية وتراجُع الربحية ورُبما الاندثار من السوق.

سلوك البحث عن التكلفة المنخفضة

يُشير الاستطلاع إلى وجود 50 إلى 60 في المئة من المتسوقين اليوم ممن يصفُون أنفسهم بأنهم «باحثين عن منتجات غير مُكلفة ولطالما كانوا كذلك». في الحقيقة، دفعّت الأزمة الحالية نسبة إضافية من المتسوقين تتراوح بين 20 إلى 30 في المئة إلى اعتماد النهج نفسه الذي يبحث عن توفير الكلفة سعياً منهم للتكيّف مع ظروفهم الضيقة أو رغبةً منهم في إتباع مجموعة من السلوكيات المُقتصدة والتي تعتبر «مقبولة». وقد أدى هذا إلى تراجع التكاليف الإجمالية عبر البحث عن أفضل عروض البقالة واقتطاع القسائم وشراء المُنتجات ذات العلامات التجارية الخاصة وليس العالمية وتناول الطعام في المنزل بدلاً من تناوله خارج المنزل وتوظيف بقايا الطعام وتقليص المُشتريات لتقتصر على المواد الاستهلاكية التي لا يتم الاستغناء عنها فقط.

ويشرح مدير أول في «بوز أند كومباني»، كارل نادر، أنه «من المُثير للاهتمام أن غالبية هؤلاء المُتسوقين المُقتصدين الجُدد يقولون إنهم لن يعودوا إلى سلوكياتهم السابقة عند انتهاء فترة الأزمة. وهذا واضح جداً، ففي الشرق الأوسط، أصبح النظر إلى الأسعار مسألة مهمة للغاية».

ونتيجةً لذلك، يعمل تُجار التجزئة على:

- زيادة إنتاج العلامات التُجارية الخاصة وتخفيض تكلفتها لتلبية احتياجات المتسوقين. كما نمت حصة العلامة التُجارية الخاصة خلال الأعوام الأخيرة بما يتفق مع تجميع خدمات التجزئة في الشرق الأوسط.

- تركيز القدرة التنافُسية للأسعار على الفئات عالية الطلب (مثل منتجات الحليب والعصائر والمنظفات)، وهذا ضروري عند النظر إلى السعر ويسمح بإبقاء الهوامش مُركزة على الفئات متدنية الانتشار.

- مُراجعة النفقات التشغيلية بعناية لإدارة التكاليف وضمان تحقيق النمو.

النتائج الرئيسية

تُعتبر نتائج هذا الاستطلاع نتائج قوية لسببين أولهما أنها شملت أسئلة تتعلق بمجموعة واسعة من السلوكيات المرتبطة بالبقالة كما كانت النتائج مُلائمة. ثانياً وللمرة الأولى منذ سنوات عدة، شهدت معدلات البطالة في الولايات المتحدة تراجعاً؛ ما يشير إلى أن معظم المشاركين في الاستطلاع قد أجابوا على الأسئلة استناداً إلى خبرتهم الحالية وليس بناء على استردادهم لعملهم في الماضي البعيد.

التسوّق المُرتكز على التكنولوجيا

تسود التكنولوجيا الرقمية حالياً جميع أوجه حياة المستهلكين ويشمل ذلك تسوق البقالة، إذ يستخدم العديد من المستهلكين التكنولوجيا كجزء من تجربة التسوق. ويعني هذا في الأساس إمكان استخدام جهاز الكمبيوتر الشخصي في المنزل للبحث عن الصفقات والوصفات على المواقع الإلكترونية لمتاجر البقالة المحلية بل بات في إمكان المتسوقين الأكثر تطوراً تحميل القسائم وطباعتها من المواقع الإلكترونية لتجار التجزئة أو الشركات المُصنّعة، بينما قد يعمد عدد من المتسوقين فائقي التطور إلى تنزيل هذه القسائم على بطاقات التسوق الخاصة بهم، ويلج المتسوقون الأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية هذه الأدوات على هواتفهم الذكية».

التطوّر الإلكتروني

خلال الأعوام الأخيرة، طغى شكل جديد من تسوق البقالة إلكترونياً على هذا القطاع التقليدي. في الواقع، وعوضاً عن شراء المنتجات كاملة، يميل متسوقو البقالة إلكترونياً بشكل أكبر لشراء فئات معينة أو وحدات تخزينية مُحددة. وقالت نسبة ملفتة من المستهلكين بلغت 54 في المئة إنها تتسوق بعض فئات البقالة على الأقل باستخدام هذه الطريقة الإلكترونية الناشئة.

وتُشير التجربة إلى انتشار هذا السلوك لدى مجموعة من الفئات العمرية لكن تبقى توقُعات شراء البقالة إلكترونياً غير مؤكدة على المدى الطويل فالسلع متدنية القيمة والسلع الهامشية والسلع الضخمة دائماً تستتبع تكاليف شحن. لكن بما أن تجار التجزئة الإلكترونية يبتكرون عروضاً لسلعهم ويوفرون خدمات لوجستية، فإنّ المسئول التنفيذي الشجاع وحده هو القادر على إقصاء خيار شراء البقالة إلكترونياً باعتباره غير ملائم.

واليوم، ومع دخول خدمات النطاق العريض إلى كل منزل تقريباً والنمو المستمر لقطاع التجزئة الإلكترونية، قد يكون الوقت مناسباً لنشهد توسعاً كبيراً ومتنوعاً في أشكال شراء البقالة إلكترونياً. ويُضيف نادر أن «تُجار البقالة في الشرق الأوسط بدئوا يطورون قنواتهم الإلكترونية مع التركيز على المُنتجات غير الغذائية؛ إذ أصبحت المنصة الإلكترونية امتداداً لمخازن البقالة؛ ما يسمح بتوفير مجموعة واسعة من المنتجات».

وهذه المواد تكون عادةً المواد ذات الهامش المرتفع وعالية الاستهلاك والتي تطلب مساحات إضافية للتخزين في المتجر ويختلف التطور الذي يشهده تسوق البقالة الإلكتروني بدرجة كبيرة بين بلدان مجلس التعاون الخليجي فقد تكون الإمارات العربية المتحدة أكثر جاهزية من المملكة العربية السعودية لهذه القناة؛ نظراً إلى التطورات الحالية التي تشهدها تجارة التجزئة بالإمارات والتركيبة السكانية فيها.

الابتكار في الشكل والسلعة

خلال الأعوام الخمسة الماضية، ازدادت القدرة الإجمالية لقطاع بيع البقالة بالتجزئة في الولايات المتحدة بنحو 150 مليون متر مربع (مساحة البيع)، ولم يُضَف أي جزء أساسي منها إلى أشكال السوبرماركت التقليدية.

والأهم ربما هو المساحة الكبيرة التي أضافتها الأشكال الأصغر، ولاسيما متاجر الحسومات الكبرى. فقد أضاف هذا النوع من الأعمال آلاف المتاجر خلال الأعوام الخمس الماضية، أما الشكل الثالث وهو سوق الأغذية الطازجة الجديدة فمتطورة بدرجة كبيرة في قليل من المناطق الجغرافية فقط. كما أن هذا الشكل ينضوي على المزيد من التحديات لأن التعقيدات التشغيلية ترفع التكاليف، ويبدو أن النجاح والربحية يتطلبان إعادة تجهيز شاملة لنموذج التشغيل.

وينطبق هذا على منطقة الشرق الأوسط. ويشرح كارل نادر أن «تُجار التجزئة يدرسون إدخال أشكال السوبرماركت الكبرى في المناطق الأكثر كثافة؛ فضلاً عن الأشكال الأصغر لتلبية احتياجات المتسوقين السريعة والمختلفة، وأشكال الحسومات لتلبية احتياجات المتسوقين الباحثين عن القيمة».

وفي جميع الحالات، يُعزز تُجار التجزئة قدراتهم التحليلية بشكل أكبر لتأمين برامج العمل الأفضل لكل من هذه الأشكال: المُنتج المُناسب في المكان المُناسب بالسعر المُناسب في الوقت المُناسب وبالكلفة المُناسبة.

الابتكار في ترويج السلع

بالإضافة إلى أشكال المتاجر الجديدة، هناك ازدهار في الترويج من جانب تُجار التجزئة والشركات المُصنعة على حد سواء، فهذه الابتكارات مُصممة لتحقيق أمرين هما الحصول على المزيد من المتسوقين في المتجر، وجعلهم يُنفقون أكثر في سياق معين. نتيجةً لذلك، تُحسن الشركات المُصنعة وتُجار التجزئة بدرجة كبيرة استراتيجيات دخول السوق كما يجري تطبيق قدرات جديدة كوسيلة لإثراء تجربة التسوق.

الخطوة التالية لتُجار التجزئة

مما لاشك فيه أن هذه القوى ستتسبب في إحداث تغييرات هيكلية في قطاع بيع البقالة بالتجزئة، فمن ناحية المُتسوقين، بات السلوك الأقرب إلى الانكماش أو التوفير راسخاً في الأذهان. وفي الوقت نفسه، ستجعل التكنولوجيا الرقمية «التسوق على أساس السعر» أسهل وأكثر ملاءمة، وسيستحوذ الإنترنت والأشكال الجديدة الأخرى بالتأكيد على جزء من حصة الطُرق التقليدية.

لذلك، سيكون على تُجار بيع البقالة بالتجزئة إعادة تقييم «طريقة العمل» - سلسلة القيمة الاستراتيجية الشاملة، وفق بُعدَين. يُركز البُعد الأول على أهمية وضع إجراءات استراتيجية متلائمة مع سوق المستهلكين المتطورين، بينما يعكس البُعد الثاني القُدرات الرئيسية التي سيتعين على تاجر التجزئة تعزيزها لتوفير سلسلة القيمة تلك، كما يُمكن أن تتضمن القُدرات المُميزة فهماً عميقاً للمتسوقين وتسوقاً رقمياً وجوالاً وخدمات تجزئة عبر قنوات متعددة ومُبتكرة.

تقييم طريقة العمل ليس أمرًا سهلاً؛ وخصوصاً إذا كان هناك انعدام استقرار في السوق أو عدم توافق بين كبار أعضاء الفريق. ومن خلال محورة التركيز على الوضع الاستراتيجي والتحلي بالوضوح حيال طريقة المنافسة، يكون في إمكان تُجار التجزئة تقليص التكاليف ودفع عجلة النمو كما أن هناك حاجة إلى التركيز على إعادة توجيه التكاليف في الترويج والتسويق وسلسلة التزويد لإيجاد رأس المال الضروري للاستثمار في القدرات وإنماء الأعمال.

العدد 3778 - الأربعاء 09 يناير 2013م الموافق 26 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً