العدد 3808 - الجمعة 08 فبراير 2013م الموافق 27 ربيع الاول 1434هـ

حشود ضخمة في جنازة معارضٍ تونسي... وتفاقم أزمة الحكومة

جثمان المعارض التونسي شكري بلعيد محمولاً على الأكف قبل مواراته الثرى أمس- AFP
جثمان المعارض التونسي شكري بلعيد محمولاً على الأكف قبل مواراته الثرى أمس- AFP

شارك عشرات آلاف التونسيين، أمس الجمعة (8 فبراير/ شباط 2013)، في تشييع جنازة المعارض التونسي شكري بلعيد، الذي اغتيل الأربعاء الماضي، مرددين شعارات ضد سلطة الإسلاميين في تونس التي شهدت مواجهات على رغم انتشار الأمن والجيش بكثافة.

وقالت وزارة الداخلية التونسية لوكالة «فرانس برس» إن نحو 40 ألف شخص شاركوا في تشييع جنازة بلعيد (48 عاما) التي تحولت إلى تظاهرة ضد حزب «النهضة» الإسلامي، الذي وجهت إليه أصابع الاتهام في هذه الجريمة التي لا سابق لها في تاريخ تونس المستقلة.

ووري جثمان المعارض اليساري الثرى وسط تكبير آلاف المشيعين الذين أنشدوا أيضاً النشيد الوطني التونسي وتلوا على روحه فاتحة الكتاب.

سياسياً، استمرت أزمة الحكومة بعد تمسك رئيس الوزراء حمادي الجبالي بمقترحه تشكيل حكومة تكنوقراط، وسط رفض من حركة «النهضة» التي يتزعمها.


الجبالي متمسك بقرار تشكيل حكومة «تكنوقراط» رغم معارضة حركة «النهضة» التي يتزعمها

أعمال عنف تخيّم على تشييع جثمان المعارض المقتول في تونس

تونس - رويترز، أ ف ب

اشتبكت الشرطة مع مشيعين يشاركون في جنازة حاشدة أمس الجمعة (8 فبراير/ شباط 2013) لتشييع جثمان المعارض العلماني شكري بلعيد، الذي فجّر اغتياله أزمة سياسية عميقة في تونس.

وتحدى 50 ألف شخص على الأقل الأمطار وبرودة الطقس ليشاركوا في جنازة بلعيد في مسقط رأسه بجبل الجلود في العاصمة، ورددوا هتافات مناوئة للإسلاميين وللحكومة.

وبحسب «رويترز»، فإن هذه أكبر جنازة تشهدها تونس منذ وفاة الحبيب بورقيبة، زعيم الاستقلال وأول رئيس للبلاد العام 2000.

واندلعت أعمال العنف بالقرب من المقابر، حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة وأشعلوا النار في سيارات. كما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ضد محتجين بالقرب من وزارة الداخلية، وهي منطقة اشتباكات معتادة في العاصمة التونسية.

وتعاني تونس مهد انتفاضات الربيع العربي من توتر بين الإسلاميين الذين يهيمنون على مقاليد الحكم ومعارضيهم العلمانيين، ومن خيبة أمل بسبب عدم حدوث أي تقدم على صعيد الإصلاحات الاجتماعية منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير/ كانون الثاني 2011.

وردّد المشيعون في العاصمة هتافات بأن الشعب يريد ثورة جديدة كما رددوا النشيد الوطني. وأحاطت الحشود بعربة عسكرية مكشوفة تحمل جثمان بلعيد ملفوفاً بعلم تونس من مركز ثقافي في جبل الجلود بطريقها إلى مقبرة الجلاز، فيما حلقت طائرة مروحية تابعة لقوات الأمن فوق المنطقة.

وحمل المشيعون صور بلعيد، الذي أطلق مسلح الرصاص عليه بينما كان يهم بمغادرة منزله في طريقه إلى العمل يوم الأربعاء، قبل أن يلوذ القاتل بالفرار بدراجة نارية مع شريك له.

وردّد البعض هتافات ضد زعيم حزب حركة «النهضة» الإسلامية الحاكم راشد الغنوشي، ووصفوه بأنه «قاتل» و»مجرم»، و «تونس حرة.. الإرهاب بره».

وقال شهود إن الشرطة التونسية أطلقت أمس الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين مناهضين للحكومة كانوا يرشقونها بالحجارة والقنابل الحارقة في قفصة في جنوب البلاد، وهي معقل لأنصار بلعيد.

وردّد المحتجون هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام»، وهو الشعار الذي استخدم لأول مرة خلال الانتفاضة التي أطاحت بابن علي.

وفي سيدي بوزيد، البلدة الجنوبية التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية، قال شهود إن نحو 10 آلاف محتج تجمعوا ورددوا هتافات ضد حركة «النهضة» والحكومة.

وأغلقت البنوك والمصانع وبعض المتاجر أبوابها استجابة لدعوة الإضراب التي أطلقتها الاتحادات العمالية احتجاجاً على اغتيال بلعيد، لكن الحافلات كانت تسير بصورة منتظمة.

وقال متحدث باسم الخطوط الجوية التونسية إن الشركة أوقفت جميع رحلاتها أمس في إطار إضراب عام دعت إليه نقابات عمالية احتجاجاً على قتل بلعيد.

وألقت أسرة بلعيد باللوم على حركة «النهضة» لكن الحزب نفى أي تورط في الحادث.

وهاجمت حشود عدداً من مقار الحركة في العاصمة ومدن أخرى خلال اليومين الماضيين. ورغم أن بلعيد يتمتع بتأييد سياسي محدود، لكنه في انتقاده اللاذع لسياسات حركة «النهضة» كان يتحدث بلسان كثيرين يخشون أن يخنق الأصوليون الإسلاميون الحريات المكتسبة في أولى انتفاضات الربيع العربي.

ويمكن أن تكون التبعات الاقتصادية لحالة الاضطراب السياسي واضطرابات الشوارع خطيرة في بلد لم يضع بعد مسودة لدستور ما بعد الثورة ويعتمد بشدة على السياحة.

ووصف رئيس اتحاد وكالات السياحة التونسية محمد علي التومي، الأحداث الجارية بأنها كارثة سيكون لها تأثير سلبي على السياحة.

وحثّت فرنسا، التي أعلنت بالفعل عن إغلاق مدارسها في تونس يومي الجمعة والسبت، رعاياها على الابتعاد عن مناطق التوتر المحتملة في العاصمة.

وارتفعت تكاليف تأمين السندات الحكومية لأعلى مستوى في أكثر من أربع سنوات أمس الخميس، وقالت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني إنها قد تخفض تصنيف تونس أكثر إذا ما استمر عدم الاستقرار السياسي أو تدهورت الأوضاع.

سياسياً، أعلن رئيس الحكومة التونسية، وأمين عام حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة حمادي الجبالي، أمس (الجمعة) تمسكه بتشكيل حكومة تكنوقراط، رغم رفض حزبه، وقال إنه لن يذهب إلى المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) للحصول منه على «تزكية» لهذه الحكومة.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن الجبالي قوله «أنا متمسك بقراري بخصوص تشكيل حكومة تكنوقراط، ولن أذهب إلى التأسيسي لتزكيتها. وتركيبة هذه الحكومة جاهزة تقريباً».

ومساء الأربعاء أعلن حمادي الجبالي قراره تشكيل «حكومة كفاءات وطنية لا تنتمي إلى أي حزب، تعمل من أجل (مصلحة) وطننا»، وذلك بعد اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد، بالرصاص أمام منزله في العاصمة تونس.

ولفت إلى أنه «لم يستشر» عند اتخاذ هذا الموقف «لا أحزاباً حاكمة ولا معارضة، بل ضميري ومسئوليتي أمام الله والشعب».

وقال إن الحكومة ستكون «مصغرة» وستتشكل من «أبرز ما لدينا من كفاءات، وفي كل الوزارات السيادية وغيرها؛ لتعمل على الخروج من هذه الوضعية». وشدد على ضرورة أن تكون الانتخابات العامة المقبلة «سريعة وشفافة ونزيهة بمراقبة دولية كثيفة».

ودعا الجبالي رئيس المجلس الوطني مصطفى بن جعفر، إلى «أن يحدد تاريخاً واضحاً وجلياً وفي أقرب الآجال للانتخابات». ولم يصدر حتى الآن أي بيان رسمي من حركة «النهضة» حول تشكيل حكومة التكنوقراط.

لكن رئيس الكتلة البرلمانية لحركة «النهضة» في المجلس التأسيسي صحبي عتيق، أعلن رفض الكتلة قرار الجبالي.

وقال عتيق في تصريح للتلفزيون الرسمي التونسي: «رفضنا هذا المقترح (...) ورئيس الحكومة اتخذ هذا القرار دون استشارة الائتلاف (الثلاثي الحاكم) أو حركة النهضة، الحزب الأكثر تمثيلية في البرلمان (89 مقعداً من إجمالي 217)».

وأوضح أن التنظيم القانوني المؤقت للسلطات العامة في تونس لا يخول الجبالي لإقالة الوزراء من مناصبهم.

حشود من التونسيين في تشييع جثمان المعارض شكري بلعيد - رويترز
حشود من التونسيين في تشييع جثمان المعارض شكري بلعيد - رويترز

العدد 3808 - الجمعة 08 فبراير 2013م الموافق 27 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:08 ص

      يا هذا ، يمن علقت على الاخبر ..نقول لك ..لا مفر من احقاق الحق والعدالة وازالة الظلم والفساد

      تقاسم الغنائم لا بد له ينتهي.

    • زائر 1 | 3:10 ص

      الاسلاميين كلهم طينة واحدة

      حذاري من الاسلاميين شيعتا ام سنتا هدفهم الاسمى السلطة على حساب الشعب المغلوب على امره و كل على مرجعيته من التخلف طالبانيا اخوانيا ام ولاية الفقيه فاختك مثلك فالحل هو العلمانية كتركيا وماليزيا ووووو

اقرأ ايضاً