العدد 3837 - السبت 09 مارس 2013م الموافق 26 ربيع الثاني 1434هـ

«التربية للمواطنة» في دراسة المرحوم ناجي الهاشم

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

عندما زرت الاختصاصي الأول لمناهج المواد الاجتماعية بوزارة التربية والتعليم عادل تُلفت في مكتبه بإدارة المناهج منتصف العام 2009؛ لأهديه نسخةً من إصداري الأول «تربية حقوق الإنسان... الطريق نحو مجتمع المعرفة»، وجدتُ شاباً خلوقاً ومهذّباً بادرني بالتحية، ونظر إلىَّ باهتمام وكأنه يعرفني، حينها سألته عن اسمه فأجابني مبتسماً وممازحاً:

أخوك ناجي الهاشم... وصلني كتابك وقرأته، والأخ عادل يريد نسخة منه»!

بعد مدة قصيرة جداً، تفاجأتُ عندما أبلغني الزميل تُلفت بأن الشاب ناجي الهاشم قد انتقل إلى رحمة الله في حادث مروري مروّع وهو متوجّهٌ إلى عمله في وزارة التربية والتعليم عن عمر ناهز 34 عاماً.

نشأ المرحوم الهاشم فترة طفولته بمدينة الحد، وكان يعاني من ثقب في قلبه حتى أجريت له عملية ناجحة في المملكة الأردنية ـ وهي الدولة نفسها التي

أكمل فيها دراسة الدكتوراه ـ وشفي على إثرها وهو في السادسة من العمر.

بين عودة المرحوم الهاشم من الدراسة ووفاته أقل من عام واحد، وبحكم اهتماماتي بالأدبيات التربوية ذات العلاقة بقيم المواطنة والتماسك الاجتماعي، فإنني سأتناول أطروحة الدكتوراه للمرحوم الهاشم بشيء من الإجمال.

عنوان دراسة المرحوم الباحث هاشم سليمان الجاسم الهاشم هو «بناء نموذج مقترح لمنهج التربية للمواطنة للمرحلة الإعدادية بمملكة البحرين مستنداً إلى التغيرات المعاصرة»، من الجامعة الأردنية، إشراف: هاني عبد الله وشاح. وقُدمت الأطروحة استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الدكتوراه في المناهج العامة، ونوقشت وأجيزت بتاريخ 4 أغسطس/ آب 2008.

في البدء، يهدي الهاشم جهده العلمي إلى أمه وأبيه، وزوجته وابنته مريم وإخوانه وأخواته وأساتذته وأصدقائه وزملائه.

هدفت دراسة الهاشم إلى بناء نموذج مقترح لمنهج التربية للمواطنة للمرحلة الإعدادية بمملكة البحرين استناداً إلى التغيرات المعاصرة، وذلك بإعداد قائمة بالتغيرات المعاصرة، وتحليل مجالات ومكونات مشروع وثيقة منهج التربية للمواطنة في ضوء المعايير العالمية لوثائق المناهج استناداً إلى التغيرات المعاصرة، وتحليل كتب التربية للمواطنة لصفوف المرحلة الإعدادية. واستخدم الهاشم في دراسته المنهج الوصفي التحليلي، وقد خلص إلى عدد من النتائج، أهمها: أن ثمة أربعة محاور رئيسة للتغيرات المعاصرة

وهي: التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية (التعليمية).

هذه المحاور الأربعة يندرج تحتها 18 محوراً فرعياً، وتوصل الباحث إلى أن مشروع وثيقة منهج التربية للمواطنة قد حقّق نسبة 30 بالمئة من مجالات معايير تقويم بناء المنهج (أداة الدراسة) والتي طوّرها الباحث، وتعتبر هذه النسبة ـ حسب الهاشم ـ متدنيةً قياساً بالمعايير العالمية لبناء وثائق المناهج الأخرى.

في أسئلة الدراسة، طرح الهاشم عدداً من الأسئلة الملحة، وهي:

ـ ما التغيرات المعاصرة التي يلزم مراعاتها في منهج التربية للمواطنة للمرحلة الإعدادية بمملكة البحرين؟ ـ ما المجالات التي حققها مشروع وثيقة منهج التربية للمواطنة بمملكة البحرين وفق المعايير العالمية لوثائق المناهج المستندة إلى التغيرات المعاصرة؟ ـ ما مدى مراعاة كتب التربية للمواطنة للمرحلة الإعدادية بمملكة البحرين للتغيرات المعاصرة؟ ـ ما النموذج المقترح لبناء منهج التربية للمواطنة لطلبة المرحلة الإعدادية في مملكة البحرين والذي يراعي التغيرات المعاصرة؟

للدراسة أهميتها عند الهاشم في تقديم مؤشرات علمية حول مدى مراعاة منهج التربية للمواطنة للمرحلة الإعدادية للتغيرات المعاصرة، وتزويد صانعي القرار التربوي ومخططي المناهج المختصين بالأساليب المنهجية بإدخال التغيرات المعاصرة، باعتبارها إطاراً مرجعياً لتصميم منهج التربية للمواطنة في المرحلة الإعدادية في مملكة البحرين، كما أنها تأتي تلبيةً لرغبة وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين العام 2007 بضرورة بناء مناهج جديدة للمرحلة الإعدادية وخصوصاً مناهج التربية للمواطنة وبنظرة معاصرة؛ لتواكب التطورات العالمية أسوةً بما هو متبع في الدول المتقدمة، ودعوتها إلى تطوير وتقويم المناهج والكتب المدرسية تمشياً مع خطة التطوير التربوي وبما ينسجم مع فلسفة وقانون التربية والتعليم ومبادئ المشروع الإصلاحي، إلى جانب فتح المجال أمام المهتمين بميدان التربية للمواطنة لإجراء المزيد من الدراسات والأبحاث التي يمكن أن تدعم الدراسة الحالية، كإجراء دراسات تقويمية لمناهج التربية للمواطنة في المراحل التعليمية الأخرى.

توصل الهاشم إلى أن نتائج تحليل كتب التربية للمواطنة (عينة الدراسة) قد أسفرت عن قصورٍ واضحٍ في مدى مراعاتها للتغيرات المعاصرة باختلاف محاورها الرئيسة والفرعية، وأن مدى مراعاتها لم يرق للمستوى المطلوب، وعليه فقد قام ببناء النموذج المقترح لمعالجة القصور والتناقض والانقطاع بين وثيقة منهج التربية للمواطنة والكتب المقرّرة على المرحلة الإعدادية (عينة

الدراسة) في مجالاتهما ومكوناتهما.

يشير الهاشم إلى أن آثار تلك التغيرات في المناهج المدرسية ـ وخصوصاً منهج التربية للمواطنة ـ لن تقتصر فقط على التعلم المعرفي، لكنها ستنال الجانب القيمي وأنماط التفكير على المستويين الفردي والاجتماعي، أي أنها ستنال الجانب الثقافي للمجتمع، لهذا فإن وسائل الصد والمنع ركيزتها المناهج المدرسية حيث يؤمل من هذه المناهج أن تواكب الواقع وتستجيب لمطالب التغير؛ لتمكن المتعلم والمجتمع من مواجهة كافة أشكال الاختراقات الفكرية والعلمية. أوصى الباحث بعددٍ من التوصيات على مطوّري المناهج ومخططيها في مملكة البحرين الأخذ بها لتطوير المناهج الحالية وإعادة هندستها بالشكل المطلوب وفق التغيرات العالمية المعاصرة، وبإمكان المسئولين في وزارة التربية والتعليم الرجوع إلى دراسته القيّمة والاستفادة منها عند تطوير مناهج التربية للمواطنة.

رحم الله الفقيد الراحل بواسع رحمته وأسكنه الفسيح من جناته.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3837 - السبت 09 مارس 2013م الموافق 26 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 11:50 ص

      رحمة الله عليك

    • زائر 2 | 11:00 م

      السلام عليكم

      الله يرحمك ياعمي ناجي هذا الانسان قمة بكل شي اذا راح نحكي عنه ماراح نخلص
      زين مااخترت الاخ فاضل موفق لكل خير

    • زائر 1 | 4:57 ص

      الي جنات الخلد استاذ ناجي

      الله يرحمه ويسكنه الجنة لقد كان نعم الأنسان الخلوق والمتعاون والمحترم الله يرحمه ويخلي بنت مريم ويعطيها طول العمر وتكون خلف الي والدها وشكرا لكاتب المقال

اقرأ ايضاً