العدد 1526 - الخميس 09 نوفمبر 2006م الموافق 17 شوال 1427هـ

على خلفية الرسائل النصية المصاحبة للانتخابات... المرأة الحلقة الأضعف

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

من الغريب بحسب مقاييس الإنسانية والإسلام أن تولد مشكلة أساسا اسمها مشكلية المرأة وحقوقها، فغرابة المسألة تكمن في أن الحياة الإنسانية لا يمكن أن تكون كلها للرجل كما لا يمكن أن تكون كلها للمرأة وإنما من خلال شراكة حقيقية لكل من المرأة والرجل على حد سواء، وبالتالي من الطبيعي إذا كانت هناك مشكلة أن تكون المشكلة هي مشكلة الإنسان نفسه لا الرجل ولا المرأة، لا أن تتورط فيها المرأة، وأما غرابتها بمقاييس الإسلام، فلأن النص الإسلامي الأول وهو القرآن الكريم والذي يجب الوقوف عنده وعليه، فقد أعطى للمرأة مكانة مساوية للرجل في تشكيل الإنسانية، عندما قال تعإلى: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا» (النساء: 1). إذ إن المتأمل في هذه الآية يرى أن أصل البشرية يرجع إلى نفس واحدة، ولا أحسب أن الفهم الحرفي لهذه الآية يعطي للرجل أية إيجابية على المرأة ولا أية سلبية للمرأة على الرجل.

لكن ما حدث تاريخيا بأن قضايا المرأة تعرضت في المجتمع الإسلامي في مرحلة من المراحل إلى ألوان من البعد عن معطيات المصادر الأولى القرآن والسنة، فقضاياها اختزلت في قوله تعإلى ( وقرن في بيوتكن ) ولم ينظر لدور المرأة في الشأن العام للأمة، وأدى انحسار دور المرأة إلى ما قبل عصور ما قبل الإسلام. لقد صارت بعض العادات والتقاليد للأسف الشديد أكثر رسوخا من التوجهات الأخلاقية الإسلامية، مثلا : العرف السائد على سبيل المثال لا الحصر مؤخرا يحكم بأن ذكر اسم الزوجة أمر مشين، بينما نجد أن النبي الأكرم (ص) وأمير المؤمنين وسائر الأئمة (ع) كانوا يذكرون أسماء زوجاتهم دون أي حرج، وقد كان النبي (ص) يستخدم كلمة «حميراء» للتعبير عن زوجته عائشة، وفي هذه التسمية إشارة إلى جمالها ولون شعرها، ولكن في عصرنا هذا يرى العرف السائد أن من القبيح مثلا أن يذكر اسم زوجته دون التكنية عنها بـ « أهل البيت « أو «العائلة» أو «الحاجية» وما شابه ذلك من تعبيرات غير مباشرة.

للأسف الشديد مزجنا التراث والعادات والتقاليد بالدين، فهناك خلط واضح رغم الاختلاف بينهم، فأحدهما ثابت والآخر متغير، أحدهما مصدره الوحي والإلهام والآخر موروث، أحدهما منبعث من البعثة والآخر ولدته عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية ربما دخيلة أصلا علينا، وقد نتج عن هذا الخليط شيء سمي دينا وليس هو إلا جاهلية بثوب جديد.

فالحركات والتنظيمات والمجتمعات الإسلامية أصبحت أبرز ما تتصف به هو حطها من قدر ومكانة المرأة، وعدم الاهتمام بها الاهتمام الذي يتناسب مع مكانتها الدينية، والاجتماعية، ودورها كطاقة خلاقة مؤثرة في نجاح حركة المجتمعات، أوقل أنها على الأقل متهمة بتهمة تجاهلها للمرأة وعدم احساسها بها رغم ما تمتلكه من قدرات وإمكانات لا تقل عن أخيها الرجل إذا لم تزد ولكن جرمتها الحقيقية كونها امرأة، وإن ما يثير الاستغراب حقا هو أن نفتقد الإستراتجية التي تمكن المرأة من تبوؤ دورها الفاعل في حركة المجتمعات والمساهمة الفعالة في الحياة العامة تتناسب مع حجم دورها البارز في الأسرة وفي الميادين الأخرى المهنية والتطوعية رغم حاجتنا الفعلية لها ولكن ما يتم التعامل معها لا يعدو كونها أداة للوصول لأهداف محددة، إن المجتمعات اليوم لترتكب خطأ فادحا لأن طاقات الرجل المتوفرة حاليا لن تكفي حاجة المجتمع ولن تستوعب حاجات الأسرة والطفل والشابة والمرأة، ومن هذا المنطلق وجب تفعيل دور المرأة، والعمل على استغلال طاقاتها الكامنة للاستفادة منها في تطوير وتنمية مجتمعاتنا جنبا إلى جنب مع الرجل فالتنمية لن تتحقق في أي مجتمع من المجتمعات ما لم تشرك المرأة مجتمعيا شئنا أم أبينا.

لا ينكر منكر أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في حياة المجتمع، فهي إنسانة وشريكة للرجل في أسرته، ومربية أولاده، الأمر الذي يجعلها جزءا أساسا في النظام الاجتماعي وفي التشريع له. وفي ضوء ما تردد من رسائل نصية قصيرة في الأيام القليلة الفائتة بشكل مصاحب للعملية الانتخابية أظن بأن الأيام القادمة حبلى بالمزيد من الإرهاصات نقول لهؤلاء المرأة حينما تتصدى للشأن العام، فإنها لا تكون شاذة بل إنها تمارس حقها الطبيعي كما أنه لا يوجد محظور شرعي يمنع المرأة من الترشح وبالتالي طبيعي جدا أن تمارس دورها السياسي كحال بقية الدول الأخرى وإذا نحرم عليها حقها في الترشح لماذا نحلل عليها حقها في الانتخاب لماذا هذه الازدواجية فكلا الدورين أدوار سياسية أو أن الأول يفوت على الرجل فرصته في الوصول والثاني يساعده في الوصول ؟

على هؤلاء المتخبطين والذين يدعون بأنهم مثقفون ومتنورون ويفقهون الدين أكثر من غيرهم أن يرجعوا إلى الكتب التاريخية بشأن المرأة، ليروا بأم أعينهم كيف أن الإسلام فتح المجال واسعا أمام المرأة لمباشرة حقوقها على كافة الأصعدة وكيف نحن بعقولنا الضيقة، نغلق العديد من الأبواب على المرأة بعناوين مختلفة، بغرض ترك المجال واسعا أمام الرجل، مستغلين بذلك نقص وعي المرأة لحقوقها وطبيعة المجتمعات التي تعيش فيها المرأة، لهؤلاء يجب أن ننصحهم بترك حرب الفتاوى وعليهم مواجهة الحرب الانتخابية بالفنون الانتخابية ولا يستخدموا الدين درعا لهم فالعقل أولى أن يحترم ويقدر، أرجو متابعة الجزء الثاني من الموضوع لكي تكتمل الصورة

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1526 - الخميس 09 نوفمبر 2006م الموافق 17 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً