العدد 1526 - الخميس 09 نوفمبر 2006م الموافق 17 شوال 1427هـ

من أجل المجلس القادم... وقفة مع المجلس النيابي السابق

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

في رأي البعض، امتلك مجلس النواب السابق (الحالي) قدرة عالية على التمثيل في بداية عمله فاقت أكبر الممثلين، لكنه ما لبث أن تعب من التمثيل وعاد لحقيقته. لقد كان مجلس النواب الماضي في بدايات عمله شيئا، ولكنه فيما بعد أصبح شيئا آخر، حتى أصبح في نظر البعض بصّاما أكثر من مجلس الشورى، فلم يترك قانونا مهما كان سيئا ومرفوضا من الشعب إلا ومرّره.

فعندما تكون الحكومة متلكئة بشأن الموافقة على قانون ما، لا يعدم الأكثرية في المجلس الحجج لرفضه، وحينما تقدم الحكومة القانون نفسه فيما بعد، فلدي المجلس من الحجج ما يكفي لإمضائه، ربما حتى من دون مناقشة. فمثلا في دور الانعقاد الثاني ، إذ قدم النائب محمد آل الشيخ مقترحا بالانضمام وتصديق المملكة للعهدين الدوليين؛ «العهد الدولي الأول الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الآخر المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، إضافة إلى البروتوكولين الاختياريين الملحقين بالعهد الدولي الأول، ولكن هيئة مكتب المجلس النيابي رفضت المقترح مرة بدعوى حداثة التجربة ومرة لمخالفة العهدين للشريعة والعادات والتقاليد.

ولكن في دور الانعقاد الرابع في الجلسة الحادية والثلاثين لمجلس النواب، تم إقرار مشروع القانون

المقدم من الحكومة بشأن الموافقة على انضمام مملكة البحرين إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية»، وهنا نسأل: أية تجربة حديثة كان يتحدث عنها المكتب؟ أتجربة الحياة النيابية تمنع من إقرار الانضمام للعهدين أو أحدهما، أم حداثة التجربة فيما يتعلق بالعهدين بينما تم استصدارهما منذ سنة 1966 وبدأ تنفيذهما سنة 1976؟

أما الحجة الأخرى حين أرجع النوّاب المعارضون معارضتهم لمخالفة العهدين للشريعة الإسلامية ومخالفتهما العادات والتقاليد، فهل تغيّرت العادات والتقاليد فأصبح العهدان ملائمين؟ هل تم تغيير أحكام الشريعة؟ أم تم تغييّر بنود العهدين؟ لا هذا ولا ذاك، إذا ما الذي تغيّر؟ هل ما تغيّر هو الإملاءات والمصالح؟ أم يوجد احتمال آخر لم يسعفنا تفكيرنا لإدراكه، وهو نفس الدافع الذي دفع المجلس للتضييق على من سيأتي من النواب حين قرر استجواب الوزراء في غرف مغلقة؟

إن أداء مجلس النواب، لم يقم به مجلس قط سوى المجالس الصورية في بعض البلاد العربية التي ما زالت تخيّم عليها الهواجس الأمنية والزنزانات الانفرادية والموت الفجائي بحادث سيارة أو جرعة مخدرات زائدة جدا وقادرة على قتل فيل في ساعة، يتم زقّها في وريد الضحّية، فيموت في الحال.فإما أن تكون أجواء أمن الدولة التي ولّت إلى غير رجعة ما زالت تعشعش في خيال وأدمغة بعض أولئك النواب وتنعكس على سلوكهم وقبولهم للاملاءات، وإما أن المصالح الضيّقة والنظرة القاصرة هي التي تدفع بعضهم حتى يصبحوا بصامين درجة أولى بإقرار حتى قانون الإرهاب الذي سيرون مستقبلا أنه ليس مخصصا لفئة معينة كما صُور لهؤلاء، وفي كلا الحالين، فان التاريخ سيلعن الأيام التي جلس فيها هذا البعض تحت قبّة البرلمان.

والمؤمل من المجلس القادم خلاف ذلك كله، فها هي المعارضة بكل ثقلها تدخل المجلس لتكشف الحد الأعلى لسقف ديمقراطيتنا الوليدة. وإذا حازت المعارضة بكل أطيافها على الأكثرية، فستكون مقتدرة جدا، ليس لمجرد إحراج الحكومة، بل إحراج ديمقراطيتنا ذاتها حتى يتبين لكل منصف أن الدستور في حاجة لمزيد من التعديلات.

في الفصل التشريعي السابق، ونظرا لابتعاد أكثرية المعارضة وما أفرزته المقاطعة من تشكيلة معينة لمجلس النواب، لم تضطر الحكومة لجمع المجلسين، النواب والشورى، مع أنه تم الاتفاق على اجتماع المجلس الوطني بغرفتيه كما صرّح بذلك رئيس مجلس الشورى د. فيصل الموسوي لأحدى الصحف المحلية، وذلك بتاريخ 21 فبراير/ شباط 2006، وعيّن موعد الجلسة بأنها «ستعقد الشهر المقبل، مشيراً إلى أن التئام الغرفتين الشورى والنواب أمر صحي لمناقشة المواضيع التي لايختلف الطرفان في بعض تفاصيلها»، ولكن لحسن الحظ لم يتم ذلك. والمطلوب ألا تلجأ الحكومة لاستخدام صلاحياتها في هذا الإطار، وإلا فإنها ستحتاج لجمع المجلسين لأكثر من مرة في حال فازت المعارضة بالأكثرية، وحينها فإن الدعوات المتكررة لاجتماع المجلسين يعتبر خلاف الإرادة الشعبية التي يمثلها مجلس النواب لا المجلس المعين متمثلا في الشورى، وفي ذلك مزيد من الإحراج للحكومة، وسيكشف مدى انخفاض سقف الديمقراطية الذي حدده الدستور وسيثبت مرة أخرى الحاجة للتوافق على تعديل الدستور

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1526 - الخميس 09 نوفمبر 2006م الموافق 17 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً