العدد 1535 - السبت 18 نوفمبر 2006م الموافق 26 شوال 1427هـ

«تدويل» الفتن!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وأخيراً... الأمم المتحدة تدخل على خط الفتن! فبعد أن استخدمتها الولايات المتحدة الأميركية في عددٍ من الصراعات الدولية والإقليمية، بدأ إقحام الأمم المتحدة على خط «الفتن». فقد اتهم تقريرٌ أخير،11دولة بانتهاك قانون حظر الأسلحة على الصومال وتزويد العناصر المتقاتلة هناك بالمال والتدريب والأسلحة والإمدادات، بينما تباينت مواقف الدول «المتهمة» بين الإنكار والتذمر والاستغراب، فضلاً عما أثارته من شكوكٍ لدى الخبراء والدبلوماسيين. بل ان عدداً من المشاركين في اجتماع اللجنة التي أصدرت التقرير قالوا إن بعض الأعضاء أثاروا تساؤلاتٍ بشأن دقة المعلومات المنشورة.

التقرير صدر عن لجنةٍ من أربعة أعضاء: أميركي، بلجيكي، كيني وكولومبي، قيل إنهم استندوا إلى تحقيقات خاصة ومقابلات و«مواد» زوّدتهم بها بعض «السفارات» في العاصمة الكينية نيروبي. الطريف أن التقرير وضع 11 دولة في قفص الاتهام: أربع دول إفريقية (أثيوبيا، أريتريا، أوغندا، وجيبوتي) ودولة آسيوية (إيران)، إلى جانب 6 عربية: (مصر، ليبيا، اليمن، السودان، السعودية، وسورية)! كل هذه الدول نفت الاتهامات جملةً وتفصيلاً، بل إن المندوب القطري (الذي لم تُتهم دولته والحمد لله!) قال إن الدول المعنية مستاءة للغاية من التقرير!

«المحاكم الإسلامية» في الصومال وصفت التقرير بـ «المفبرك»، ونفت تلقيها لأية تعزيزات عسكرية أو مالية من الدول المذكورة، بينما سخر حزب الله اللبناني من سيناريو هذا الفيلم الهندي! أما أشد المستغربين فهي مصر، التي نفت تقديم أسلحةٍ أو أموالٍ أو تدريب مليشيات، وأعربت عن «بالغ دهشتها من المزاعم التي تفتقد الدقة والصحة قطعياً».

التقرير قال إن 720 ممن وصفهم بـ«المرتزقة» الصوماليين شاركوا في القتال مع حزب الله خلال الحرب الطاحنة التي استمرت 34 يوماً. ويبدو أن الإسرائيليين الذين لم يفيقوا من «الصدمة» في لبنان، لا يريدون أن يصدّقوا حتى الآن أن ثلاثة آلاف لبناني (عربي مسلم) استطاعوا الصمود والقتال بحِرَفيةٍ بالغة، تحت قصفٍ شديدٍ ومركّز، ولذلك أخذوا يبحثون عن شماعات يعلّقون عليها أسباب الفشل، وكان لابد من اختلاق أسطورة «المرتزقة» الذين قاتلوا مع حزب الله، ولولا وجود هؤلاء الصوماليين الـ 720، لما استطاع الحزب الصمود يوماً واحداً!

أثناء الحرب الأخيرة، قام الإسرائيليون بعملية إنزال ضخمة شارك فيها مئات من قوات النخبة، واعتقلوا عجوزاً لبنانياً اسمه حسن ديب نصر الله، واقتادوه إلى داخل فلسطين، بسبب غباء جواسيسهم على الأرض، أو بسبب «المعلومات الإستخباراتية المذهلة» التي زوّدتهم بها بعض «السفارات» في لبنان! بل ان الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال افيحاي أدرعي (وهو بالمناسبة شابٌ مراهقٌ لن تسمعوا في حياتكم كذّاباً مثله)، قال إن التحقيق بدأ مع نصر الله، وإننا «سنبث معلومات مهمة بعد انتهاء التحقيق»! في الوقت الذي كانت وكالات الأنباء تتناقل فضيحة الجيش الإسرائيلي على الهواء مباشرة!

وفي الوقت الذي يتابع العالم حلقات المشهد الصومالي المتناحر، بتدخل إقليمي مباشر من الخصمين اللدودين في القرن الأفريقي (أريتريا وأثيوبيا)، اتهم التقرير الدول الـ 11 بأنها زودت المحاكم الإسلامية بالملابس العسكرية والوقود والأطباء أيضاً! مع إن التقرير عجز عن تقديم أية معلومات مهمة، من قبيل: كم منهم قُتل أو أُسِر في القتال؟ لماذا لم تنشر صورةٌ واحدةٌ لهذه الكتيبة الصومالية المقاتلة؟ وأين قاتلوا؟ في بيروت أم في مارون الراس؟ وأين هم الآن؟

يبدو ان المعلومات في أزمنة الفتن، لا تفتقر إلى الدقة والصحة كما قال المصريون، بل إنها تستخدم للتضليل والخداع أيضاً، في تقارير أممية مفبركة، وعلى شعوب الشرق الأوسط الجديد المنطقة أن تدفع الثمن

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1535 - السبت 18 نوفمبر 2006م الموافق 26 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً