العدد 3871 - الجمعة 12 أبريل 2013م الموافق 01 جمادى الآخرة 1434هـ

قاسم: نحن أهل البحرين جميعاً نتحمل مسئوليتنا في ألا ينزلق الوطن لحالة الانفجار الأمني

الشيخ عيسى قاسم
الشيخ عيسى قاسم

قال خطيب جامع الإمام الصادق في الدراز الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس الجمعة (12 أبريل/ نيسان 2013): «إن البحرين لم تدخل لحد الآن في حالة الانفجار الأمني العام، وهذه نعمة أخرى يجب على كل الأطراف أن تشكر الباري المتفضل بها وأن تعمل جاهدة مخلصة على تجنيب الوطن من هذا المصير الأسود المروّع والفوضى الساحقة، جميع الخليجيين يتحملون مسئولية أن تبقى منطقة الخليج بعيدة عن الاخطار الأمنية وغيرها، وكل أهل بلد في المنطقة مسئولون عن الإبقاء لبلدهم في منطقة الأمن والسلام، ونحن أهل البحرين جميعاً نتحمل مسئوليتنا الخاصة في ألا ينزلق هذا الوطن إلى حالة الانفجار الأمني، وإن كنا نعيش في وسط الأزمة الأمنية ونعمل جاهدين على إنقاذه من أزمته الأمنية الحرجة القائمة، هذا كله صحيح ولكن لا أحد يمكن أن يساوي في هذه المسئوليات من منطق العقل وفي ضوء موازنات الواقع وإمكاناته عند مختلف الأطراف بين السلطات والشعوب».

وشدد قاسم على أن «السلطات تملك قوة القرار حسب موقعها، وقوة تنفيذه حسبما بيدها من إمكانات هي إمكانات الشعوب، السلطات تملك مفاتيح الإصلاح وفرصه وأجهزته وبيدها أدواته، أما ما تملكه الشعوب فهو المطالبة بالإصلاح، التنبيه على الإصلاح، وعلى ضرورته، الاستجابة له، والتجاوب معه. السلطات تملك فعل الإصلاح وتفعيله وما تملكه الشعوب إنما هو مباركته والتفاعل معه، وتقديره والنشاط الإيجابي في أجوائه، تملك السلطات أن تكفّ عن كل ما يؤدي إلى إثارة غضب الشعوب، ويوتر الأوضاع ويوّلد الأزمات، ويشعل نار الفتن، ويفتح أبواب توسعها، وتمددها، وزيادة تأجّجها».

وتحت عنوان «تَخلوْ عن الأثرة»، قال قاسم: «ما خلق الله الناس وجعلهم من جنس واحد ليكون بعضهم عدو بعض، وما أنزل دين العدل والرحمة والإحسان ليخاصم بين الناس ويفرّقهم، وما كانت الأوطان لتكون ساحة احتراب بينها ولا بين أبناء الوطن الواحد، ولولا إصرار فريق من الناس على الأثرة لتشبعهم بروح الجشع، ولولا ما يطغى على شخصيتهم من ميل التسلط والاستبداد من بعث الغرور الجاهلي ولولا خضوعهم لنزعة التحكم والاستفراد، وتخليهم عن منهج الله، لما شقيت الأرض بأهلها، ولما نشبت كل هذه النزاعات والحروب وتمزقت المجتمعات وحتى المجتمع الواحد».

ونبه قاسم إلى أن «السلطة من شأنها أن تستخف النفس، وتزيد من درجة الغرور، وتنسي الحق، وتوقع في الباطل، وتري النفس حجماً غير حجمها، وتجر للبطر وتستحث على الفساد. كل هذا تفعله مواقع التسلُّط التي تهيمن على النفس وتأسرها إلا أن تقابل برصيد كبير ضخم من العقل والحكمة والتدبر والتذكر والدين والتقوى، ولذلك لا يملأ مواقع السلطة في نظر الدين وإن اختلفت مستوياتها إلا من كانت له رجاحة دين وعقل وخبرة وخلق قويم، ويوم يتخلى أهل السلطة في أي بلد تسوده الاضطرابات وتعمّه المفاسد عن استئثارهم واستكبارهم ويخلو البلد من قوى موالية أو حتى معارضة همّها التسلط، يعود إلى انضباطه وأمنه واستقراره وصلاحه، ويستمر في خط تقدّمه وانتعاشه، وحين تصرّ أي سلطة في أي بلد على أن تكون كل شيء، وأن يكون غيرها لا شيء، وأن يكون لها كل شيء، وليس لغيرها شيء، فلابد من نزاع ومن فتنة وفوضى واضطراب واحتراب، وهو الأمر الذي يرهق الجميع ويقضّ مضجع الجميع، ويدخل بنتائجه المؤلمة المضنية على الجميع، ويحيل حياتهم إلى جحيم».

وشدد قاسم على أن «الحل يتطلب ما تعجز عنه غالبية السلطات، الحل يتطلب انتصاراً على النفس، قهراً لتطلعاتها غير السوية، قمعاً لمطامعها المهلكة، تمرداً على طغيانها الجارف، قراراً حاسماً لنقل المعركة مع الغير، إلى المعركة مع النفس حتى تُغلب وتقهر وتصرع، والواقع أن المعركة مع النفس هي أصعب معركة يخوضها إنسان، وإذا كانت كذلك بالنسبة لجميع المواقع فإنها لأشد صعوبة وأقسى على صاحبها إذا كان من ذوي السلطان وممن استلان لنفسه طويلاً، واستسلم لهواها كثيراً».

وفيما يخص الوضع البحريني، أوضح قاسم أن «البحرين وغير البحرين من مثلها معاناة واضطرباً وتدهوراً في الأوضاع غداً بخير وأمن وازدهار ورفاه ووفاق، لو تبدّلت نفسية التسلّط، والتنّكر لآدمية الآخر، وحقه في الحرية والتمتع بالحياة الآمنة الكريمة الهانئة، واشتراكه في الثروة وحقه في تقرير مصيره، واحترام رأيه في سياسة بلده، لكن ما أبعد المسافة بين هذه الأمنية الحالمة، وبين واقع تحققها».

وأضاف «من المحتم المؤلم أن البديل عن هذا هو استمرار المتاعب والخسائر للجميع، وضعف الأوطان وتخلفها، وانفتاح الباب واسعاً للتدخلات الأجنبية الضارة بها، وهيمنة الخارج على أرضها وثروتها وقرارات السياسة فيها. تخلو عن الأثرة، عن روح التسلط المطلق، عن التنكر لحق الآخر وإنسانيته وحريته وحقه في تقرير المصير، تصح الأوضاع، وتعتدل الأجواء وتسعد للجميع الحياة».

وتحدث قاسم تحت عنوان «مسئوليتنا المشتركة»، وقال: «أمن أي بلد خيرٌ لأهلها جميعاً، وخوف أي بلد شرٌ لأهلها جميعاً، والأمن من الداخل قبل الأمن من الخارج، والخوف من الداخل هو أشد فتكاً وأذىً من الخوف من الخارج، ولحد الآن لم تدخل منطقة الخليج في أزمة أمنية شاملة، وفي هذا نعمة من النعم الكبرى التي تذكر بشكر الخالق، ومسئولية الحفاظ على هذه النعمة يتحملها الجميع، فالكل مخاطب بدرء الخطر المرعب عن المنطقة كلها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً».

وذكر قاسم أن «البحرين لم تدخل لحد الآن - وقد طالت الأزمة الأمنية فيها - في حالة الانفجار الأمني العام، وهذه نعمة أخرى يجب على كل الأطراف أن تشكر الباري المتفضل بها وأن تعمل جاهدة مخلصة على تجنيب الوطن من هذا المصير الأسود المروّع والفوضى الساحقة، جميع الخليجيين يتحملون مسئولية أن تبقى منطقة الخليج بعيدة عن الأخطار الأمنية وغيرها، وكل أهل بلد في المنطقة مسئولون عن الإبقاء لبلدهم في منطقة الأمن والسلام، ونحن أهل البحرين جميعاً نتحمل مسئوليتنا الخاصة في ألا ينزلق هذا الوطن إلى حالة الانفجار الأمني، وإن كنا نعيش في وسط الأزمة الأمنية ونعمل جاهدين على إنقاذه من أزمته الأمنية الحرجة القائمة، هذا كله صحيح ولكن لا أحد يمكن أن يساوي في هذه المسئوليات من منطق العقل وفي ضوء موازنات الواقع وإمكاناته عند مختلف الأطراف بين السلطات والشعوب».

وشدد قاسم على أن «السلطات تملك قوة القرار حسب موقعها، وقوة تنفيذه حسبما بيدها من إمكانات هي إمكانات الشعوب، السلطات تملك مفاتيح الإصلاح وفرصه وأجهزته وبيدها أدواته، أما ما تملكه الشعوب فهو المطالبة بالإصلاح، التنبيه على الإصلاح، وعلى ضرورته، الاستجابة له، والتجاوب معه. السلطات تملك فعل الإصلاح وتفعيله وما تملكه الشعوب إنما هو مباركته والتفاعل معه، وتقديره والنشاط الإيجابي في أجوائه، تملك السلطات أن تكفّ عن كل ما يؤدي إلى إثارة غضب الشعوب، ويوتّر الأوضاع ويوّلد الأزمات، ويشعل نار الفتن، ويفتح أبواب توسعها، وتمددها، وزيادة تأجّجها».

وأشار إلى أن «منطقتنا تعاني من عدد من التخلفات ومنها التخلف السياسي وخمود روح الإصلاح عند الأنظمة الرسمية، والعزوف عن التغيير في صورته الإيجابية الصادحة، والتقدم نحو زمن الحرية النافعة والتعبير الحر عن الرأي السياسي، ولو خطوات تتسم بالمصداقية والجدية والقدرة على التأثير، وفي هذا المشكل الأم الذي يقوم عليه عدد كبير من المشاكل المؤرقة، ويزيد في تفاقمها ويحول بين المنطقة وبين ما تحتاجه من أمن واستقرار وأخوّة وقوة وازدهار، وهو مشكل أينما وجد في العالم أنتج نتائجه الصديدية المتقيّحة، وإن علاج اليوم ليعالج ما لا يستطيع علاج الغد أن يفعله، وأن يعطي من نتائج ما لا يعطيه، وكل تسويف في عملية الإصلاح له انعكاساته الخطيرة المستجدة على الأوطان».

وتحت عنوان «رجل علم وإيمان وعمل»، قال قاسم في خطبته: «ثلاثة أبعاد تنظر في شخصية الإنسان بنظر الإيمان، إيمانه ودرجة هذا الإيمان، وعلمه ومستوى ما عليه علمه، ودوره النافع وما لهذا الدور من أهمية ومساحة وامتداد، فكل شخصية تكتسب أهميتها في مدرسة الإسلام من مجموع هذه الأبعاد الثلاثة وما لها من تجذر وترسخ فيها وامتداد. والشيخ عبدالهادي الفضلي مؤمن عالم عامل، مؤمن عن علم، وعالم في إيمان، وعامل بعلمه وإيمانه، وعلى هدى وبصيرة وقد عرفته الأوساط بالإخلاص.

أعطى للإيمان، وأعطى للعلم، وأعطى لحركة التصحيح والتغيير والإصلاح في الأمة، وكان رجل الترفّع عما تترفع عنه الشخصيات الجليلة، ورجل التواضع لمن يحب الله أن يتواضع له، ورجل الخلق الكريم، كتب ولم يكتب لتسويق ما كتب، وإنما ليُنتفع بما كتب، كتابته علمية ثرّة رصينة متماسكة بعيدة عن الفضول، لا يسرق من وقت قرّائها، ولا تستهدف تمضية الوقت ولا تقع في تضييعه».

وأضاف «تتبع شخصيته الفذة الفطنة والنباهة والوعي والبساطة والتسامح والانفتاح والتواضع، ممن عاش هم الأمة بصدق وعمل على إنقاذها بجد وعلى استعادة وحدتها وعزتها وكرامتها وإخلاص، وممن أجاد مخاطبة الأمة واهتدى طريق إنقاذها بالعودة الجادة منها لربها، وقرآنها ونبيها وأئمتها الذين دلّها الله عز وجل عليهم، ورضيهم لها وللإنسانية جمعاء أئمة وسادة وقادة. ذلك هو الشيخ الفضلي الذي فجعت الأمة بفقده، وفي نعيه واقع شاخص من الإيمان والعلم والعمل الصالح، والجهاد والمصابرة، ولفقده ترفع التعازي لصاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف) ولفقهاء الأمة وعلمائها، وعموم المؤمنين والمسلمين، وأسرته الكريمة. عوّض الله الأمة المسلمة عن كل عالم من علمائها المخلصين الهادين ممن تفتقد نوره وهداه وأعزّها باتباع الدين الحق، ورحم شيخنا الأستاذ وبوّأه المنزلة الرفيعة في الجنة».

العدد 3871 - الجمعة 12 أبريل 2013م الموافق 01 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 9:39 ص

      اتمنى توق كلمة حق

      الشعب البحريني مظلوم وينك من الشعب السوري او خايف من سيدك لانة بيشق حلجة لو قلت شي على النظام السوري والله المجنس مللنا وينكم يا وزارة الداخلية ردية الى موطنة وفكينا منة شوفي عيونة عيون عربي هذا بعيد عليك ان تكون عربي بس العتب على الحكومة خلتك تسوي الي تبي لو شاتوك على بلدك وريحو الناس من شرك احسن

    • زائر 13 | 3:25 ص

      المشكلة يا شيخنا وتاج راسنا

      كل ما نبي نضبط نفسنا نلاقي أن الظلم والفساد في أزدياد وما أدري لمتى المواطن راح يتحمل والأكيد أن شعب البحرين راح ينفجر في يوم من الأيام من هالفساد

    • زائر 17 زائر 13 | 6:07 ص

      ضبط النفس من شيم العقلاء

      شبابنا الله يخليكم حكمو عقولكم. أضبطو انفسكم رجاء. لسنا بحاجة للمزيد من الضحايا. سد الشوارع لا يزعج احد غير عامة الناس اي جيرانكم و اهاليكم الساكنين في المنطقة. لن يمر من هذا الطريق من تريدون ايصال كلمه حق له.
      اسلوب الحوار و النقاش هو الاسلوب المتحضر. نصيحتي ان نواكب التحضر و نبتعد عن الفوضى. و على الله التوفيق.
      تذكرو قول رسول الله عليه السلام (اماطة الاذى عن الطريق صدقة)
      ان فكرنا في هذا جيدا نرى ان قطع الطريق اثم. حسن الجوار من صفات المؤمنين لا تسد الطريق على جارك و اخيك.

    • زائر 12 | 3:19 ص

      سماحة الشيخ عيسى قاسم

      «إن البحرين لم تدخل لحد الآن في حالة الانفجار الأمني العام.. أن «منطقتنا تعاني من عدد من التخلفات) كلامك هذ ليس دقيقاً ويجافي الواقع فالحدث الذي وقع فى 14 فبراير كان إنفجارا أمني ضخما ولكنه لم يكن عاما لأسباب عدمة نضج الظروف الموضوعية وكانت لإسباب خارجية مثل الإنتفاضة التونسية وغيرها التي حركت حماسة بعض الشباب في إطار فئوي ومن ثم لحقت بها الجمعيات السياسية ورجال الشيعة مما اضفى على الحراك طابع مذهبي وتسبب في الإنقسام التاريخي الحاد بين السنة والشيعة تمنيت لو تتحدث عن الفساد خاصة القضاء والوقفين

    • زائر 11 | 3:06 ص

      قولوا آمين يامسلمين.

      الله يفرج عن شعب البحرين
      ويحفظ الشيخ عيسى قاسم
      ويرحم الشيخ الفضلي

    • زائر 7 | 1:31 ص

      فاطمه

      الله يحفظك ان شاء الله يا شيخنا .

    • زائر 5 | 11:30 م

      اللهم احفظ علمائنا الابرار

      حفظك الله ياشيخ وسدد خطاك

    • زائر 3 | 10:29 م

      بارك الله بك ابا سامي

      سير يالقائد وكل الشعب وياك

اقرأ ايضاً