العدد 3897 - الأربعاء 08 مايو 2013م الموافق 27 جمادى الآخرة 1434هـ

القمع يحرقنا ويقتلع أعيننا!

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

«ماما اللّي احترق البارحة هو البيت اللي كنا نمر عليه إذا رحنا البرادة الجديدة صوب بيت ماما عودة؟»

- نعم ماما هو نفس البيت.

بهذا بدأ حواري وطفلي قيس الذي شاهد صور البيت الذي احترق بسبب طلقة الغاز المسيل للدموع في جزيرة سترة خلال ظلام يوم الاثنين، واحترق معه مشروع جارنا الذي كرّس جهده في جمع محتوياته وأنفق ماله على بضاعته التي كانت تلفت انتباهنا كلما مررنا بنفس الشارع.

بضاعة أحد أبناء هذه الأسرة احترقت بالكامل، وشقتا ابنيهما اللذين فضّلا البقاء في بيت العائلة هرباً من الإيجارات المرتفعة احترقتا، والمطبخ والصالة والحجرة في المكان الذي تعيش به أمهم الأرملة احترقت أيضا! وقبل كل هذه الأضرار المادية، احترق الأمان الذي يشعر به المرء في بيته، واحترقت فرحة أطفال هذه الأسرة بكل ما يملكون من ألعاب ومقتنيات انصهرت مع النار، ونحمد الله على سلامتهم من هذا الحدث، وعدم تعرضهم لأذى جسدي هم وأهلهم.

كيف لا يحترق شعور أفراد هذه الأسرة وغيرها من الأسر التي تسكن في المناطق التي تشهد احتجاجات ليلية بالأمان، وهذا ليس البيت الأول الذي يحترق بسبب القمع العنيف للمتظاهرين منذ فبراير 2011، وإن استمر الوضع على ما هو عليه لن يكون هذا هو البيت الأخير بالطبع.

لن يكون هذا البيت الأخير الذي يحترق بفعل القمع العنيف لسبب بسيط؛ وهو أننا سمعنا ببيوت احترقت من قبل، لنفس السبب، بعضها أعيد بناؤه بواسطة تكاتف أهالي البحرين مع بعضهم، لكننا لم نسمع بأفراد من قوات الأمن أوقفوا وحُقِّق معهم بسبب هذا العمل الذي سيعتبره القائمون عليهم مجرد «خطأ عابر». هذا القمع الذي لا يجد مرتكبوه من يحاسبهم، هو سبب أيضاً في حالات اختناق كثيرة، أدت إلى وفاة مواطنين من مختلف الأعمار، وأدت إلى إجهاض أجنّة حرموا حقهم في المجيء إلى الحياة، وحرم ذووهم من معانقتهم بحسب شهادات أصحاب الحالات وتشخيص الأطباء، ومع ذلك لم نسمع باسم أي شخص تسبب في هذه «الأخطاء» و»التصرفات الفردية» قُدّم للمحاكمة.

وأعود إلى البيت الذي أغمضنا أعيننا ليلة احتراقه على صور النيران وهي تلتهمه، واستيقظنا في اليوم التالي على صور الحطام والبقايا المتناثرة التي خلفتها النار، وخبر منشور في صحيفة محلية واحدة بينما أهملت الحدث بقية الصحف كعادتها حين لا يتعلق الأمر بمواطني الدرجة الأولى بحسب تصنيفاتهم. هذا الإهمال يجعلنا نتساءل عن مهنية هذه الصحف، وعن روح الوطنية التي لم تتحرك لدى كثير من الإعلاميين في مواقف كثيرة، آخرها هذا الموقف وما سبقه من حدث أبكى حتى من هم خارج البحرين، وهو فقدان الطفل البرئ أحمد النهام لعينه اليسرى وعودته من رحلة علاجه بعين واحدة وابتسامة كانت زاده برغم الألم!

أحمد النهام أيضاً كان ضحية للقمع العنيف الذي يفنّد كلام المسئولين في وزارة الداخلية بخصوص تحلّي منتسبيها بأعلى درجات ضبط النفس! فإن كانت هذه هي آثار ضبط النفس، فكيف تكون آثار ما سواها؟

ها هي قرى تحترق بسبب سياسة الإفلات من العقاب، وأعين لمواطنين تفقأ، بينما لا ترى أعين المسئولين شيئاً من هذا الواقع!

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3897 - الأربعاء 08 مايو 2013م الموافق 27 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 4:33 ص

      رجال طواريء وليس للقانون رجال

      ليس على المجنون حرج ، بينما مسئولو الأمن ليس عليهم حرج ولا مسائلة فهذه في حالاة الطواريء والأحكام العرفيه وهذا ليس من الأسرار. القانون لم يوجد ليحاسب من يحافظ على أمن الناس وحتى لو دعت الضرورة أن تبيح محضورة. فرجل الأمن يعتقد وقد يضن وقد لا يشك أنه يمثل القانون في مسرحية أو فلم. وفي الأفلام والمسلسلات نادرا ما نشاهد أن أحداً عوقب. فالعقاب ليس على مسئول في جيش سري من المخبرين الغير مخربين بين الناس بالفتن أو حتى علني كما جيش الاحتلال في فلسطين. فهل رجل الأمن رمز فوق المحاسبة والحساب يوم الحساب؟

    • زائر 6 | 4:16 ص

      نقص وعي أوعدم بصيره ومستحضرات وتأثير من الجان

      ليس الا من الداوي القديمة يقال حريقة تحرق الشيطان، بينما اليوم غير مستغربا من المشاهد اليوميه في البحرين إلا أن يتأكد الناس من أن البعص لا يبصرون لكن لهم عيون مفتحة، ولا يعقلون لكن رؤوس ليست نووية موجود،ه أو يقد ينظرون ويقولون ما ل وماء ولا يفعلون بل يتفاعلون مع الحدث بدم بارد. فهل معمهون أم مسيطرون أو مسيطر عليهم من قبل قوى خارجية وخرجت من طورها سعاد وسعادتها ليست في وعيها؟؟

    • زائر 5 | 3:00 ص

      يطبقون نظرية اما ان تسكتوا او نقتلكم بالبطيء

      هما احد خيارين لا ثالث لهما اما ان يسكت الشعب عن المطالبة بحقوقه او ان الحال هكذا يبقى. والشعب يقول مهما بلغ القمع مداه فلا تنازل في القاموس
      وسنشهد المزيد

    • زائر 4 | 12:49 ص

      حسبي الله ونعم الوكيل

      الظلم ظلمات يا بشر للتذكير فقط وصرخات شعب قد ظلم يامنتقم يامننقم

    • زائر 3 | 12:47 ص

      وبين الاحتراق وقلع العيون

      ضمائر ماتت ونفوس خبثت ووجوه كشفت عن بشاعتها وما عدنا نفرق بينهم وبين عسلان الفلوات !!!

    • زائر 2 | 12:41 ص

      هكذا الحال

      عندما يطبق القانون على فئه واخرى تعطى الضوء الأخضر بأن تفعل كل شى ولا يمكن منعها او الاقتصاص منها يسود المجتمع هكذا افعال واضرار للفقير الذى لايملك الإ الدعاء من الله والفرج.

اقرأ ايضاً