العدد 3903 - الثلثاء 14 مايو 2013م الموافق 04 رجب 1434هـ

السيناريوهات القائمة والقادمة على الساحة البحرينية (2)

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

يخطئ من يرى أن حل الأزمة في البحرين، مقتصر على ما يدور من حوار بأطرافه الحاليين، وينادي بالحل البحريني القح، بل لابد من النظر لمتطلبات الأمن الدولي والإقليمي، والاستثمارات الأجنبية في البحرين، بما في ذلك العمالة الأجنبية، التي إنما جاءت نتيجة حاجة، وبناءً على متطلبات اقتصادية واجتماعية وأمنية.

وعلاقات البحرين الدولية، تحتم عليها الانصياع للقوانين والمعاهدات الدولية، والأزمة أبانت بوضوح تجاوزاتها، وقبل كل ذلك، الأنظمة السياسية المتشابهة القائمة في دول الخليج، ليس في صالحها أي توافق شعبي بحريني مع السلطات، خوفاً من امتداد أي انفتاح ديمقراطي، إلى شعوبها فتنتفض للمطالبة بمثله، فلهذه الأنظمة دورها في التعامل مع الأزمة بالمنظور الخاص لديها. وإيران أيضاً لها مصالح في البحرين، ترتئيها عبر العلاقات الدبلوماسية، كما لباقي دول العالم الأخرى، وتزيد عليهم بالحماية للحرية المذهبية، كما لمصر من مصالح من بعد تولي الإخوان المسلمين الحكم فيها، هكذا هي الحال شبكة معقدة الخيوط والعقد.

فلا يأمل أحدٌ في عدم تدخل الأطراف الإقليمية والدولية لحل أزمة البحرين، وإلا لما احتجنا في الأصل لتوثيق وثيقة الاستقلال لدى الأمم المتحدة. ولا يأمل أحدٌ إلا في حال، اتباع الاسلوب الديمقراطي الحقيقي، في انتخاب مجلس دستوري دائم، أؤكد «دائم»، بدلاً من المحكمة الدستورية، ومجلس الشورى، المتوجب تبعيتهما له، يُعاد انتخابه كل نصف عقد من الزمان، أو نتيجة إجماع غالبية الشعب على إبداله، بمعيار الصوت الواحد لكل مواطن، ليضع الحلول الدستورية والسياسية، والمعايير التطبيقية، والمحاسبة والمجازاة، واتخاذ القرارات الوطنية والقومية، من مثل إعلان الحرب، وإنزال الجيش في الداخل، في حالات السلامة الوطنية والطوارئ، والسماح وعدمه لقوى الأمن ومحاسبتها في التدخل لفض التجمعات الشعبية الكبيرة، مثل ما جرى في فبراير ومارس 2011 وما تلاه من أحداث إلى اليوم، فما عاد الدرس الذي استقيناه من تجربة التاريخ السياسي للبحرين، أن يستمر الحال على ما هو عليه.

وإلا سنرى ما نراه اليوم، من سيناريوهات قائمة، تتداخل في تناقضاتها، فكيف يلتقي الكبت السياسي والحجر على الحريات، وانتشار الأسلاك الشائكة والمفارز العسكرية ونقاط التفتيش الأمنية في المدن والقرى، والغازات الخانقة تملأ أجواء الوطن، والاعتقالات اليومية، وإسقاط الجنسيات، وتجاوزات قوى الأمن، في عدم إحالة المقبوض عليه إلى النيابة العامة قبل انقضاء 48 ساعة على القبض، واختطاف المواطنين من قبل مدنيين ملثمين، في خلط للأجهزة لممارسة غير مهامها في القبض، وحالات التعذيب الجسدي قبل إطلاق السراح، بما يفيد إيقاع الضرر نقمةً، ومن دون مسوّغ، فإما اعترافك بما لم تقترفه، لإحالتك للمحاكمة بناء عليه، وإما جزاؤك الضرب والإساءة في مراكز الشرطة وأماكن أخرى، والإفلات من العقاب. كيف تلتقي كل هذه الممارسات، مع الإعلان عن تنفيذ توصيات بسيوني، وتطبيق قرارات مجلس حقوق الإنسان، والعمل على حل الأزمة.

لقد امتحنا نوايا السلطة في دستور 1973، وحلّ المجلس الوطني 1975 وطغيان قانون «أمن الدولة» إلى 2001، وأطلّ علينا الميثاق، فرأينا واقعه، عند أول محك، أحداث 2011 إلى يومنا، فكل حصيف، سيتوقع سيناريوهات قادمة، في قريب الأيام، تتلخص في حملة اعتقالات واسعة تطال جميع القطاعات الشعبية، وخصوصاً أولئك الناشطين في حقوق الإنسان، والموثّقين بالصوت والصورة للتجاوزات، والصحافيين من صادقي وجريئي الكلمة، وستطال الاعتقالات مسئولي وناشطي الجمعيات السياسية المعارضة، والناشطين في حراك الشارع، وسيزيد التعذيب والتهديد داخل السجون وخارجها، وستنشط وحدات خاصة للعمل على، إما نزع الاعترافات بالقوة والتقديم إلى المحاكم، وعقوبات الإعدام وسحب الجنسيات، والسجن لمدد طويلة، على خلفية الاعترافات المنتزعة جبراً، وفي إهمالٍ لشكاوي التعذيب، وإما التعذيب والتهديد بأكثر منه في حال العودة لموقف المعارضة، وستزيد الجهود لإلحاق ضعاف النفوس بالأجهزة، للوصول إلى آنفي الذكر من المعارضين، وباختصار ستطلق السلطات لأجهزتها اليد الطولي، في التنكيل بالمواطنين، شرط عدم التسجيل والتوثيق حسب القانون. وربما رأينا نشاط من تمّ منحه سلاحاً من المدنيين، كل ذلك في ظل منع الجهات الحقوقية والصحافية من دخول البحرين، كما تم منع مقرر التعذيب التابع لمجلس حقوق الإنسان.

وفي خطٍ متوازٍ، سنرى تصريحات رسمية ومسرّبة، بأن النية قائمة إلى تجاوز أسباب الأزمة، وأن الحلول قيد البحث، وأن الحوار الوطني القائم سيتم تطويره، وسيدخل الحوار ممثلون عن الحكم، وربما أطراف إقليمية ودولية، بالشكل المباشر وغير المباشر. وستطول هذه الإجراءات الثنائية المتناقضة، إلى أمدٍ معلوم، يحقّق فيه المتنفذون تفريغ غلٍ في نفوسهم، بإيقاع أكبر ضررٍ بالوطنيين، إلى ما قبل الاستسلام إلى مفهوم العصر المتمثل في الديمقراطية، التي سيحاولون تشويه تطبيقاتها، بالتحايل في تفاسير النصوص، وبادعاء تعارضها مع الشريعة والتقاليد والعادات والثوابت الوطنية.

والضامن الوحيد للخروج من هذه السيناريوهات، بما يلبي المطالب الشعبية بالمشاركة في القرار لكل مفاصل الدولة، على الرغم من الآلام والتضحيات الجسام، لينعم من تبقى وتنعم الأجيال القادمة، الضامن هو استمرار الحراكات الشعبية وتقويتها في جميع أوجه أدائها.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3903 - الثلثاء 14 مايو 2013م الموافق 04 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 2:34 م

      قبل دقائق فقط !!!

      أسكن إحدى القرى المنتهكة حقوق أهلها، خرجت قبل دقائق متوجهاً لسوبرماركت في مدخل القرية، فإذا بشباب من أبناء القرية ملثمين، و يحمل بعضهم زجاجات مولوتوف و يلقيها أمام السيارات الداخلة والخارجة من القرية!! هذه الممارسات لا يختلف إثنان على خطئها، فهو سلوك خاطئ و غير سوي و يدخل ضمن الإرهاب. و لكن لنتوقف قليلاً و نقف عنده دقائق و نحلله، فما الذي أجبر هؤلاء الفتيان على ممارسة هذا السلوك الخاطئ والقاتل أحياناً؟ إنها ردات الفعل الجنونية والغير متزنة لما تمارسه الأجهزة الأمنية من قمع و انتهاكات بحقهم

    • زائر 11 | 4:16 ص

      لشعوب

      الشعوب التي تطالب بحقوقها لا بد ان يخرج لهم اشخاص لهم مصالح مع الطرف المختلفين معه وهذا شيئ طبيعي ، وهذا لا يجعلنا ان نتوقف عن الاستمرار في المطالبه لحقوقنا ويحق للمعاضين لنا الاستمرار في تشتيتنا وعرقلتنا ومراوغتنا ولاكن لايحق لهم قتلنا وتخويننا واهانتنا والرجوله تقول هذا الميدان يحميدان والله الموفق ويبقي شعارنا اخوان شيعه وسنه هذا الوطن مانبيعه

    • زائر 10 | 3:15 ص

      استاذ يعقوب الطيب من هذا الشعب الطيب بالله عليكم شعب اريحي مثل هذا الشعب يحقد عليه؟

      أنا لا اردي ما هذه النفوس المريضة والا فشعب مثل هذا الشعب البسيط الاريحي الطيب كيف ينال هذا الكم من الحقد والغل عليه وما هي الاسباب.
      والله لو اعطوا الناس القليل من حقوقهم وكرامتهم لعاش الجميع في وئام

    • زائر 9 | 2:55 ص

      نعم هو غلّ في النفوس لدى البعض

      شعب البحرين شعب موصوف بالطيبة وحسن الخلق وكثرة التدين وانت ايها الكاتب احد ابناء هذا الوطن المشهود لهم. وهنا نطرح تساؤل لماذا هذا الغل والحقد على اهل الطيبة والتدين والخلق النبيل اين يكمن الخلل ايها الاحباب.
      لماذا الحقد على شعب البحرين؟

    • زائر 8 | 2:20 ص

      يا مواطن لا تامن الغدر

      درس تعلمنه و يجب ان يتعلمه اولادنا

    • زائر 7 | 2:15 ص

      سلمت يداك

      سيد الكلمه يبن سيادي

    • زائر 6 | 1:47 ص

      كلامك استهلاك صحفي

      الحين،انت تمثل من وتحرض على من خلك ساكت واشبع بالتعليقات الطائفيه ياذكي طالع وجهك واشلون تعدل الشمااغ ياعربي اصيل

    • زائر 13 زائر 6 | 5:20 ص

      شهالكلام اللي مامنه فايده

      المشكله فيك وفي اللي يشبهونك انك لاتحب الصراحه ولا الحق بس تعلق على لباس الناس واشكالهم لقلة حجتك
      حاجج الاستاذ في افكاره وفي طرحه الموزون حتى نستفيد وبسك خربطه

    • زائر 15 زائر 6 | 2:26 م

      !

      الأستاذ يعقوب وطني بحريني منصف ومحترم من كل من يحب البحرين وهو مثال للتسامح ... ولذلك نحن نحبه ونقدره.

    • زائر 4 | 12:29 ص

      انه السهل السلس

      ابشع من التعديب والقتل لا يوجود لقد ملاء الحقد قلوبهم نسوا الاسلام والتسامح والعيش المشترك ببساطه لانهم ليس من طينه البشر احسنت وفيت او كفيت

    • زائر 3 | 11:56 م

      مسلسل وسيناريو هات وخذ وعطهم حقهم

      يضع المخرج سيناريو لمخرج من موقف أو مشهد لموقف مشابه لواقع كما يسميه الممثلين. في التمثيل يمكن تعديل أو تقديم أو تأخير المساعد والعرض، بينما في الحياة واقع مختلف تماماً لا نستطيع تعديل ولا تعديلات وزارية تحل ولا تساعد الوعود والتسويف. فوعد الله حق وعند ما يحق الحق كن فيكون. فلا مفر من أمره. هل هناك إختلاف في المشهد ومواقف الحياة الواقعية والحقيقية أم يوجد إعتراض على مشيئة الله؟

    • زائر 12 زائر 3 | 4:37 ص

      شرف الوطن

      تسلم انامل حملت قلم الحرية والحب والاخلاص للوطن والمواطنين ولا تأخذها في الله لومة لائم

    • زائر 2 | 11:17 م

      (الضامن هو استمرار الحراكات الشعبية وتقويتها في جميع أوجه أدائها.)

      استاذ يعقوب الحين الجماعة بيقولون عنك انك تحرض على العنف والارهاب على هالفقرة الاخيرة ما بيقولون يقصد بكلامة الاكثار من المسيرات والاعتصامات هذول ماعدهم حسن نية واحمل اخاك على سبعين محملا من الخير فاعد قلمك للتخوين وجسدك لما ذكرته من تعذيب ونفسيتك لانتزاع الاعترافات منها بالقوة وانا متاكد بانه لاتاخذك في الحق لومة لائم وانك على استعداد لما ستلاقيه
      فشكرا لك ايها المخلص والمحب لوطنه وابناء وطنه

    • زائر 1 | 11:13 م

      وحدة الكلمة

      الضامن هو استمرار الحراكات الشعبية وتقويتها في جميع أوجه أدائها.

اقرأ ايضاً