العدد 1568 - الخميس 21 ديسمبر 2006م الموافق 30 ذي القعدة 1427هـ

مخالفات في شراء سنوات افتراضية... وترقيات استثنائية بأثر رجعي

في الباب المتعلق بـ «الخدمة المدنية» و «مزايا التقاعد»

جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية في الباب الرابع منه المتعلق «بديوان الخدمة المدنية» و «الحقوق والمزايا التقاعدية»، أن عددا من الوزارات والجهات الخاصة برقابة الديوان منحت موظفيها حقوقا ومزايا تقاعدية لا سند لها في القانون من بينها شراء سنوات خدمة افتراضية بواسطة جهة العمل، والفصل بغير الطريق التأديبي والترقيات المستثناة بأثر رجعي، والتقاعد الالزامي وإلغاء الوظيفة بسبب الخصخصة والتقاعد المبكر.

أهم الملاحظات الواردة في القرير بشأن ديوان الخدمة المدنية:

- درج العديد من الجهات الخاضعة لأحكام قانون التقاعد على شراء سنوات خدمة افتراضية لموظفيها خصماً على ميزانيتها دون وجود سند في القانون أو لوائح أو معايير أو ضوابط تتبع عند شراء سنوات الخدمة الافتراضية، ما يفسح المجال للتقديرات الشخصية والمحاباة والتمييز في معاملة الموظفين وسوء استغلال المال العام.

- كما حدد تعميم ديوان الخدمة المدنية رقم (1)لسنة 2002، الشروط والاحكام الخاصة بالفصل بغير الطريق التأديبي، حيث منح الجهات المعنية صلاحيات مطلقة في فصل الموظف دون تحقيق أو محاكمة على رغم أن التعميم قد وضع أسباباً محددة للفصل بغير الطريق التأديبي واجراءات يتعين اتباعها قبل إصدار قرار الفصل. وبناء عليه، فإن التعميم لا يخلو من شبهة عدم الدستورية لأن حق المواطن في العمل والتحقيق في الاتهامات التي تنسب إليه والمحاكمات العادلة تعتبر من الحقوق الدستورية التي يتعين ألا يحرم الموظف منها.

- تعتبر الترقيات الاستثنائية بأثر رجعي من الممارسات الشائعة لدى مختلف الوزارات والهيئات العامة والمؤسسات العامة والتي تقوم بذلك لأسباب وأهداف مختلفة، على رغم عدم وجود سند قانوني لتلك الممارسة وهو ما يؤدي الى تحميل صندوق التقاعد أعباء مالية غير مبررة قد تترتب عليها ضمن عوامل أخرى، نتائج سلبية على الصندوق في المديين القريب والبعيد.

_ اصدر ديوان الخدمة المدنية نظام الخدمة المدنية رقم (202) لتنفيذ استراتيجية التقاعد المبكر الإلزامي بسبب الخصخصة، والذي تضمن إلزام الوزارة أو جهة العمل بشراء خمس سنوات خدمة افتراضية للمحالين الى التقاعد الإلزامي وإلزام صندوق التقاعد بإضافة خمس سنوات إضافية أخرى على أساس أن الإحالة الى التقاعد تقتضي إلغاء الوظيفة بحسب المادة (15) من قانون التقاعد. وعلى رغم ذلك، درجت الحكومة على تحمل تكلفة السنوات العشر كاملة، بينما تنص المادة (15) من قانون التقاعد على ان تتحمل الهيئة العامة لصندوق التقاعد إضافة خمس سنوات إلى خدمة الموظف المحال إلى التقاعد، ما أدى الى عدم الانضباط في أداء الوزارات والمؤسسات العامة والهيئات العامة ويؤثر على تنفيذ سياسات الدولة وبرامجها وهيبتها. وبناء عليه، يوصي الديوان بأن تتقيد وزارات وإدارات الدولة المختلفة والمؤسسات والهيئات العامة، والجهات الحكومية الأخرى في أدائها لمهامها بالقوانين والانظمة المرعية، ولاسيما ما يتعلق منها بشئون الموظفين من مرتبات ومعاشات وتعويضات وإعانات. لذلك يتعين على الهيئة العامة لصندق التقاعد المحافظة على تلك الأموال، والحرص على عدم تمرير أي معاملة أو طلب لا يستوفي الشروط القانونية، حيث اتضح من نتائج الرقابة مدى الضرر الذي يمكن أن يلحق بصندوق التقاعد جراء القرارات المتعلقة بالترقيات الاستثنائية بأثر رجعي وشراء سنوات الخدمة الافتراضية والفصل بغير الطريق التأديبي وغير ذلك من المخالفات.

شراء سنوات خدمة افتراضية بواسطة جهة العمل

- اتضح أن العديد من الوزارات والإدارات والمصالح العامة التي يتألف منها الجهاز الإداري للدولة والجهات الملحقة بها والمؤسسات والهيئات العامة، تقوم أحياناً بشراء سنوات خدمة افتراضية لموظفيها خصماً على ميزانياتها، سواء في حالة الإحالة الى التقاعد المبكر أو الوفاة أو بلوغ سن التقاعد أو إلغاء الوظيفة أو الاستقالة الإرادية أو الفصل بغير الطريق التأديبي دون سند قانوني يجيز لها ذلك.

- لوحظ من خلال فحص لطلبات شراء مدة الخدمة الافتراضية قيام بعض الوزارات أو المؤسسات العامة أو الهيئات العامة بشراء سنوات خدمة افتراضية لموظفيها عند انتهاء خدماتهم كوسيلة لمكافأتهم أو تحسين وضعية رواتبهم التقاعدية، كما لوحظ أن عملية شراء وتعويض شراء سنوات الخدمة الافتراضية تتم في حالة الفصل بغير الطريق التأديبي، أو إلغاء الوظيفة، أو الإحالة على التقاعد المبكر ببلوغ الموظف عمر 55 سنة، أو الاستقالة الإرادية، دون وجود مسوغ قانوني يبرر قيام تلك الجهات بتحمل تكلفة شراء سنوات خدمة افتراضية لموظفيها.

ونتيجة لاستشراء ظاهرة شراء وتعويض شراء سنوات الخدمة الافتراضية للموظفين خصماً على ميزانيات الوزارات والجهات الحكومية، والطلبات المتواترة التي ترفع الى وزارة المالية للموافقة على شراء سنوات الخدمة الافتراضية، أصدر وزير المالية تعميما بتاريخ 2 يناير 2006 لفت فيه نظر الوزراء الى ضرورة الالتزام باتباع قوانين وأنظمة المالية والتقاعد والخدمة المدنية عند النظر في طلبات شراء وتعويض شراء سنوات الخدمة الافتراضية للموظفين التابعين لوزاراتهم.

تعميم وزير المالية بشأن شراء وتعويض شراء سنوات الخدمة

- وجه وزير المالية بموجب التعميم الوزراء بأن طلبات شراء وتعويض شراء سنوات الخدمة الافتراضية للموظفين تخضع لتقدير واعتماد الوزير أو رئيس الجهات الحكومية المعنية، في حدود قوانين وأنظمة المالية والتقاعد والخدمة المدنية.

واعتبر التقرير أن تعميم وزير المالية لم يعالج الإشكاليات القانونية المتعلقة بشراء وتعويض شراء سنوات الخدمة الافتراضية للموظفين على حساب جهات العمل التي ينتسبون إليها كما اعتبر أنه لم يستند في تعميمه الى أي مرجعية قانونية تخول إسناد تقدير واعتماد وشراء وتعويض شراء سنوات الخدمة الافتراضية للموظفين إلى الوزير أو رئيس الجهة المعنية.

لذلك فإن هذا التعميم لا يصلح لتقويم جنوح بعض الوزارات والجهات الحكومية الى مكافأة أو تحسين وضعية الرواتب التقاعدية للموظفين عن طريق تحملها تكاليف شراء وتعويض شراء سنوات الخدمة الافتراضية بغض النظر عن سلامة الأسباب ونبل الدوافع والمقاصد.

في حين أوصى الديوان بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الجهات المختصة في الدولة وعلى وجه الخصوص وزارة المالية وديوان الخدمة المدنية لوقف تلك الممارسات الخاطئة بالسرعة والحسم المطلوبين.

يرى ديوان الخدمة أن شراء سنوات الخدمة الافتراضية أمر تختص به بحسب القانون رقم (13) لسنة 1975 الهيئة العامة لصندوق التقاعد ووزارة المالية بالتنسيق مع الجهة التي يتبع لها الموظف.

ويعقب الديوان عن ذلك:

- أن المقصود بشراء سنوات الخدمة الافتراضية في هذه الملاحظة هو شراء سنوات الخدمة الافتراضية خصماً على ميزانية الدولة وليس شراء سنوات الخدمة الافتراضية بموجب المادة الأولى من المرسوم رقم (2) لسنة 1990 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 1975 بشأن تنظيم معاشات ومكافأت التقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة كما بينا ذلك بوضوح في القرير.

وبالتأكيد على أن شراء سنوات الخدمة الافتراضية بواسطة جهات العمل على ميزانياتها في غير حالات الخصخصة لا يستند الى أي قانون أو لائحة، وبما أن إجراءات شراء سنوات الخدمة الافتراضية على ذلك النحو تمر عبر ديوان الخدمة المدنية بصفته الجهة المختصة بالرقابة على الالتزام بتنفيذ أنظمة الخدمة المدنية، وقد ثبت أن ديوان الخدمة المدنية كان يصدر موافقات مشروطة في بعض حالات الفصل بغير الطريق التأديبي بتحمل جهة العمل تكلفة شراء خمس سنوات خدمة افتراضية على ميزانيتها، يعتبر ديوان الخدمة المدنية مسئولا بالتضامن مع وزارة المالية عن التجاوزات التي ارتكبتها الوزارات والجهات الحكومية الأخرى في هذا الخصوص.

الفصل بغير الطريق التأديبي من حيث الممارسة

تم التوصل من خلال الاطلاع على ملفات الموظفين الذين شملتهم أعمال الرقابة وردود المسئولين في الجهات المعنية على تساؤلات المدققين إلى أن تعميم ديوان الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 2000 للأسباب التي تؤدي إلى فصل الموظف بغير الطريق التأديبي والمتمثلة في عدم صلاحية الموظف للنهوض بواجبات الوظيفة وعدم قيام الموظف بمسئوليته على الوجه الذي يحقق صالح الجهة التي يعمل بها، وعدم صلاحية الموظف للاستمرار بالوظيفة لشبهات حامت حوله تمس كرامة الوظيفة العامة أو النزاهة أو الشرف أو حسن السمعة، واذا فقد الموظف الثقة والاعتبار بسبب سلوكه المخالف للنظام العام أو المصلحة العامة، وتدني الكفاءة المهنية لدى الموظف. واتضح من خلال أعمال الرقابة أن بعض الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة المعنية لا تلتزم باجراءات الفصل بغير الطريق التأديبي التي وردت في التعميم المشار إليه، والتي تتطلب أن يتم الفصل بقرار مكتوب ومسبب وصادر عن الوزير المختص، كما لا يسبق قرار الفصل إبلاغ الموظف به، ومواجهته بأسبابه، وتمكينه من إبداء رأيه. كذلك تطلب بعض الوزارات أو المؤسسات أو الهيئات العامة المعنية موافقة ديوان الخدمة المدنية على فصل الموظف بغير الطريق التأديبي، فيشترط الديوان أحياناً على جهة العمل تحمل تكلفة شراء سنوات الخدمة الافتراضية المضافة الى سنوات الخدمة الافتراضية التي تتحملها الهيئة العامة لصندوق التقاعد بموجب المادة (15) من قانون التقاعد.

كما أن الديوان لم يجد في انظمة الخدمة المدنية تفسيرا للأسس التي استند إليها ديوان الخدمة المدنية في إعطاء موافقات مشروطة للفصل بغير الطريق التأديبي، بحيث تتحمل جهة العمل تكلفة شراء سنوات الخدمة المضافة الى سنوات الخدمة الافتراضية التي تقدمها الهيئة العامة لصندوق التقاعد الى خدمة الموظف المفصول بموجب المادة (15) من قانون التقاعد. لوحظ في كثير من الحالات، أن الفصل بغير الطريق التأديبي يتم لأسباب خارج نطاق تعميم الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 2000، إذ يتم فصل الموظف على سبيل المثال لأي من السببين التاليين:

عند رغبة جهة العمل الاستغناء عن بعض موظفيها، تعرض عليهم ضمن خيارات أخرى، الفصل بغير الطريق التأديبي بحيث يحصلون على حزمة من المزايا التقاعدية التي تضاف للموظف بموجبها خمس سنوات خدمة افتراضية (اعتبارية) لسنوات خدمته المحسوبة في التقاعد تتولى جهة العمل سداد قيمتها، الى جانب الحقوق المكتسبة بموجب المادة (15) من قانون التقاعد، أو حين يرغب الموظف أحياناً في الحصول على معاش تقاعدي وهو لا يستوفي شروط المعاش تلجأ جهة عمله أحياناً الى فصله بغير الطريق التأديبي بناءً على طلبهأاو بمبادرة منها وذلك بغرض إضافة خمس سنوات خدمة افتراضية الى مدة المحسوبية في التقاعد وحصوله على معاش تقاعدي بدلاً من المكافأة 15 في المئة من الراتب السنوي عن كل سنة خدمة.

الفصل بغير الطريق التأديبي من الناحيتين الدستورية والقانونية

لا يوجد في مملكة البحرين أي قانون يجيز فصل الموظف بغير الطريق التأديبي، كما لا يجوز تفسير المادة (15) من قانون التقاعد، والتي تنص على انه إذا كان إنهاء الخدمة بسبب إلغاء الوظيفة أو لفصل الموظف بغير الطريق التأديبي، يستحق الموظف معاشاً متى بلغت مدة خدمته عشر سنوات، ويحسب المعاش على اساس ضم خمس سنوات الى هذه المدة بحيث لا يجاوز بها المدة الباقية لبلوغ السن المقررة لترك الخدمة، على أنها تجيز فصل الموظف بغير الطريق التأديبي، إذ ان احكامها لا تتعدى ترتيب حقوق الموظف التقاعدية فيها لو أحيل الى التقاعد بواسطة جهة العمل بغير الطريق التأديبي على النحو القانوني السليم.

وحيث ان الفصل بغير الطريق التأديبي يفترض أن يتم بحسب تعميم الديوان لأسباب محددة، كعدم صلاحية الموظف للنهوض بواجبات الوظيفة، أو عدم قيامه بمسئوليته على الوجه الذي يحقق صالح الجهة التي يعمل بها، أو عدم صلاحية الموظف للاستمرار بالوظيفة لشبهات حامت حوله تمس كرامة الوظيفة العامة أوالنزاهة أو الشرف أو حسن السمعة، أو إذا فقد الثقة والاعتبار بسبب سلوكه المخالف للنظام العام أو المصلحة العامة أو تدني الكفاءة المهنية لدى الموظف، فإن هذه المثالب تعتبر اتهامات خطيرة يقتضي أي منها التحقيق مع الموظف وتمكينه من ممارسة حقه الدستوي والطبيعي في دفع الاتهامات المنسوبة إليه.

كما أن حق الموظف في المحاكمة العادلة التي تكفل له مواجهة الاتهامات التي تنسب إليه والدفاع عن نفسه، يعتبر حقاً دستورياً بموجب الفقرة (ج) للمادة (20) من الدستور والتي تنص على ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون كما تنص الفقرة (و) من نفس المادة على أن «حق التقاضي مكفول وفقاً للقانون». ومن ثم لا يجوز حرمان الموظف من هذا الحق.

لذلك ارتأى الديوان أنه لا يجوز فصل أي موظف من الخدمة بغير الطريق التأديبي، علماً بأن التعميم الصادر عن ديوان الخدمة المدنية بالقواعد المنظمة لأسباب ومعايير الفصل بغير الطريق التأديبي يعتبر تعميماً إرشادياً كسائر التعاميم التي تصدر عن الديوان، والتي ليس لها صفة القانون أو القيام مقام القانون في اجازة الفصل بغير الطريق التأديبي وما يترتب على ذلك من حرمان للموظف أو المستخدم من ممارسة حقه الدستوري والقانوني في دفع الاتهامات التي توجه إليه.

وعليه، فقد أوصى الديوان بأنه طالما أنه لا يوجد قانون يجيز لجهة العمل فصل الموظف بغير الطريق التأديبي، يتعين على ديوان الخدمة المدنية وقف العمل بتعميم ديوان الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 2000 بشأن القواعد المنظمة لأسباب ومعايير الفصل بغير الطريق التأديبي لمخالفته الدستور والقانون.

وهو ما رد عليه ديوان الخدمة بأن الفصل بغير الطريق التأديبي هو إجراء تم النص عليه بالفقرة (ب) من المادتين الثالثة عشرة والخامسة عشرة من القانون رقم (13) لسنة 1975 بشأن تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة وتعديلاته، وقد صدر تعميم الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 2000 بشأن القواعد المنظمة لأسباب ومعايير الفصل بغير الطريق التأديبي، لبيان الأسباب والمعايير المتعلقة بهذا وذلك بالتنسيق مع الهيئة العامة لصندوق التقاعد، لذا وفي شأن اقتراح إلغاء التعميم، فالأحرى - ان كنتم ترون إلغاء التعميم - هو اقتراح تعديل القانون رقم (13) لسنة 1975 بإلغاء الفصل بغير الطريق التأديبي بدلاً عن تركه بالقانون دون قواعد منظمة تتضمنها أداة تشريعية ادنى. هذا مع لزوم إحاطة الاجراء بضوابط صارمة تنأى به على التعسف، هذا فضلاً عن أنه لو تم إلغاء ذلك التعميم فسوف يعود الحال الى ما كان عليه قبل استصدار التعميم في العام 2000 علاوة على ذلك وفي سياق الحديث عن عدم الدستورية كما جاءت بالمادة (20) من الدستور فإن التعميم قد تضمن من بين ما تضمنه مواجهة المزمع فصله بالأسباب التي حدت بالإدارة الى اتخاذ قرار فصله عن العمل والدفاع عن نفسه، وابداء ما يرى من أسباب تحول دون اتخاذ قرار فصله، وحق الطعن فيه باللجوء الى القضاء الإداري كحق مستقر لا حاجة للنص عليه بتعميم أو خلافه. على أنه وان كانت هناك بعض الجهات الحكومية التي درجت في بعض الحالات على استخدام تلك الأسباب في غير محلها بصورة دقيقة، أو طلب الجهات الحكومية موافقة الديوان على الفصل بغير الطريق التأديبي فيشترط الديوان أن تتحمل الجهة الحكومية التي يتبع لها الموظف تكلفة شراء خمس سنوات افتراضية بدلاً عن الهيئة العامة لصندوق التقاعد، فإن ذلك لا يبرر إلغاء ذلك التعميم بل إحاطته ببعض الضوابط الصارمة كما أسلفنا، وضمان الحد من الفصل بغير الطريق التأديبي خارج إطار التعميم المشار إليه.

وكما اسلفنا فإن ديوان الخدمة المدنية بصدد مراجعة جميع القرارات والأنظمة والتعاميم التي يعمل بموجبها ومن بينها هذا التعميم على وجه الخصوص وذلك بهدف تضمين التعميم ضمانات كافية تكفل للموظف الحق في الدفاع عن نفسه وجعل الموافقة على الفصل لدى سلطة عليا يتم النظر في تحديدها والطعن في القرار، واشتراط أن يكون الباعث على القرار هو المصلحة العامة دون غيرها، فضلاً عن استصدار أداة تشريعية ملزمة للديوان والكافة للحد من الممارسات المشار إليها بالتقرير.

بينما عقب الديوان بأنه لا يعتبر القانون رقم (13) لسنة 1975 مرجعية قانونية لتعميم ديوان الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 2000 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي، وذلك لأن المادة (15) من قانون التقاعد تتناول حق الموظف في أن تضاف الى خدمته المحسوبة في التقاعد بواسطة الهيئة خمس سنوات خدمة افتراضية في حالة انتهاء الخدمة بسبب إلغاء الوظيفة أو الفصل بغير الطريق التأديبي، متى بلغت مدة خدمته عشر سنوات ومن ثم فإن المادة (15) من قانون التقاعد ترتب حقوق الموظفين في حال انهاء خدمتهم على النحو القانوني السليم للسببين أعلاه، ولكنها لا تخول للجهات المعنية فصل موظفيها بتلك الطريقة.


التقاعد الإلزامي وإلغاء الوظيفة بسبب الخصخصة

اتضح أن حكومة البحرين قد درجت على تحمل تكلفة شراء سنوات الخدمة العشر المضافة الى الموظفين المحالين الى التقاعد الإلزامي بسبب الخصخصة بالكامل على رغم أن نشرة ديوان الخدمة المدنية رقم (54) والمعدلة بالنشرة رقم (75) مقروءة مع المادة (15) من قانون التقاعد قد نصت صراحة على ان يتحمل صندوق التقاعد تكلفة شراء خمس سنوات وجهة العمل خمس سنوات.

واوصى التقرير بموجب ذلك ان تلتزم الهيئة العامة لصندوق التقاعد بتحمل شراء سنوات الخدمة الخمس المضافة الى الموظفين المحالين الى التقاعد الالزامي بسبب الخصصة بناء على المادة 15 من قانون التقاعد طالما أن الإحالة الى التقاعد على هذا النحو تفضي الى إلغاء الوظيفة، أو تعدل نشرة ديوان الخدمة المدنية رقم (54) بحيث تتحمل حكومة البحرين شراء سنوات الخدمة العشر اذا ارتأت ذلك حتى يزال التضارب بين مقتضيات القانون وتصرف الجهات الحكومية المختصة.

وردت الجهة المعنية مؤكدة أن المقصود بذلك هو نظام الخدمة المدنية رقم (2002) لسنة 2000 بشأن نظام التقاعد المبكر الإلزامي لموظفي الخدمات والأنشطة التي يتم تخصيصها أو إسنادها الى القطاع الخاص، والذي تم تمديد العمل به في 2005 لمدة خمس سنوات أخرى، وقد صدر هذا النظام تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء بشأن الموظفين في الخدمات والانشطة الحكومية التي يتم منح امتياز إدارتها الى القطاع الخاص أو تخصيصها بالكامل، وقد بين ذلك النظام الهدف منه في مطلعه، وفي هذا الشأن فإن ديوان الخدمة المدنية يرى وجوب التفريق بين قيام الموظف بضم خمس سنوات خدمة افتراضية على نفقته الخاصة وفق ما تم النص عليه بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1990 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 1975 والحالات الواردة بالفقرات (ب) و(ج) وبين الحالات الواردة بالنظام الذي نص على قيام الحكومة بشراء عشر سنوات خدمة افتراضية وذلك في الحالات المشار إليها بالنظام وهي حالات استثنائية.

وعقب الديوان على ذلك بالإشارة الى انه لم يتطرق في هذه الملاحظة، صراحة أو ضمناً، الى ضم الموظف خمس سنوات خدمة افتراضية على نفقته الخاصة وفق ما نصت عليه المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1990 بتعديل بعض احكام القانون رقم (13) لسنة 1975، ومن ثم لا يوجد لبس في الملاحظة يستوجب التنويه إليه كما ورد في رد ديوان الخدمة المدنية، أو اعتراض على نظام التقاعد الإلزامي المبكر، وإنما تنصب ملاحظة الديوان على عدم الالتزام بتطبيق نظام الخدمة المدنية رقم (202) لسنة 2000 المتعلق به. كما لا يوجد لبس لدى الديوان بشأن نظام الخدمة المدنية المقصود، حيث ان نظام التقاعد المبكر الإلزامي قد صدر بموجب نظام الخدمة المدنية رقم (202) لسنة 2000 وليس رقم (2002) لسنة 2000 كما ورد في ديوان الخدمة المدنية. وعليه يؤكد ديوان الرقابة المالية على ضرورة إنهاء التضارب عند تطبيق نظام الخدمة المدنية رقم (202) بين أحكام النظام وتنفيذ الجهات المعنية للالتزامات والاستحقاقات المترتبة على الإحالة على التقاعد المبكر الإلزامي، وذلك في إطار المراجعة التي يقوم بها ديوان الخدمة المدنية للقرارات والأنظمة والإجراءات المعمول بها.


الترقيات الاستثنائية بأثر رجعي

الترقية الاستثنائية بأثر رجعي من حيث الممارسة

تم التوصل من خلال الردود التي تلقاها الديوان من الوزارات والهيئات العامة والمؤسسات العامة التي شملتها أعمال الرقابة الى أن معظم وزارات وإدارت الدولة المختلفة والمؤسسات والهيئات العامة والجهات الحكومية الاخرى، تقوم بترقية بعض موظفيها لدرجة أو درجتين بأثر رجعي مع وضعهم على نهاية مربوط الدرجة مع أنها غير مدرجة على الهيكل التنظيمي للوزارة أو الجهة الحكومية التي يتبع لها الموظف المرقى، وذلك قبل انتهاء خدمته وإحالته الى التقاعد بفترة وجيزة لا تتعدى اليوم السابق على تاريخ انتهاء الخدمة بهدف زيادة الراتب ووعاء تسوية الحقوق التقاعدية التي تستحق للموظف الذي تنتهي خدمته. هذا واسفرت نتائج الرقابة عن أنه لا يوجد في القوانين ذات العلاقة أو في أنظمة الخدمة المدنية أية لوائح أو قرارات تنظم الترقيات الاستثنائية بصفة عامة أو الترقية الاستثنائية بأثر رجعي بصفة خاصة وأن تعميم وزير المالية - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لصندوق التقاعد رقم (1) لسنة 1997 بهدف توجيه الجهات المعنية «الى ضرورة قصر منح الترقية الاستثنائية على من أدى خدمات جليلة للدولة من الموظفين الذين يحالون الى التقاعد الاعتيادي والتقاعد المبكر، في أضيق الحدود دون إطلاق منح هذه الترقية، وعدم شمولها لكل من تنتهي خدمته بالإحالة الى التقاعد الاعتيادي والتقاعد المبكر»، لا يؤسس مرجعية قانونية للترقيات الاستثنائية لأنه يعتبر تعميماً استرشادياً لا يستند الى أية صلاحيات قانونية تجيز لوزير المالية - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لصندوق التقاعد - بأي الصفتين استحداث نظام للترقيات الاستثنائية في الجهات التابعة لديوان الخدمة المدنية أو اعتماد ما سرى عليه العمل بتعميم يصدر ضمن أنظمة الهيئة العامة لصندوق التقاعد.

لذلك أوصى التقرير أنه طالما لا يوجد قانون أو لائحة أو نظام صادر على النحو القانوني السليم يجيز لجهة العمل ترقية موظفيها ترقيات فورية أو بأثر رجعي بصفة استثنائية وفقاً لمعايير وضوابط محددة، يتعين على ديوان الخدمة المدنية إصدار التعليمات اللازمة لوقف تلك الممارسات الخاطئة.

وعليه رد ديوان الخدمة بأن هناك من الحالات - طبقاً لما جرى عليه العمل بالخدمة العامة - التي تستوجب اتخاذ إجراء بالترقية الاستثنائية لبعض الموظفين لخدمات تطوعية أو وطنية أو بطولية، وعلى رغم ذلك فسوف يستصدر الديوان في سياق خطته لمراجعة القرارات والانظمة والتعاميم الصادرة عنه، أداة لتنظيم الترقيات ووضع الضوابط الصارمة بشأنها بحيث لا تتم إلا بسند قانوني?

العدد 1568 - الخميس 21 ديسمبر 2006م الموافق 30 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً