أقيم أخيراً أول مهرجان دولي للشعر في موريتانيا تحت شعار بيت شعري لأبي تمام يقول فيه «ولولا خصال سنها الشعر مادرى، بغاة العلى من أين توتى المكارم.
وأكدت وزيرة الثقافة السيدة مهلة بنت أحمد أهمية التقريب بين الثقافات، وقالت في كلمة أمام المشاركين في المهرجان أن موريتانيا من خلال المهرجان تقدم إسهاما أصيلا في تحقيق هدف إنساني عالمي نبيل، فها هو الضمير الإنساني الحي لكل الحضارات يلتئم تحت قبة واحدة، ممثلا في شعراء مبدعين، أقبلوا من كل فج عميق، مساهمين بإبداعاتهم في إنشاد رائع بسينفونية تناغم كونية، تستوحي من ينابيع الإلهام ألحانا شجية منوعة، على إيقاع موحد، فيها من كل إبداعات الدنيا لمحة أو رنة، ومن كل أحلام الشعراء حلم مجنح. وأضافت أمام وسط حضور غير مسبوق لمئات من عمالقة الشعر العرب والأجانب أن السلطات الموريتانية أصرت على تنظيم هذا الحفل الشعري العالمي على رغم تزاحم مهمات المرحلة السياسية ما يعبر عن إدراك عميق مؤداه أن الشعر في جميع الحضارات رائد أحلام البشرية، والمعبر عن خيالها الخلاق وتوقها إلى عالم تتعايش فيه جميع الألوان والأعراق وشتى صنوف الأفكار، وأنه التعبير الأسمى عن ضمير العالم في سموه وتعاليه على النوازع الأنانية ومعانقته للقيم السامية، قيم الخير والحب والجمال.
وأكدت الوزيرة الموريتانية انه إذا كانت بؤر التوتر والتحولات التي عرفها العالم في أواخر القرن الماضي ومطلع هذا القرن قد أسفرت عن تصدع الكثير من البنيات التي كانت تنظم العالم، مؤدية إلى اختلال التوازن هنا أو هناك، وإلى مزيد من الإحباط والشعور بالغبن لدى من كانت الترتيبات على حسابهم، فدفعت بهم إلى الانجراف أحياناً في مسالك العنف والتطرف والكراهية العمياء، فإن رسالة الشعر اليوم هي الإسهام بقوة في استعادة التوازن في العلاقات بين البشر، من خلال تعرية أشكال الزلل والدعوة إلى رفع الظلم عن المظلوم وإعادة الأمل والبسمة إلى من طحنتهم الأيام.و أضافت أن بذلك يقدم الشعراء - كما قدموا دائماً - البلسم الشافي لأدواء هذا العصر حتى تتصالح البشرية مع ذاتها وتستعيد العلاقات الإنسانية حالتها الطبيعية سلاماً ومحبة وتعاوناً بين الناس.
وقالت وزيرة الثقافة الموريتانية السيدة مهلة بنت احمد إن بلادها التي شكلت أرضها على مر التاريخ ملتقى للحضارات وموئلاً لتلاقح الثقافات وللتعاطي الخصب بين المذاهب والشعوب والأفكار، تعتبر نفسها معنية بالأسئلة والتحديات المطروحة على الحضارة الإنسانية اليوم، منشغلة بكل أنة ألم أو نداء استغاثة يتوجه إلى الضمير الإنساني. وأضافت أن موريتانيا مستعدة لمواصلة دورها المحوري في التقريب بين الأمم والدفع بحوار الثقافات من حلال استضافتها لهذه النخبة من شعراء الأرض ليثبتوا للعالم أن الرؤى يمكن أن تلتقي وأن الأحلام يمكن أن تتناغم حتى في اللحظات الحرجة، وأن الإنسان - مهما اختلفت الملل وتباينت النحل - هو الإنسان بهمومه وآماله، بحزنه وفرحه. وقد خلقه الله على هذه الأرض واستعمره فيها ليبني وينتج ويقدم الخير العميم لإسعاد البشر جميعاً?
العدد 1574 - الأربعاء 27 ديسمبر 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1427هـ