عقدت أسرة الأدباء والكتّاب في البحرين، بمقرها الكائن بالعدلية، بالتعاون مع الملتقى الثقافي الأهلي، المؤتمر الصحافي لتجسير التبادل الثقافي مع رابطة الأدباء والكتّاب الأردنيين، تحت مسمى «إضاءة أردنية»، وتأتي زيارة الوفد الأردني في إطار التبادل الثقافي، على خلفية إبرام الاتفاق الثقافي في القاهرة في العام الجاري، كما يذكر أن الزيارة التي قام بها الوفد البحريني برئاسة إبراهيم بوهندي للأردن، تعد من باكورة الزيارات بين المؤسستين.
في هذا الصدد شكر رئيس رابطة الأدباء الأردني ين أحمد ماضي كلاً من أسرة الأدباء والملتقى الثقافي على حسن استضافتهما الوفد، معتبراً أن هذه الزيارة - وهي أول زيارة للوفد الأردني - الباكورة متطلعاً إلى مزيد من التواصل، وهي نافذة للتعرف إلى المشهدين الثقافي والأدبي في البحرين، والتي سيتم من خلالها تبادل الإصدارات والنشرات المتخصصة.
وفي تطرق إلى سيرة وتاريخ رابطة الأدباء الأردنية، قال ماضي: «في ظل الأحكام العرفية التي سادت لعقود في الأردن، اعتقلت العام 1957، إذ كانت الحياة الحزبية في الأردن من الممنوعات، وخصوصاً الأحزاب اليسارية، فكنّا نمارس العمل بشكل سري؛ لذلك انتقلت هذه الأحزاب إلى الرابطة كغطاء لعملها، لدرجة يمكنني وصف الدورات الانتخابية بأنها لم تكن بريئة، وخضعت بالضرورة إلى المطبخ السياسي السري، وفي الكثير من هذه الدورات الانتخابية كان التنافس منحصرا بين الحزب الشيوعي الأردني، والجبهة لتحرير فلسطين. نعم أنا شيوعي سابق، وعملت في الرابطة؛ لذلك كانت رابطة الأدباء الأردنيين مستهدفة، وهذا ما انكشف العام 1986 حين أغلقت وتم تشميعها بالأحمر، فتحولت اجتماعات الرابطة إلى الغطاء السري؛ للمحافظة على حياة الرابطة، ومن الأهداف التي كانت تتبناها الرابطة العمل على إحباط مهرجان جرش؛ لأن هذا المهرجان يعد مهرجان الدولة الرسمي، فقمنا بالاتصال بجميع المدعوين الذين لهم صلة بالرابطة، أو لهم مكانة مرموقة؛ لحثهم على عدم المشاركة في هذا المهرجان، وإثر هذه التحركات تم استدعائي إلى المخابرات العامة، ومازلت استدعى إلى هذا اليوم».
بعد ذلك تضافرت جهود أجهزة الدولة لإنشاء ما يسمى «اتحاد الكتاب الأردنيين»، الذي تقف وراء إنشائه المخابرات، كبديل للرابطة، والمحزن أنه لاقى دعماً من بعض أعضاء الرابطة، وذلك حتى العام 1990، حين صدر أمر بفتح الرابطة، فوقعت وزارة الثقافة في مأزق بين الرابطة والاتحاد، ولا يمكن للمتتبع إلا أن يدرك أن جميع المفكرين والمبدعين البارزين في الأردن هم من أعضاء الرابطة، في حين غابت هذه الوجوه عن عضوية الاتحاد؛ ولذلك فإن الاتحاد من الناحية الإبداعية لا ينبغي له أن يكون قائماً.
كما عقب كل من الشاعر محمد ضمرة والشاعر حكمت النوايسة والشاعر يوسف عبدالعزيز، مؤكدين تشابه الأسئلة المطروحة في الأوساط الثقافية على مستوى الخليج العربي، مرجعين أسباب ذلك إلى القضايا المشتركة، والهم الإنساني المشترك، كما أشاروا أيضاً إلى خفوت القصيدة المعاصرة من صوت القضايا الكبرى، وذهابها في التفاصيل الحياتية الخاصة بالكاتب.
بعد يوم من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمقر أسرة الأدباء والكتّاب الكائن بالعدلية، أقيمت أمسية شعرية بالملتقى الثقافي ليلة الإثنين الماضي، قدمها الشاعر كريم رضي، وبدأت بكلمة أسرة الأدباء والكتّاب التي ألقاها رئيس الأسرة إبراهيم بوهندي، شارك فيها معظم الوفد الأردني، الذي لوحظ عليه غياب الجيل الشبابي، وغلبة الشعراء من أعضاء الوفد، وتناوب الأمسية كل من الشعراء حكمت النوايسة ومحمد ضمرة ويوسف عبدالعزيز ومها العتوم.
قدم الشاعر حكمت النوايسة قصيدة تفعيلة واحدة، كان يداخلها شيء من الفِقرات النثرية، ثم قدم الشاعر محمد ضمرة قصائد متنوعة وفِقرات من قصائد، تميز فيها بنفس تفعيلي وقافية حادة تتابع الجُمل الشعرية في نصه، ليلقي بعده الشاعر يوسف عبدالعزيز، وهو شاعر له نصوص مفاجئة تسكنها اللمسات مبدعة، إلا أن نصوصه لم تكن تناسب إلقاءه المنبري، وبعض الأحيان يفاجئوك باختياره كلمات نصه، كاختياره أن يطلق على نفسه «بالتيس» في إحدى قصائده، ليقدم بعدها نصوصاً نثرية بين السرد والنص الحديث، تميز يوسف من بقية الشعراء بنصوص جيدة، يمكن أن تعطي صورة جميلة عن المشهد الأردني، وأخيرا ألقت العتوم نصوصاً تمتعت بالنفس التفعيلي والعمودي تارة، تميزت نصوصها بمحاكاة المنجز من الشعر.
وفي ختام فعاليات الوفد الأردني في البحرين، قدم كل من أحمد ماضي، والشاعر حكمت النوايسة إضاءة على المشهد الأردني المعاصر؛ لإعطاء صورة تقريبية عن الحراك الثقافي على المستوى الأردني، أقيمت الندوة بمقر أسرة الأدباء والكتّاب?
العدد 1574 - الأربعاء 27 ديسمبر 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1427هـ