العدد 3934 - الجمعة 14 يونيو 2013م الموافق 05 شعبان 1434هـ

القطان: حب الدنيا داء أودى بالأمة إلى الضعف والنزاع والشقاق

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان، إن حب الدنيا «داءٌ»، أودى بالأمة الإسلامية إلى الضعف والنزاع والشقاق، «حتى تحكم الأعداء في كثير من قضاياها، واستحوذوا على كثير من خيراتها، واستولوا على بعض بلادها، وساموا بعض الشعوب المسلمة سوء العذاب، وألحقوا بهم أصنافاً من النكال».

وأوضح القطان، في خطبته أمس الجمعة (14 يونيو/ حزيران 2013) أن ما يحدث اليوم على أيدي «الصهاينة الغاصبين، والشرذمة المفسدين، ضد إخواننا المستضعفين في الأرض المباركة فلسطين، وكذا ما يحدث في بعض الدول العربية والإسلامية، من ظلم وطغيان وعدوان أثيم على الأنفس والأموال والحرمات، وقتل الأبرياء على الهوية، وتدنيس المقدسات، إنما مرده ما عليه حال كثير من المسلمين من إقبال على الدنيا، وزهد في الآخرة، وإعراض عن طاعة الله ورسوله؛ وغفلة عما يدبر ويحاك لهم من مؤامرات، وعدم مبالاة لما يجري لإخوانهم المستضعفين من محن ومصائب ونكبات، حتى ابتلوا بهؤلاء الأعداء الحاقدين، ومن شايعهم من المجرمين والظالمين، الذين استهانوا بالمسلمين، واسترخصوا دماءهم وحرماتهم، وهذا مصداق لما أخبر صلى الله عليه وسلم عن وقوعه في الأمة، حين تقبل على الدنيا، وتخلد إليها، ويضعف تمسكها بدين الله، ولا تلتزم بشرع الله، وترتكب الذنوب والمعاصي، وتدع الجهاد في سبيل الله».

وذكر أن «من التمادي في الغفلة والإعراض عن الله، وإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، فلقد ندد الحق جل وعلا بالغافلين، وأشاد بالمتقين الذين جانبوا هوى النفس، وعملوا للدار الآخرة».

وأشار إلى أن هناك نصوصاً قرآنية، وأحاديث نبوية، فيها «تصوير لحقيقة هذه الحياة الدنيا، وما يجب أن يكون عليه حال المرء فيها، من الإقبال على الله جل وعلا، والأخذ بالنفس في دروب الصلاح والتقى، ومجانبة الشهوات والهوى، والحذر من الاغترار بالدنيا، غير أن من عظيم الأسف أن يظل الكثيرون منا في غفلة وتعامٍ عن ذلك؛ حتى غلب عليهم طول الأمل، وران على قلوبهم سوء العمل، وكأن لا حياة لهم إلا الحياة الدنيا... وإذا استولى حب الدنيا على قلب المرء أنساه ذكر ربه؛ وإذا نسي المرء ذكر ربه أنساه تعالى نفسه؛ حتى يورده موارد العطب والهلاك، وقد قال عليه الصلاة والسلام في بيان شؤم ذلك وخطره على دين المرء».

وأضاف «إن من مظاهر غلبة حب الدنيا على القلوب، واستيلائها على النفوس لدى البعض، ألا يكون لهم همّ إلا البحث عن الجاه العريض، والشهرة الواسعة، وإن كان على حساب الدين والفضيلة، وآخرون ليس لهم همّ سوى جمع الأموال، وتضخيم الثروات؛ حتى سلكوا في تحصيل ذلك مسالك مشبوهة، وسبلاً محرمة».

وتساءل: «كم من المجتمعات المسلمة من طغى عليهم حب الدنيا؛ فاستجابوا لداعي الهوى، والنفس الأمارة بالسوء والفحشاء؛ حتى أدى بهم ذلك إلى اقتراف الفواحش والمنكرات، وارتكاب المعاصي والمحرمات، حتى صدق على كثير منهم. وما أوقعهم في ذلك إلا طغيان حب الدنيا على نفوسهم حتى آثروها على الآخرة».

وقال إن: «عنوان سعادة المرء ودلائل توفيقه، إنما يكون في إنابته لربه، واستقامته على شرع الله ودينه في جميع أيام حياته، وعلى كل حالاته، وإقباله على الله تعالى بنية خالصة وعبودية صادقة، وألا تشغله الحياة الدنيا والسعي في تحصيل ما يؤمل منها، عن الاستعداد للحياة الباقية، والتزود للدار الآخرة، فذلك سبيل الصالحين، ونهج المتقين ممن وصفهم الله عز وجل في محكم التنزيل».

وتابع «إن هؤلاء الصالحين على رغم اشتغالهم بالبيع والشراء، وما يحتاجون من عرض الدنيا، إلا أن ذلك لم يكن حائلاً بينهم وبين استحضار عظمة الله جل جلاله، استحضاراً يحمل على تقوى الله عز وجل وخشيته على الدوام، والقيام بعبوديته حق القيام، وهكذا شأن المؤمن حقاً، يغتنم أيام العمر وأوقات الحياة بجلائل الأعمال الصالحة، ويبتغي فيما آتاه الله الدار الآخرة؛ لعلمه أن هذه الحياة الدنيا ما هي إلا وسيلة للفوز بالحياة الباقية، والظفر بالسعادة الدائمة، لا أنها غاية تبتغى، ولا نهاية ترتجى، بل إنما هي عرض زائل، وظل آفل، يأكل منها البر والفاجر، وأنه مهما طال فيها العمر، وفسح فيها للمرء الأجل، فسرعان ما تبلى، وعما قريب تفنى، وليس لها عند الله شأن ولا اعتبار، وإنما هي قنطرة إلى الجنة أو النار».

وفي سياق خطبته، تحدث القطان عن شهر شعبان قائلاً: «نحمد الله تبارك وتعالى على أن مد في أعمارنا، وأنعم علينا حتى أظلنا شهر شعبان، ذلك الشهر الكريم الذي ورد في فضله أن الله جل جلاله، فرض على هذه الأمة فيه صيام شهر رمضان، في السنة الثانية بعد الهجرة النبوية المباركة».

وأفاد بأن «في مثل هذا الشهر حولت القبلة من المسجد الأقصى إلى البيت العتيق»، مبيناً أنه «من الأشهر القليلة التي يهتم بها المسلمون الآن، أما سلفنا الصالح فكانوا يهتمون به، بصومه والإكثار من قراءة القرآن فيه وغير ذلك من العبادات والطاعات المشروعة، ليحصل التأهب والاستعداد لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.

ودعا إلى «اغتنام هذه الأيام الفاضلة والأوقات الشريفة، بالأعمال الصالحة، وأن يضع المؤمن في ميزان أعماله اليوم ما يسره أن يراه فيه غداً، متأسياً فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم. الذي كان من هديه الإكثار من الصيام في هذا الشهر، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صـِيَاماً مِنْهُ فِي شـَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُهُ إِلا قَلِيلاً، بَلْ كَانَ يَصُـومُهُ كُلَّهُ)».

العدد 3934 - الجمعة 14 يونيو 2013م الموافق 05 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:14 ص

      عزيزي زائر 1 شيخنة مو مثل الباقي يشتغل على الرموت كنترووول لاااا لآنة الرموت
      يشغل من بعد أمتار بس الحبيب يشغلونة بل ليزررر يعني من مسافات طويلة امطور
      أكثر من الباقي...او على فكرة حتي سكاااانة باوررر أستيرنك...
      تحياتي
      .....

    • زائر 1 | 11:47 م

      حسبنا الله وكفى

      طالما تقول هذا الكلام ياشيخ أين تعليقك على من يتهدد بقتل الطائفة الشيعية من السلفين بحكم موقعك الديني في المملكة

اقرأ ايضاً