العدد 3939 - الأربعاء 19 يونيو 2013م الموافق 10 شعبان 1434هـ

شوكة الأطباء... وردة أمل

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

«لماذا اشتريت ألمهم؟»، كان هذا هو سؤال إحدى قريباتي عندما رأت كتاب «شوكة الأطباء» على طاولتي. السؤال كان مباغتاً لدرجة أنني تلعثمت ولم أعرف الرد، وظننت للحظة أنني بالفعل قمتُ بذلك، ولكن ما هي إلا لحظات حتى سألتها: «وهل يبيع المرء سنوات حياته حين يكتب سيرته فيشتريها قارئٌ مجهول؟ أم أنه الرغبة في سرد تفاصيل تهم هذا القارئ وتعطيه من العبر ما تجعله يعيش حياةً أخرى غير حياته، يكتسب منها خبرةً ليست بالقليلة، وهو ذاته أحد الأسباب التي تدفع القارئ لاقتناء كتاب سيرة أحدهم»؟

ضحكت قريبتي، وطلبت مني استعارة الكتاب بعد انتهائي من قراءته، لإدراكها أنها ستتعلم منه الكثير.

في الكتاب مئتان وأربعون صفحة من المعاناة التي لم تخلُ أبداً من أمل، وهي السيرة الأولى لأفراد الطاقم الطبي البحريني الذين عوقبوا جرّاء معالجتهم الجرحى بعد احتجاجات الرابع عشر من فبراير 2011، ليكون هذا الكتاب هو الكتاب التوثيقي الأول لهذه الفترة. وهذه التجربة دُوّنت باللغتين العربية والانجليزية، سرد خلالها الأطباء أوجاعهم وآمالهم منذ انطلاق أحداث الرابع عشر من فبراير وحتى وقت خروجهم من المعتقل، وتقرأ الكتاب فتجد أنك تعيش لحظاتهم التي تحدثوا عنها وكأنك تقف على شريط سينمائي يصل في بعض الأحيان إلى ما يشبه فيلماً من أفلام الخيال العلمي، لما يحمله من أحداث عصية على التصديق. فكيف يمكن لمن يتعرض لكل هذا الضغط وهذه المواقف والأحداث أن يعاود رسم الابتسامة على وجهه، ويبثها لمن حوله في زنزانة ضيقة تعج بالقلوب الجريحة؟ إذ كانوا نوراً لمن حولهم من قبل خروجهم من المعتقل بما حملوه من قوة بأس وصلابة، قلّما كانوا يفقدونها في فترةٍ ما بعد انتهاء التحقيق وارتفاع أوائل الشهداء من المعتقل.

الأطباء في سيرة اعتقالهم التي لم يذكروها كاملةً بالطبع، كانوا بمثابة الشوكة التي أخذت تقض مضاجع السلطة في الوقت الذي ظنت أنها كسرت شوكتهم، بعد كل ما قامت به ضدهم، وجاء بمثابة البلسم لكل من تعرض لتجربة مماثلة ولم يقوَ بعد على مواجهة جرحه بالابتسامة، أو حتى على سردها لغيره، لأنه يجدها مكتنزةً بالألم تارةً، وفترة كان الهدف منها الحط من كرامته تارة أخرى، خصوصاً من خلال ممارسة مسئولي التعذيب الذين لم يتوانوا عن فعل كل ما لا يخطر على بال، ابتداءً بالضرب وليس انتهاءً بطلباتهم التي لا يستوعبها عاقل، كتقليد أصوات الحيوانات أو الرقص أو شتم بعضهم أو الاعتراف على زملائهم بما لم يقوموا به، وهو ما ذكرته هذه الذاكرة الجمعية في الكتاب.

وعلى الرغم من قراءتنا لكل هذه الأحداث مراراً في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أننا قرأناها مفصّلة على موقع المرآة نفسه، إلا أن الكتاب جاء ليجمع كل هذه التجارب ويكون شعاعاً ما بلونه الأبيض الذي يحاكي لون زيهم الرسمي، ويحاكي لون قلوبهم التي انصبغت بأحمر جراح المرضى، ولم تصبغ بلون الحجر الرمادي بعد كل ما عانوه وما تعرضوا له.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3939 - الأربعاء 19 يونيو 2013م الموافق 10 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 2:20 م

      يا سادة يا كرام صلوا على البدر التمام

      يقال أويحكى أن سيدة جميلة جليلة إنسيه الزهراء فاطمه افضل الصلاة والسلام عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .. فهل يجوز قول سيداتي وآنساتي وسادتي للنساء أو يحق للرجال أن يكونوا ساداة كرام بدونها أو بدونهم؟ هذي ما سووها الى في قريش. هنا خصوص وعموم مختلف فيه لكن سيدتي العزبزة الى الله المشتكي .. الاطباء يسمونهم ملائكة رحمه يساعدون الناس علشان يشفون، لكن في ناس تساعد ملك الموت وإبليس في أذية الناس.. ويش مو .. إصبر لحكم ربك ولا تطع أهوائهم.. إهنيه في نهي ما في نهي ما ينعرف قوم عاد أو قوم ثمود، هاويه او

    • زائر 5 | 3:09 ص

      أطباء بلا حدود وعملة أو عولمة البهدله

      عولمة فقر وخصخة حتى الخدمات الصحيه بعد مخصصه، بس ويش ذنب الاطباء؟ ما تعرف الى ها التجاره الحره. عاد حتى في البشر وبأعضائهم بعد بتاجرون. واحد متمهن ومتخصص وإستشاري ويشغل في مستشفى أو مركز تابع كما كان يقال الى القطاعات الحكوميه. بس يمكن الحكومه تنازلت أو مازلت مو معترفه إن في حكومه شكل ورسم لكن بدون مضمون ولا فائده. يعني كيف ما تدافع عن الكادر الطبي وتتهمه ما يندره بأشياء لا علاقة لها لا بالمهنه ولا بالتخصص ولا بالدواء ولا بالداء وين قصر ها الطبيب علشان يتبهدل؟

    • زائر 4 | 3:01 ص

      غيره أو حسد أو يش يعني

      في العراق إستهدفوا العلماء كما حدثت إغتيالات في بقاع من العالم منها في إيران ومناطق أخرى. لا تعرفين عاد هي غيره أو حسد يعني هؤلاء الأطباء مو طلبوا العلم وإتعلموا وصاروا ينفعون الناس ويعالجون المرضى. لكن كما يبدو ويظهر إن هناك من لا يريد الأطباء أن تعالج المرضى أو واحد حاول يبتعث ولده للدراسه بس ما فلح قال ليش ولدي ما صار طبيب بس إولاد البطه نجحوا ويعالجون لا ويشتغلون صبح وعصر. ويش مو غيره أو حسد على العلم والمتعلمين تطلع المنفذين مو من الجاهليه بس من ما قبلها.

    • زائر 3 | 2:47 ص

      محنة الكادر الطبي جرح لا يندمل.

      ان ماتعرض له كوادرنا الطبية من انتهاكات وما تعرض له مستشفى السلمانية من اقتحامات ثم احتلال لهو وصمت عار على جبين كل من شارك وساهم في ذلك.

    • زائر 2 | 1:43 ص

      الكتاب

      من وين نقدر نحصل الكتاب؟؟

اقرأ ايضاً