العدد 3985 - الأحد 04 أغسطس 2013م الموافق 26 رمضان 1434هـ

يمارس الدجَّالون الإهانة حين يتحدّثون باسم الله!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

يهان الله - تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً - من قبل المتأسلمين والنفعيين والمتمصلحين، أكثر من الاهانة التي تصدر عن موْتورٍ وجاهل ومحترف استفزاز؛ للاستفزاز ذاته. يهان الله باختطاف معرفته واختطاف الوصول إليه واختطاف احتكاره، من قِبَل من لم يعرفه ولم تمسس روحه معناه المطلق.

يهان الله اليوم من أكثر الحناجر سعَة وقدرة على الصراخ والتحشيد الخاوي من على المنابر. المنابر التي تبيض ذهباً وتعمّر قصوراً، وتراكم أرصدةً في المصارف، على حساب بؤس الناس وشقائهم واللعب بوعيهم في كثير من الأحيان!

يهان الله من الذين لا شغْل لهم، من الفاشلين والشواذ وأصحاب العُقَد الذين لا مترَ مكان لهم بين الأصحّاء والأسوياء.

يهان الله اليوم بالقتل باسمه، والتفجير والتفخيخ باسمه، والتكفير باسمه، ومصادرة التفكير باسمه، ورصد ومحاكمة النوايا باسمه، ونفي واحتقار ونبذ المختلف والآخر باسمه.

لم يهنِ الله عالمٌ في معمل يوصم صاحبه اليوم بالكفر والتنصّر، في مناسبة أو من دون مناسبة. لم يهنِ الله الذي يثبت بسهَر وجدِّ تحصيل أن هذا الكون لم يكن وليد المصادفة؛ ولم يكن وليد العبث. إهانة تصدر عن الذين لم يحرّكوا ساكناً في البسيط من تحصيلهم العلمي؛ ولو سبقت أسماءهم حروف الدال، ذلك ليس دليلاً على معرفة الله بإهانة وتسطيح وعي الناس.

إهانة وعي الناس إهانة لخالقهم. ذلك الذي أحسن خلقه وكرّمهم. لم يهن الله الذين هم على بساطتهم متمسكون. أهانه الذين يحشدون الوهم والكذب و»العنديات» والتخريجات والتمريرات والتبريرات، والتأصيل للخراب، و»اقتلوهم حيث ثقفتموهم» ولو اختلافاً في طريقة الوضوء!

الذين يسهرون على برامج تتيح لهم منابر من التغفيل والتسذيج وتسييج عقول الأمة وإدخالها في الوصاية، وتحديد جهات وزوايا تحرُّكها وتساؤلها واستجوابها وفحصها وحتى شكّها الجميل. شكّها الذي لا يعادل مفخّخةً يمارسونها بالفكر الضال، ويهيئون أبناء مريديهم والمغفّلين كي يكونوا وقوداً وأدوات نسف لذلك الفكر وتعميم إهانة الله بالصوت والصورة واللحم المشوي ونسف الذين هم في الطريق إلى أرزاقهم. تلك ذروة إهانة الله باسم تعريف البشر بالله!

يهين الله الذين يكنزون الدجّل والكذب والذهب والاستغلال والاستغفال والخروج على الناس بمئات الأقنعة والوجوه وبلازمة: قال تعالى؛ بحسب المقتضى، وخدمة الراهن من المصلحة، وقال رسول الله؛ بحسب الفُرص التي تُرى رأي العين؛ من دون اعتبار لله ولرسوله بقدر اعتبار وتوخّي المصلحة والمنفعة التي تتحقق باسم الله والرسول.

ذلك اللبُّ من الإهانة والإمعان فيها والإدمان عليها، وجعلها طريقة وأسلوب حياة وديناً ومنهجاً يتخذه الذين لا يطرف لهم جفن، مع اعتياد ممارسة كتلك.

يهين الله وبدم بارد واطمئنان مصطنع هو أكثر هشاشة من الخزف، أولئك الذين يتكرشّون على حساب نحول الذين لا يفصل بينهم وبين جيران وأقرباء شارع بطول الكذب الذي يمارسون، والدجل الذي يمتهنون، والتقوى التي يتصنّعون، والدم الذي يلصق بذئاب العالم البريئة، في صور ومشاهد يبدو أن المستقبل لن يضعها في أرشيفه طالما ظلوا في صدارة المشهد، ونجوم المرحلة، ووجهاء العبث والاهانة. إهانة الله الذي باسمه يتحدثون ويثرون ويسمنون، وإهانة البشر في اعتياد بات من لزوم تقديم دجلهم إلى العالم.

إذا كان الله يدافع عن الذين آمنوا؛ بما في ذلك إنسانيتهم؛ تختطّ تلك الطحالب مفاهيم وتنحت أنفاقاً للهروب والخروج من ذلك المعنى بممارسات هي على النقيض من ذلك الدفاع الربّاني.

يريدون لخلقه الذلّة والمسكنة والضِعَة كي يرتفعوا - وهماً - ويريدون لخلقه الانحطاط كي يسموا - خَبَلاً - ويريدون لخلقه الضياع في موازييك التفسير وتيه الفهم وتجييره.

ومن صور إهانة الله والتجرؤ عليه في العام 2013، إدّعاء أن الملائكة متفرّغون ومستنفرون لخدمة قتَلَة على جبهات ينحر فيها الخلق كما تنحر الخراف نهار العيد. ملائكة مقرّبون من الرحمن صاروا مقربين من قتلة وقطاع طرق ودجّالين وفاشلين ومنتهزي فرص!

إهانة الله التي نشهد بالممارسة والفعل والصوت والصورة تتبدّى بادّعاء خلافته أيضاً؛ وما يصدر عنهم من قتل ونفي وتعذيب وتهجير وإهانة وهدم ودكّ ومصادرة وتشفٍّ وتحريض وانتقاص، كله يتمّ ترحيله وتصديره باسم الله.

أفي ذلك إجلال وتعظيم وتكريم له؟! أفي ذلك أدنى احترام لعقل البهائم عدا احترام عقول الذين يُمارس عليهم كل ذلك الدجل والزيف والكذب والافتراء؟!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 3985 - الأحد 04 أغسطس 2013م الموافق 26 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:36 ص

      رب ارجعوني................................................................

      الأدهى من ذلك كله هو صمت وخرس من هم يدعون التدين والتأسلم ومن هم من بني دينهم.....حقا صدق رسول الله (ص) حين تحدث عن علامات آخر الزمان قائلا : كيف بكم لو رأيتم المنكرمعروفا والمعروف منكرا ؟!قالوا:أويكون ذلك يارسول الله)ص(؟؟!؟!؟فقال:بل كيف بكم لو أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف! !؟؟؟!!؟ فصعق القوم لما ستؤول إليه حال هذه الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس.

    • زائر 3 | 9:10 ص

      المقال رائع

      سلمت يداك

    • زائر 1 | 9:58 م

      باركك الخالق

      أتمنى لك التوفيق. باركك البارى تعالى.

اقرأ ايضاً