العدد 3992 - الأحد 11 أغسطس 2013م الموافق 04 شوال 1434هـ

شبح شلل الأطفال يقترب من أوروبا قادماً من أوكرانيا

«الصحة العالمية» تحذر منه وتصفه بـ «خطر حقيقي»

هناك خطر حقيقي جدّاً من عودة مرض شلل الأطفال واحتمال تفشي أمراض أخرى مثل النكاف والحصبة الألمانية، هكذا أكدت لوكالة «إنتر بريس سيرفس»، ممثلة منظمة الصحة العالمية في أوكرانيا دوريت نيتسان، التي حذرت من أنه «إذا لم يتم تحسين خدمات التطعيم، فيمكننا أن نتوقع المزيد من تفشي هذا المرض في المستقبل».

إلى ذلك، سجلت أوكرانيا البلاد واحدة من أدنى معدلات التغطية باللقحات في أوروبا، وخاصة بين الأطفال، فضلاً عن ارتفاع حالات الإصابة ببعض الأمراض التي يمكن الوقاية منها في السنوات الأخيرة.

ويعزى هذا «الخطر الحقيقي جدّاً» من عودة مرض شلل الأطفال -إضافة إلى تفشي أمراض خطيرة أخرى مثل النكاف والحصبة الألمانية والحصبة- إلى مزيج من عدم كفاءة الدولة وعدم ثقة المواطنين بالتطعيمات والفساد.

ويقول مسئولو الصحة الدوليون إنهم يعملون مع السلطات الأوكرانية لتحسين معدلات التلقيح، وسط مخاوف متزايدة من تفشي أمراض كبرى في المستقبل، ما لم يتم إحراز التقدم على رفع معدلات التطعيم.

ويذكر أن معدلات التطعيم في أوكرانيا انخفضت منذ العام 2008 في أعقاب الحادث الذي أودى بحياة صبي في سن المراهقة بعد أن تلقى اللقاح ضد الحصبة والحصبة الألمانية.

وأفادت تقارير، بشكل خاطئ، أن وفاة الصبي نتجت عن اللقاح، وارتباك استجابة الحكومة، واعتقال كبير المسئولين الطبيين في البلاد الذي اعتبره بعض المحللين خطوة سياسية بحتة، فأثرت كل هذه العوامل في نشر المخاوف بين الأهالي وتشككهم في سلامة اللقاحات.

هذه المخاوف لاتزال متأصلة بين العديد من المواطنين حتى يومنا هذا. وبينت دراسة حديثة أجراها صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) أن ثلث الآباء الأوكرانيين ضد التحصينات.

ولاتزال معدلات التطعيم بين الأطفال منخفضة. وعلى رغم أن التوجيهات الصحية التي عممتها الدولة بشأن ضرورة تطعيم الأطفال ضد 10 أمراض معدية - بما فيها شلل الأطفال والحصبة الألمانية والسعال الديكي والحصبة - لا يزال مجرد 50 في المئة فقط من الأطفال يتلقون تحصيناً كاملاً، بالمقارنة بنسبة 80 في المئة في العام 2008، وفقاً لليونيسف.

في هذا الشأن، قالت أولغا دينسوفا - البالغة من العمر (33 عاماً) والتي تعمل كمساعدة مبيعات في كييف،- إنها نجحت في تطعيم ابنتها المراهقة، لكنها كانت قلقة للغاية بشأن سلامة اللقاح.

«كأم بالطبع أشعر بالقلق. فأسمع الكثير من الأقوال عن عدم أمان اللقاحات وهذا يجعل من الصعب عدم الإحساس بالقلق. الناس ليست لديها معلومات كافية عن التطعيم، ويجب على الحكومة أن تشرح المزيد عن هذا الموضوع».

واستطردت قائلة: «أنا أعلم أن انخفاض معدلات التلقيح قد يتسبب في حالات شلل الأطفال هنا. وهذا يخيفني. وأعتقد أنه من الواضح أنني وغيري من الأمهات نشعر بالقلق تجاه احتمال وجود شيء خاطئ في عملية التطعيم باللقاحات».

يشار إلى أن تطعيم الأطفال في أوكرانيا غير إجباري بموجب القانون، لكنه لا يسمح للأطفال ببدء الدراسة في المدارس من دون شهادات تثبت أنه تم تلقيحهم.

بيدَ أن أولياء الأمور يحصلون على شهادات تطعيم مزورة. ويعزز هذا المصدر للمخاوف العاملون في قطاع الرعاية الصحية المحلية، الذين لا يعير الكثيرون منهم أي اكتراث لضرورة التطعيم، بل ويرفضها بعضهم.

عن هذا، أكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية في أوكرانيا دوريت نيتسان، «نحن نعمل لمحاولة الحصول على الطاقم الطبي اللازم للتشجيع على التطعيمات».

لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. فحتى عندما يريد الأهالي تطعيم أطفالهم، فلا يستطيعون فعله دائماً. فالتطعيم مجاني في نظام الرعاية الصحية التابع إلى الدولة، لكن المستشفيات الأوكرانية تفتقر في كثير من الأحيان إلى اللقحات بل ولعدة أشهر.

وصرحت بعض الأمهات لوسائل الاعلام المحلية بأنهن اضطررن إلى الانتظار لمدد تدوم حتى عشرة أشهر لتطعيم أطفالهن في العيادات المحلية، في حين تلجأ بعض الأمهات إلى الصيدليات الخاصة لتطعيم أطفالهن مقابل دفع مبلغ. لكن ليس جميع الآباء والأمهات يستطيعون تحمل هذا الإنفاق في بلد يبلغ فيه متوسط الأجر الشهري مجرد 300 يورو.

وينسب نقص اللقاحات في المستشفيات الى مزيج من سوء التمويل، وإجراءات شراء اللقاح غير الفعالة، والفساد. فتقع الموازنة العامة للدولة تحت ضغط شديد بسبب الأزمة المالية. وتقول الحكومة الأوكرانية إنها تمول حاليا حوالي 65 في المئة من احتياج اللقاحات في البلاد.

وفي الوقت نفسه، تتزايد التقارير عن انتشار الفساد في مناقصات شراء اللقاحات ما يؤدي إلى تضخم الأسعار التي تدفعها وزارة الصحة، في حين أبلغ مسئولون في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وسائل الإعلام الأوكرانية أن «مصالح خاصة في مناقصات اللقاح» تقف وراء نقصه.

ويذكر أن احتمال تفشي شلل الأطفال - الذي تم القضاء عليه تماماً تقريباً في أوروبا - من أوكرانيا هو مصدر قلق خاص للأوروبيين. فقد تم تحصين 74 في المئة من سكان أوكرانيا مقارنة بمتوسط أكثر من 90 في المئة في أوروبا والولايات المتحدة.

العدد 3992 - الأحد 11 أغسطس 2013م الموافق 04 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً