العدد 3998 - السبت 17 أغسطس 2013م الموافق 10 شوال 1434هـ

مقالة خفيفة للزمن الجميل

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لقد انجذبت للماضي بعبقه الجميل من خلال المسلسل المصري «بنت اسمها ذات» في رمضان!

من منَّا لا يشتاق الى ذلك الدفء والحنان الآتي في غفلة الزمان، مِنَ الماضي البعيد ليمتعنا ولو لساعة واحدة، الى حضن تلك الأم الحنون والوالد العطوف، وبيتنا المتواضع في الفريج الذي سجل ضحكاتنا ولهونا وعراكاتنا، لكنه الغنيُّ بالحب والحميمية والبهجة، مع أبوينا وإخوتنا وجيراننا الذين نحبهم، تلك الحقبة الغنية بالأحداث والمتغيرات السياسية والاجتماعية.

لقد تناول المسلسل القصة «ذات» لصنع الله إبراهيم في إبراز التطورات في الجوانب الاجتماعية والسياسية في مصر ورصدها من خلال قصة حياة الفتاة (نيللي كريم) التي أبدعت في أدائها بدءاً من ولادتها 1952، والمتزامنة مع ثورة 23 يوليو/ تموز وبترؤس جمال عبدالناصر، والذي بدأ بالإصلاح الزراعي والقضاء على الإقطاع وتأميم قناة السويس وإبراز خطاباته الحماسية والرائعة لتحرير العالم العربي من الاستعمار وتوحيد الأمة العربية، إضافةً إلى مشهد خطابه للتنحي، حينما خسرنا الحرب العام 1967، وكيف خرجت الملايين رافضة تنحيه، وتريده رئيساً، مقارنةً بمحمد مرسي الذي تشبث بالكرسي مضحيّاً بشعبه، أو سفك الدماء، كما قال، ويرينا الفارق في الرؤساء وحب الأوطان، ودونية هذا الزمان.

وتتواصل بقدوم السادات وانتصارنا في حرب أكتوبر1973، ثم معاهدة السلام مع اسرائيل والانفتاح الاقتصادي الاستهلاكي الذي أرجع الاقتصاد سنواتٍ إلى الوراء، مع التقرب من دول الخليج وموجة التيارات الإسلامية المتشددة القادمة والتغيير الاجتماعي الذي أصاب المجتمع المصري حينها، في تغييرالملابس من الموضة الغربية ولبس القصير الى التحجب وغطاء الرأس.

ورصد المسلسل بإناقة النهضة الفنية والأنشطة الثقافية من حفلات الخميس لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وتجمع العائلة حول التلفزيون وحفلات الربيع الموسمية الزاخرة بأحلى المطربين وقتها، والزخم في كتابة الأفلام والمسرح، الخ... سائراً إلى مقتل السادات على أيدي الاسلاميين!

أعادني تفاصيل المسلسل الرائع اجتماعياً، الى البحرين والأيام الحلوة الهادئة وما يشابه تعاون الأسرة في مصر، والسير الى مدرستنا القريبة، الى أكل السمبوسة الحَارَّة في الفسحة! ويأتينا الوالد (بالودام) مسرعاً مع الحمالين يسيرون خلفه،! ويجمعنا غداء العائله مع السمك الصافي والرز الأبيض والحلو المزعفر! أو البرياني مع الرويد والبقل والبربير من البياع على الحمارعند البيت! ونلملم السفرة بعد الغداء ونغسل الصحون معاً. وغفوة الظهيرة الحلوة، ونشرب الشاي عصراً مع كيكة الوالدة، وعمل واجباتنا بمساعدة أهالينا لنا ومعاونة الماما لترتيب المنزل، إلى أن يأتي وقت العشاء مع الخبز الحار من الخباز يجلبه إخوتي مع الباجلة والنخي أو الجبن الكرافت والخبز الرول مع الشاي والحليب ولمة العائلة من جديد.

وفي العطلات نلعب الورق والشطرنج، ونُطير الطائرات الورقية ويُطيِّر أخي الحمام على السطح ونركب السيكل ونلعب التيلة، في الفريج، والنوم على السطح مع السماء والنجوم الكثيرة وقصص والدي الكثيرة والمضحكة التي نغفو عليها.

كانت أمي تنتقدنا كما تفعل (أم ذات) في المسلسل تماماً، وقد تشتمها من باب النصيحة ويبدو كانت موضة العصر، فالضحك الكثير عيب واللهم اجعله خير، وإن حاولنا الرقص لتقليد الافلام فهو عيب أيضاً.

فكثيراً ما كنا نختلف معها لكننا لانكسر كلامها ونعاملها بلطفٍ واحترام، ولم نصفق الأبواب في وجهها، نخافها ونحترم خبرتها الحياتية لنستفيد منها، ونعمل لها ألف حساب ولها الكلمة العليا، كما تفعل ذات في المسلسل!

وكنا نعرف أن ما تقوله امنا الحبيبة هو الصح وهي طريقتها في التعبير والخوف والتربية، هكذا تربينا وكبرنا.

أما سياسيّاً فنحن لانزالنا نتخطى الدروب (تاتا تاتا)! وأمامنا الكثير جدّاً كي تنضج شعوبنا وحكوماتنا، لنتعاون ونكمل المشوار.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 3998 - السبت 17 أغسطس 2013م الموافق 10 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:12 ص

      والله مصر أم الدنيا

      بالرغم مما يحدث في مصر تبقى رمزاً للوطنية ولن تعتدل أمورنا الأب استقرارها سدة الثقافه وأم الفنون شكرًا دكتورنا العزيزة

    • زائر 4 | 3:16 ص

      عذاري والصيف

      كنا نفرح جدا لما ياخذنا الوالد من فريج المخارقه الى حيث الطبيعه والهواء النقي والماء والخضره والطبيعه الى عين عذاري وبنات الجيران الى ان يحين المغرب كانت البحرين خضره وكانت الحياة بسيطه والله يرحم الوالد وبرحم ايام المخارقه ايضا

    • زائر 3 | 3:07 ص

      مقال جميل

      مقال جميل ولا كن ايام السنبوسة و الجبن الكرافت مو من زمان اختي

    • زائر 2 | 1:17 ص

      إنفاقه ورقه وسلاسه

      رائعه بجداره وجنال عبدالناصر لن ننساه في توحيد آلامه سيظهر بطل آخر إنشاء لله وشكراً على المقال الرائع

    • زائر 1 | 1:11 ص

      ربط الوقائع

      مقاله. متعوب عليها وال وصف الجميل للماضي الجميل والحاضر أكثر من زينه واجمل من شيئ يجعلنا نفرح بعد قرائها بأننا عشنا ذلك الزمان الجميل رائعه يا دكتوراه بالفكرة الفنية

    • زائر 6 زائر 1 | 2:29 م

      لكل زمان دولة ورجال

      لكل زمانه وكل زمان له جماله مع عيوبه

اقرأ ايضاً